الثلاثاء 21 مايو 2024

يطبق للمرة الأولى فى موسم رمضان .. التصنيف العمري للمسلسلات بين القبول والرفض

17-6-2017 | 10:18

تحقيق: عمرو والي

في إجراء يطبّق للمرة الأولى بالقنوات التليفزيونية، قررت الرقابة العامة على المصنفات الفنية، تطبيق معايير التصنيف العمري للمشاهدة على المسلسلات، وهي: عرض عام، وعرض إرشاد عائلي، وعرض فوق 12 عاما، وعرض فوق 16، على غرار السينما، حيث كانت المسلسلات فى السابق تعرض من خلال كل قناة فضائية تحدد المحتوى والمضمون الذي ترغب فى عرضه على شاشتها، ومع بدء عرض المسلسلات جاءت بعض التصنيفات غريبة وعشوائية حيث وضعت بعض القنوات تصنيف فوق 12 عاما و15 عاما، وهي تصنيفات غير واضحة المعالم، بالإضافة إلى قيام قنوات بحذف أجزاء من المسلسلات فى الوقت الذى قامت قنوات أخرى بعرض نفس الأجزاء، بالتزامن مع موجة من الجدل حول احتواء عدد كبير من المسلسلات علي مشاهد غير لائقة أو شتائم صريحة أو ألفاظ خارجة ... "الكواكب" طرحت تساؤلات عديدة حول آلية تطبيق التصنيف العمري؟ وما هي محدداته؟ وهل الحكم علي العمل من خلال السيناريو كاف لوضع هذا التصنيف؟ وما هو مدي فعاليته فى ظل عرض وإتاحة كافة المسلسلات للجميع على شبكة الإنترنت؟ وذلك من خلال المتخصصين عبر السطور القادمة.

وضم موسم دراما رمضان 2017 استثنائين من التصنيفات الأربعة الرسمية حيث حصل مسلسلات على تصنيف "+18"، وهما: هذا المساء، وخلصانة بشياكة، كما تم تصنيف مسلسلات +16 ومنها مسلسل طاقة نور، و مسلسل وضع أمني، ومسلسل كفر دلهاب ومسلسل 30 يوم، ومسلسل لمعي القط ، مسلسل أرض جو، كما حصلت بعض المسلسلات علي تصنيف + 12 ومنها مسلسل لاتطفيء الشمس، ومسلسل ريح المدام، ومسلسل عشم إبليس، ومسلسل هربانة منها.

وشرح الدكتور خالد عبد الجليل رئيس الرقابة على المصنفات الفنية آلية الموافقة على الأعمال الدرامية قائلاً إن الرقابة عندما تعطي تصريحاً لأي عمل فني يكون على السيناريو المكتوب، بعدما يتقدم المنتج بعدد من حلقات المسلسل قبل التصوير، ومن ثم يحصل على تصريح فقط لبدء التصوير على أن يكون التصريح النهائي للعرض بعد المشاهدة بالكامل، وهو ما لم يحدث فى المسلسلات المعروضة حاليا، لاسيما وأن التصوير يتم بشكل وقتي، ويتم تسليم الحلقات إلى القنوات بشكل يومي، وحتي انتهاء شهر رمضان.

وأعرب عبد الجليل عن استيائه من هجوم الجمهور والنقاد والإعلام علي الرقابة علي المصنفات الفنية بصفتها المسئول الأول عن عرض الأعمال علي شاشة التليفزيون خاصة المسلسلات الدرامية التي تعرض في رمضان، موضحا أن المنتجين قد يقومون بتغيير النصوص وتصوير المسلسلات وتسويقها وعرضها دون المرور على الرقابة للمشاهدة قبل العرض باستثناء بعض الحلقات من بعض المسلسلات وهو ما يجعلنا كرقابة نشاهد المسلسلات مثل الجمهور علي شاشة الفضائيات.

المنطقة الحرة

ودعا عبد الجليل المنطقة الحرة التي تعطي تراخيص البث للفضائيات للقيام بدورها حيث يشمل عقدها مع هذه القنوات بندا ينص علي أنه لا يجوز عرض أي مادة إلا بعد حصولها علي تصريح من الرقابة، مشيراً إلى أن هذا لا يحدث لأن المنطقة الحرة لاتسأل وبالتالي تشتري الفضائيات المسلسلات دون أن السؤال عن تصاريح الرقابة، موضحاً الرقابة شهدت عرض نصوص ما يقرب من 42 مسلسلاً تم الموافقة عليها ، بإستثناء مسلسل الحرباية والذي تم رفضه ولكن تمت تصوير المسلسل وعرضه فى رمضان، وهنا تقع المسئولية على القناة الفضائية التي تعرضه، فيما لم تحصل بقية المسلسلات على تصاريح نهائية للعرض.

وطالب رئيس الرقابة المجلس الأعلي للإعلام بتفعيل دور الرقابة واتخاذ قرارات صارمة ضد من يخالف ويعرض أعمالا بدون تصريح ويكون هناك تعاون بين المجلس والرقابة والمنطقة الحرة، فيما تم وضع التصنيف العمري الذي حددته الرقابة بعد موافقتها علي النصوص المكتوبة حيث تم تصنيف الأعمال إلى عرض عام وعرض إرشاد عائلي وعرض فوق 12 عاما وعرض فوق 16 عاما.

أسس ومعايير

وحول الأسس التي تحدد الشرائح العمرية لمشاهدة الأعمال الدرامية أوضح عبد الجليل أنه تم تشكيل مجموعة من اللجان المتخصصة لوضع التصنيف العمري على كل مسلسل، وتم الاعتماد في اختيار تلك التصنيفات على المعايير والشروط المعمول بها عالمياً، كما وضع التصنيف بناءً على قرار اللجنة بعد قراءة سيناريو كل عمل.

وأكد عبد الجليل أن ما حدث في دراما رمضان هذا العام خطوة أولى نحو الخطوات التي ترغب الرقابة في اتخاذها خلال الفترة المقبلة، موضحاً أنه تم البدء في هذا المشروع منذ العام الماضي، ولاحظ الجمهور للمرة الأولى أن هناك تصنيفاً للشرائح العمرية على بعض الأعمال الدرامية، لكنها كانت قليلة جداً، لأنه لم يكن هناك إدراك كاف بعد من صناع الأعمال الدرامية لوجوب عرض السيناريوهات على الرقابة لوضع ملاحظاتها عليها وفقاً لبعض المحددات منها التعصب والمخدرات والرعب والسلوك المحاكى واللغة والعرى والجنس والتيمة والعنف.

ولفت رئيس الرقابة على المصنفات الفنية إلى أن الخطوات التي ستتخذها الرقابة في العام المقبل ستكون أكثر دقة من هذا العام، اذ ستحدد مواعيد عرض كل مسلسل وفق تصنيفه العمري، بمعنى أن الأعمال الدرامية المصنفة لأكثر من 18 عاماً لا يجوز عرضها إلا بعد منتصف الليل، لافتاً إلى أن هناك قنوات فضائية التزمت بوضع اللافتة المقررة من الرقابة على شاشاتها بينما لم تلتزم قنوات أخرى، وأيضاً هناك مسلسلات وضعت التصنيف على مقدمة أعمالها، بينما تجاهلت أخرى الأمر برمته، فيما لا تملك الرقابة سلطة تخول لها فرض وضع التنويه على القنوات، ويتوقف الأمر على مدى احترام تلك الشاشات للجمهور.

الدستور المصري

وقال مجدي أحمد علي، مخرج مسلسل وضع أمني، إنه لا مانع من تطبيق نظام التصنيف العمري شرط تنفيذ هذا النظام بشفافية ومن دون استثناءات, خصوصاً وأن الدستور المصري يؤكد أنه لا حجر أو منع للإبداع، مطالباً بإعادة هيكلة قانون الرقابة وتنفيذه بشكل عادل والابتعاد عن الروتين عبر تغيير طريقة القائمين عليها في تعاملها مع المبدعين, والابتعاد عن البيروقراطية كما في المصالح الحكومية البعيدة عن المجال الإبداعي.

وأضاف على أن المشاهدين فى النهاية أحرار، وعليهم الاختيار مما يتناسب معهم، ويشاهدونه مما يعرض على المائدة الرمضانية ووفقاً لما يفضلونه من نوعيات درامية، وما علي الرقابة إلا أن تحذره فقط، بوضع هذا التصنيف العمري دون الحذف أو التدخل فى شكل المحتوى المقدم، وألا تكون لها وصايا على المشاهدين أو الفنانين، كما يحدث في كل دول العالم.

السينما والدراما

وقال عصام شعبان، منتج مسلسل "ازى الصحة" من بطولة أحمد رزق والمعروض ضمن السباق الرمضاني الحالي، إن المسلسل تم تصنيفه تحت العرض العام للجمهور، لافتاً إلى أنهم حرصوا علي تقديم مسلسل يحترم الأسرة المصرية دون إحراج، لافتاً إلى أن التصنيف العمري للمسلسلات قد يضر بالعمل إذا ما فرض الأهل علي أبنائهم رقابة ما، وبالتالي قد تكون في السينما أفضل وأوقع، لاسيما وأن المنتج الدرامي يعرض على قنوات عدة، ويقتحم الجمهور فى منازلهم.

وأضاف شعبان أن الفنان فى النهاية هو رقيب نفسه، موضحاً أن عملية وضع التصنيف العمري للمسلسلات تحتاج إلى مزيد من الدراسة لاسيما وأن هناك تصنيفات غير مفهومة، ضارباً المثل بوضع تصنيف + 18 على أحد الأعمال وعند مشاهدته لم يكن به أي مشكلات، وبالتالي سوف يتسبب فى تشتيت الأسرة.

تطور تكنولوجي

ورحب السيناريست تامر حبيب، مؤلف مسلسل لاتطفىء الشمس، بفكرة التصنيف العمري للمسلسلات، لافتاً إلى أنها حل مناسب بدلاً من الحذف أو التغيير فى شكل المنتج الدرامي أو المنع، مؤكداً أن صناع الدراما أصبح بداخلهم رقابة ذاتية، موضحاً أن أي فنان عندما يشرع فى الدخول إلى عمل يسعي لتحقيقه وتنفيذه علي أرض الواقع دون الدخول فى مشكلات رقابية.

وأضاف حبيب أن الدراما التليفزيونية فى تطور مستمر، واستفادت من التطور التكنولوجي على كافة الأصعدة، مما أحدث نقلة نوعية على مستوى الصورة والموضوعات التي يتم طرحها، والجيل الجديد أصبح على دراية وإطلاع نظراً لتوافر وسائل الاتصال الحديثة، وبالتالي فكرة المنع أصبحت صعبة، و بالتالي فالجمهور حر فى اختيار ما يناسبه ويشاهده ويستمتع به، لاسيما مع غزو السوشيال ميديا والانترنت لكل بيت مصري فيمكن للصغار مشاهدة حلقات المسلسلات كاملة بمفردهم دون علم ذويهم، حيث إن مواقع التواصل الاجتماعي حطمت كل الحواجز والمعايير التي يمكن أن تساعد في إقرار هذا التصنيف.

خطوة متأخرة

وقال الناقد الفني طارق الشناوي، إن التصنيف العمري هو نظام عالمي معترف به عالمياً، وتأخرنا كثيراً فى تطبيقه فى مصر، مشيراً إلى أن تطبيق هذا التصنيف يعني في عمقه أن المتحكم هو الجمهور، بمعني أن الدولة تقول أنا وجهة نظري فى أحد الاتجاهات، وأنا كرب أسرة أربي أولادي على أنه ليس كل المعروض متاح، وهو سمة العصر حديثاً، أما مسألة أن تقوم الدولة بمنع عرض أي مادة إبداعية فهي مسألة تجاوزت مرحلة الزمن، وبالتالي يجب أن يكون هناك تربية ثقافية على أننا نتعلم ونعلم أولادنا أنه ليس كل المعروض متاح وهل يناسبني أم لا؟.

وأكد الشناوي تأييده لفكرة التصنيف العمري، ولكن من الضروري هيكلة الرقابة حتي تتواءم مع فكرة التصنيف العمري، لافتا إلى أن الرقابة الحالية لاتصلح للقيام بمثل هذه المهمة، لأن الرقباء لدينا يكون تفكيرهم الوحيد متعلق بفكرة مشاهد الجنس فقط، أما فى الخارج فالرقابة تضم متخصصين من علماء النفس والاجتماع والإعلام وغيرها حيث يبحثون عن فكرة العمل والحالة والإحساس الذي يصدره العمل، وبالتالي فآلية العمل الرقابية هنا مختلفة تماماً عما يحدث فى الخارج.

وأوضح الشناوي أن هناك حالة من الغموض حول كيفية تحديد الفئات العمرية، وما هو الفارق بين عمل تم تصنيفه تحت 15 عاماً وآخر تحت 16 عاماً، لافتاً إلى أن هناك بعض القنوات التي لم تلتزم بوضع هذا التصنيف فى مكان مناسب حتي يشاهده الجمهور، مشدداً على ضرورة ترسيخ ثقافة الاختيار لأن قيام الدولة بدور الرقيب انتهي.

كلام فارغ

وقال الناقد الفني نادر عدلي إن عملية دخول الرقابة فى أعمال المسلسلات الدرامية يعد أمراً مستجداً هذا العام، لأن صلب عمل الرقابة على المصنفات الفنية كان للافلام السينمائية، واصفاً فكرة التصنيفات العمرية للمسلسلات التليفزيونية بأنها كلام فارغ وغير منطقي، وليس لها أي أسس مبررة، موضحاً أن من حق الجمهور معرفة لماذا تم تصنيف هذا العمل تحت سن معينة.

وأضاف عدلي أن الأسبوع الأول من مسلسلات رمضان شهد كثيراً من الأعمال التي تروج للدجل والشعوذة، بالإضافة إلى احتوائها على ألفاظ خادشة للحياء وإيحاءات جنسية، متسائلاً أين دور الرقابة هنا؟، وهل منع التصنيف العمري يؤدى إلي مشاهدة مختلف الجمهور لتلك الأعمال؟.

وطالب عدلي القنوات الفضائية بضرورة عمل رقابة ذاتية علي نفسها، لاسيما وأن المسلسلات التليفزيونية تقتحم المنازل، علي عكس السينما والتي يذهب الجمهور إليها بحثاً عما يشاهده.

رقابة جودة

وقالت الناقدة الفنية خيرية البشلاوي إن التصنيف العمري للمسلسلات لايمكن السيطرة عليه فى ظل دخول المسلسلات لكل البيوت، موضحاً أن الجيل الصغير من الشباب والمراهقين أصبحت أمامهم كل الوسائل الاليكترونية المتاحة لمشاهدة ما يريدون وفي أي وقت، عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، ويوتيوب.

وأضافت البشلاوي أن التصنيفات الأخيرة والتي شملت +12 أو +16 أو + 18 هي نوع من إراحة الضمير، والتنصل من المسئولية، مشددة على أن الحل يكمن فى إنجاز مسلسلات درامية تستحق الدخول للمنزل، ويمكن أن تشاهدها الأسرة بأكملها.

وأوضحت البشلاوي أنه لابد أن تكون هناك رقابة جودة بجانب التصنيف العمري وهي الرقابة التي تنص علي استبعاد ومصادرة كافة الأعمال دون المستوي سواء في الكتابة أو الإخراج أو التمثيل، بالإضافة إلى وجود معايير واضحة تحكمها وفقاً للمجتمع المصري، والمتخصصين مع وجود آليات محددة ومعلنة لتطبيق هذا التصنيف في مصر، لاسيما مع وجود نسبة عالية من الأمية والجهل وعدم الوعي.