تجمع مصر والسعودية علاقات استراتيجية وروابط تاريخية على مر العصور، فتمثل البلدان الشقيقتان ركيزتان أساسيتان لاستقرار الدول العربية والشرق الأوسط ومواجهة التحديات التي تحيط بالمنطقة، بجانب مجالات التعاون والتنسيق المشترك على المستوى الثنائي والإقليمي بينهما.
وخلال عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي زادت أوجه التعاون وتعمقت العلاقات بين القاهرة والرياض، في ظل حرص القيادة السياسية في البلدين على تعزيز مجالات التعاون والتنسيق وتبادل الرؤى، وهناك زيارات متبادلة بين الجانبين بشكل مستمر.
وتوجه الرئيس السيسي صباح اليوم الثلاثاء إلى مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية في زيارة رسمية، حيث قال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية،إن هذه الزيارة تأتي في إطار عمق العلاقات المصرية السعودية وما يربط بين الدولتين الشقيقتين من علاقات أخوة وتعاون على جميع الأصعدة، حيث سيبحث الرئيس السيسي خلال الزيارة مع شقيقيه الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي عهد المملكة العربية السعودية نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، العلاقات الثنائية الوثيقة التي تجمع بين البلدين، فضلاً عن التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا والأزمات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك خلال المرحلة الراهنة، والتي تتطلب تضافر الجهود من أجل حماية الأمن القومي العربي.
تاريخ العلاقات بين مصر والسعودية
كان عام 1926 عاما مهمة في العلاقات بين مصر والسعودية، حيث تم توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين، وكانت السعودية مؤدية لمطالب مصر الوطنية في جلاء القوات البريطانية عن الأراضي المصرية، ووقفت إلى جانبها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية، وفى 27 أكتوبر عام 1955 وقعت اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين.
وبعد تعرض مصر للعدوان الثلاثي عام 1956م ساندت المملكة مصر وقدمت لها نحو 100 مليون دولار، بعد سحب العرض الأمريكي لبناء السد العالي، كما أعلنت التعبئة العامة لجنودها لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر، وتكرر الدعم والمساندة أيضا عقب العدوان الإسرائيلي على الدول العربية مصر وسوريا والأردن في عام 1967م.
وفي ذلك الحين كان نداء الملك فيصل بن عبد العزيز إلى الزعماء العرب، مطالبا بضرورة الوقوف إلى جانب الدول الشقيقة المعتدى عليها، وتخصيص مبالغ كبيرة لتمكينها من الصمود، واستمرت المساندة السعودية لمصر حتى حرب أكتوبر، حيث وقفت السعودية إلى جانب مصر في حرب أكتوبر 1973، وتجلى التضامن العربي في أبهى صوره في ذلك الحين من خلال الدعم العسكري والمواقف المساندة.
حيث قرر العاهل السعودي الملك فيصل استخدام سلاح بديل عن البارود؛ فدعا لاجتماع عاجل لوزراء النفط العرب في الكويت، وأسفر عن قرار عربي موحد بخفض الإنتاج الكلي العربي للنفط 5%، وخفض 5% من الإنتاج كل شهر؛ حتى تنسحب إسرائيل إلى خطوط ما قبل يونيو 1967، وأعلنت المملكة وقف بيع البترول للولايات المتحدة والدول الداعمة لإسرائيل؛ لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة
كما قام الأمير سلطان بن عبد العزيز بتفقد خط المعركة في أحد الخنادق على الجبهة المصرية، وتبرع الملك فيصل بمبلغ 200 مليون دولار للجيش المصري، بجانب تأسيس لجنة لجمع التبرعات لصالح الجيش المصري؛ دعمًا للمعارك والمجهود الحربي في مصر، ما ساعد على تعزيز العلاقات بين مصر والسعودية، في العقود التالية.
العلاقات المصرية السعودية في عهد السيسي
وفي عهد الرئيس السيسي، زاد عمق ومتانة العلاقات التاريخية التي تجمع مصر والمملكة العربية السعودية حكومة وشعبًا، حيث كانت السعودية من الدول المساندة لمصر في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، وبعد تولي الرئيس السيسي الحكم في 2014 ازداد عمق العلاقات والتنسيق والتشاور بين القيادتين في القاهرة والرياض، بهدف مواجهة كل ملفات المنطقة وأزماتها، وما يتعلق بها من تهديدات وتحديات.
وتتفق البلدان على ضرورة المبادرات السياسية والحلول السلمية لكل أزمات المنطقة؛ بما يحافظ على استقرار الدول العربية ووحدة ترابها الوطني، ويضع مصالحها الوطنية فوق كل الاعتبارات، ويؤسس لحل دائم يكفل الأمن والاستقرار لشعوب هذه الدول، بمعزل عن التدخلات الخارجية، وكذلك تؤكد مصر دعمها لأمن الخليج كجزء لا يتجزأ من أمنها القومي.
وقد أسفرت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر في العام 2016، عن تعزيز أوجه التعاون حيث ارتفع عدد الاتفاقيات المبرمة لأكثر من 60 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبروتوكول، شملت جميع أوجه التعاون المشترك بين البلدين في كل المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والاستثمارية، فضلًا عن تعزيز التنسيق والتشاور بين البلدين في خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وخدمة الأمن والسلم الدوليين.