الثلاثاء 21 مايو 2024

أخطر أعداء الأمن القومي

مقالات2-2-2022 | 10:44

تداعيات وخسائر الحروب الجديدة غير التقليدية وغير النظامية أكثر وأكبر كارثية من الحروب التقليدية والنظامية وان الأكاذيب والشائعات وتزييف الوعى هي أخطر على الأمن القومي.. فربما تخسر مساحة من الأرض في معارك الحروب التقليدية.. لكن الأمر مختلف في الحروب غير التقليدية.. فربما تخسر الوطن وتسقط الدولة ومؤسساتها.. وتنتشر الفوضى والانفلات في «اللا دولة».

حروب الأكاذيب والشائعات والتشويه والتشكيك التي تستهدف قتل الأمل وبث الإحباط واليأس في نفوس الشعوب وإحداث الوقيعة وهز الثقة يجب أن تواجه بأسلحة أقوى بالمصداقية والشفافية والوعى الحقيقي لتكون مضادات ومنصات تدمر كل الأكاذيب والافتراءات والمزاعم وحملات الزيف والمخططات والمؤامرات لاحتلال عقول الشعوب ودفعها إلى تدمير أوطانها.. لذلك فإن تأمين وتحصين العقول لا يقل أهمية عن تسليح الجيوش النظامية.

أخطر عدو وتحد يواجه الأمن القومي لأية دولة هو غياب وفقدان الوعى الحقيقي والفهم الصحيح.. فإذا كنا نتحدث عن خطورة الحروب الجديدة التي تعتمد على الاستغلال السيئ للتطور الهائل في تكنولوجيا الاتصالات وتراجع الحروب التقليدية والنظامية. فإننا أمام خطر حقيقي يواجه مستقبل ووجود الدول ووحدتها وسلامتها وأمنها واستقرارها.

في الحروب التقليدية والنظامية.. العدو معروف وظاهر وواضح.. حتى درجات ومستويات قوته وتسليحه معروفة.. وربما خططه وتكتيكاته.. والحرب تدور في مساحة محددة أو جبهة واضحة المعالم أو حتى إذا كان هناك استهداف معادٍ أوسع لكنه يظل أيضا معروفاً ومكشوفاً وتستطيع الدول بإمكاناتها وأسلحتها والمنظومات الدفاعية لديها المواجهة.

الأمر في الحروب الجديدة  غير التقليدية وغير النظامية مختلف تماماً.. فلا توجد هناك جبهات قتال محددة أو جيوش واضحة المعالم.. فالجبهة في هذا النوع من الحروب تشمل الدولة بكل ربوعها.. فعلى صعيد الاستخدام العنيف لأدوات الحروب الجديدة نجد الإرهاب الأسود.. وهو عدو غير منظور تواجه خلالها الجيوش النظامية والقوات الأمنية أشباحاً ويعتمد القتال فيها على الضربات الإجرامية الخاطفة من الحركة وتزيد على حروب الكر والفر.. تستهدف مناطق بعينها بتفجيرات أو عمليات قتل أو غيرها من وسائل وجرائم وأدوات الإرهاب الأسود الذى تستخدمه بعض الدول وأجهزة مخابراتها وتموله وتدعمه في محاولات تركيع وابتزاز وإجبار دول أخرى على التراجع والاستجابة لمطالبها أو تنفيذ مخططات يراد بها لهذه الدول الإضعاف والإسقاط والتفكيك والانقسام والتقسيم وإشاعة الفوضى.

المحور الذى نريد أن نتناوله هو الأهم والأخطر ويعتمد على الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة من خلال حملات ممنهجة لتزييف الوعى وترويج الشائعات والأكاذيب وهز الثقة وتشويه النجاحات والإنجازات والرموز وإحداث الوقيعة وبث الإحباط واليأس والفتنة وفقدان الأمل وترسيخ الاحتقان وتفتيت اللحمة والاصطفاف الشعبي.

الحروب الجديدة التي هدفها في الأساس الابتزاز وتزييف الوعى ليست لها جبهة محددة ولكنها على مسرح عمليات غير محدود تستهدف العقول ومحاولات ترسيخ ثقافات وأفكار مستوردة.. ونشر التطرف والتشدد والتعصب.. في نفس الوقت تداعياتها ونتائجها في حالة نجاح المخطط الشيطاني أخطر من نتائج الحروب التقليدية النظامية.

خسائر الحروب التقليدية النظامية تتمثل ربما في احتلال جزء من أراضي الدول وسقوط قتلى ومصابين وتدمير للمعدات والمعنويات لكن من الممكن أن تستعيد الدولة المنهزمة أوضاعها سريعاً وتحقق النصر وتحرر الأرض ولكن خسائر الحروب الجديدة وعمليات تزييف الوعى أخطر وأكثر بمراحل ونتيجتها إسقاط الدولة الوطنية ومؤسساتها وإشاعة مناخ اللا دولة بما يتضمنه من فوضى وانفلات وإرهاب ودمار وانتشار ميليشيات الإجرام والمرتزقة والإرهاب وإهدار موارد وثروات الدول.. وتفشى التدخلات الأجنبية غير المشروعة وانتهاك السيادة.. وهنا يصعب في ظل هذه المعطيات استعادة الدولة الوطنية ومؤسساتها وعلى رأسها الجيش الوطني والشرطة والقوات الأمنية إلا إذا عادت اللحمة بين أبناء الشعب الواحد.. ووجدت جهوداً ونوايا دولية صادقة لاستعادة الدولة الوطنية.

الحقيقة أن الربيع العربي المزعوم كان نتاجاً طبيعياً لحملات تزييف الوعى والمؤامرات والمخططات على عقول الشعوب وتراكم حالة اللاوعى والفهم غير الصحيح للتحديات والتهديدات.. ولم تلتف الدول لهذه الأبعاد في تأمين عقول شعوبها بالوعى الحقيقي من خلال المصداقية والشفافية والتواصل لذلك وجدت الأفكار المعادية طريقها إلى النفاذ لعقول هشة وخاوية لم تصمد أمام حملات الغزو الممنهج لبناء وعى مزيف.

ما أريد أن أقوله إننا نعيش عصر الحروب الجديدة التي تعد أخطر من الحروب التقليدية.. ولعل ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي في تعبيره العبقري الذى يجسد ذلك.. بأننا قادرون على مواجهة ومجابهة أي تهديد خارجي.. المهم أن يكون الداخل على درجة كبيرة من الوعى الحقيقي والفهم الصحيح وأن نكون كمصريين على قلب رجل واحد.. دائماً يشير الرئيس إلى قبضة يده في إشارة إلى أهمية الاتحاد والاصطفاف.

الحقيقة ان مصر نجحت في عهد الرئيس السيسي في بناء قوتين مهمتين لتحصين وحماية الدولة المصرية من الأطماع والأوهام والمخططات والمؤامرات وردع كل من تسول له نفسه المساس بأمن مصر القومي وثرواتها ومقدراتها وحقوقها.

القوة الأولى هى بناء القدرات الدفاعية من خلال امتلاك جيش وطني قوى في أعلى درجات الكفاءة والجاهزية والاستعداد القتالي والاحترافية في أداء جميع المهام التي توكل له يمتلك أحدث منظومات القتال والتسليح.. هو الجيش الأقوى في المنطقة ومن أقوى جيوش العالم.. جيش يدافع ولا يعتدى يمتلك القدرة على الردع وهى القوة القادرة لا الغاشمة والمسالمة لا المستسلمة.

القوة الثانية المهمة أيضا هي قوة الوعى الحقيقي ــ والفهم الصحيح والإدراك لما يدور حولنا.. وما يحاك لمصر من مؤامرات ومخططات، والحقيقة أن مصر تمتلك سلاحاً قوياً في هذا المجال بفضل سياسات الرئيس عبدالفتاح السيسي التي تعتمد على أعلى درجات المصداقية والشفافية والتواصل مع شعبه وكشف الحقائق والتحديات وأيضا جهود الدولة وإنجازاتها لمصلحة المواطن.. فالرئيس كما يؤكد دائماً لا يبيع الوهم للمصريين.. ولا يجمل الواقع.. ودائماً يسعى إلى مصلحة مصر وشعبها ولا يرى غيرها ويعتمد على ما تحقق على أرض الواقع وقد فاق كل التوقعات وهو ما أصبح يدركه المواطن المصري الذى يتحلى بالذكاء وقادر على الفرز ويرى ما تحقق في كافة ربوع مصر ومدى التغيير الذى حدث في مصر خلال عهد الرئيس السيسي من أمن وأمان واستقرار وبناء وتنمية وخدمات وبناء للإنسان ومشروعات عملاقة لتوفير الحياة الكريمة للمصريين وعدم وجود أي نقص أو عجز أو مشكلة في جميع احتياجاته الأساسية ويلمس أيضا في سعى الدولة وجهودها من أجل تحقيق أهداف وآمال وتطلعات المصريين.

أيضا الدولة المصرية وحكومتها ومؤسساتها تلتزم بأعلى درجات المصداقية والشفافية وتعمل على إتاحة كافة المعلومات والبيانات والرد السريع والفوري على ملايين الأكاذيب والشائعات التي تطلقها المنابر والخلايا الإلكترونية لتنظيم الإخوان الإرهابي والدول المعادية لمصر.. والأهم من ذلك هو اطلاع المواطن بنفسه على ما يدور في مصر وما تشهده من إنجازات على كافة الأصعدة وفي جميع المجالات والقطاعات.

تنظيم الإخوان الإرهابي لم يعد لديه أي ورقة لخداع المصريين افتضح أمره وأصبح عارياً أمام الجميع.. المصريون أدركوا خيانته وعمالته وأكاذيبه ومزاعمه.. لم يعد لدى الإخوان سوى منابر الكذب والشائعات التي تستهدف إنجازاتنا ونجاحاتنا ويحاول تشويه كل شيء بالباطل.. ولا يخجل ولا يستحى من الاستمرار في هذا النهج في إطلاق العنان للأكاذيب والشائعات التي تحطمت على صخرة الواقع.. فما كان يروجه عن سيناء من افتراءات وأكاذيب حول طبيعة إخلاء بعض المواطنين من أهالينا في سيناء خلال مواجهة أبطالنا من الجيش والشرطة لعملياتهم الإجرامية خوفاً على أرواحهم ودمائهم.. كل هذه الافتراءات والأكاذيب يسخر منها الشعب المصري.. ولعل عودة أهالي القرى في سيناء إلى قراهم بعد انتصار الجيش والشرطة على الإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار وتوفير الحياة الكريمة والخدمات اللائقة والسكن الكريم ومشروعات التنمية العملاقة فضحت أكاذيب وافتراءات ومزاعم تنظيم الإخوان الإرهابي ورغم ذلك لا يخجلون من أنفسهم.. فالكذب يجرى في عروقهم وهو أصل عقيدتهم الفاسدة.

الغريب أيضا ورغم شهادات أكبر وأعظم المؤسسات الاقتصادية والنقدية في العالم في حق الاقتصاد المصرى وتوقعات بمؤشرات قوية في النمو.. يصر التنظيم الإرهابي على إطلاق العنان للأكاذيب والشائعات والافتراءات حول نقص في السيولة وسعر الصرف ومحاولة إرباك المواطنين لضرب الاستقرار وتشويه النجاحات الكبيرة.. وهز الثقة لكن الوعى الحقيقي لدى المصريين وفهمهم لعقيدة وخيانة الإخوان أبطلت كل ألاعيب الجماعة الإرهابية.

الإخوان يتنفسون كذباً وزيفاً.. شاء المولى عز وجل أن يفضحهم ويكشف حقيقتهم للناس.. لأنه سبحانه وتعالى يبغض الكذب.. وقال نبيه المصطفي في حديث  ما معناه ان المؤمن أبداً لا يكون كذاباً.. وهم لا يعرفون الإسلام ولا الإيمان.. يتاجرون بالدين وخونة وعملاء وأعداء لله والوطن «وفيروسات» تتحصن منها الشعوب بالوعى والحقيقة في مواجهة الأكاذيب الإخوانية.

ما أريد أن أقوله إن اهتمامنا ببناء الوعى الحقيقي لا يجب أن يتوقف بل يستمر على مدار الثانية والساعة ويكون أسلوب حياة بالنسبة لنا لأنه في المقابل تزييف الوعى وفقدانه وغيابه هو ألد وأخطر أعداء الأمن والاستقرار.. وأكبر تحد يواجه الأمن القومي.. لأن نتائج غياب الوعى الحقيقي كارثية تفوق نتائج وخسائر الحروب التقليدية والنظامية.. فالوعى المزيف وحملات الأكاذيب والشائعات إذا لم تجد المضادات الدفاعية التي تعتمد على الصدق والشفافية.. ولقاحات الوقاية من فيروسات الكذب الإخوانى كل ذلك يؤدى إلى سقوط وتلاشى الدول بأيدي شعوبها التي أصبحت بعد ربيع الخراب العربي تعض أصابع الندم والحسرة على ما فعلت في نفسها وأوطانها.. لذلك لابد أن نطمئن باستمرار على سلاح الوعى الحقيقي فهو أقوى سلاح ومنصة دفاعية تحمى الأوطان وتحافظ على أمن واستقرار الشعوب لذلك فإنه من المهم أن تكون لدينا الرؤية والاستراتيجية والمبادرة والمبادأة والاستباقية لحماية وعى شعوبنا في مواجهة حملات الأكاذيب والشائعات.

تحيا مصر