أكد السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي أن هناك الملايين من البشر حول العالم مازالوا يعانون من الفقر والجوع وأنماط الاستهلاك غير الصحية والأمراض الناتجة عن سوء التغذية، مشيرا إلى أن التحديات التي تواجه استدامة نظم الغذاء عديدة ومتشعبة ومتداخلة وتتفاوت حدتها من إقليم لآخر ومن دولة لأخرى.
جاء ذلك خلال كلمة وزير الزراعة، اليوم الاثنين، أمام الاجتماع الإقليمي الوزاري لمنظمة الأمم المتحدة للاغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" لمنطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا في دورته الــ 36 المنعقدة حاليا في العاصمة العراقية بغداد.
وقال القصير إن الوضع الحالي ودرجة انتشار ظاهرة الجوع وسوء التغذية والأمراض الناتجة عن البدانة والأنماط الاستهلاكية غير الصحية يستوجب من الجميع التكاتف والإسراع بوتيرة علاج هذه الأوضاع تحقيقا لأهداف التنمية المستدامة من خلال خطط واستراتيجيات كفيلة بتطوير النظم الغذائية لتكون أكثر شمولا وصحية ومستدامة وبأسلوب سهل وميسور وفي متناول الجميع والحد من سوء التغذية ومضاعفة الانتاج وتقليل الهدر والتعامل مع التغيرات المناخية.
وأضاف أن أحد عناصر النجاح الأساسية للقمة والمؤتمر التحضيري للاجتماع، هو الوصول إلى مستوى عال من التفاعل المستمر الخلاق والتناغم التنفيذي الإيجابي بين المنظور الدولي والمنظور الوطني من خلال محاور أساسية، وهي: صياغة نظام غذائي قابل للتنفيذ للتحول إلى نظام غذائي مستدام يقوم على خصوصيات وموارد وسياسات كل دولة بالتكامل والتوافق مع الحلول الدولية المقترحة، وتطوير آليات تمويلية خلاقة تساعد الدول النامية على تحقيق التنمية المستدامة والتكيف مع التغيرات المناخية وتنفيذ برامج مكافحة التصحر والدعوة لاستثمار أكبر في بناء القدرات ونقل التكنولوجيا مع تقديم الدعم المالي والفني لها حتى تتمكن من تنفيذ عملية تحول شاملة تساعدها على الوفاء بمتطلباتها الغذائية مع عدم إغفال الأبعاد الثقافية والاجتماعية لها.
وتابع إن المحاور تشمل أيضا وضع آليات للمتابعة على الصعيدين الوطني والدولي تقوم على معايير ومؤشرات واضحة قابلة للقياس مع تضمينها بآليات وخطط وبرامج تنفيذية تتسم بالمرونة والقدرة على التعامل مع المتغيرات والأزمات، فضلا عن أهمية رفع مستوى الوعي في مواجهة التحديات العالمية التي تؤثر على نظم الغذاء.
وأوضح أن الدولة المصرية تبنت العديد من المبادرات من أجل تحقيق الأمن الغذائي وعلاج سوء التغذية ومنها البرنامج الوطني للتغذية المدرسية للأطفال الذي ترعاه القيادة السياسية، ويستهدف إعداد وجبات تغذية مدرسية تتوافر فيها جميع العناصر الغذائية ويتم توزيعها على طلاب المدارس في جميع مراحل التعليم، كما تبنت مصر مبادرات لعلاج الأمراض القائمة على سوء التغذية مثل الأنيميا والتقزم وغيرها.
وأشار إلى إطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسي مبادرة "حياة كريمة" التي تعتبر "مشروع القرن"، حيث تتجاوز تكلفته 700 مليار جنيه على ثلاث سنوات، وتستهدف تغيير وجه الحياة في الريف المصري والمجتمعات الأكثر احتياجا وتحسين مستوى المعيشة لحوالي 60 مليون مواطن في 20 محافظة و52 مركزا و1500 قرية و30 ألف تابع، وتتضمن المبادرة إقامة المشروعات الخدمية الزراعية والتعليمية والصحية والثقافية والدينية والرياضية، وكذلك المشروعات الانتاجية في القرية المصرية.
كما أشار الوزير إلى مبادرات إعادة استخدام المياه وتأهيل الترع والمساقي وتحديث أساليب الري من خلال تمويل ميسر للمزراعين بقرض عشر سنوات وبدون فائدة، وأيضا استنباط أصناف قصيرة العمر والحد من المحاصيل الشرهة للمياه.
وقال القصير إن "التحديات التي تواجه الزراعة تشمل محدودية الأراضي والمياه، وكذلك الزيادة السكانية والتغيرات المناخية "، مشيرا إلى استضافة مصر لمؤتمر الأطراف "cop27" للتغيرات المناخية.
وأضاف "أننا نسعى من خلال القمة إلى الخروج بتوصيات فاعلة لمساعدة المجتمع الدولي على مواجهة التغيرات المناخية وبصفة خاصة على الزراعة التي أثبتت أهميتها خلال جائحة كورونا وقدرتها على توفير الغذاء".
وتابع أن "الزراعة تستوعب العمالة وتحقق التنمية الاحتوائية والمستدامة وتوفر المواد الخام لكثير من الصناعات ومن هنا تأتي ضرورة الاهتمام أيضا بالتصنيع الزراعي للحفاظ على مواردنا في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا والدول العربية والآسيوية بصفة عامة".
وأكد أهمية المبادرات التي تطلقها "الفاو" للتنمية المستدامة، لافتا إلى أهمية إلى التوسع في هذه المبادرات وأيضا الاهتمام بالبحوث التطبيقية لاستنباط تقاوي وأصناف جديدة تتأقلم مع التغيرات المناخية ومواجهة ظاهرة التصحر والأمراض العابرة للحدود.
وشدد السيد القصير على ضرورة الاهتمام بالثروة الحيوانية والسمكية والداجنة ودعم صغار المزارعين والمربين وتحسين السلالات والاهتمام بالقوافل البيطرية والمعامل المرجعية لتحقيق الجودة والاطمئنان لسلامة الغذاء المقدم للشعوب، مشيرا إلى أهمية تأسيس مرصد إقليمي للأمن الغذائي، وضرورة تغير أنماط الاستهلاك إلى الأنماط الصحية ودعم سلاسل القيمة المضافة والاهتمام بالمجتمعات المهمشة والساحلية والحدودية ومساعدتها في حصاد مياه الأمطار وإقامة الخزانات والسدود من أجل إيجاد بيئة مناسبة للزراعة في هذه المناطق، والتأمين الزراعي لتحقيق الاستقرار والاستدامة لصغار المربين والمزارعين، وكذلك ضرورة التكاتف في مواجهة الأمراض والأوبئة العابرة للحدود مثل إنفلونزا الطيور ودودة الحشد وغيرها.