كتب : حاتم جمال
خلق من الكلمة أسلوباً درامياً ، وجعل من الفزورة منهجا وفلسفة تقدم على الشاشة الصغيرة، قدم ما يقرب من 400 فزورة طوال 13 عاما كتب فيها كلمات فوازير رمضان وكون مع المخرج الراحل فهمي عبد الحميد ثنائياً فاق حاجز النجاح من الثمانينيات الي أوائل التسعينيات.
استطاع الشاعر الراحل عبد السلام أمين أن يكون نجم الفوازير التليفزيونية الأول بلا منازع فكلماته كانت بمثابة أسلوب فلسفي يعمق الفكرة دمجها بالمصطلحات الشعبية الدارجة في العامية وأضاف إليها الروح المصرية الفكاهية ولعل من أبرز المفارقات فى الفوازير التي قدمها هي تنبؤه بأحداث وقعت بعد انتهاء الفوازير بمدة منها انهيار سور برلين، ففى نهاية الثمانينيات قدم فوازير " حول العالم " وفي حلقة ألمانيا توقع انهيار السور الذى يقسم المدينة نصفين احداهما تميل للرأسمالية والاخرى للشيوعية وحدث هذا مع بداية التسعينيات وفى فوازير " عالم ورق " تعرض لمشكلة الجنسية للأبناء من أم مصرية وأب غير مصري وبعد ما يقرب من 20 سنة صدر القانون بإعطاء الابناء الجنسية المصرية من الأم.
الفزورة التليفزيونية
عندما رحل مؤلف الفوازير الاذاعية الشاعر عبد الفتاح مصطفى ظلت الساحة خاوية من المتخصص فى كتابة هذا الفن حتى أسندت للشاعر عبد السلام أمين ولكن هذه المرة فى التليفزيون وكان التحدى لخلق فزورة داخل سياق درامى ثم استعراضى ونجح فى اول تجاربه وتكرر النجاح مع الثنائى الذى كون مع جمال فهمى عبد الحميد من خلال عناصر الابهار البصرية والاستعراضات والديكورات وقدم عشرات الفوازير منها " ألف ليلة وليلة ، النص الحلو ،زى النهاردة ،حول العالم ، الامثال الشعبية ، المناسبات ، عجايب صندوق الدنيا ، عالم ورق ، أم العريف وقيس وليلى وغيرها " وأصبح تميمة النحاج فى رمضان بل كانت سببها في نجومية وتألق كل من نيللي وشيريهان وسمير غانم وغيرهم من نجوم الفوازير، حتى عندما ابتعد عن الفوازير كانت مسلسلاته الدرامية تتواجد بقوة ليؤكد تفرده .
البداية فكرة و اطلاع
لم يكن النجاح الذى حققه عبد السلام أمين فى مجال الشعر والثقافة والإعلام نابعا من فراغ ، بل كان نتاج تربية تأثر بالفنون والأدب والشعر فهو ابن موظف يهوى الشعر والادب وكانت لديه مكتبة زاخرة بأمهات الكتب وخاصة فى مجال الأدب والشعر بجانب أنه شقيق الموسيقار حلمى أمين نقيب الموسيقيين فيما بعد وابن عم الموجى الصغير حفظ القرآن وهو فى السابعة من عمره وبدأ نظم الشعر وهو فى الثانية عشرة من عمره وكانت الانطلاقة الحقيقية له من افتتاح إذاعة الاسكندرية ليحترف الشعر من خلال تقديم اعمال " سعد اليتيم و التوبة " وعندما جاء الى القاهرة عام 1958 التحق بكلية الاداب قسم لغة عربية ومعها قدم فى الاذاعة عدة اعمال منها السباعيات ومنها الاعمال الروائية الطويلة وكان أرزها " الخلفاء الراشدين " ومنه قدم العديد من الاعمال الإذاعية الناجحة وأصبح الشاعر عبد السلام أمين ويكفى عندما كتب اغنية " يا رب اهلى وحبايبى والمجتمع والناس " التى لحنها سيد مكاوى وغناها سمير الاسكندرانى كانت جواز مروره لعالم الشعر والنجومية فعمل بعدها مع كبار نجوم الغناء وعلى رأسهم شادية ووردة ونجاة.
هوميروس الفن المصرى
وأطلق عليه الكاتب الراحل رجاء النقاش لقب هوميروس الفن المصرى وذلك لاجترار الماضى فى اعماله و ربطها بالحاضر كما فعل هوميروس فى الاليازا والاوديسة فكانت الصفة الغالبة على كتابته الاعمال التاريخية الممزوجة بإسقاطات واقعية فقدم صورة صحيحة لهارون الرشيد بعد ان كان يضرب به المثل على انه زير نساء فقد غير بالمسلسل الصورة الذهنية الخاطئة لهارون الرشيد وقدم الامير المجهول ورابعة العدوية وفصل الالتباس بين رابعة العدوبة ورابعة أخرى كما قدم عمر بن عبد العزيز وكان يجهز لمسلسل عن عمر الخيام لكن القدر لم يمهله.
ويعد عبد السلام أمين أفضل من كتب الاوبريت الغنائى حيث شارك فى كتابة أكثر من اوبريت عن حرب 1973 والعديد من الاوبريتات الاذاعية.