أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن الأمانة العامة للجامعة ستطلق شهر اللغة العربية بدءا من يوم 21 فبراير القادم الذي يصادف اليوم العالمي للغة الأم، وحتى 22 مارس تاريخ تأسيس جامعة الدول العربية، بالتعاون مع المجلس الدولي للغة العربية، داعيا إلى معالجة لمشكلة الإنتاج العلمي والإبداع والابتكار العربي؛ لإحداث نهضة جديدة للغة العربية.
وذكرت الجامعة العربية - في بيان اليوم /السبت/ - أن ذلك جاء في كلمة الأمين العام خلال الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية بدبي بحضور وزيرة الثقافة والشباب بدولة الإمارات العربية المتحدة نورة بنت محمد الكعبي.
ونبه أبو الغيط بأن ضعف المحتوى العربي على الوسائط المختلفة، من الكتاب إلى الإنترنت، يؤدي إلى وضع يكون فيه إتقان اللغات الأخرى البوابة الوحيدة المتاحة أمام الشباب للوقوف على آخر مستجدات المنتج الحضاري الإنساني، وبخاصة المنتج العلمي.
وأشار إلى "أن اللغة العربية، وكما نعلم جميعاً، لديها من الإمكانات وسعة الألفاظ والاشتقاقات، ما يجعل منها لغة علمٍ بامتياز، إلى جوار كونها لغة شاعرة أيضاً.. وثمة جهدٌ مطلوب من أجل تعزيز حضور العربية كوسيط لنقل وتلقي العلوم والتكنولوجيا، وهو جهد يتعين أن تضطلع به الحكومات والمؤسسات العلمية والأكاديمية، وكذا المثقفون العرب المهتمون بقضية اللغة ومستقبلها".
وأشاد أبوالغيط - في هذا الصدد - بجهود المجلس الدولي للغة العربية، لدعم اللغة العربية وصونها.. مؤكدا أن اللغة العربية بخير ما دام الناطقون بها عارفين بفضلها وإمكاناتها، حافظين لتراثها ورسالتها، مؤمنين بدورها ومكانتها، مقتنعين بأهمية تجديدها وتعزيز انفتاحها على الثقافة العالمية.
وأضاف أن "اللغة إن لم تتنفس فنا وإبداعاً وابتكاراً، ضمرت وتكلست، ولغتنا طالما أبدعت وقدمت للعالم منتجاً إنسانياً فذاً في عصور الانفتاح، فهي قادرة على الإبداع من جديد إن نحن فتحنا لها النوافذ، وأطلقنا الطاقات الهائلة الكامنة في ثنايا حروفها البديعة وبلاغتها المعجزة".
وأثنى الأمين العام للجامعة العربية على دور حكومة دولة الإمارات التي لم تدّخر جهداً لدعم الجامعة العربية، وتيسير مشاركتها في (إكسبو 2020 دبي) بشكل متميز.. وقال: "إن هذه الاحتفالية تسبق حدثاً آخر سيطلق يوم غد"، في إشارة إلى قمة اللغة العربية التي تنظمها وزارة الثقافة والشباب الإماراتية بالتعاون مع مركز أبوظبي للغة العربية، وهي أول قمة تنظم على مستوى حكومي رفيع نسعد بالمشاركة فيها.
وأضاف أبوالغيط "أننا نحتفل اليوم باللغة العربية في يومها العالمي تحت عنوان: (اللغة العربية: جسر للتواصل الحضاري) وهو شعار ينسجم مع رسالة إكسبو 2020 دبي (تواصل العقول وصنع المستقبل)، فالتواصل هو غاية اللغة ووظيفتها، ويرتبط مستوى التواصل، الحضاري والفكري، بمدى قدرة اللغة على تحقيقه، وبما تتيحه من إمكانيات للتكيف مع نظم ثقافية مختلفة.
وتابع أن الشبكة الإنسانية التي نسجتها الحضارة العربية الإسلامية كانت أعظم منجزاتها وأهم إسهاماتها في مسار الحضارة البشرية كما نعرفها اليوم، إذ كانت تلك الشبكة مجالاً لتبادل السلع والبضائع من المحيط الهندي وبحر الصين، إلى البحر المتوسط، وبالعكس، وكانت أيضاً فضاء لتلاقح الأفكار وتدفق المعلومات وإثراء الخبرات في كافة مناحي الحياة.
وقال: "علينا أن نقف طويلاً، بالتأمل والتدبر، أمام العقل الذي أبدع هذه الشبكة وعزز توسعها، هل كان عقلاً منغلقاً، خائفاً من الآخر، أو كارهاً له، عازفاً عن التواصل معه؟ أم كان عقلاً منفتحاً، يقف على أرض ثقافية صلبة، فلا يرى في التواصل ما يخيف، ولا في التبادل ما يُخشى منه؟".
وأشار إلى أن "اللغة العربية كانت هي الوسيط في كل الإبداع، سواء في الترجمة والنقل، أو التأليف والابتكار، وهي حقيقة مهمة علينا أن نستعيدها اليوم.. فلم تكن لغتنا أبداً قاصرة عن استيعاب ثقافة الآخر وهضم المنتج الحضاري القادم إليها من خارجها.. بل كانت لغة علمٍ وأدب وفن في آنٍ معاً.. وظلت اللغة العربية لوقتٍ طويل لغة العلوم التي نهل منها الغرب ليصنع نهضته في حركة ترجمة عكسية منذ القرن الثاني عشر.. ولهذا نجد آثاراً كثيرة باقية من اللغة العربية في العديد من اللغات الأوروبية.. وبخاصة في مجالات العلوم، مثل الكيمياء والجبر والطب والفلك وغيرها".
وأردف "لغتنا إذن تزدهر بالتواصل مع الآخر، أخذاً وعطاءً... وتنحسر وتتجمد بالانغلاق على الذات والخوف من الوافد.. وليس صدفة أن عصر انزواء الحضارة العربية كان أيضاً عصر انحدار اللغة العربية.. ليس لعيبٍ فيها، وإنما لتحجر عقول من ينطقون بها.. حتى وجدنا لغتنا البديعة المتجددة تقع أسيرة لبلاغة مكررة وتراكيب محفوظة معلبة".
وأشاد "أبوالغيط" بكافة المبادرات التي أطلقت لدعم الترجمة من وإلى العربية، ومنها على سبيل المثال؛ مشروع "كلمة" لمركز أبوظبي للغة العربية، وجائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة، وبرنامج "ترجم" لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم.