السبت 18 مايو 2024

وزير الثقافة محذراً من أساليب المتأخونين «كبش الفداء» لن يحارب الإرهاب

28-6-2017 | 18:03

حوار: أمانى عبد الحميد

عدسة: حسام عبد المنعم

فى هذا الحوار ابتعدنا كثيراً عن لغة الأرقام، لم نتطرق لأى قرارات أو خطط ثقافية، وإنما فضلنا أن نناقش حلمي النمنم ،وزير الثقافة فى الفكر والتطرف والإرهاب.. كيف نواجه الإرهاب... هل صحيح أن الإرهاب لا يواجه بالسلاح وإنما بالثقافة.. هل قصرت وزارة الثقافة فى أداء دورها لمحاربة الفكر المتطرف... هل المجتمع المصرى متطرف بطبعه .. ماذا نحتاج لتغيير هذا الفكر؟ وبتلقائية المثقف قبل رسمية الوزير جاءت إجابات حلمى النمنم، صريحة لدرجة الصدمة أحياناً، لكنها كانت أشبه بتوصيف دقيق للحالة الفكرية المصرية. يلوم الوزير بشدة على من يتعاملون مع كل الحوادث الإرهابية بأسلوب «كبش الفداء» يحذر من أساليب بعض المتأخونين الذين يظهرون بعد كل جريمة ليضيعوا دمها بين القبائل ويبعدوا التهمة عن الجماعة الإرهابية، والنمنم يرى أن الأمل فى الطبقة الوسطى صاحبة الفكر المعتدل والآخذة فى الاتساع، وتظل أحلامهم الثقافية عريضة، يحلم بدار أوبرا فى كل محافظة ودار لتوثيق أرشيف كل مدينة للحفاظ على ذاكرة الأمة الوطنية.

كثر الحديث عن أن مواجهة الإرهاب بالجهود الأمنية فقط لا يكفى وأن الأمر يحتاج إلى دور ثقافى تنويرى أكثر تأثيرا.. ما وجهة نظرك؟

أولا أعتقد أن مواجهة الإرهاب لا تتم إلا من خلال الطرق الأمنية والعسكرية، أما الثقافة فإن دورها ينحصر فى مواجهة الفكر المتطرف والمتشدد, نبدأ بحادث المنيا المأساوى, هو عبارة عن عناصر جاءت من الحدود الغربية لمصر, لذا فأنا أرى أن الإرهاب هنا يجب أن يتم مواجهته بالطرق الأمنية والعسكرية, بل أعتقد أن من يقول الآن أن مكافحة الإرهاب تتم بطرق أخرى بعيدة عن الطرق الأمنية والعسكرية هو من يساندالإرهاب وآراؤه تمثل دعما للإرهاب, فى كل مكان فى العالم الإرهاب يجابه بالطرق الأمنية والعسكرية, عندما وقعت حوادث إرهابية قبيل الانتخابات الفرنسية لم نجد من يقول أين دور متحف اللوفر أو منظمة اليونسكو أو مركز «بومبيدو» أكبر مركز ثقافى عالمى أو أين ميراث جان بول سارتر, لأن الإرهاب لا يمكن محاربته إلا بالطرق الأمنية والعسكرية, لكن دور الثقافة والفن يأتى فى مواجهة أفكار التشدد والتطرف, الثقافة والفنون تواجه الأفكار التى تؤدى إلى كافة أنواع التطرف والإرهاب, وهنا يأتى دور الثقافة والفنون والخطاب الدينى والأوقاف والتعليم والجامعات والمؤسسات الصحفية والإعلام ومؤسسات المجتمع المدنى فى محاربة التشدد والتطرف, كيف كنا سنواجه قيام خالد الإسلامبولى باغتيال الرئيس السادات ثقافيا, أو نواجه محاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر ثقافيا, أو أن حسن البنا يأمر باغتيال النقراشى باشا والخازندار ومن قبلهما الفنانة أسمهان وأحمد باشا ماهر رئيس الوزراء, لم يتم طرح سؤال عن دور الثقافة وقتها على الإطلاق, ولم يطرحه أحد فى باريس أو لندن أو فى أمريكا عندما تعرضوا لحوادث إرهابية, أو فى أعقاب أحداث ١١ سبتمبر, أعتقد أنه يتم طرحه الآن من قبل عناصر كانت متأخونة إبان حكم الإخوان لإبعاد التهمة عن جماعة الإخوان, مثال ذلك ما حدث فى أعقاب تفجيرات كنيستى طنطا والإسكندرية كل أصابع الاتهام توجهت صوب الأزهر الشريف وانهال الهجوم على الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب

وليس إلى الإخوان, لم نجد وسيلة إعلامية واحدة أشارت إلى ضلوع الإخوان فى الإرهاب, كذلك ما حدث فى حادثة المنيا والتى أظهرت التحقيقات أن عناصر حصلت على تدريبها فى ليبيا وقدمت عبر الصحراء لتنفيذ مهمتها الإرهابية فوجدنا أصابع الاتهام تتجه صوب وزارة الثقافة, لم نجد أحد يشير بأصابع الاتهام إلى جماعة الإخوان.

إذا كان مواجهة الفكر المتطرف والمتشدد يحتاج إلى فكر مستنير لدحض أسانيده, مواجهة الفكر بالفكر, لماذا لم تنجح وزارة الثقافة والدولة فى ذلك؟

من قال إن وزارة الثقافة والدولة لم تنجحا فى مواجهة الفكر المتطرف, حجم التطرف والتشدد فى مصر أصبح يتراجع, الدليل أن كل المصريين الذين نزلوا إلى الشوارع فى ٣٠ يونيه نزلوا بهدف واحد فقط هو رفض قيام الدولة الدينية فى مصر والدفاع عن الدولة الوطنية, ألا يعتبر هذا نجاحا لأفكار الثقافة والفنون ونجاحا للدولة ووزارة الثقافة فى محاربة الفكر المتشدد, عندما يؤكد رئيس الجمهورية فى أحاديثه عدة مرات أن هدف الدولة المصرية هو بناء الدولة المدنية الحديثة, أليس هذا ما ينادى به المثقفون منذ ما يزيد على أربعة عقود, وبالنظر إلى المجتمع نجد أن حجم البنات والسيدات اللاتى عدن إلى السفور فى تزايد, أليس هذا دليلا على نجاح الدولة فى مواجهة الفكر المتطرف المتشدد؟.

هناك من يقول السلفيون قادمون؟ هل التيار الدينى السلفى له قوة على الأرض؟

بالتأكيد السلفيون ليسوا قادمين, انتخابات البرلمان فى ٢٠١٥ وضعت القوى المتشددة فى حجمها الطبيعى, وضعتهم فى الهامش, لكن الوسط الكبير هو الطبقة الوسطى أصحاب الفكر المعتدل, نحن نصنع الوهم, التيار السلفى والدينى حصل على ١١ كرسيا فقط من أصل ٦٠٠ وتلك هى نسبة تواجدهم فى المجتمع, وبالتالى نصنع وهما زائفا حول قوتهم.

هل تعتقد أنه هجوم مفتعل لجذب الانتباه بعيدا عن السبب الحقيقى وراء الإرهاب؟

مشكلتنا فى مصر أننا نتعامل مع حوادث الإرهاب بمنطق كبش الفداء, عندما تحدث مشكلة فى الغربية «ادبح وزير الداخلية» على سبيل المثال, المشكلة فى طريقتنا فى التعامل مع ما يحدث فى مجتمعنا نبحث عن كبش الفداء دون حل الأزمة بشكل حقيقى, نحن لا نتعامل مع مشاكلنا بهدوء ونقوم بدراستها بعمق من أجل التوصل إلى الأسباب وراءها.

يظل السؤال مطروحا, كيف نواجه ذلك؟

هناك خلل فى تفكيرنا وطريقة تعاملنا مع كل المشكلات والقضايا من حولنا, عندما يكون هناك مشكلات ثقافية أو فنية أو فكرية أو ما يتعلق بسلوك الناس فلا يمكن حلها بين ليلة وضحاها, العلاج يحتاج إلى وقت والمواجهة يجب أن تكون طويلة الأمد, نحن فى احتياج إلى التخلى عن منطق رد الفعل والبحث عن كبش فداء, ونتصور أننا بذلك تطهرنا وحققنا المطلوب منا, فى الأمور السياسية والاجتماعية المسألة أعمق وأكثر تعقيدا وتحتاج إلى وقت لعلاجها, وأذكر أننى كنت فى لقاء تليفزيونى فى أعقاب ٣٠ يونيه خلال المؤتمر الصحفى الذى عقده وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسى حيث وقعت عمليات إرهابية فى ميدان النهضة بالجيزة وقتها قلت: «الآن بدأت حرب الاستنزاف على مصر والمصريين..» نحن فى حالة حرب فى كل نواحى الحياة فى مصر فى السياحة والاقتصاد والسياسة, المشكلة أننا لا نريد أن نصدق أننا فى حالة حرب.

ماذا عن الجبهة الداخلية؟

هناك حرب فكرية مشتعلة داخل المجتمع المصرى أكبر مما نتخيل, كما أن مشكلة الثقافة بمفهومها العام تعتبر أكبر وأوسع بكثير, صحيح أن الحالة الوسطية تتسع بين أعضاء المجتمع, بدليل حالة العودة إلى السفور, أصبحت المرأة المصرية تريد أن تعيش حالتها الطبيعية, الناس جميعا تريد أن تعيش حياتها الطبيعية, وبدليل أن هناك ٦ ملايين مصرى قاموا بزيارة معرض القاهرة للكتاب وهو لم يحدث منذ سنوات, صحيح أن معدلات شراء الكتاب ليست بنفس المستوى لكننا وجدنا أسرا مصرية بكامل أفرادها تريد الخروج وزيارة المعرض, لا يستطيع أحد أن يجبر المجتمع أن يظل فى حالة احتدام وتوتر لسنوات طويلة وإلا سينفجر, وهؤلاء من يمثلون القاعدة العريضة فى المجتمع، لكن هناك أيضا هوامش على طرفى النقيض, هامش من التطرف والتشدد, وهوامش تحاول أن تصل إلى العولمة إلى أقصى مداها, لكنهما مجرد هوامش لا وجود لها فى صلب المجتمع, فالهوامش المتطرفة ليست فى صلب المجتمع وإلا ظل محمد مرسى فى الحكم حتى هذه اللحظة, المجتمع المصرى يرفض أن يتحكم فيه الفكر المتطرف, صحيح أنهم هوامش يملكون المال والأدوات لكنهم لا يمثلون صلب المجتمع على الإطلاق, وفى المقابل الهوامش الأخرى التى تبالغ فى مطالبها التى قد تصل إلى الدفاع عن حقوق المثليين والشواذ جنسيا, بل إننى قرأت خلال العام الحالى أكثر من عمل أدبى يدافع عن ذلك, كذلك الجماعات التى تسمى نفسها بالجماعات الإلحادية, وأتصور أنها مجرد رد فعل للجماعات المتشددة الموجودة على الطرف الآخر, لذا هو إلحاد اجتماعى أكثر منه دينيا.

ماذا عن قضايا المجتمع الفكرية والثقافية بعيدا عن العقائدية؟

للأسف مجتمعنا منذ الخمسينيات والستينيات يعانى من عزلة فكرية وثقافية, خاصة فى مجال العلوم الإنسانية, لم تعد الدولة تقوم بإرسال البعثات العلمية إلى الخارج فى مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية, فقد اكتفت فقط فى مجالات الهندسة والطب والزراعة, بالرغم من أن البعثات فى تلك المجالات التى تمس الفكر والثقافة ولها تأثير قوى على المجتمع مثل د. طه حسين, محمد مندور والعقاد وغيرهم, أين المادة الصحفية التى تعالج الثقافة فى الصحف المصرية اليوم, كانت جريدة الأهرام تقوم بإرسال د. لويس عوض إلى لندن ليقوم برصد ملامح الحياة الثقافية وكتابة مقالات عن المسرح الإنجليزى, وهناك من يكتب من باريس عن الحياة الثقافية والمسرح الفرنسى, وهكذا, أين نحن اليوم من كل هذا الزخم الثقافى, نحن نعيش فى عزلة ثقافية, تسبب فيها تيار التشدد والتطرف الدينى واستفاد منها أيضا, تلك هى الخريطة الثقافية التى تعيشها مصر, لكن كيف واجهت مصر الإرهاب فى الثمانينيات والتسعينيات حتى أصبحت من أكثر الدول التى لديها خبرة فى التعامل مع الإرهاب, السادات تم اغتياله فى عملية إرهابية, مبارك تعرض لعدة محاولات اغتيال, كذلك عبد الناصر والملك فاروق تعرضا لمحاولات اغتيال, لذا لدينا خبرة طويلة وممتدة فى التعامل مع الإرهاب, لكن محاولات البحث عن كبش فداء هو الشىء المستجد لدينا ولا يمثل مواجهة حقيقية للإرهاب, تلك هى المشكلة,

هل ستظل مصر تعانى من مشكلة التطرف الفكرى؟

تاريخيا وباستمرار مصر تعانى من مشكلة التطرف الدينى والفكرى, لا أحد ينسى الشيخ «صائم الدهر» خلال عصر المماليك الذى أراد أن يحطم أبو الهول, وباستمرار كان بيننا الحنابلة أتباع ابن حنبل بتشددهم, كل مجتمع يعانى من وجود مساحة من التطرف والتشدد, دور الثقافة والمجتمع أن يقوم بتحجيم تلك المساحة, والحرص على ألا يتحول هذا الفكر المتشدد إلى إرهاب مسلح أو أعمال عنف, حتى ولو لم يكن تشددا فى الاتجاه المتأسلم لأن هناك تشددا فى اتجاهات أخرى, مثل جرائم الفساد المنتشرة ألا تمثل نوعا من التشدد, أيضا هناك جرائم فى المجتمع المصرى تمثل التشدد مثل جريمة العنف الأسرى وللأسف نسبتها فى تزايد.

هل الجهل هو السبب؟

لا أعتقد أن الجهل هو السبب لأن السلوك لا صلة له بالمعرفة, من يمارسون الإرهاب هل هم جهلة؟ بالتأكيد لا, أغلب الإرهابيين متعلمون وخريجو جامعات بل أطباء ومهندسون أيضا, من قام بعملية تفجير كنيسة طنطا كان طبيبا, هل الجهلة هم من يمارسون الفساد فى الدولة, بالطبع لا, هذا تفسير غربى قديم, فى أعقاب ١١ سبتمبر قال الغرب إننا شعوب جاهلة وفقيرة, لكن اليوم وجهة النظر اختلفت تماما, لأن نسبة كبيرة جدا من رموز الإرهاب والتطرف فى العالم هم من المتعلمين تعليما رفيعا جدا وأغنياء جدا, وبالتالى الإرهاب ليس بسبب الجهل أو الفقر, للأسف نحن نستريح إلى الحلول الجاهزة ولا نريد الاجتهاد أو العمل من أجل بلوغ الحقيقة, سواء إعلامية أو ثقافيا.

كيف نضع أيدينا على حل لتلك المعضلة؟ حتى لا يتحول الفكر المتشدد إلى عمل إرهابى عنيف؟

أولا علينا أن نتحرر من ازدواجيات كثيرة تحكمنا, حتى الآن لم ندخل إلى العصر الحديث بعد, تلك مشكلة كبيرة جدا, نحن نريد أن نحمل شعار الأصالة والمعاصرة, الإسلام والحضارة الحديثة, أصوم اثنين وخميس وأعمل عمرة ثم أعيش الحياة فى الساحل الشمالى, ثانيا كل مشروعات التحديث لم تنجح, منذ القرن الـ١٩ وتم ضرب المشروع الوطنى فى عهد محمد على باشا ثم فى عهد الخديو إسماعيل على يد الاحتلال البريطانى ونحن نعانى حتى الآن, عدنا إلى التفسيرات القديمة والأصالة, كان علينا أن ننظر إلى المستقبل لكى نستطيع التقدم, تلك المشكلة يجب أن نتعامل معاها من خلال وسائل الإعلام لأنها الأكثر تأثيرا.

هل مصر تحتاج إلى مايسترو لقيادة الإعلام, أو إلى عودة لوزارة الإعلام فى المرحلة الراهنة؟

المسألة لا تعنى بالضرورة عودة وزارة الإعلام, لكن مصر تحتاج إلى عودة المهنية والتقاليد الحرفية مرة أخرى, أذكر أنه فى أعقاب قنبلة هيروشيما قام فكرى أباظة بتكليف الدكتور أحمد زكى عميد كلية العلوم وجامعة القاهرة ليشرح بشكل مبسط للقارئ معنى الذرة فى مجلة المصور, نفس الوضع كان فى مجال الفكر الدينى كان هناك الشيخ مصطفى عبد الرازق والشيخ عبد الحليم محمود, وكان فى مجال الثقافة أسماء عديدة لا يستهان بها.

إلى ماذا تحتاج وزارة الثقافة لكى تدعم الوسط الثقافى أو الحياة الثقافية؟

وزارة الثقافة تعمل على هذا طوال الوقت, وطوال عقود طويلة ظلت وزارة الثقافة تعمل على الوسط الثقافى فقط, لكننا نريد للوزارة أن تعمل مع المثقفين من أجل الشعب المصرى كله, ولا تكتفى بدورها فى العمل من أجل المثقفين فقط.

عندما توليت المنصب الوزارى كان من أهم أهدافك تحقيق العدالة الثقافية, هل حققت ذلك؟

من أول يوم جئت فيه ونحن نعمل على تحقيق العدالة الثقافية, افتتحنا بيت الثقافة فى إسنا, قمنا بتشغيل كل بيوت الثقافة فى مناطق النوبة, افتتحنا مكتبة واحة باريس, ودار سينما فى واحتى الداخلة والخارجة وعلى وشك الافتتاح, كذلك فى مرسى مطروح , وفى شمال سيناء وجنوبها أيضا, وهناك افتتاح قريب لمركز ثقافى بقرية بدوية فى طابا.

كيف تقيم تجربة اختيار الأقصر عاصمة للثقافة العربية؟

أولا فكرة إقامة العواصم الثقافية من أجل ألا تظل العواصم محتكرة الحياة الثقافية والأنشطة, حتى لا تستحوذ القاهرة والإسكندرية على كل الفعاليات, كنت أول من طالب بترشيح الأقصر لتكون عاصمة للثقافة العربية والإسلامية بغرض فض الإشكالية الوهمية بين مصريتنا وعروبتنا وبين التاريخ الإسلامى, حاولنا أن نخرج بالثقافة إلى الشارع, للأسف العدد الذى يزور قصور الثقافة لا يتعدى الـ٢٠٠ شخص لكن فى ساحة أبى الحجاج كان هناك آلاف من الأسر الصعيدية جاءت لتحضر الحفلات, الناس تريد أن تستمتع بحياتها, وهو ما نراه فى مختلف أقاليم مصر, نراه فى معرض دمنهور للكتاب, معرض دسوق, أسيوط, وأذكر أننى قمت بزيارة البدارى هناك حيث كان لنا قطعة أرض تابعة للوزارة, اكتشفنا أن هناك تعديات بناء عليها, قررت أن أترك بيوت الناس وأبنى على ما تبقى من قطعة الأرض بيتا ثقافيا وتم افتتاحه بأنشطة ثقافية وفنية, والحياة هناك تختلف تماما عما يتداوله الناس عن تلك الأماكن, كانت الناس سعيدة وكريمة جدا ومتعطشة للأنشطة الفنية, أما القاهرة والإسكندرية فلا تحتاج إلى وجود وزارة ثقافة لأن لديها اكتفاء ثقافيا بها دار الأوبرا, الحسين والأزهر, لكن المشكلة فى بقية المحافظات, علما بأن الأولوية عندنا تأتى للمناطق الحدودية من الشمال للجنوب من الشرق إلى الغرب.

هل تحتاج إلى ميزانيات لاستكمال الدور الثقافى خاصة بعدما فقدت وزارة الثقافة نسبة الـ١٠٪ التى كانت تحصل عليها من وزارة الآثار؟

بالتأكيد, النسبة الأكبر من الميزانية السنوية تذهب إلى بنود الرواتب ثم المبانى, أما الجزء الخاص بالأنشطة والفعاليات فهو ضعيف جدا, أحتاج عشرة أضعافه أو عشرين ضعف الميزانية الحالية لأتمكن من تحقيق العدالة الثقافية, نصيب المواطن من ميزانية الثقافة لايتعدى الـ ٨٥ قرشا سنويا, مع العلم أن الآثار توقفت عن دفع تلك النسبة منذ عام ٢٠١٠ وبالتالى فهى نسبة ورقية, ما نحتاج اليه لا تبخل به خزانة الدولة, وبالفعل نجح صندوق التنمية الثقافية فى التوسع بأنشطته خلال الفترة الماضية.

ما طموحاتك أو أحلامك الثقافية؟

أحلم بأن يكون هناك دار أوبرا داخل كل محافظة من محافظات مصر, لدينا ٢٢٠ مدينة على مستوى مصر أحلم أن يكون لدى كل مدينة دار كتب خاصة بها, ودار للوثائق أيضا تكون مسئولة عن حفظ التراث والأرشيف الوطنى الخاص بكل مدينة, مثلا عندما أريد أن أجرى بحثا عن محافظة ما مثل دراسة محاضر اجتماعات المجلس المحلى خلال فترة ما, أين يمكن أن أجدها الأرشيف, بالفعل بدأنا بإقامة مركز توثيق بالتعاون مع محافظة الإسماعيلية وأتمنى تعميم الفكرة وإقامتها داخل كل محافظة من محافظات مصر, وأحلم باستكمال مشروع الترجمة ليشمل الترجمة العلمية, المشروع متقدم فى ترجمة الآداب والعلوم الاجتماعية وتاريخ وسياسة, لكن نحتاج إلى توسع فى ترجمة النظريات العلمية الحديثة المشكلة فى العثور على مترجمين متخصصين فى الترجمة العلمية, كذلك نحتاج إلى الانفتاح على ما يحدث من تطورات على مستوى الفكر والنظريات والدراسات الفلسفية.

    الاكثر قراءة