الأربعاء 15 مايو 2024

الزمن الذي توقف

17-6-2017 | 10:04

بقلم : عاطف بشاي

حينما انقض شياطين الأرض يقتلون رجال ونساء وأطفال الأقباط حاصدين أرواح ثمانية وعشرين نفساً بريئة أغرقت دماؤهم صحراء الرهبان.. ظهر مولانا "جلال الدين الرومي" الصوفي العظيم.. جاء علي عجل وهبط من فوق جواده.. ولم يصدق عينيه من هول ما رأي.. وقال لرفيقه "شمس الدين التبريزي" الذي أتي في أثره: وكأن الزمن قد توقف عند القرن الثالث عشر الذي ننتمي إليه وعشنا في خضمه فوضي ضاربة أطنابها في كل مكان.. حروب أهلية.. مغول يجتاحون البلاد.. صليبيون.. مسيحيون يحاربون المسيحيين ومسلمون يحاربون المسيحيين.. ومسلمون يحاربون المسلمين.. عذاب.. وخوف.. ودمار.. كل طائفة تمحق من يخالفها من بقية المذاهب والطوائف بقوة السلاح تارة وبقوة الخرافة والأسطورة والمثيولوجيا تارة أخري وأصبح الماضي جزءاً من الحاضر الكئيب - كما يري د.محمد درويش مترجم كتاب "قواعد العشق الأربعون - بل إن هذا الماضي يهيمن علي الحاضر في محاولة لرسم مستقبل لا يستند إلي أصالة فكرية أو إبداع ثقافي مميز ويغدو الحاضر كابوساً مقيتاً ومرعباً يخرج الإنسان المعاصر من عصرانيته ويدفع به إلي ظلامية أشد من ظلامية العصور الوسطي.. حيث تجرد الانسان من فكره ومن عقله ومن عواطفه وقبل هذا كله من حبه للآخر.

قال التبريزي: "صدقت أيها المعلم.. ما أراه اليوم يؤكد أن القرن الحادي والعشرين لا يختلف عن القرن الثالث عشر.. وسيذكر التاريخ هذين القرنين بوصفهما زمنين من أزمنة التصادم الديني.. الذي لا سابقة له وسوء الفهم الثقافي والاحساس العام بانعدام الأمن والخوف من الآخر.. فما الحل اذاً..

يطرق "جلال الدين" برهة مفكراً.. ثم ما يلبث أن يرفع رأسه ويقول: في مثل هذه الأوقات تكون الحاجة إلي الحب أكبر من أي وقت مضي لأن الحب هو جوهر الحياة وهدفها.. وفي عصر يتسم بالتعصب الأعمي والنزاعات العميقة الجذور.. لابد أن نناصر الروحانيات الكلية ونفتح الأبواب للناس علي اختلاف أفكارهم وبدلاً من الجهاد الموجه إلي الخارج الذي يعرف بالحرب علي الكفار.. لابد من ممارسة الجهاد الموجه إلي الداخل ضد النفس

إن المدن تشيد علي أعمدة روحية وهي تعكس قلوب سكانها علي وجه الأرض شأنها شأن المرايا العملاقة فإذا ما أسودت تلك القلوب وفقدت إيمانها فإن المدن ستفقد بهاءها بدورها..

ينبغي علينا ان نعلمهم جديد..ألا يحكموا علي أسلوب الآخرين في صلتهم بالله.. فلكل واحد طريقته وأسلوبه الخاص في الدعاء لأن الله لا يحكم علينا من خلال كلماتنا الخارجية.. بل ينظر إلي أعماق قلوبنا.. إن الطقوس والمناسبات ليست هي التي تشكل الاختلاف بل قلوبنا إن كانت صافية بما يكفي أم لا.. وبالتالي - وكما كتب "حمدي رزق" هل صلي الارهابيون الجمعة بعد قتل أطفال المسيح؟! أتقتلون أطفالاً وتنتوون صياماً؟!