الأربعاء 22 يناير 2025

مقالات

التكنولوجيا خففت من الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا

  • 5-11-2021 | 15:55
طباعة

استطاعت الصين كإحدى الدول الآسيوية السيطرة على أزمة كوفيد - 19 إلى حد كبير من خلال قدرتها على الضبط الاجتماعي عبر الاعتماد على طرق رقمية مبتكرة، وقدمت نموذجاً ناجحاً وصاعداً، مقابل النموذج الغربي الذي أخفق في التعامل مع الأزمة، وذلك ما أعاد قضية التنافس بين الولايات المتحدة، بوصفها قوة مهيمنة، والصين، بوصفها قوة صاعدة، إلى الواجهة، وذلك في ظل تصاعد الجدال حول فكرة حتمية الصدام بين القوتين من عدمها.

 

ويمكن القول بأنه في مقابل التردد وعدم اليقين في إدارة الولايات المتحدة لأزمة كورونا، فقد نجح النموذج الصيني، الذي يمثل "الدولة القوية والمجتمع الضعيف"، في السيطرة بشكل أكثر فاعلية على انتشار الفيروس، بالرغم من كون الصين هي بالأساس بؤرة تفشي الفيروس حول العالم.

 

ناقشت الدراسة الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية غير المسبوقة بالإضافة إلى الجهود الآسيوية فى مواجهة تداعيات فيروس كورونا بدءًا من عام 2020، الذى شهد فى نهايته على  إصابة أكثر من 80 مليون شخص كان نصيب الدول الآسيوية منها 17٪.

 

 في الوقت الذي أسهمت فيه حزم التحفيز الاقتصادي التي بلغت قيمتها نحو 26 تريليون دولار وتوزيع ما يقرب من مليار جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا ساهمت في تحقيق تعاف اقتصادي أسرع من المتوقع، فإن التداعيات الخطيرة للأزمة على التعليم وشطب مئات الملايين من الوظائف ووصول معدلات الدين العام إلى مستويات لم تحدث إلا في أزمان الحروب، وتزايد الفجوة في الدخول بين الأعراق المختلفة وبين النساء والرجال وبين الأجيال وبين المناطق الجغرافية، تُولد أزمات متعددة في وجه الاقتصاد العالمى.

 

ومع تقدم الوباء، أجرى بنك التنمية الآسيوي (ADB) تقييمات للتأثيرات على الاقتصاد العالمي وكذلك على الاقتصادات العامة للدول الآسيوية. بوجه عام ، تم إجراء خمسة تقييمات للأثر الاقتصادي في عام 2020 -، و استنادًا إلى آخر تحليل، قُدرت الخسائر العالمية بـ 5.5٪ -8.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2020 و 3.6٪ -6.3٪ من إجمالي الناتج المحلي العالمي في عام 2021 ، مع الخسائر المقابلة في آسيا النامية تصل إلى 6.0٪ - 9.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي و 3.6٪ -6.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي في عامي 2020 و 2021 على التوالي.

وتنشأ هذه الآثار إلى حد كبير من انخفاض الطلب المحلي وتدهور السياحة ، ومن التداعيات العالمية لانتشار الفيروس، ونتيجة لهذه الخسائر، تشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمنطقة آسيا النامية قد تقلص بنسبة 0.4٪ في عام 2020.

 

 وفي اطار هذا الوضع استجابت الحكومات وبنك التنمية الآسيوي بسرعة ونهجت بإجراءات احتواء أو منع تفاقم الآثار الاقتصادية لفيروس كورونا، فبينما اتخذت الحكومات في جميع أنحاء العالم خطوات للتخفيف من الآثار الاقتصادية من خلال احتواء قيود التنقل والنشاط الاقتصادى، أعلنت الكثير من الدول الآسيوية عن حزم دعم ضخمة لمساعدة الأسر والشركات على التعامل مع الصدمة الاقتصادية، وبحلول 11 يناير 2021 ، أعلن أعضاء بنك التنمية الآسيوي عن حزم سياسات تصل إلى 27.1 تريليون دولار، وكان أكبرها من الولايات المتحدة بقيمة 8.1 تريليون دولار، وبلغ المبلغ الذي أعلنته الاقتصادات الآسيوية النامية 3.6 تريليون دولار ، وهو ما يمثل 15.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي ، حيث تم توجيه أكثر من نصف حزمة الدعم الإجمالية لتقديم الدعم المباشر للدخل للتخفيف من الآثار السلبية لوباء COVID-19 على الأسر والشركات.

وبالرغم من أن المقومات الاقتصادية الأساسية تظل قوية بالنسبة للقارة الآسيوية، إلا أن الوضع الاقتصادى والاجتماعى الخطير جعل دول العالم والمجموعات الاقتصادية والمؤسسات المالية تُسارع إلى اتخاذ إجراءات وتدابير احترازية للعمل على احتواء التداعيات السلبية. فالانتشار السريع للفيروس يعنى أنه لم يعد هناك أى شك فى تعطيله للاقتصاد العالمى وبالتالى شهدت بيئة الاقتصاد العالمي تغيرًا جذريًا.

 

وفي دراسة بعنوان التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا على الدول الآسيوية، قمت بإعدادها أوضحت العديد من التوصيات نحو التعامل الاقتصادي والاجتماعي للجائحة وأهمها:

ينبغى على الحكومات التحرك بسرعة والتحرك معًا للتعاون في توريد وتوزيع اللقاحات وغيرها من الإمدادات الصحية الحيوية، وفي اتخاذ تدابير لإنعاش الاقتصاد، وفي السياسات الرامية إلى تعميق تكامل المنطقة، ومن خلال ذلك يُمكن استعادة الكثير من الثقة الدولية التي فُقدت خلال الجائحة. وستكون الأرواح أكثر أمانا، وستكون سبل العيش آمنة. ويمكن لشرق آسيا والمحيط الهادئ أن يحافظا على مكانهما الصحيح كواحدة من أكثر مناطق العالم ديناميكية وابتكارًا وترابطًا.

أستاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق

أخبار الساعة

الاكثر قراءة