لم يشهد منتخب بلد من البلدان مثل تلك الحملة المحبطة الداعية إلى الاستسلام والهزيمة كتلك التي يشهد المنتخب المصري في بطولة الكاميرون وللأسف الشديد تنطلق من إعلام بلده المفترض به أن يكون ظهيره في مواجهاته، ولا نفهم كيف يصمت الأعلى لتنظيم الإعلام عن صد حملات التفشيل التي دشنتها أغلب برامج التحليل الرياضي في القنوات الحكومية والخاصة ضد منتخب مصر وهو خارج أرضه ممثلا لملايين المصريين في بطولة قارية هي الأحب والأكثر امتلاكا في تاريخ مصر الرياضي.
فوضى شاملة وهجوم منظم لعدد من النقاد يحركهم هوى شخصي قائم على لون "الفانلة" والانتماء لذلك النادي أو غيره ومن الطبيعي.. نعم نعلم جيدا أن عمل كيروش خاضعا للانتقاد أو المناقشة لكن من الطبيعي أن يكون ذلك بعد انتهاء عمله وما كلف به من مهام وليس أثناء إدارته وفي خضم ذروتها أما ممارسة الإحباط الذي تبثه أغلب الكتابات عن المنتخب المصري ما هي إلا نيران صديقة ستؤثر بلاشك في مضاعفة الحمل المعنوي الذي يتحمله اللاعبون الذين تمثل مشاركة أغلبهم أول مشاركة دولية مع منتخب بلاده وحري بنا أن نخلي ساحتهم لتحمل أعباء الفرق المنافسة لهم على حصد اللقب القاري المفضل لمنتخب مصر.
أليس من المبكر التحدث عن فشل كيروش أو نجاحه في مهمته أليس من المبكر التحدث بلهجة الخاسر ومازالت البطولة في أدوارها الأولية من أين يشحن اللاعبون إن جاز التعبير طاقتهم لتحقيق أي انتصار أو على الأقل بذل أقص جهد لديهم وهم مهزمون مقدما في وسائل إعلامهم وصحفهم ناهيك عن مواقع التواصل فالوقت ليس وقت الحساب أو توجيه اللوم بل الوقت وقت شحذ الهمم وطرح الخلافات جانبا ونبذ التعصب للون "فانلة" أو الجدل حول غياب لاعب أو مشاركة آخر اللاعبون يرتدون قميص مصر ويمثلون بلدهم وهكذا يجب أن نتعامل معهم كما نتعامل مع جنودنا على الجبهة فمازالت المعركة قائمة فمن له المصلحة إذن عن نصب مآتم العزاء وملاطم الإحباط التي تطالعنا بها برامجنا وصحفنا الرياضية .
شعرت بالغيرة الشديدة على بلدي وأنا أتابع تعليق حفيظ دراجي وهو يعلق على هزيمة المنتخب الجزائري أمام ساحل العاج ومغادرته البطولة وهو بطل العرب وصاحب آخر لقب لها لم تحمل نبرات صوته الحزينة على -ولو تلميحا - منتخب بلاده أي ملامح لشماتة أو لوم أو عتاب ولم ينصب نفسه خبيرا فنيا ليرصد الأسباب التي أدت إلى خسارة منتخب بلاده بل كان طوال الوقت واضعا نصب عينيه تلك الملايين من شعب الجزائر التي تتابع المباراة على الهواء مباشرة ليس هذا فحسب بل كان لسان حكيما يرد على الذين يتابعون بشماتة هزيمة منتخب بلاده.
كان واضعا في عينيه كل ذلك خلع وبكل وضوح ودون خوف رداء المهنية الذي يجب عليه ارتداؤه وهو ينقل أحداث المباراة وساعتها قفز إلى ذهني كل تلك الإحباطات التي تحيط منتخب مصر من أهل بلده وإعلامه وتساءلت لمصلحة من كل هذا التخريب المعنوي ووضع الإحباط صخرة أمام مسيرة المنتخب لم أجد إجابة سوى أنها حملة تفتقر للكياسة الوطنية فهناك فارق بين انتقاد المحب وانتقاد صاحب الهوى الذي لا يكترث لمصلحة بلاده ولا يهتم إلا بتحيزاته أو مصالح غابت عنه في التركيبة التي تقود المنتخب في ذلك المعترك الأفريقي الصعب الذي يشهد تحولات غير منطقية في المنتخبات الأفريقية التي تجددت خريطته ضاربة كل التوقعات حولها فلم يعد هناك كبار أو صغار بل بات الجميع منافسا محتملا على كأس البطولة.
إن ما جرى للمنتخب من حملات إعلامية مسعورة لم يجرؤ عليها إعلام معادٍ لنا يجب أن يخضع للمساءلة والتحليل للوقوف على هذا الموقف المشين من الإعلام تجاه المنتخب المفترض به أن يسانده حتى النهاية قبل أن ينصب له المحاكم ويزرع في طريقه الفشل .