الخميس 21 نوفمبر 2024

الأغنية الوطنية والأوبريت سلاح تنمية الانتماء

الحلم العربي

30-5-2024 | 14:20

طه حافظ
لا شك أن الأغنية الوطنية المصرية والأوبريت أرخا لجميع الأحداث التى مرت بها مصر على مدار سنوات طويلة، وكانا بمثابة شعلة لهيب توقد جذوة حماس المواطنين للدفاع عن أرضهم كل العصور، وكان لهما ومازال دور مهم فى شحذ الهمم والعزائم وبث روح الأمل وتأصيل حب الوطن وتربية وتنمية الروح الوطنية فى نفوس مختلف الأجيال، حيث قدم عبد الوهاب على سبيل المثال ملاحم غنائية وأوبريتات رائعة بمشاركة مجموعة من نجوم الطرب مثل «عاش الجيل الصاعد»، «صوت الجماهير»، «وطنى حبيبى»، وغيرها من الأغانى الوطنية الشهيرة التى يحفظها الشعب المصرى حتى الآن وأصبحت خالدة فى ذاكرته، هذا بخلاف الأغانى الوطنية الشبابية الحديثة، وفى رحلتنا التالية نتطرق إلى هذه الأغانى والأوبريتات ونتعرف على أهمية الأغنية الوطنية ودورها فى خدمة الوطن. كان من أشهر الأوبريتات الوطنية على الإطلاق أوبريت “الوطن الأكبر” الذى شارك فيه العديد من الفنانين من شتى أنحاء الوطن العربى بمناسبة وضع حجر أساس السد العالى فى عام 1960. وضع لحن الأوبريت الموسيقار محمد عبدالوهاب، ولكنه لم يشارك بالغناء فيه، وأصبح “وطنى حبيبى” كما يحلو للبعض تسميته “درة” الأوبريتات الوطنية. بدأت الحكاية من موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، هو أول من انشغل بفكرة العمل، عقب الإعلان عن مشروع السد العالى، ومن شدة حماسه اتصل هاتفيا بالشاعر أحمد شفيق كامل. كتب “شفيق” مذهب الأوبريت “وطنى حبيبى الوطن الأكبر.. يوم ورا يوم أمجاده بتكتر.. وانتصاراته ماليا حياته وطنى بيكبر وبيتحرر”، وبعد أن أعرب له عبدالوهاب عن إعجابه بالمذهب، واصل كتابة باقى مقاطعها وإبلاغه بها تليفونيا، حتى عاد إلى القاهرة ومعه النص الكامل للأوبريت. استمرت الجلسات بينهما حتى قاما بمشاركة الموزع الموسيقي على إسماعيل، باختيار مطربيه ومطرباته، واتفقوا أن تكون البداية والنهاية بالعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ. وقبل الظهور الأول للأوبريت يوم 9 يناير 1960، شهد أول مراحل تعديله بعد انسحاب المطربة فايزة أحمد من البروفات، ليقدمه عبدالحليم حافظ، بمشاركة كل من شادية، نجاة الصغيرة، صباح، هدى سلطان، بحفل وضع حجر أساس السد العالى. الحلم العربى ومن أبرز الأوبريتات أيضاً “الحلم العربى”، الذى حقق شهرة واسعة إبان تنفيذه في 1998، ولكنه انتشر بشكل هائل بعد عامين. شارك فى غناء الأوبريت مجموعة من الفنانين العرب، أبرزهم: غادة رجب، وأنوشكا، وحميد الشاعرى، وإيهاب توفيق، ولطفى بوشناق، وعمر العبداللات، وليلى غفران، وسمية حسن، وديانا حداد، ونبيل شعيل، ومحمد المازم، وأصالة نصرى، ومحمد الحلو، وذكرى، ووليد توفيق. أوبريت “الحلم العربى” يعد من أنجح الأوبريتات فى العصر الحديث، وهو من كلمات مدحت العدل وألحان صلاح الشرنوبى وحلمى بكر وحميد الشاعرى. القدس هترجع لنا وهناك أيضاً أوبريت “القدس هترجع لنا”، وهو رائعة أخرى من روائع الدكتور مدحت العدل، وألحان الراحل رياض الهمشرى، وتوزيع حميد الشاعرى، وشارك فى الأوبريت أكثر من 35 نجما ونجمة، وهو من إخراج طارق العريان. تصدرت الفنانة الراحلة هدى سلطان الأوبريت، بملابس سوداء، حدادا على أرواح أطفال فلسطين، هى وباقى النجوم المشاركين فى الأوبريت، واستطاع الأوبريت أن يصبح الأكثر عرضا على القنوات الفضائية وقت عرضه قبل أكثر من 23 عاما. كما قدم الشاعر الكبير الراحل عبد الرحمن الابنودى ثلاثة اوبريتات وطنية الأول جاء تحت عنوان “حراس الوطن” وهو أوبريت يؤرخ ويحكى عن المقاومة والدفاع الوطنى فى 25 يناير عام 1952 وبسالة قوات الشرطة بالإسماعيلية تقديرا لدور الشرطة فى مقاومة الاحتلال الإنجليزى وهو نفس اليوم الذى اتخذ بعد ذلك عيدا للشرطة المصرية. أما الأوبريت الثانى فقد جاء تحت عنوان “عيون الوطن” وهو أوبريت يؤرخ للكفاح ضد العدوان الثلاثى فى مدينة بورسعيد فى 23 ديسمبر 1956. فيما كان الأوبريت الثالث والأخير تحت عنوان “يوم من عمر الوطن” واختص به عبد الرحمن الأبنودى مدينة السويس حيث قام بالتأريخ لشجاعة أبناء السويس ضد العدو فى 24 أكتوبر 1973. يرى الناقد الفنى أحمد السماحى، أن تاريخ الأغنية الوطنية طويل جداً وكانت البداية مع ثورة 1919، وقبلها لم نعرف ولم يحفظ لنا التاريخ الغنائى أغنيات وطنية، حيث كانت ثورة 1919 بعثاً جديداً للعزيمة المصرية والإرادة المصرية القوية التى لا تقهر أبداً. وأكد أن الفن والفنانين قد خاضوا هذه المعارك الدامية، وانطلق الفن والغناء متحدياً أسلحة الإنجليز، وانفعل شعب مصر بسبب الفن ضد الاحتلال، ومن أجل حياة جديدة فاضلة وكريمة، ولم يأخذ انفعال الشعب شكل المظاهرات فقط، ولا شكل الصراع المسلح ضد الاحتلال فقط، ولكن الشعب فى تلك الأيام كان يغنى فى كل المظاهرات وكل التجمعات، كان يغنى بنسائه ورجاله، وكان يغنى بفتيانه وبناته، وفى تلك الأيام كان ينطلق من بين الجميع أى صوت مجهول يتميز بالعذوبة والجمال ليقود الجماهير وهى تغنى. وأردف قائلاً: بعد ثورة 19 واكبت الأغنية الوطنية كل تحديات وأفراح مصر عبر حروبها، واستمعنا إلى أعذب الأناشيد الوطنية مع ثورة يوليو 1952، وحزنت الأغنية الوطنية وتكللت بالسواد مع هزيمة يونيو عام 1967، وعادت وزغردت وارتدت أجمل الألوان مع نصر أكتوبر العظيم، وظلت الأغنية الوطنية تواصل مشوارها مع أفراح أعياد تحرير سيناء وعودة طابا وأيضاً فى حرب مصر ضد الإرهاب. واستكمل: الذاكرة المصرية حفظت العديد من الروائع الوطنية الخالدة التى لن تموت وستظل باقية بقاء النيل وخلود الأهرامات مثل «قوم يا مصرى»، «مصر تتحدث عن نفسها»، «يا صوت بلادنا»، «النيل الخالد»، «الله يا بلدنا الله على جيشك والشعب معاه»، «بالأحضان»، «حكاية شعب»، «بلدى أحببتك يا بلدى»، «أمانة عليك أمانة يا مسافر بورسعيد»، «المسيح»، «عدى النهار»، «قومى يا مصر»، «مصر اليوم فى عيد»، «تسلم الأيادى»، وغيرها.