الأربعاء 26 يونيو 2024

آخر رمضان لها فى شارع مجلس الشعب الحكومة تغادر «وسط البلد» بعد ٦٥ سنة اجتماعات

8-6-2017 | 11:52

تقرير تكتبه: سحر رشيد

ظلت الحكومات المتعاقبة، بعد ثورة يناير منذ حكومة الإخوانى هشام قنديل، ومرورا بحكومة «الببلاوى» والمهندس إبراهيم محلب، وصولا لحكومة المهندس شريف إسماعيل، تعقد اجتماعاتها اليومية ما بين هيئة الاستثمار، ومقر مجلس الوزراء بشارع قصر العينى بـ«وسط البلد»، لكن خلال أشهر قليلة مقبلة، وتحديدا منتصف ٢٠١٨، ستتحول المقار تلك إلى «ذكرى»، فمن المقرر أن تنتقل الحكومة لمقرها الجديد العاصمة الإدارية الجديدة وبعدها تبدأ لجان الأصول الحكومية غير المستغلة فى التصرف فى هذه المقار وغيرها.. ولكن السؤال ماذا ستفعل الحكومة فى المقار الموجودة فى القصور وهل ستصبح مزارات أم ستخضع لعمليات البيع؟

حتى الآن لم تعلن الحكومة قرارها النهائى، رغم أنها بدأت فى طرح بعض الأماكن فى أرض المعارض فى مدينة نصر، من خلال لجنة الأصول غير المستغلة التى يترأسها المهندس شريف إسماعيل، على اعتبار -ووفقًا لتأكيدات اللجنة- أن العاصمة الإدارية ستشمل أرضا للمعارض.

تاريخ طويل فى مقر الحكومة فى “وسط البلد» شهد حكومات كثيرة، وسيكون رمضان هذا العام هو الأخير لعقد الاجتماعات والذى عادة ما تقوم الحكومة بتجديد قاعة اجتماعات الوزراء الرئيسية خلاله كل عام.

منذ ثورة يوليو ١٩٥٢ والحكومة تعقد اجتماعاتها فى قصر مجلس الوزراء بشارع مجلس الشعب وكان أول رئيس للوزراء الراحل جمال عبدالناصر فحتى الآن يحتفظ بمكتبه الذى جلس عليه أول رئيس وزراء لحكومة ثورة ٥٢ فهو ذات المكتب الذى يجلس عليه رئيس الوزراء الحالى المهندس شريف إسماعيل، حيث تعاقب روؤساء الوزراء فى الجلوس عليه حتى الوقت الراهن.

قصر مجلس الوزراء.. هو قصر الأميرة شويكار والقاعة التى يجتمع بها الوزراء بما في ذلك غرفة الطعام للأميرة ويحتفظ القصر بكل رسومات الفنانين العالميين فى الأسقف عداد الحوائط التى قام بطلائها بعض العاملين فى أعقاب الثورة على أساس أنها تحمل صورا عارية وتم انقاذ الأسقف على اعتبار انها تحفة فنية لا تقدر بمال!!

وغرفة خزنة مجوهرات الأميرة يجلس بها تامر عوف، مستشار الاتصال السياسى لرئيس الوزراء.. والحق يقال أن المستشار طلعت حماد وزير شئون مجلس الوزراء الأسبق هو من أعاد للقصر بهاءه وضياءه بعدما تعرض لقدر كبير من العشوائية على مدار السنين الماضية.

وتشهد قاعات مجلس الوزراء اجتماعات اللجان الوزارية.

لكن هناك مقارا أخرى بعضها فرض نفسه على رؤساء الوزراء نظرا للحالات الأمنية مثلما حدث عندما تم إضافة مقر جديد للحكومة فى أعقاب ثورة ٢٥ يناير حيث اجتمع الفريق أحمد شفيق فى مقر وزارة الطيران نظرًا لاعتصام ميدان التحرير، لكن سرعان ما انتقل للمقر الرئيسى بوسط البلد.

ثم تولى المهندس عصام شرف رئاسة الوزراء واستمر عقد اجتماعاته بمقر المجلس فلا خطورة عليه من اعتصام ميدان التحرير لأن الميدان هو من أتى به.. حتى جاء الدكتور كمال الجنزورى رئيسًا للوزراء ورفض شباب الثورة توليه لرئاسة الوزراء لكبر سنه واعتصموا على أبواب المجلس رافضين دخوله.

فما كان منه إلا أن عقد اجتماعاته بمعهد التخطيط ووزارة التخطيط شهدت تشكل الحكومة ثم انتقل لمقر هيئة الاستثمار وتم تجهيز مقر دائم للحكومة حتى هذا اليوم.. اجتمعت الحكومة به على مدار حكومات الببلاوى ومحلب وشريف إسماعيل.. عدا هشام قنديل الذى احتفظ بالمقر الرئيسى فى قصر العينى على اعتبار طول فترة الإخوان فلا خطورة أمنية عليه، كما كان يرى وقتها وعاد مقر هيئة الاستثمار مرة أخرى بعد ثورة ٣٠ يونيو

وفى الوقت الحالى يميل رئيس الوزراء شريف إسماعيل للتواجد فى هذا المقر حينما يكون على جدوله اجتماعات بقصر الاتحادية نظرًا لقرب المكان منه.

وكل رئيس وزراء كان يأتى من موقع كان غالبًا ما يشكل حكومته من داخل هذا المقر حتى يحتفظ بالسرية وبعدها تتم الاستقبالات الرسمية فى مقر الحكومة بقصر العينى مثلما فعل الدكتور عاطف صدقى حيث كان تشكيل حكومته الأولى فى الجهاز المركزى للمحاسبات ولكن بعدها تمت المشاورات والاستقبالات للحكومة الثانية والثالثة فى المقر الرسمى بقصر العينى والدكتور الجنزورى ظل محتفظًا بمقر وزارة التخطيط الذى كان يزوره فى أوقات نادرة مثلما احتفظ بحقيبة التخطيط لنفسه أيضًا وصوره رئيسًا للوزراء.

وبعدها جاءت حكومة د. عاطف عبيد الذى احتفظ بمركز إعداد القادة وكان يعقد بعض الاجتماعات الوزارية إلا اجتماع الحكومة الرسمى ظل فى المقر الرئيسى للحكومة.

وبعدها تولى الدكتور أحمد نظيف الذى ارتبط بالقرية الذكية أكثر من المقر الرسمى بقصر العينى وكان يقسم الأيام بشكل متساو بين المقرين حتى انه أصبح لمجلس الوزراء غرف دائمة بالقرية الذكية ولكن الاجتماع الرسمى للحكومة فى الأربعاء من كل أسبوع فى المقر الحكومى بقصر العينى.

وكثيرًا ما كانت هناك مقار سرية لرؤساء الوزراء لعقد مشاورات التشكيل الوزارى بها بعيدًا عن أعين الصحافة ووسائل الإعلام مثلما فعل المهندس شريف إسماعيل حيث عقد الكثير من المقابلات فى شركة إنبى للبترول، والمهندس إبراهيم محلب فى نادى المقاولون العرب وأحيانا شركة المقاولون العرب، لدرجة أن الاستقبالات الرسمية غابت عن المقر الرئيسى لمجلس الوزراء سواء للتشكيل الوزارى أو لحركة المحافظين.

لكن بعد كل هذا التاريخ الممتد لأكثر من ٦٥عاماً وخلال شهور قليلة سينتقل الجميع للعاصمة الإدارية الجديدة سواء الحكومة أو البرلمان ومربع الوزارات بلاظوغلى ويصبح الأمر تاريخًا وذكرى لهذه المنطقة التى غادرتها بعض الوزارات لمقار أخرى مثل المالية والداخلية.