الأحد 2 يونيو 2024

محمد الجابري: فكرة القرية هي رابط ديوان «يا أيها القروي» (حوار)

محمد الجابري

ثقافة17-12-2021 | 18:39

أبانوب أنور

هناك خيطٌ واحد يربط جميع قصائد الديوان وهو فكرة القرية حقيقةً ومجازا

الفكرة المجازية للقرية من حيث البكارة والنقاءِ وصفاء الفطرة والسليقة وما تواجهه القرية من تحديات بفعل الزمن

فالغلاف يشير إلى محتوى الديوان من ترابط الفكرة القروية والأنثوية داخل القصائد

 

يصدر قريبًا ديوان جديد للشاعر محمد الجابري بعنوان "يا أيها القروي"، عن دار فهرس للنشر والتوزيع، ويشارك الديوان في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2022، وبمناسبة صدور ديوانه الجديد التقته "بوابة دار الهلال"، وأجرت معه الحوار التالي:

ما الخيط الذي يربط قصائد الديوان ببعضها؟

هناك خيطٌ واحد يربط جميع قصائد الديوان وهو فكرة القرية حقيقةً ومجازا.

الفكرة الحقيقية للقرية بما تحتويه من البيوت الطينية والحقول ومجاري المياه والشكل العام لأزياء المجتمع القروي وما رسّبت تلك البيئة الخضراء في نفسي فتسقط على الورق كل ما اختزنته ذاكرة القرى لتخرج من الورق على هيئة حنين حيث إن القرية هي المكون الأساسي لطفولتي ونشأتي.

حدثني عن ديوانك الجديد وعن قصائده.

سوف ترى في ديوان "يا أيها القروي" مشاهد متفرقة لحياة الفقراء في الليل حول النيران وفي النهار حول السواقي والأشجار، يأتي كل هذا ممتزجًا بنوع القصيدة نفسها سواء كانت غزلية أو سياسية أو اجتماعية  أو دينية .

والفكرة المجازية للقرية من حيث البكارة والنقاء وصفاء الفطرة والسليقة وما تواجهه القرية من تحديات بفعل الزمن حيث تزحف المدينة على صدر القرية من خلال البيوت الحجرية والأسفلت وفي النهاية تُهزم القرية ولا تستطيع الحفاظ علي جوهرها وشكلها البدائي وكل هذا إسقاط على شخصيتي نفسها.

حدثني عن الجماليات داخل الديوان.

يمتلئ الديوان بتشبيهات للحبيبة كأنها القرية وصدرها كأن به دفء البيوت الطين في الليل وكذلك تدخل جميع أصناف الفواكه كعامل أساسي في تشبيهات القصيدة كلٌ بدلالتهِ.

فنترى الشاعر القروي في قصيدة (ما عاد يشغلني) يسقط البرتقال من دموعه علي شاطئ الأسكندرية كما يحن لطفولته التي أظهرها مذاق التوت وهو يتناول الجاتوه في القاهرة ويصرخ من تغير الزمان بعد ثلاثين عاما من طفولته في قصيدة (العائد من هزيمتهِ) قائلا: هذا زمان الخوخِ والتوت المجفف . كما يعيد الصراخ من قسوة الحياة فيقول في قصيدة عيناك آخر قبلةِ للأرض): يا قسوة الأسفلتِ في وجه الحقولِ.

وتتوالى تلك التجربة في إطار آخر وهو تشبيه كل ما هو جميل بالقرية وكل ما هو قبيح بالمدينة  فأشبّه المدينة في القصيدة التي تحمل عنوان الديوان (يا أيها القروي) قائلا: إن المدينة مومسٌ شمطاءُ تمضغُ ما تبقى من تفاصيل الطفولة في القرى .

كما يتم امتداح القرية كما في قصيدة (أنثى مُسكِرة) فأقول: وإني أتيتكِ من قريةٍ في ثراها تنامُ السما)

والحنينُ لتلك القرية علي البعدين الزماني والمكاني فأنا أحن للقرية وانا مازلت أعيش بها ولكن ملامحها وهوّيتها تغيرت ثم الحنين للقرية وأنا أعيش في أماكن أخرى.

كما يتم تناول الفأس في أكثر من قصيدة بدلالات مختلفة حيث أقول في قصيدة (وللزيتون عمرٌ آخر): للفأسِ حقٌ من عبادتنا كأول آيةٍ نزلت علي الفلاح يتلوها علي الطين المقدس في الضحى.

وفي قصيدة (سلمى) أقول واصفا حياته: تاريخُ فأسٍ صادها عرقٌ يضخُّ الملحَ في الأطفال، والفأس لها ألوانٌ مجازية فأحكي عن الفلاح في بداية رحلتهِ قائلا: يحملُ فأسهُ الخضراء في لفحِ اللظى. ثم يحكي عن الفلاح العجوز الذي تسببت رعشة يديه في حرمانه من الفأس قائلا: فأسهُ السمراء خلف الباب مازالت تصون شموخها.

من أين جاءت فكرة تصميم الغلاف، وما مدى علاقة القصائد بتصميمه؟

الغلاف هو من تصميم زوجتي الشاعرة شروق نبيل وبعدما قامت بقراءة الديوان أكثر من مرة أدركتْ أنا هذا الديوان هو تجربة شاعر يحمل القرية في ذهنه وفي قلبه فقامت بهذا التصميم وهو صورة نصفها ملامح وجهي ونصفها شجرة والشجر هو عاصمة القرى ومع الشجرة تتداخل الطيور ثم قامت بوضع أنثى تتأرحج على هذه الشجرة للدلالتين من حيث تأنيث القرية ومن حيث وجودة قصائد غزل وقصائد موجهة للأنثى داخل الديوان.

وعلى ظهر الغلاف قامت بوضع صورة مموهة وغير واضحة بشكل كامل لرجل عجوز تطرح الورود من صدره ويحمل على يده برج حمام، لتكون الفكرة النهائة لشخص يحمل القرية في ذهنه وقلبه.

وكما أفردتُ سابقا فالغلاف يشير إلى محتوى الديوان من ترابط الفكرة القروية والأنثوية داخل القصائد.

ما المدة الزمنية التي كتبت فيها ديوانك الجديد؟

لم أخصص مدة زمنية محددة لكتابة دويواني ولا كان هناك قصد لتوثيق مشاعر القروي في شكل ديوان فالقصد يكون دائما لإنتاج القصيدة الواحدة.

يتكون الديوان من 18 قصيدة تمت كتابتها من 2012 حتى 2020 بشكل غير متعمد لإصدار ديوان قروي.

كذلك الديوان السابق (العابرون إلى التجلي) لم يكن هناك تعمد لكتابة 20 قصيدة يربطهم خيط الصوفية والتجليات، إنما يتم تجميع الديوان بناء على تشابه الخيط الفكري لمجموعة معينة من القصائد.