فى ذكرى وفاة الفنان الكبير زكى رستم، الذى رحل عن الحياة يوم 15 فبراير عام 1972، تاركًا وراءه نحو 60 فيلمًا سينمائيًا والعديد من الشخصيات والأدوار التى تميز بها وترك من خلالها بصمته الخاصة، خصوصًا ما يتعلق بالشر وتدبير المؤامرات ومواجهة أصحاب النفوس الطيبة بدرجة كبيرة من الإبداع والإتقان، نعيش معاً هذه الرحلة.
بدأ زكى رستم مشواره الفنى مع بداية الثلاثينيات من القرن الماضى، ومن أبرز الأفلام التى شارك فيها: «الخرساء، ملاك وشيطان، نهر الحب، الهاربة، لن أبكى أبدًا، قلبى على ولدى، النمر، بنت الأكابر، أنا وبناتى، معلش يا زهر، خاتم سليمان، لحن السعادة، بقايا عذراء».
زكى محرم محمود رستم (5 مارس 1903 - 15 فبراير 1972) ممثل مصرى ينتمى إلى مدرسة الاندماج، ويعتبر من أهم ممثلى السينما المصرية.
اسمه الكامل زكى محرم محمود رستم، ولد هذا الفنان فى 5 مارس 1903 بحى الحلمية بالقاهرة لأسرة أرستقراطية عريقة ذات مكانة متميزة فى مصر حيث كان والده وجده من باشوات مصر قديماً فقد عـُين والده، محرم محمود رستم، وزيرا فى عهد الخديوي إسماعيل وعندما توفى والده كان الفنان زكى لا يزال صبياً صغيراً فتكفل به صديق والده مصطفى بك نجيب والد الفنان سليمان نجيب ومن هنا بدأت علاقة قوية بينه وبين بعض فنانى المسرح فى ذلك الحين ومنهم الفنان عبد الوارث عسر.
بدايته
بدأت هوايته للتمثيل حين كان طالبا فى البكالوريا 1924 انضم إلى الفرقة القومية، وفى عام 1925 انضم إلى فرقة رمسيس ثم انضم إلى الفرقة القومية عام 1935.
التقى بالفنان«عبد الوارث عسر» الذى ضمه إلى إحدى فرق الهواة المسرحية وكانت هذه نقطة التحول فى حياته.. وبعد وفاة الأب تمرد على تقاليد الأسرة العريقة معلناً انضمامه إلى فرقة جورج أبيض، فطردته أمه من السرايا لأنه مثل سيئ لإخواته، بعدما خيّرته بين الفن والتحاقه بكلية الحقوق، فاختار المسرح فأصيبت بالشلل حتى وفاتها، انضم إلى فرقة «عزيز عيد» ثم تركه بعد شهور لينضم إلى فرقة «اتحاد الممثلين» وكانت أول فرقة تقرر لها الحكومة إعانة ثابتة لكن لم يستمر فيها طويلاً فتركها، بعد ذلك انضم إلى «الفرقة القومية» وكان يرأسها فى ذلك الوقت الفنان «خليل مطران» وظل فيها عشرة أعوام كاملة.. اختاره المخرج محمد كريم ليشترك فى بطولة فيلم «زينب» الصامت تأليف الدكتور «حسين هيكل» وإنتاج يوسف وهبى وكان أمام الفنانة بهيجة حافظ.
مشواره
بلغ رصيده الفنى للأفلام المشهورة له والموجودة 55 فيلماً فقدّم على سبيل المثال «العزيمة» 1939 و«زليخة تحب عاشور» 1939 و«إلى الأبد» 1941 و«الشرير» 1942 و«عدو المرأة» 1946 و«خاتم سليمان» و«ياسمين» و«معلش يا زهر» 1947 و«بائعة الخبز» 1953 و«الفتوة» 1957 و«امرأة على الطريق» 1958 وآخر أفلامه «إجازة صيف» 1967.
كتب عنه جورج سادول المؤرخ والناقد السينمائى الفرنسى أنه فنان قدير ونسخة مصرية من أورسن ويلز بملامحه المعبرة ونظراته المؤثرة واختارته مجلة «بارى ماتش» الفرنسية بوصفه واحداً من أفضل عشرة ممثلين عالميين، أطلق عليه «رائد مدرسة الاندماج»، فكان نموذجاً رائعاً للنجم السينمائي المتفرد فى مواهبه، الذى يقوى على أن يتقمص أية شخصية مهما تعددت حالاتها النفسية ومواقفها المتقلبة والمتلونة، فكان لا يكاد ينتهى من أداء موقف من المواقف أمام الكاميرا حتى تتصاعد موجة من التصفيق من كل الحاضرين فى البلاتوه بمن فيهم من شاركوه تمثيل الموقف، كانت الفنانة الكبيرة فاتن حمامة تخاف من اندماجه عندما يستولى عليه فتقول «يندمج لدرجة أنه لما يزقنى كنت ألاقى نفسى طايرة في الهواء».
لم تكن أدوار الباشوية التى اشتهر بها غريبة عليه لأنه بالفعل «ابن باشوات» ولكن أدواره لم تقتصر على دور الباشا فقط بل قدم أدوارا متنوعة الباشا الأقوى بلا منافس فى «نهر الحب» و هو أيضا الأب المتواضع المحب لأولاده فى «أنا و بناتي» وقدم الأدوار الشريرة وبرع فيها حتى كرهه الناس وظنوا أنه بالفعل شرير، ولكنه قدم كذلك الأدوار الخفيفة التى تميز فيها برقة القلب مثل دوره فى فيلم (ياسمين) عام 1950.
الحب فى حياته
كبر زكى رستم فى السن وقام كل من حوله بالضغط عليه حتى يتزوج امرأة فى سنه إلا أنه رفض قائلاً: ”لا أنا مش هظلم حد معايا”، وعرف وقتها بالانطوائية والعزلة وكان يردد قائلاً: أنا لا أُطاق وعارف إنى صعب العشرة، واتجهت طريقته فى الحديث نحو العصبية ولا يريد أن يراه أحد ولا يقوم بزيارة أحد.
تحكى ليلى رستم ابنة أخ الفنان الكبير زكى رستم فى حوار مع الإعلامى مفيد فوزى عن عمها قائلة: الفنان زكى رستم كان إنسانا غير عادى وهو فنان حقيقى بمعنى الكلمة، وجدير بالذكر أن الفنان الكبير زكى رستم هو عم الإعلامية القديرة ليلى رستم وخال والدة الفنانة الراحلة ماجدة الخطيب.
وعاش زكى وحيداً، بعد أن فقد السمع تدريجياً، مما أصابه بالإحباط والعزلة والانطوائية، وتوفى فى 15 فبراير 1972،حيث أصيب بأزمة قلبية حادة نقل على أثرها إلى المستشفى، وفى ساعة متأخرة من ليلة 15 فبراير عام 1972 صعدت روحه إلى السماء. ولم يشعر به أحد ولم يمشِ فى جنازته أحد.