يأتي البنك المركزي على قمة الجهاز المصرفي في الدولة التي ينتمي إليها، وتعود هذه المكانة الفريدة للبنك المركزي إلى ما يؤديه من دور حيوي وخطير في النشاط الاقتصادي والاجتماعي، من خلال الوظائف الجوهرية التي يقوم بها بالنسبة للنشاط الاقتصادي بصفة خاصة، وبالنسبة للمؤسسات المصرفية الأخرى المشاركة في وضع وتنفيذ السياسة النقدية في الدولة، وحول ذلك تأتي التوقعات بشأن أسعار الفائدة والتي يحددها البنك المركزي المصري، في إطار الموجة التضخمية التي تضرب البلاد، والتي انعكست صورها على الدولة المصرية.
ارتفاع سعر الفائدة
وتوقع الدكتور أحمد الإمام الخبير الاقتصادي والمحلل المالي، مدير عام أوراق للدراسات والاستشارات الاقتصادية، ارتفاع سعر الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية والمتمثلة في البنك المركزي المصري، اليوم الخميس، بمقدار 50 نقطة أساس إلى 100 نقطة أساس، بزيادة 0.5- 1%، لتلافي آثار التضخم رغم أن التضخم في مصر مازال ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي والبالغ 7% (+/- 2%) للربع الرابع من 2021، إلا أنه لتلافي التأثير المحتمل لموجة التضخم من بدايتها يتوقع أن يخالف البنك المركزي توجهه نحو التثبيت خلال الاجتماعات الماضية.
وأوضح الخبير الاقتصادي والمحلل المالي في تصريحات خاصة لـ "دار الهلال" أن رفع سعر الفائدة في هذا الاجتماع بمقدار من نصف إلى واحد في المائة يعمل على تلافي رفع الفائدة بدرجة أكبر مرة واحدة في الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية لهذا العام، المقرر أن يعقد يوم 16 ديسمبر 2021، بحسب بيانات البنك المركزي.
وأشار إلى أن سعر الفائدة وعلاقته بالتضخم دائمًا ينظر إليها من وجهة نظر الاقتصاد التقليدي، إلى أنها علاقة عكسية حيث أنه من المفترض أن ظاهرة التضخم تتمثل في زيادة حجم الطلب الكلي، كنتيجة لزيادة كمية النقود في الاقتصاد.
تخطى التضخم المستويات الآمنة
وتابع بأنه يترتب عليه ارتفاع المستوى العام للأسعار، مع فرض ثبات حجم الإنتاج، نظرًا لعدم القدرة على سرعة التغيير في الطاقة المتاحة، وسرعة دوران النقود، وعدم وجود اكتناز، لذلك فإن من أسرع طرق كبحه من منظور السياسة النقدية رفع سعر الفائدة مع تخطي التضخم المستويات الآمنة.
وأضاف أن العمل بالتنسيق مع السياسة المالية الممثلة في وزارة المالية بأدواتها التقليدية من رفع معدلات ضرائب سلع الرفاهية والحد من الإنفاق الحكومي الاستهلاكي، وتحفيز الإنفاق الاستثماري بشقيه الخاص والحكومي لزيادة المعروض من السلع والخدمات مع زيادة المظلة الاجتماعية لتوزيع أكثر عدالة للدخل القومي، مما يؤثر على التنوع في أنواع السلع المستهدفة ويخلق شرائح جديدة أو يزيد من حجم طلبها على السلع التقليدية المفترض أنها محلية الصنع مما يخفض من أثر التضخم المستورد.
وقالت الدكتورة هدى الملاح خبيرة دراسات الجدوى، إن ارتفاع معدلات التضخم خلال الفترة الحالية يأتي نتيجة لارتفاع الأسعار، فكلما ارتفعت أسعار السلع والخدمات، كلما ارتفع معدل التضخم.
كبح جماح ارتفاع معدلات التضخم
وأوضحت خبيرة دراسات الجدوى في تصريحات خاصة لـ"دار الهلال" أن المتوقع خلال اجتماع السلطة النقدية، المتمثلة في البنك المركزي المصري أن يتم تثبيت أسعار الفائدة حتى يتم كبح جماح ارتفاع معدلات التضخم، التي تشهدها الدولة المصرية خلال الفترة الحالية، فقد لجئت العديد من الحكومات نحو التثبيت أو الخفض للفائدة حتى يتم السيطرة على معدلات الضخم التي تضرب البلاد.
وتابعت: هناك أسباب تؤدي إلى ارتفاع الأسعار والتي من أهمها ارتفاع الكثافة السكانية، يأتي ذلك نتيجة الزيادة في الطلب عن المعروض، فهناك علاقة طردية مع مع الكثافة السكانية، فكلما زاد معدل السكان كلما ارتفع معدل الأسعار، لاستيفاء احتياجاتهم.
وأضافت "الملاح" أن هناك سببًا آخر يترتب عليه ارتفاع معدلات التضخم، وهو كثرة السيولة النقدية في أيدي المواطنين، يأتي ذلك نتيجة استخدام البنك المركزي لسياساته النقدية والتي تتمثل في سعر الفائدة، حيث إن ارتفاع أسعارها يترتب عليه ارتفاع معدلات التضخم، فكلما ازدادت السيولة ازداد كثرة إنفاق المواطنين مما يترتب عليه ارتفاع معدلات التضخم.
وأشارت خبيرة دراسات الجدوى إلى أنه من خلال زيادة الإنفاق على السلع، يترتب عليه ارتفاع الطلب عليها، لافتة إلى أن في حالة تثبيت المعروض يندرج تحته ارتفاعا في معدلات التضخم، نتيجة لعدم اكتفاء الطلب للمعروض، فيترتب عليه ارتفاعا في الأسعار.
تطورات قراءات التضخم العام السنوي
وتوقع الدكتور إبراهيم العصفوري المدرس بكلية السياسة والاقتصاد جامعة بني سويف، والمحلل المالي، خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل، تثبيت البنك المركزي لأسعار الفائدة، للمرة السابعة علي التوالي، موضحًا أن الوضع مازال كما هو في الأشهر السابقة فتطورات قراءات التضخم العام السنوي تؤكد الاتجاه الصاعد المتوقع للتضخم، مقتربًا من نطاق هدف المركزي عند 7% (±2%) في المتوسط بحلول الربع الرابع من 2022.
وأوضح الخبير الاقتصادي والمحلل المالي، أن تثبيت لأسعار الفائدة أفضل القرارات للسلطة النقدية خلال الفترة الحالية، نظرًا لارتفاع أسعار السلع الغذائية على أساس شهري خلال الشهور الأخيرة والتي تتزامن مع ارتفاع ملحوظ في الأسعار العالمية للسلع، كما أن الحاجة للحفاظ على جاذبية الاستثمار في سوق أدوات الدخل الثابت، خاصة مع ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا، تشكل ضغطًا على التدفقات للأسواق الناشئة، مما يدعم توقع تثبيت الفائدة.
وتابع "العصفوري" أن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي بأعضائها السبعة تنعقد كل ستة أسابيع أو كلما حدث حدث ما يستدعي ذلك الاجتماع، وتقوم اللجنة بأعمالها المنوطة بها حيال ما يُرفَع إليها من هذه التقارير والدراسات، فيتم على الجانب المحلي متابعة المتغيرات التالية: التضخم، أسعار الفائدة، التطورات النقدية والائتمانية، أسعار الأصول ومؤشرات القطاع الحقيقي.
العلاقة بين التضخم وسعر الفائدة الحقيقي
وأشار خبير الاقتصادي إلى أن العلاقة بين التضخم وسعر الفائدة الحقيقي، علاقة عكسية، حيث يزداد سعر الفائدة الحقيقي، كلما انخفض معدل التضخم، لكون سعر الفائدة الحقيقي يساوي معدل الفائدة النقدي أو الأسمى مطروحًا منه معدل التضخم، حيث يكون سعر الفائدة الحقيقي "موجب" عندما يكون معدل الفائدة الأسمى أكبر من معدل التضخم ويكون سعر الفائدة الحقيقي "سالب" عندما يكون معدل الفائدة الأسمى أقل من معدل التضخم.