السبت 29 يونيو 2024

الأومباشى الطالب «جيمى» و«روبنسون» 2-2

مقالات10-11-2021 | 23:18

هكذا جاء عنوان شهادة اللواء أ.ح عبد الواحد عمار أول مدير للكلية الحربية بعد الثورة عن جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر.. أو جيمى وروبنسون كروزو.

الفقرات القادمة ليست من عندي بل أنها النص الكامل  لسطور تلك الوثيقة المهمة النادرة.

كتب اللواء عمار وثيقته أو شهادته عن الصديقين جمال وعامر.. وجاءت شهادته كالتالى:

كان طلاب الكلية الحربية ينقسمون فى سنة 1938 إلى عدة فصائل، وبين تلك الفصائل كانت هناك واحدة بينها اثنان من الطلبة، هما: "جيمى".. و "روبنسون".

هل تعرف من هما: جيمى و روبنسون؟

إن جيمى.. هو الطالب جمال عبد الناصر حسين.

و"روبنسون".. هو الطالب محمد عبد الحكيم على عامر

 فقد التقى جمال وعبد الحكيم لأول مرة فى الكلية الحربية على مقاعد الدراسة، ولو أن جمال التحق بها فى الدفعة التى سبقت عبد الحكيم.

وكان جمال شغوفاً بالمطالعة، وكثيرا ما كان يقضى فترة راحته اليومية فى المكتبة، حتى ليُخيل لى أنه أتى على جميع محتوياتها من الكتب وقتئذ.

وفى المكتبة وجد جمال طالباً آخر يزاحمه كتبها، وكان الطالب هو عبد الحكيم عامر.

وعلى مشهد من أعلام الفكر فى الشرق والغرب، وعلى مائدة العلم والثقافة، توثقت الصلات بين جمال وعبد الحكيم، والتقت منهما الأهداف، وقامت بينهما صداقة قوية، طاب معها لعبد الحكيم أن ينادى صديقه باسم جيمى كما طاب لجمال أن ينادى صديقه باسم بطل القصة المشهور روبنسون كروزو، لأن عبد الحكيم كان يحب المطالعة والترحال والابتكار، ولا يعرف معنى المستحيل مثل سميه روبنسون كروزو.

واشتهر فى الكلية اسمي جيمى وروبنسون، وكنت إذا رأيت جيمى فلابد أن أرى روبنسون بجانبه، وكانا مجتهدين جدًا، مثابرين على الدراسة واحترام اللوائح والنظم العسكرية احتراماً شديداً..ولم تكن العين الناقدة لتستطيع أن تأخذ على أحدهما شيئاً يستوجب المؤاخذة أو لفت النظر.

 ولعل أهم الأشياء التى كانت تسترعى التفاتى إلى جمال أنه كان قليل الابتسام داخل الفصول، وخارجها، كثير التأمل، رزينا قوى الشخصية، يعتز بكرامته اعتزازا شديداً.

وأذكر تقريراً لحقيقة يعرفها جميع زملائه ومن اتصل بهم، أننى لمست فى جمال بمجرد اتصالى به رجولة مبكرة، بمعنى أنه كان لا يتأفف ولا يظهر التعب من مشاق العمل المضنى بالكلية، وهو ما نعتبره محكًا لأخلاق الطلبة فى بدء التحاقهم وانتقالهم من الحياة المدنية المرفهة إلى خشونة العسكرية ومتاعبها.

 أما جَلَدُه فقد تجلى فى قوة احتماله أثناء ممارسة الألعاب العنيفة، وأظهرها على ما أذكر جلده خلال المبارزة بالسيف وتفوقه فيه.

 وأما عن أخلاقه وصفاته الشخصية، فلا أذكر أنه لقى جزاء فى يوم ما، أو أن أحداً من مدرسيه أو رؤسائه الطلبة قدم شكوى فى حقه.. وهذا دليل على متانة أخلاقه.

 وكنت أقوم بتدريس مواد المشاة والأسلحة والقوانين العسكرية للفصيلة التى جمعت بين جمال وعبد الحكيم، فى السنوات الأولى والثانية والثالثة، التى يطلقون عليها أسماء: الإعدادى، والمتوسط، والنهائى.

ولقد أبدى جمال كفاية عسكرية وأخلاقا ممتازة أثناء دراسته، جعلته يرقى إلي رتبة أومباشى طالب.. وهى رتبة لا يظفر بها إلا الطالب الأمثل بين طلبة الكلية الحربية.

ما زالت وثيقة أول مدير للكلية الحربية بعد الثورة تتكلم وتكشف أسرارًا جديدة كانت مجهولة تماماً حول جمال وعامر.

تضيف الوثيقة: ثم تخرج جمال وتلاه عبد الحكيم، وتشاء الأقدار أن تبقى على صلاتِهما التى بدأت فى المكتبة، فما يكاد جمال يعين ضابطاً بالكتيبة الخامسة بنادق مشاة فى منقباد، حتى يطلب نقله إلى القوات المصرية بالسودان.

وهناك فى الخرطوم، التقى جيمي وروبنسون، وتوطدت الصداقة بينهما من جديد.. وتشاء الظروف أن تزيد من قوتها عندما أبدى الضابطان الشابان سخطهما على تصرفات الرؤساء فى السودان، وتقرر نقلهما معا إلى جبل الأولياء.

وفي الخرطوم التقيت -الكلام لصاحب الوثيقة اللواء عمار- بجمال وعبد الحكيم، وكان ذلك فى شهر مارس سنة 1941، بعد أن انتهت مدة انتدابى بالكلية الحربية، وتوليت منصب أركان حرب الكتيبة الثالثة المشاة فى الخرطوم.

وعندما عاد جيمى وروبنسون من جبل الأولياء، التقيا مرة أخرى على مقاعد الدراسة، فقد التحقا سويًا بكلية أركان الحرب سنة 1948، وكان كل منهما يحمل رتبة يوزباشى، وتخرجا سوياً، وخرجا ليشتركا فى قيادة ثورة مصر الكبرى وتخليصها من ربقة الاحتلال والظلم والفساد.. وهما يهتفان بشعار الكلية الحربية التى رأيتهما لأول مرة تلميذين على مقاعدها: "الواجب.. والشرف.. والوطن".

الاكثر قراءة