الخميس 21 نوفمبر 2024

منديل الحلو

11-12-2022 | 13:48

في منتصف السبعينات كانت أولى خطواتي إلى القاهرة  بعد حصولي على الثانوية العامة لالتحق بطب القصر العيني،  وبينما أنا اتخبط مابين غربة محببة إلى النفس حيث الطموح والمستقبل وبين دراسة  صادمة بكل مافيها من تفاصيل لشاب أتى لتوه من غياهب الجب بين براري سيناء...تلقى أخي الذي كان قد سبقني للدراسة بكلية الهندسة تلقى دعوة من ابن عمنا لحضور الحفل السنوي الذي تقيمه نقابة المهندسين بدار سينما رمسيس...وكان هذا أول نشاط ترفيهي في قاهرة المعز ..وكم كنت سعيدا أن أحضر حفل يشبه أضواء المدينة لايف...أخيرا سوف نسمع صوت الموسيقى والألحان الحلوة بدلا من صوت البارود...ولم يبقى في ذاكرتي من هذه الحفلة إلا صوت نجمها الراحل عبد العزيز محمود وقوة الإضاءة على عينيه لدرجة انه كان يضع يده فوقها كمانفعل في ضوء الشمس المباشر وكان قد تخطى الستين وقتها ونظرا لأنه كان يعمل في بداية حياته أعمال شاقة إلى حد ما فقد ظهرت عليه آثار السن ..فقد عمل في شركة وفصل منها بعد إصابته بكسر في قدمه وانتقل وأسرته من سوهاج إلى بورسعيد ليعمل في البمبوطية في الميناء وكان مشهورا بخفة الدم والصوت الجميل بين أقرانه إلى أن قادته الصدفة إلى الفنان مدحت عاصم الذي اعتمده في الإذاعة ١٩٣٤...وامتعنا بصوته القوي يومها بأغنيته الرائعة منديل الحلو يامنديله..على دقة قلبي اغنيله..وافاض يومها في الوقفات وتعلو الترنيمات مع تصفيق حاد من القاعة...وتلاها بتاكسي الغرام..تلك الأغنية التي شاركته فيها هدى سلطان في أشهر أفلامه الذي حمل نفس الإسم...ولا لا جناحين ولا متورين... تسابق الحمام والسكة الحديد...من كلمات جليل البندري.. وأن كانت معظم أغانيه التي اشتهرت هي من كلمات مرسي جميل عزيز...ثم غرد بأغنية مكاحل مكاحل يارموش العين...وأسمر ياجميل ياابو الخلاخيل ياللي المنديل هياخد من خدك حتة.....ويامزوق ياورد في عود والعود استوى... وأذكر أنه أنهى بالاغنية الشعبية الفريحية...يانجف بنور ياسيد العرسان ...اه يانجف يانجف وأخذ يتراقص بكتفيه ويلوح بيده طربا والجمهور أيضا يفعل كما كان يفعل... وقد كان يلحن معظم أغانيه بل انه اهدى بعض الألحان إلى شادية "أن فات عليك الهوى ومتهونشي عليا"من كلمات مأمون الشناوي كما قدم أغاني إلى كارم محمود وفايزة احمد وشفيق جلال..واشتهر من خلال بعض الإعلانات وخاصة الست سنية والحنفية ... والميلامين جامد ومتين...ولاشك أنه كان  له حضور في الاغنية الشعبية والعاطفية والوطنية وفي السينما أكثر من خمس وثلاثين فيلما بين البطولة أو المشاركة بالغناء أو بأدوار صغيرة....وكم يسعدنا صوته كل عام ونحن نستقبل أجمل شهور السنة على نغمات صوته الحاني"مرحب شهر الصوم مرحب لياليك عادت بأمان بعد انتظارنا وشوقنا اليك" تذكرت هذا الحفل وهذا اليوم وأنا أستمع إلى والنبي لحكيلو يامنديله وعلى دقة قلبي لغنيلو ...عندما كان المنديل  البمبي المطرز بالورد يحكي عن قصص العشق والغرام.