1-11-2025 | 01:47
طه حافظ
منذ بداياتها الأولى، لم تكن السينما المصرية مجرد وسيلة للتسلية أو الترفيه فقط، بل تحولت إلى نافذة مفتوحة على سحر مصر وتاريخها وجغرافيتها الفريدة، فمن عدسات الكاميرات التى تجولت بين أروقة المعابد الفرعونية فى الأقصر، إلى اللقطات التى التقطت زرقة البحر فى شرم الشيخ وطابا، لعبت الأفلام دوراً مهماً بالغ التأثير فى تسويق السياحة المصرية للعالم.
لقد كانت الشاشة فى كثير من الأحيان أبلغ من الكتيبات السياحية؛ فكل مشهد ولقطة ونغمة موسيقية كانت دعوة مفتوحة للسائح كى يكتشف بنفسه أرض الحضارات، وفى هذا التقرير نرصد كيف تحولت السينما إلى سفيرٍ للسياحة المصرية، وكيف أسهمت أعمال خالدة مثل «شاطئ الغرام» و«غرام فى الكرنك» و«صراع فى الوادى» و«خليج نعمة» و«رسالة إلى الوالى» وغيرهم فى جعل مواقع التصوير وجهات يقصدها الزوار من كل مكان.
فى التقريرالتالى نرصد هذه الأعمال التى كانت بمثابة واجهة مشرفة للسياحة المصرية.
فى البداية يأتى فيلم «شاطئ الغرام» بطولة الفنانة ليلى مراد وحسين صدقى، والذي يعد أيقونة ساهمت منذ السنوات البعيدة فى جذب المشاهد للشواطئ بمرسى مطروح، حتى أصبح الزوار فيما بعد عندما يقصدون زيارتها يبحثون عن «شاطئ الغرام».
«غرام فى الكرنك».. السينما تفتح أبواب الأقصر للعالم
يعد فيلم «غرام فى الكرنك» علامة بارزة فى تاريخ السينما المصرية، ليس فقط كعمل استعراضى ناجح، بل كأحد أبرز الأفلام التى ساهمت فى الترويج للسياحة المصرية، فقد قدم العمل صورة مبهرة لمدينة الأقصر، واستعرض روعة معالمها الأثرية الخالدة مثل معبدى الكرنك وحتشبسوت.
تم تصوير الجزء الأكبر من مشاهد الفيلم بين أحضان المناطق التاريخية التى تضم أكثر من ثلث آثار العالم، لتجوب الكاميرا شوارع الأقصر، وتوثق مشاهد لعربات الحنطور التى تجولت فيها فرقة رضا على أنغام الأغنية الخالدة «الأقصر بلدنا بلد سواح» بصوت الفنان محمد العزبى.
وقد استطاع الفيلم أن يقدم للأقصر آنذاك وجهاً جديداً نابضاً بالحياة، جامعاً بين سحر التاريخ وروح الفن، ليغدو مثالاً مبكراً على قدرة السينما فى لفت أنظار العالم إلى عظمة الحضارة المصرية.
الفيلم من بطولة محمود رضا، فريدة فهمى، أمين الهنيدى، وعبد المنعم إبراهيم.
«المومياء».. رحلة سينمائية فى ذاكرة التاريخ
يعد فيلم «المومياء» واحداً من أبرز الأعمال التى جسدت عمق الصلة بين المصريين وحضارتهم القديمة، إذ استند إلى وقائع حقيقية تعود إلى عام 1871، ومن خلال هذا العمل البصرى الفريد، قدم صناع الفيلم معالجة فنية راقية للتراث، وتستحضر سؤال الهوية والذاكرة.
الفيلم من بطولة نادية لطفى، أحمد مرعى،، ويعد نموذجاً نادراً فى السينما المصرية التى استطاعت أن تحول التاريخ إلى دراما إنسانية خالدة.
«صراع فى الوادى».. معبد الأقصر بطلاً للكاميرا
يعد فيلم «صراع فى الوادى»، الذى أنتج عام 1954، علامة فارقة فى مسيرة المخرج العالمى يوسف شاهين، إذ قدم من خلاله تجربة بصرية مدهشة جعلت من معبد الأقصر مسرحاً حقيقياً للأحداث.
أصر شاهين على أن تدور معظم مشاهد الفيلم بين جدران المعبد، وأن يظهر اسمه فى صدارة اللقطات الأولى، فى خطوة فنية جريئة أبرزت عظمة المعمار المصرى القديم وجماله الأخاذ، حتى تحول المكان نفسه إلى أحد أبطال العمل.
الفيلم من قصة حلمى حليم، وبطولة فاتن حمامة، عمر الشريف، زكى رستم، فريد شوقى، وعبد الوارث عسر، وتدور أحداثه فى صعيد مصر، حيث تتقاطع الدراما الإنسانية مع سحر المكان لتقدم نموذجاً على تزاوج الفن بالتاريخ والسياحة.
الإسكندرية.. مدينة البحر والتاريخ
لم تكن الإسكندرية بعيدة عن عيون يوسف شاهين، الذى قدم من خلالها تحفة فنية خالدة فى فيلمه «إسكندرية ليه؟»، حيث جسد روح المدينة الساحلية وجمالها الطبيعى والتاريخى فى إطار سينمائى بديع، أظهر الفيلم مشاهد مبهرة لساحل البحر الأبيض المتوسط، وكورنيش الإسكندرية، وبعض أبرز معالمها الثقافية، لتتحول المدينة إلى بطلٍ موازٍ للأحداث.
الفيلم من تأليف محمد سلماوى، وبطولة فريد شوقى، عزت العلايلى، أحمد زكى، نجلاء فتحى.
كما يبرز فيلم «قبل زحمة الصيف» رؤية المخرج محمد خان للسياحة الساحلية فى مصر، من خلال أجواء تعكس جمال البحر وروح المصايف المصرية.
تدور أحداث الفيلم فى الساحل الشمالى، وتمتلئ مشاهده بزرقة البحر وأفقه الممتد، بما يجسد سحر الشواطئ المصرية.
قدم الفيلم بانوراما بصرية نابضة بالحياة تروج لفكرة السياحة الهادئة التى تجمع بين الاستجمام والتأمل، بمشاركة، ماجد الكدوانى، هنا شيحة، أحمد داود.
كذلك نجد فيلم «نجوم الساحل» وهو يقدم أيضاً صورة بصرية جميلة للشواطئ المصرية، حيث يدور العمل حول قصة حب تجمع بين شاب وفتاة، وفي محاولة للوصول لحبيبته يقرر الشاب السفر إلى الساحل الشمالي رفقة صديقه لمقابلتها، فتدور هناك العديد من المفارقات الغير متوقعة، الفيلم من بطولة أحمد داش ومايان السيد وعلى صبحى وإخراج رؤوف السيد.
البحر الأحمر.. وجهة الجمال التى أغرت السينما
لم تغب مدن البحر الأحمر عن اهتمام صناع السينما المصرية، إذ تحولت طابا وشرم الشيخ إلى لوحات سينمائية تروج لجمال الطبيعة وسحر الشواطئ والشعاب المرجانية.
فقد قدم فيلم «الحب فى طابا»، بطولة ممدوح عبد العليم ووائل نور، رحلة شيقة لثلاثة أصدقاء إلى شرم الشيخ، استعرضت عدسة المخرج خلالها روعة طابا بما تمتاز به من مناظر طبيعية خلابة ومياه صافية تتلألأ فوقها الشعاب المرجانية.
أما فيلم «شورت وفانلة وكاب» بطولة أحمد السقا، شريف منير، أحمد عيد، ونور اللبنانية، فقد ألقى الضوء على سحر المناطق الساحلية فى مصر، كاشفاً عن أبرز معالمها الفريدة، ورحلات الغطس، والجبال المهيبة التى تميز بعض هذه المناطق.
وفى فيلم «خليج نعمة» تبرز جمال الطبيعة فى شرم الشيخ، حيث تدور الأحداث حول (جنة) التى تتزوج من شاب ثري وتسافر إلى اليونان، ولكنه يعاملها معاملة جافة ويرهبها داخل المنزل، فتهرب منه وتعود لمصر وتقرر إعادة افتتاح الأتيليه الخاص بوالدها في خليج نعمة، وتقابل مجموعة من الشباب الذين يحاولون العمل في شرم الشيخ وتقع في غرام أحدهم، ولكنها تشعر أن زوجها ما زال يطاردها، الفيلم بطولة غادة عادل وأحمد فهمى وباسم ياخور، وإخراج مجدى الهوارى.
القلعة
يستعرض فيلم «رسالة إلى الوالي» العديد من المناطق التراثية والتاريخية فى القاهرة كما نلمح لقطات لقلعة صلاح الدين الأيوبى فى بعض مشاهده الفيلم من بطولة عادل إمام ويسرا وعلاء ولى الدين ويدور فى عام 1807، حين يقرر أعيان مدينة رشيد فى توجيه رسالة إلى والى مصر ليلحق بإرسال الإمدادات لإنقاذ المدينة المحاصرة ويقع الاختيار على البطل حرفوش ليسلمها فى القلعة.