فى أجواء أسطورية، ملحمية رائعة، استمتع الملايين من متابعى الدراما التليفزيونية خلال شهر رمضان الماضى بمسلسل «جزيرة غمام»، الذى جاء متفوقاً وسط منافسيه من الأعمال التى قدمت هذا العام. فى هذا الإطار أقام المركز الكاثوليكى المصرى للسينما، برئاسه الأب بطرس دانيال، ندوة للاحتفاء بالعمل وصناعه وعلى رأسهم مؤلف العمل الكاتب الكبير عبدالرحيم كمال، الذى اعتذر عن عدم الحضور لظروف خاصة، فيما حضر مخرج المسلسل حسين المنباوى ونخبة من أبطال وصناع العمل، فى مقدمتهم الفنان طارق لطفى، محمد جمعة، محمود البزاوى، ميار الغيطى، هبة عبدالغنى.. ومن الشباب إسلام حافظ، آية زين، مونيكا الفونس، نانسى علم الدين، والطفل الموهوب منذر مهران، ومصممة الملابس سامية عبدالعزيز، والموسيقار شادى مؤنس، والمنتجان الفنيان محمود كمال ويحيى ممدوح، وقدمت الندوة الإعلامية لميس سلامة.
فى كلمته فى مستهل الندوة، قال الأب بطرس دانيال: نحن نحتفى فى المركز بالأعمال الدرامية التى لاقت نجاحاً جماهيرياً كبيراً، وقدمت رسالة، حيث نؤمن بأهمية هذه الأعمال فى الارتقاء بالذوق العام للمشاهدين وقدرتها على تجميع أفراد الأسرة حولها لبث الوعى والقيم النبيلة، لاسيما تلك التى تقدم الفهم الصحيح لعلاقة الإنسان بالله.
أدار الندوة الكاتب الصحفى والناقد الفنى الكبير محمود عبدالشكور الذى أكد أن «جزيرة غمام» من أفضل المسلسلات التى قدمت ربما فى العشر سنوات الأخيرة، بل وأكثر، بقلم مبدعها الكاتب الكبير عبدالرحيم كمال الذى لطالما قدم لنا إبداعات فى عالم الدراما الصعيدية تحديدا، فيما جاء هذا العمل مختلفاً ومهماً، حيث إنه العمل الأول فى الدراما الصعيدية الذى يصور فى البحر الأحمر وفى زمن الحرب العالمية الأولى، لكنه يتحدث بمزيد من الرموز والإسقاطات التى تؤكد أنه يحكى عن كل مكان وزمان، حتى جاء شعار المسلسل على التتر: «جزيرة غمام.. واقع صنعه الخيال».
وتحدث عبدالشكور عن بطل العمل الفنان أحمد أمين، الذى قدم أروع أدواره من خلال شخصية «عرفات»، مؤكداً أن عرفات فى القصة يمثل حامل رسالة المسلسل كله، معبراً عن مفهوم الدين الوسطى وكيف يجب أن يتعامل رجل الدين مع الناس حتى يحبب الناس فى الدين دون تخويف أو ترهيب، ومن هنا جاء هذا العمل كواحد من أهم المسلسلات على مستوى الفكرة بل والصورة أيضاً.
بدوره تحدث بطل العمل طارق لطفى الذى لعب دور «خلدون»، مؤكداً أنه دور يجسد بالنسبة له نقلة كبيرة وتحدياً أيضاً فى أن يقدم دوراً يرمز للشيطان، وقال لطفى: مكثت أفكر كثيراً كيف تخرج صورة «خلدون» بكل متناقضاتها على مستوى الشكل والوجدان، وخضنا العديد من النقاشات مع المخرج ومع مصممة الأزياء حتى استقررنا على الشكل الذى تابعتموه، وكانت شخصية صعبة جداً، ولكنى أحببتها وكنت أستمتع وأنا ذاهب لتصويرها، لدرجة أننى كنت أخاف أن أتحدث مع أحد فى اللوكيشن قبل التصوير حتى لا يضيع منى الإحساس، فقد كنت معجباً جداً بالحدوتة التى أبدعها عبدالرحيم كمال.
تحدث محمد جمعة عن شخصية «يسرى» الوسطى قائلاً: العمل يقدم مجموعة من الأشكال لماهية العلاقه بين الدين والإنسان وكيف يفهمها ويتناولها كل شخص على حدة، فجاءت أدوار «عرفات» و«محارب» و«يسرى» كل يتناول فكرة الدين من وجهة نظره ويقدمها للآخر، أما يسرى فكان بسيطاً مع الآخرين، هادئاً، وكلنا حاولنا من خلال فكرة العمل أن نوصل للآخر المفهوم الصحيح للدين.
قال محمود البزاوى الذى قدم شخصيه «بطلان» التى ترمز للباطل: إن هذا العمل هو ملحمة بمعنى الكلمة، قدمها عبدالرحيم كمال ببساطة شديدة، وهذه النوعية من الأعمال التى تكتب وكأنها قصائد شعرية، حتى الموسيقى فيها تأتى على هذا النحو، نكون كلنا مستمتعين لأننا أطراف فى هذه الملحمة، وقد أدهشنى فى هذا النص كونه ليس معقداً بالرغم من أنه يحمل الكثير من المواعظ، ولكنها كانت مفهومة بشكلها المباشر وليست قاصرة على ثقافة معينة، بل إنها وصلت للجميع واستوعبها الجمهور، وهذا كان أجمل ما فى العمل، ونحن جميعاً صدقنا ما نقدمه فصدقنا الناس.
من جانبها قالت النجمة الشابة ميار الغيطى التى قدمت دور «درة العجمى» ابنة عمده القرية: سعيدة بالاشتراك فى عمل كبير ومسلسل ضخم وسط أبطال بهذا الحجم، وهى مسئولية كبيره وأنا أتعامل مع ورق بهذه القوة لشخصية تتطور درامياً وتريد أن تنقل للناس هذا التطور بكل بساطة حتى يصدقها الجميع.
وقال أيضاً الفنان ضياء عبدالخالق الذى قدم مشاهد ليست كثيرة على صعيد العدد، ولكنها كانت مهمة جداً، حيث المجرم المطارد فى الجبال ولكنه عندما يلتقى بعرفات يتنقى من داخله ويتوب على يديه، فأكد ضياء أنها كانت مشاهد لا تنسى.
وأضاف: أول ما قرأت الورق كنت «زعلان» أنه دور مساحته صغيرة، وتحدثت مع المؤلف عبدالرحيم كمال الذى نصحنى بقبول الدور، وأكدت له أننى سأوافق عليه لمجرد وجود اسمه عليه، وكثيراً ما كنت أبكى أثناء التصوير وقبله من شدة عبقرية كتابه هذا الدور.
وقال سليمان عيد الذى لعب دور راعى الغنم فى مشهد واحد، ولكنه ذو عمق كبير بالنسبة له، حيث أكد أنه كان سيوافق على أى دور فى هذا العمل الكبير وإن كل من شارك فيه ولو بمشهد واحد هو رابح بكل تأكيد، لا سيما أننى تحديت نفسى فيه كونه مغايًرا عن الأعمال الكوميدية التى أقدمها.
وقالت النجمة هبة عبدالغنى التى لعبت دور «حسنة» زوجة الشيخ محارب: أول ما سمعت عن هذا المشروع قلت بالحرف الواحد: «أنا قتيلة هذا المسلسل»، وعندما اتصل بى الأستاذ حسين المنباوى، وافقت على الفور وكنت سأوافق مهما كان حجم الظهور أو طبيعه الشخصية فوجودى فى عمل كبير بهذا الحجم هو فخر لى ولكل فنان يشارك فيه.
وقال المخرج حسين المنباوى: لقد أدهشنا جميعاً هذا العمل المكتوب بحرفية بديعة، وفى إجابة له عن سؤال من مدير الندوة، حيث إن هذا العمل جاء مختلفاً عن كل أعمالك السابقة فكيف ذهبت إلى عالم «جزيرة غمام»؟
قال المنباوى: دخلت هذا المشروع وأدركت أنه حكاية خاصة مغايرة عن كل الدراما التى قدمت بواسطتى أو بواسطة غيرى من الزملاء المخرجين، وشعرت على الفور أنه سيكون عملاً مختلفاً. كنت خائفاً من الشخصيات وخائفاً من أجواء العمل كونها بعيدة عن واقع الناس ولكنى بعد ذلك سعدت جداً برد فعل الناس الذين استصاغوا العمل واستوعبوه، وأشيد بجميع فريق العمل معى سواء ممثلين أو خلف الكاميرات، فقد كانوا جميعاً «شاطرين أوى وبيجيوا مذاكرين كويس جداً، ما أدى لخروج العمل بشكل متكامل، والحمد لله».
وقالت مصممة الأزياء سامية عبدالعزيز: هذا العمل يختلف حتى عن فكره الأعمال التاريخية بشكل عام، التى نصمم لها أزياء تليق بالحقبة الخاصة بها، ولكن هنا لم يكن تصميم الأزياء قاصراً فقط على فكرة الحقبة الزمنية التى يعرض من خلالها العمل، ولكن أيضاً تعكس روح كل شخصية على حدة وما بداخلها من أجواء نفسية وتفاصيل.
وعن الموسيقى التصويرية والألحان تحدث الموسيقار شادى مؤنس قائلاً: كان عليَ أن أصنع موسيقى تعكس الأجواء الغجرية والصعيدية والصوفية فى آن واحد، فضلاً عن التتر الذى كتب كلماته الشاعر إبراهيم عبدالفتاح، وعندما قرأت كلمات إبراهيم عبدالفتاح الذى قرأ بدوره العمل كله حتى يكتب البداية، قررنا أن يكون للمطرب على الحجار الذى تميز فى هذا النوع من الغناء.