الجمعة 3 مايو 2024

أهمها «الشيخ حسن» و«فيلم هندى» و«حسن ومرقص» كيف جسدت السينما المعنى الحقيقى للوحدة الوطنية؟

فيلم حسن ومرقص

6-1-2024 | 14:19

قدمت السينما معالجات درامية مباشرة للوحدة الوطنية بصور مختلفة منذ فترة الأربعينيات وحتي الأن وأن كانت جميعها تعكس ما يتم على أرض الواقع من محبة وتسامح وسلام يجمع بين قطبي الأمة دون أى تفرقة، وتعالوا معا نتعرف على أبرز هذه المعالجات كما عكستها الشاشة. جاءت البداية فى فيلم «الشيخ حسن»، بطولة حسين صدقى، وهو الذى اعتمد فى توظيف الفكرة على عدم وجود أى تفرقة أو أختلاف بين قطبي الوطن. كما دعمت العديد من الأعمال الدرامية ذلك فيما بعد،ومن أشهر تجليات السينما المصرية فى طرح الوحدة الوطنية الأفلام الثلاثة المأخوذة عن روايات الأديب العالمى الكبير نجيب محفوظ، «بين القصرين»، «قصر الشوق»، «السكرية»، وهى التى بلورت نضال الحركة الوطنية ضد الاحتلال الإنجليزى وسجلت بالصوت والصورة ملحمة الفداء والاستشهاد والانتصار عبر مراحل وأزمنة عاشها الوطن، ولمست عمق العلاقة الجذرية بين أبناء وطوائف الوطن الواحد لتصبح شهادات حية عن الواقع. كما يعد فيلم «حسن ومرقص» من أهم الأفلام فى تاريخ السينما المصرية، حيث إنه ناقش الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسحيين، وكيفية تعاونهما فى مواجهة الصعوبات التى تواجه كل منهم. تدور قصة الفيلم حول عادل إمام، رجل الدين المسيحي، الذى يتعرض لمحاولة اغتيال فينتحل شخصية الشيخ حسن، وفي نفس الوقت يحاول أفراد جماعة إرهابية قتل (الشيخ محمود) بعد رفضه الانصياع لمحاولة ضمه لتنظيمهم، فينتحل شخصية رجل الدين المسيحي «مرقص»، وتنفجر سلسلة من المواقف الكوميدية عقب لقائهما بشخصياتهما المختلقة. فيلم هندى فى العام 2003 يقدم منير راضى «فيلم هندي» تأليف هانى فوزى، ويتناول الفيلم قصة صديقين الأول مسلم مغرم بأغانى الراى ويعمل حلاقاً ويدعى «سيد» والثانى مسيحى يدعى«عاطف» يعانى من صعوبة التعامل مع الأخرين، يرتبط «سيد» بـ«عايدة» بينما يوفق «عاطف» بعد جهد فى الارتباط بـ«ماري»، ويبدأ الصديقان رحلة البحث عن شقة الزوجية، وتتصاعد الأحداث إلى أن تصل إلى التنافس بين الصديقين على نفس الشقة. تبدأ الفتاتان فى تخريب العلاقة بين الصديقين، لكنهما ينتصران لصداقتهما، ويترك كل منهما فتاته؛ لأنهما يكتشفان أن صداقتهما أقوى بكثير من علاقات هشة لا تصمد أمام الظروف الصعبة. الناصر صلاح الدين أثبت فيلم «الناصر صلاح» للمخرج يوسف الدين شاهين، صدق مقولة «الدين لله والوطن للجميع» حيث كان «عيسى العوام» المسيحى أبرز المحاربين فى جيش «صلاح الدين الأيوبى» المسلم، ويستشيره فى كل ما يخص شئون الحرب ضد الصليبيين المحتلين للأراضى العربية. واحد صفر بينما قدم فيلم «واحد صفر» عدداً من المشاهد التى أكدت على الوحدة الوطنية أيضاً، حيث قدمت الفنانة إلهام شاهين دور سيدة مسيحية ترغب فى الطلاق من زوجها، فى نفس التوقيت الذى يحاول فيه بعض أصدقائها من المسلمين الوقوف بجانبها، ويصادف فى هذا اليوم حصول المنتخب المصرى على بطولة كأس الأمم الأفريقية ليتناسى الجميع أحزانه، ويحتفل بفرحة الفوز. أم العروسة أما فيلم «أم العروسة» للمخرج عاطف سالم فقد قدم صورة اجتماعية صادقة وواقعية لهموم رب الأسرة الموظف البسيط، المكبل بأعباء الأبناء، من خلال الشخصية التى قدمها عماد حمدى أمام تحية كاريوكا، وعلى الرغم من سريان الأحداث فى مسار المشكلات العائلية واحتياجات الزواج ومُعضلة تجهيز الفتيات على المستوى المالى والاقتصادى فإن الملمح الأهم لروح التعاون والإحساس النبيل من جانب الشخصية القبطية التى أداها الممثل القدير اسكندر منسى تجاه زميله فى العمل عماد حمدى، حين قام برد المبلغ الذى اختلسه الأخير من خزينة الشركة مضطراً ليدفع عنه الأذى ويحميه من مغبة العقاب القانونى قد لخص الكثير من معانى الود والصداقة وجميل الصُنع وحميمية العلاقة التى ربطت بين الزميلين، بشكل لا يجافى الحقيقة وإنما يوثقها ويصوغها فى قالب فنى عظيم الأثر والتأثير. البوسطجى وعلى نفس المنوال جاءت المعالجات الضمنية للعلاقة ذاتها فى أفلام شهيرة مثل «البوسطجى» المأخوذ عن رواية «دماء وطين» للكاتب الكبير يحيى حقى، إذ أكد الفيلم تماشياً مع السياق الروائى على مفهوم الوحدة الوطنية من خلال الأحداث التى تناولت تفاصيل القصة الرومانسية للبطلة المغدورة جميلة، وكيف كان لحادث القتل وقع قاسٍ على أهالى إحدى القرى والتى يتعايش مسلموها ومسيحيوها فى سلام ووئام. ومن دواعى تأكيد المعنى الإيجابى تصوير المشهد الأخير على نحو مُبهر، حيث خرج أبناء القرية جميعهم معلنين رفضهم لقتل البطلة على يد أبيها، ورأينا الحزن البادى على وجه عباس البوسطجى وهو يُلقى نظرة الوداع الأخيرة على الضحية فى احتجاج صامت. ولا يمكن إغفال براعة الكاتب الكبير صبرى موسى فى صياغة السيناريو والحوار بحرفية تتناغم مع قُدرة الكاتب يحيى حقى وتمكنه، وكذلك كان حال الرؤية الإخراجية لدى المخرج حسين كمال الذى حول القصة إلى ملحمة شعبية وقفت فيها القرية المكلومة كلها على قلب رجل واحد، وقد اتسم أداء النجوم الكبار، شكرى سرحان وزيزى مصطفى وصلاح منصور وعبد الغنى قمر وسهير المرشدى وحسن مصطفى وسيف عبد الرحمن بالبراعة، فكان الدرس المستفاد من القصة بليغاً ودالاً ومقنعاً.