الخميس 2 مايو 2024

عام فوضوي جديد!

مقالات5-1-2022 | 13:53

كل السيناريوهات، تشير إلى أن 2022، ستكون واحدة من سلسلة سنوات السيولة العنقودية، التي تضرب العالم منذ الألفية وحتى الآن، فمنذ سقوط بغداد، ولا يعرف العالم عامًا هادئا بشكل أو آخر، وبالطبع تزايد الموقف مع ضربات ما أسموها بالفوضى الخلاقة وأبرز أبنائها "الربيع العربي"!

وليس واضحًا حتى الآن، إن كانوا يقصدون بهذا التخليق وضعًا جديدًا أو نظامًا عالميًا لصالحهم، كما هو متعارف عليه فقط، أو ما هو أبعد من ذلك، ليكون عالمهم وحدهم، حتى لن يقبلونا عبيدًا لهم وقتها، وسنكون من النسب المطلوب تخفيضها من سكان الكرة الأرضية.

2022 عام مرشح لكثير من الفوضى والحروب والصراعات التقليدية وغير التقليدية في عدة أقاليم، وبالطبع سيكون للشرق الأوسط، هذه المنطقة الملعونة، نصيب الأسد من الفوضى والدماء والفقر، كالعادة.

لكن الاضطرابات السياسية والاقتصادية والعسكرية وحتى المناخية ستزور عدة أقاليم أخرى، حول العالم خلال العام وفق المتصور، منها أوروبا، حيث ساعد التضامن بين القادة الذين يدعمون المشروع الأوروبي، ونشاط البنك المركزي أوروبا على تجاوز أزمة كورونا، لكنها وقعت في الأوميكرون، وبالتأكيد تحرشات الناتو بروسيا عبر أوكرانيا ستلقي بظلال على القارة العجوز المنهكة أساسًا.

ويزعزع الصراع على الرئاسة الإيطالية، خلال أيام التحالف الهش في روما، ولن يكون بعيدًا عنها توترات الانتخابات الفرنسية المقرر إجراؤها في (أبريل)، مع تحديات يواجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من اليمين، ورغم مرور الألمان من مشاهد مشابهة مع تغيير المستشارة الألمانية ميركل، إلا إنه إذا اكتسب المشككون في اليورو القوة في الاقتصادات الرئيسية، قد يتبدد الهدوء في سوق السندات الأوروبية ويحرم البنك المركزي الأوروبي من الدعم السياسي الذي يحتاجه، وبالتالى تزيد الأمور صعوبة في أوربا وحولها.

وليس بعيدًا عن ذلك التوترات البريطانية الأوربية، على خلفية المفاوضات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي حول "بروتوكول إيرلندا الشمالية" عام 2022، في خطوة محكوم عليها بالفشل.

واستنادًا إلى الاضطرابات السابقة التي ترافقت مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تطاول حالة عدم اليقين من الاستثمار التجاري البريطاني، وتدهور قيمة الجنيه الإسترليني، ما يؤدي إلى زيادة التضخم وتآكل الدخل، في إنجلترا وأوروبا، لتكون السطوة بشكل أو آخر لروسيا، التي تواجه تحديات كثيرة من كورونا للناتو.

وبعدما أنفقت الحكومات الكثير من الأموال لدعم العمال والشركات في ظل الأزمة الصحية، سيصل تراجع الإنفاق العام في 2022 إلى نحو 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وبالتالي ستضيق الشعوب حول العالم، ما يؤهل لاستمرار بل وتوسع الاضطرابات الشعبية حول العالم، وليس بعيدًا أن تنفجر أوضاع داخلية في عدة دول، هنا أو هناك.

فأدت تبعات كورونا بضربات الاقتصاد العالمي في كل الأقاليم تقريبًا من القوى العظمى للدول الصغرى، بخلاف ضربات التغير المناخي إلى دفع أسعار الغذاء العالمية إلى مستويات قياسية، ويمكن أن تبقيها مرتفعة في 2022، وهذا من أشرس التحديات المباشرة على جيوب الشعوب حول العالم، ولا تجد لها حكومات دول كثيرة أي حلول، وبالتالي فالأمر مؤهل لفوضى أو على الأقل قلاقل في عدة مناطق حول العالم، وبالطبع سينال الشرق الأوسط منها قسطًا كبيرًا كما أشرنا.

 فيتعرض مثلًا لبنان والسودان واليمن لخطر الجوع المباشر، فأصبحوا ليسوا أفضل حالًا من الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي، ولا الأفغان تحت الوطأة الطالبانية، ولا الأتراك تحت السيطرة الإخوانية، ولا الخليج تحت الهوسة التطبيعية، وهكذا دواليك.

فيما قد يؤدي أي تصعيد بين الصين وتايوان، من الحصار إلى الغزو المباشر، إلى تورط قوى عالمية أخرى، ولا سيما الولايات المتحدة ومعسكرها، ما يزيد الطين بلة، ولا يعجل هذا طبعا بأي حلول، بل بتعقيدات لا بعدها ولا قبلها.

ويشمل الصراع المحتمل عقوبات من شأنها أن تجمد العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم، وانهيار الصناعة التايوانية.

وفي تركيا، تطالب المعارضة بتقريب موعد الانتخابات المقرر إجراؤها في 2023 إلى العام الجديد، وسط تدهور في قيمة الليرة التركية، ملقية اللوم على السياسات الاقتصادية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونترقب مصير أبي أحمد بعد الإنقاذ المفاجئ له مع انصراف العام الماضي، في واحدة من أكبر المفاجآت الدولية على يد قوى ما، والتى ستلقي بظلالها على العام الجديد.

هذا كله بخلاف نقاط السخونة التاريخية، ومنها الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي تؤهل لتحديات جديدة، لا تقدر حدتها حتى الآن، ومن أن تشمل حربًا أوسع بين إسرائيل المصرة على التحرش بإيران في ظل ضعف أمريكي، بحجة اقتراب حصول إيران على القنبلة النووية.

وللحديث بقية

وبالتالي، لا يحمل 2022 أي خير لنا، وفق التأويلات القريبة والبعيدة، في كل المجالات، ونتمنى أن يخيب ظننا.

Dr.Randa
Dr.Radwa