الأحد 28 ابريل 2024

الزعيم .. الهلفوت

23-6-2017 | 17:03

بقلم – محمد الشافعى

لا يمكن لأي متابع للحركة الفنية المصرية.. إلا أن يعجب ويتعجب من ذلك الذكاء المتعاظم الذي يتمتع به الفنان عادل إمام ذكاء جعله علي مدي سنوات طويلة في مقدمة الصفوف.. رغم أنه ليس الأكثر موهبة فالمقارنة السريعة مع نجوم الكوميديا من أبناء جيله.. تجعله في نهاية «قائمة الموهبة» مقارنة بالضيف أحمد وسعيد صالح وسمير غانم.... إلخ

ويحتل نفس المكانة إذا قارناه بأبناء جيله من نجوم التمثيل.. محمود يس - نور الشريف - يحيي الفخراني- ورغم ذلك ظل عادل إمام الأكثر جماهيرية والأكثر طلبا من المنتجين.. ورغم تقدمه في العمر أطال الله في عمره - إلا أن ذكاءه الكبير جعله يحافظ علي مكانه فوق قمة النجومية والحقيقة أنه ليس حالة متفردة في ذلك فقد سبقه وجيله مجموعة من النجوم الكبار الذين حافظوا علي نجوميتهم رغم تقدم مشوار العمر ومنهم فريد شوقي وكمال الشناوي ونور الشريف ويحيي الفخراني مع وجود فارق جوهرى ومهم لصالح هؤلاء النجوم أنهم ألزموا أنفسهم في كل أعمالهم بمعيار «القيمة» وليس معيار التواجد أو حتي المقابل المادي وإذا ما استعرضنا تاريخ عادل إمام سنجد أنه يحوي علي الكثير من «الغث» والقليل من «الثمين» ولعل ذلك الثمين يتركز في المرحلة التي تعامل فيها مع كبار المؤلفين والمخرجين أصحاب الرؤي والافكار المستنيرة فقدم أعمالا مثل «اللعب مع الكبار - طيور الظلام - الإرهاب والكباب - والإرهابي» ... إلخ

وللأسف الشديد فقد استغل الفنان عادل إمام ذكاءه الكبير خلال السنوات الماضية والتي ابتعد فيها عن السينما وركز علي الدراما التليفزيونية في مجرد التواجد والحصول علي أكبر قدر من العوائد المالية وجاء مسلسله الأخير «عفاريت عدلي علام» ليؤكد علي أنه قد أصبح يعيش خارج الزمن ففي عصر العلم والتكنولوجيا والقضايا الكبري يتحدث الرجل عن الجن والعفاريت في أداء باهت يدعو للكآبة ويقتل الابتسامة وهذا المسلسل «العبيط» ليس حالة فردية في مشوار عادل إمام ولكنه النموذج الأعم الذي يشمل غالبية أعماله سواء في السينما أو المسرح أو التليفزيون وبعيداً عن الفن فإن النجم عندما يصل إلي حجم النجومية التي يتمتع بها عادل إمام تقع علي كاهله مسئوليات اجتماعية ووطنية كبيرة والنماذج أكثر من أن تحصي لدي فنانين عالميين أو حتي عرب فكل نجم من هؤلاء النجوم يتبني واحدة من القضايا المجتمعية المهمة في مجالات الصحة والتعليم والفقر.. إلخ وعلي مدي أكثر من نصف قرن لم يضبط الفنان عادل إمام رغم نجوميته الكاسحة متبنيا لأي قضية في هذه المجالات إضافة إلي ذلك فقد عاني الفنان عادل إمام طوال مشواره من حالة «ارتباك سياسي» شديدة الوضوح فأحيانا يتحدث بإيجابية عن عبدالناصر في أحيان أخري يتحدث عنه بانتقاد وسلبية.. ويدعو في أفلامه مثل المنسي والكباب والإرهاب إلي الاحتماء بالجماهير ثم يخرج في تصريحاته أيام الرئيس مبارك لينتقد المظاهرات الجماهيرية التي تطالب بالعدالة السياسية والاجتماعية كما أنه كان من مؤيدى التوريث لجمال مبارك وغير ذلك من دلائل الارتباك السياسي الواضح والفنان- أي فنان- إما أن يكون مسيسا وله خط فكري واضح يدافع عنه - وهذا حقه- مثل المخرج الأمريكي الكبير «مايكل مور» وإما أن يكتفي بتقديم رؤيته السياسية والاجتماعية من خلال أعماله.. وبشكل عام فإن الفنان عادل إمام يمثل إحدي أهم الفرص الضائعة علي نفسه وعلي جماهيريته الكبيرة وذلك لأن مرحلة الكثير مما قدمه لن تزيد علي حلوي «غزل البنات» منقوشة وزاهية الألوان وقد تلفت الأنظار ولكن عندما تمسكها بيدك أو تضعها في فمك تذوب ولا تترك أي أثر.

وفي النهاية فقد استطاع ذكاء الفنان عادل إمام من خلال استقطابه لعدد كبير من الصحفيين والإعلاميين ليكونوا في معيته أو حتي يعملوا معه بشكل مباشر في استغلال هذه «الأوركسترا الإعلامي» والذي رسخ في كثير من وسائل الإعلام لقب «الزعيم» انطلاقا من اسم المسرحية التي قدمها منذ عدة سنوات وبالتأكيد لن يستطيع أو يتجرأ هذا الأوركسترا علي ترسيخ لقب «الهلفوت» انطلاق من اسم الفيلم الذي قدمه عادل إمام منذ سنوات طويلة.. رغم أن هذا الفيلم من أهم العلامات في مشوار عادل إمام ولعل ما يقدمه نجم الكرة الشاب محمد صلاح في مجال العمل الاجتماعي والعام يقدم النموذج الذي يجب استنساخه من كل نجوم الفن والرياضة.

    Dr.Randa
    Dr.Radwa