10-3-2023 | 14:34
تشرفت بدعوة كريمة من الصديق العزيز – النجم الكبير "مجدى فكرى ".. لحضور العرض المسرحى الاستعراضى – الغنائى- الجديد "شفيقة المصرية" الذى يقوم ببطولته ، مع نخبة كبيرة من النجوم - "علا رامى،منه جلال ، فادى خفاجة، وائل علاء، علاء عوض، دعاء سلام سوليست فرقة رضا "، المطرب أكمل، - على مسرح البالون التابع للفنون الشعبية والبيت الفنى للمسرح، الذى يستعرض السيرة الذاتية لـ"شفيقة المصرية "، إحدى أهم الراقصات فى القرن الثامن عشر، التى ابتدعت لنفسها عددا من الرقصات الجديدة خُلدت باسمها،عبرالتاريخ ،.. ونالت شهرة واسعة فى الغرب ،وقصة حياتها مازالت باقية – حية لن تموت- ترويها الأيام عبر التاريخ والأزمان،- والعرض المسرحى الجديد"شفيقة المصرية"- خيرشاهد على هذا الكلام -، والحق يقال بأن المسرحية فى مجملها إن جاز التعبير "روعة الروعة"،فى ظل الإمكانات المتاحة لعرض مسرحى غنائى ..استعراضى، بمسرح الدولة،كل التحية والشكر والتقدير للقائمين على هذا العمل الممتع ،الذى أسعد كل من كان بصالة العرض ،من جمهور عادى وفنانين ضيوف مثلى ،وأعضاء فرقة رضا الذين حضروا لمؤازرة بنت الفرقة "دعاء سلام " والمباركة لها فى الوقت نفسه على المشاركة فى العرض المسرحى الجديد،والتى أدت دور "شفيقة" بكل براعة واقتدار تحسد عليها،والتى أتصور أن "شفيقة" ستكون مفتاح النجومية والشهرة بالنسبة لها فى السنوات القادمة بإذن الله ،لما أكدته من موهبة واقتدار وإمساك بتفاصيل الشخصية جيدا بخلاف استعراضاتها ،وبخاصة المشاهد الرومانسية التى جمعتها أمام نجم العمل "مجدى فكرى"، ..فتح الستارأمام الجمهور بأغنية صاحبتها استعراضات بديعة من تأليف جمال بخيت وألحان صلاح الشرنوبى ،وديكور حازم شبل ،" الليلة..ليلة مزيكا" ،تحكى بانوراما بسيطة لقصة العرض ،ثم تظهر-العالمة - الست " شوق"التى قامت بدورها الفنانة علا رامى ،على أحسن مايكون،وفاجأتنا جميعا بهذا الأداء التمثيلى العالى،ومعها مدير الفرقة "بونبونية" العمل الفنان الكوميدى وائل علاء، الذى استطاع بخبرة السنين أن يرسم البسمة على شفاه روادالمسرح فى تلك الليلة ،و"جمالات" التى قامت بدورها الرائعة " منة جلال" التى كان أداؤها فوق الوصف خلال فترات العرض ،ونالت الإشادة والاستحسان من الجميع ،وهو ما ظهر جليا أثناء تحية الجمهور لها فى نهاية العرض ،وهوماليس بجديد عليها ،لأنها ابنة المسرح "أبوالفنون" التى تربت بين جدرانه بمعهدالفنون المسرحية ، وكذلك - فادى خفاجة"- الذى كان أكثر من رائع الحقيقة فى تقديمه لدور "زكى" الشاعر الولهان بابنة الباشا "راغب شكرى " – مجدى فكرى- الذى رفض هذه العلاقة والزيجة، و تبنته "شوق" بعد ذلك ،ومات بسبب إدمانه للخمر والمخدرات- لحزنه على فراق حبيبته، كما أن مساعد مخرج العمل محمد صابر ،أدى دور "زكى" - القائم بأعمال مجدى باشا شكرى - بدلا من الفنان عادل عوض الذى يصور عملا فنيا جديدا بلبنان حاليا،على أحسن مايكون ليعلن عن ميلاد ممثل موهوب جديد فى عالم الفن – و"رب ضارة نافعة"- ،وأعود للأداء التمثيلى المبهر لنجم العمل على الإطلاق.. الموهوب بالفطرة "مجدى فكرى" الذى كان يبدع مثل ريشة فنان على المسرح فى كل تحولات دوره وحبه الجنونى لـ "شفيقة" ، وكيف مهد لها الطريق لتكون فؤادة قلبه ونجمة النجوم فى أوساط صفوة المجتمع ،وبين البهوات وحاشية الملك حينذاك،"مجدى" تفوق على نفسه ونال تصفيق الجمهوروالحاضرين طيلة العرض المسرحى ،وبخاصة فى الحوار المسرحى الرائع الذى دار بينه وبين "شفيقة" – وهو فى الوقت نفسه أثناء الحوار معها ،يحدث نفسه ويعود من جديد لاستكمال الحوار معها على خشبة المسرح، وهكذا ،فى مشهد تمثيلى رائع يبين مدى قدراته التمثيلية العالية،وهو يقول لها "القصر بتاعى طول عمره مفتوح لأرباب الفن،بعد ماقلبت كيانه،وهو يحدث نفسه مرة أخرى- وهى تقف بجانبه- عن اهتمامه بها ويقول" هل هذا حب ..أحلى حاجة أنك تحب ولاتعرف لماذا أحببت..أبيع عمرى كله علشانك ياشفيقة ..كم أنت استثنائية وأنثى نادرة الوجود "،ثم تنطفىء الأنوار فى كافة أرجاء المسرح على مزيكا هادئة فى مشهد خاص به صامت عبقرى ،ثم يدخل مع "شفيقة" فى ديالوج راقص على أنغام الربابة، وهو يقول لها "حررينى..أطلقى العصفور إللى جوايا..أنا بعشقك بجنون،عايزأحس إنى إنسان معاكى..مش باشا..بعشقى وضعفى وحنانى وطفولتى معاكى،وبقوتى وسطوتى ،..ثم يصمت وهو يمسك بيدها ويقول:حاسس إنى بنقسم من جوايا،العشق والحب بلون الدم ياشفيقة،..ثم يمسك بها ويهزها بعنف محدثا"أوعى تنسى إنى باشا ياشفيقة"،- وهنا يقف المتفرجون على قدميهم ويصفقون لـ "مجدى فكرى " بحرارة لدرجة أنه أنتظر انتهاءهم من تحيته ،لمعاودة إبهارهم من جديد على خشبة المسرح من خلال أدائه الرائع – المتمكن- ، وهويقول لشفيقة فى تابلوه آخر بالعرض"عرفت الكره معاكى ياشفيقة ..فتتعجب ممايقول وهو سكران فتطلب منه التفسير لكلامه هذا متعللة"كيف يجتمع الكره مع الحب فى آن واحد"،فيخبرها ..أى لحظة من غيرك كريهة بالنسبة لى ياشفيقة ،ده مش حب ..ده لعنة، ..ثم تدخل "شفيقة" فى صدام مع "الباشا" بعد رفض زواج ابنته من "زكى" ابنها بالتبنى ،وهو يقول لها "ده ابن حرام..هقول لأحفادى إن جدتهم راقصة،مفيش حاجة بتستخبى على القصر،إحنا مش أحرار..فتتعجب ممايقول ..ويواصل كلامه"أنت متعة ..للتسلية ومابتشكليش خطورة" ولذلك سايبينك،"الخديو هو الخديو،والملك هو الملك".. الناس مقامات ياشفيقة..، فتنهره بعد ماقال لها حقيقة مشاعره تجاهها ،فيرد عليها :لسانك سبق عقلك وهدفعك الثمن ،ليغدر بها بعد ذلك وتسافر إلى باريس،ليأخذ مجدى قسطا آخر وفيرا من التصفيق الحار من الجمهور ..،ثم تأتى" منة جلال" لتنال قسطها من التوهج على خشبة المسرح فى حوار رومانسى مع "مجدى فكرى"، الرجل أوالباشا الذى أحبته وياما حلمت به ،وخطفته شفيقة من بين يديها ،ليخبرها بأن" عليها الدور وعليها أن تستعد للمجد ويشترى لها كباريه شفيقة لتصبح هى النجمة القادمة ويتحقق حلمها "،لتصبح "جمالات المصرية"،ومن قبلها أدت منة رقصة الشمعدان على رأسها بكل تمكن على الأنغام الموسيقية القديمة مع الفرقة الاستعراضية التى صاحبت العرض فى كل لوحاته أوملحمته الغنائية الاستعراضية "إن جاز التعبير" ،..ثم تتبدل الأحوال مع شفيقة بعد موت ابنها "زكى" حتى فى ملابسها المهلهلة المتسخة ،وهى التى كانت ترتدى أفخم الثياب،وتموت فى حضن "مجدى فكرى" – الباشا راغب- فى مشهد مؤثر يجلى القلوب ،وهو يصرخ ألما بعد أن فارقت الحياة ..قائلا: "أنابردان..محتاج لحضنك دلوقت..كنت أنانية فى موتك ..بحبك ياشفيقة"،..ليسدل الستار على تصفيق الجمهور لمجدى فكرى على هذا الأداء العالى ..والممتع فى الوقت نفسه.
الجدير بالذكر أن "شفيقة القبطية" أشهر راقصة مصرية فى القرن التاسع عشر ،ولدت فى حى شبرا سنه 1851 ،وتوفت سنة 1926،لم تبلغ راقصة أيا كانت حتى وقتنا هذا ،شهرتها ومجدها وثراءها التى تعدت الآفاق ،كان من عشاق شفيقة ثرى كبير كان دخله لا يقل عن 300 جنيه ذهبى فى اليوم، بلغ إعجابه بها إلى حد أنه كان يأمر بفتح زجاجات الشمبانيا للخيل التى تجر عربتها ،وكانت تظهر فى ملابس مطعمة بخيوط من الذهب، وتلبس حذاء غطت كعبه طبقة من الذهب، وزينته قطع من الماس الحقيقى. واتسعت شهرتها، فبدأت إحدى الشركات الفرنسية التى تصنع أدوات ومواد الزينة تضع صورة "شفيقة" على منتجاتها، فظهرت زجاجات عطر ومراوح وعلب بودرة ومناديل تحمل صورتها، فراجت فى أنحاء العالم،..أعجب بها تاجر فرنسى وأحبها،ورفضت الزواج منه، ولكنها سافرت معه إلى باريس لتعرض فنها هناك، فسحرت الجميع ، أصبحت الملابس التى تلبسها، و"الحلى" التى تتجمل بها هى (موضة) العصر عند سيدات الطبقة العليا ،اقتنت ثلاث عربات (حنطور) فاخرة، وعشرات الخيول ،كما كانت تستخدم طائفة من الخدم الإيطاليين، وكانت كريمة إلى حد الجنون أحياناً.. استطاعت أن تجمع ثروة ضخمة، تملك عدة دور فى حى باب البحر، وأخرى فى حى شبرا، وحارة السقايين وعدة قصور كانت تعيش فيها،لم تنجب ،و تبنت طفلاً (زكى) وأغدقت عليه الحنان، وأفسده تدليلها فتعاطى الخمر والمخدرات، ومات بعد فترة وجيزة من زواجه، وكانت صدمة فراقة قاتلة بالنسبة لها ،رحلت عن دنيانا بعد أن بلغت عامها الخامس والسبعين،وقدم سيرة حياتها مخرج الروائع حسن الإمام من خلال فيلم "شفيقة القبطية" 1962،قصة الكاتب الكبيرجليل البندارى،وبطولة هند رستم وحسن يوسف وزيزى البدراوى..وموسيقى على إسماعيل.