السبت 4 مايو 2024

ماسبيرو الذى كان

مقالات27-12-2021 | 19:40

ماضى الإعلام المصرى دائما مضىء ومبهج ومشرق ككل شيء يرتبط بالماضى، وتصاحبه كلمة "السبق"، فمسيرته الإذاعية بدأت ١٩٣٤ والتليفزيونية ١٩٦٠، تلك الأرقام البعيدة الموغلة فى الزمن والتى سبقت المنطقة ككل فى انطلاق البداية وإحراز الانتصارات جعلت كلمتى "الريادة" و"أول" هما مفتاح البحث عند العودة للتاريخ الإعلامى، والذى نحن فى أشد الاحتياج لتوثيقه، وذلك ما قامت به الكاتبة الصحفية سها سعيد التى صدر لها مؤخراً الجزء الثالث من كتاب "نجوم ماسبيرو" والذى أكمل توثيقها مسيرة ٧٦ نجماً فى الإعلام المصرى صنعوا سماءً خاصة نفتقد بريقها الآن.

 

لقد كانت البداية لهذه السلسلة من الكتب حوارات نشرت فى مجلة "الإذاعة والتليفزيون" منذ عام ٢٠١٧، ولكنها كانت رمالاً متحركة جذبت الكاتبة دوما للمزيد، لتصدر الجزء الأول عام ٢٠١٩ ثم الثانى ٢٠٢٠ وهاهو الثالث، وأتوقع أنها لاتزال تبحر ولا تستطيع تجاوز تلك الرمال بنجومها الماسبيروية التى لا تنضب.

 

ذلك الماضى الذى نعود إليه من خلال الحوارات يأخذنا بريقه ونشعر بفخر عند تصفح لحظاته، فهو ملئ بكل فريد مازجاً بين الخاص والعام فكل مسيرة لهؤلاء تداخلت مع تاريخ الاعلام المصرى الذى ولد عملاقاً بحق وكذلك أيام مصر التى رافقها فيها ذلك الإعلام وساهم فى بناء الكثير.

ذلك الجانب من تتبع الحوارات التى تجاوزت السبعين على مدى الأجزاء الثلاثة جعل السؤال يلح على الجميع من جديد: ما الذى حدث؟

فالعودة إلى الماضى تشعرنا بالشغف والسعادة والانتصار على كل الصعاب رغم الإمكانات الضعفية والمحدودة فى ذلك الوقت، وكذا "السبق" الذى يجعل الإبحار صعباً دون بوصلة أو دليل أو خبرة تمهد الطريق، ولكن ذلك ما صنع فى ذات الوقت السبق الذى نفخر به عند قراءة مسيرة هؤلاء النجوم.

أتصور أن التوقف عند شهادات كل هؤلاء النجوم فى الأجزاء الثلاثة جانب من الاجابة، فبعيداً عن الجانب الشخصى لكل نجم، ستظهر العوامل الأخرى التى جعلت السماء تتوهج بكل هؤلاء، فذلك الماضى الملئ بالتحديات التى يصعب التعامل معها

 والتغلب عليها يوازيه فى عصرنا حروب أكثر شراسة تحتاج إلى الاعلام الوطنى المبصر القادر على تشكيل الوعى وصناعة العقل.

لقد جمعت الحوارات ٦٧ شخصية اختلطت مسيرتها ونجوميتها بالإعلام المصرى الذى كان طائراً يحلق منفرداً متجاوزاً فى تجربته الفريدة الجميع.

ووثقت الأجزاء الثلاثة التاريخ واللحظات المهمة والإنجازات التى قدمها هؤلاء النجوم، ليسيطر السؤال: كيف تمت كل هذه الانجازات الاعلامية لاعلام وليد فى المنطقة ككل، وماالذى ساهم فى استمرارية النجومية للاعلام المصرى كل هذه السنوات، والإجابة على ذلك بالتأكيد سيمنحنا دليلاً للإجابة عن السؤال الموازى: ما الذى حدث؟

تحية للكاتبة سها سعيد التى جابت الشرق والغرب بحثاً عن كل هؤلاء النجوم، وبرعت فى صيد اللاليء التى كانت فى ذاكرتهم واستطاعت أن تصيغ ببراعة تاريخ الوطن من خلال بريق النجوم، والتى طرحت أمامنا بصورة شفافة لالبس فيها واقعاً كان لنا علنا نجد ما ضاع.

Dr.Randa
Dr.Radwa