أكد أحمـد أبـو الغيـط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أنه على الرغم من الظروف والعقبات، بسبب جائحة "كورونا"، إلا أنه ما زلنا نملك الفرصة للتأثير في مجريات الأحداث والدفع مجدداً بمسار تنفيذ أجندة التنمية المستدامة 2030 ،لاستعادة المكاسب التي حققناها قبل الجائحة.
جاء ذلك في افتتاح أعمال النسخة الرابعة للأسبوع العربي للتنمية المستدامة بمقر الجامعة العربية، اليوم /الأحد/، بالشراكة مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية بجمهورية مصر العربية والأمم المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي ، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، تحت عنوان "معًا لتعاف مستدام" للتخفيف من التداعيات والآثار السلبية لجائحة كورونا.
وقال إنه ومن أجل هذه الغاية نحتاج إلى استجابة سريعة منسقة وشاملة، أساسها التعاضد والتضامن العربي لدعم اقتصادات الدول الأكثر هشاشة وتضرراً، وكذلك الحاجة إلى اغتنام كل الفرص التي تتيحها هذه الأزمة الصحية، ومنها على سبيل المثال زيادة الوعي بأهمية السياسات البيئية في التنمية، وعودة مواضيع الاستدامة على رأس الأولويات الوطنية والدولية، فضلاً عن تعزيز السياسات الوطنية للتعامل مع الأوضاع الطارئة والكوارث ، ودعم قدرة المجتمعات على الصمود في مواجهة هذه الأحداث غير المتوقعة.
وأضاف أبوالغيط - في كلمته بحضور الدكتورة رولا دشتي الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا ،وممثلي الهيئات الدولية والشركاء الاستراتيجيين - "بعد مرور سنتين على ظهور الجائحة الصحية التي كانت حملاً ثقيلاً، واختباراً عصيباً للبشرية جمعاء، تجاوزت في آثارها ومداها أزمات أخرى مرت بها ،إننا وإن كنا لا ندرك تبعات هذه الجائحة الاقتصادية والاجتماعية على نحو دقيق، إلا أن المؤشرات الأولية المتوفرة لدينا سلبية ومقلقة".
وأشار إلى أنه على الصعيد العربي، يفيد التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2021 الصادر حديثاً عن جامعة الدول العربية،بأن الناتج الإجمالي في الدول العربية بالأسعار الجارية سجل انكماشاً قدره 11.5% مقارنة بعام 2019، وتُقدر الخسارة في الناتج المحلي لعام 2020 – السنة الأولى من الجائحة – بأكثر من 220 مليار دولار.
ويضيف التقرير بأن هذا التراجع لم تشهد الدول العربية مثله حتى في أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2009، وأردف "لقد زادت هذه الأعباء من حجم التحديات المعقدة التي كانت المنطقة العربية تواجهها قبل الجائحة، بل وساهمت في تأزم الأوضاع في البلدان التي تعاني من نزاعات، وتلك التي تعيش مخاض أزمات سياسية عسيرة، وأخص هنا بالذكر تونس ولبنان والسودان".
ونوه التقرير إلي أن تدهور مؤشرات التنمية المستدامة بسبب الجائحة أمرٌ لا يحتاج إلى بيانٍ، إذ زادت الفوارق بين الدول وداخلها، واتسعت هوة انعدام المساواة حيث ارتفعت أرقام الفقر متعدد الأبعاد والبطالة وزادت الفجوة الغذائية، وأن هذه الظروف تشكل مناخاً ملائماً لعودة آفاتٍ اجتماعية كعمالة الأطفال والعنف وعدم المساواة بين الجنسين.
وشدد أبوالغيط على أهمية موضوع "التمويل"، قائلا "كلما أتيحت لي الفرصة للحديث عن تنفيذ أجندة التنمية المستدامة، أشير إلى موضوع التمويل، وهو موضوع لا أملُّ من التأكيد على أهميته والدعوة إلى توفير موارد مالية إضافية لتسريع وتيرة تنفيذ أجندة التنمية المستدامة".
وجدد أبوالغيط دعوته إلى كل الشركاء الدوليين والمؤسسات المالية إلى زيادة المخصصات الموجهة للمنطقة العربية، حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها قبل حلول عام 2030.
كما أشار أبوالغيط " إلى البعد البيئي، والذي يعد أحد الركائز الثلاث للعمل المستدام، قائلا "لا يمكن تحقيق تقدم اقتصادي واجتماعي على حساب الطبيعة ، ولقد رأينا كيف ساهم تواتر الكوارث الطبيعية مؤخراً ،في اندلاع أزمات كبرى تجاوزت خسائرها بكثير كلفة التحول إلى الاقتصاد الأخضر المستدام".
وأضاف أن الاستثمار في المشاريع المستدامة وتشجيع المبادرات البيئية ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في مجال الابتكار التكنولوجي من شأنه معالجة آثار التغير المناخي والحد من انبعاث الغازات الدفيئة.
وأشار إلى أن المنطقة العربية ستحتضن قمتي المناخ لعامي 2022 و2023 في كل من مصر والإمارات، وسيتم خلالهما مناقشة مواضيع في غاية الأهمية والإلحاح بالنسبة للدول العربية، قائلا " وأعني هنا الملفات المتعلقة بتقييم الخسائر الناجمة عن التغير المناخي والتعويض عنها، وتوطين التكنولوجيا وتوفير الموارد المالية اللازمة لتمويل مشاريع التكيف المناخي".
وعبر عن الأمل بأن نستغل هذه الفرصة المهمة للدفاع عن المصالح العربية باعتبار المنطقة من أكثر المناطق تضرراً بتغيرات المناخ، وفي ضوء أن أبناءها يدفعون ثمناً غالياً جرّاء هذه الظاهرة الخطيرة سواء فيما يتعلق بالأمن الغذائي أو الشح المائي أو غير ذلك من القضايا التي تؤثر على استقرار المجتمعات واستدامة التنمية.
كما أعرب عن الأمل بان تخرج هذه الفعالية بتوصيات قوية تخدم الجهود العربية لاستئناف مسيرة تنفيذ أجندة التنمية المستدامة في المنطقة، حتى نتمكن من تحقيق أهدافنا في الآجال المحددة وأن يتم استغلال فرصة انعقاد الأسبوع العربي للتنمية المستدامة سنوياً لإطلاق مشاريع عربية والترويج لها، مع التأكيد على تقديم تقارير دورية حول تنفيذها.