الثلاثاء 23 ابريل 2024

أنقذوا آثار الفراعنة قبل أن تقع في مرمى النيران

مقالات11-3-2022 | 09:31

سطروا التاريخ وفي زمانهم أشرقت شمس الحضارة على الإنسانية بأكملها، اليوم إنقاذ تراث الفراعنة هو واجب يتحمله العالم بأثره، القصف والحرب الدائرة رحاها بين روسيا وأوكرانيا لا يمكنها أن تضع فارقا بين متحف، وسكنه عسكرية، خاصة وأن بعض المراكز العسكرية توجد داخل المدن.

 ينتابني والعديد من المهتمين بتاريخ الفراعنة وعلم المصريات القلق الشديد من أن تتعرض ما يقرب من 800 قطعة أثرية في متحف أوديسا، ثالث أكبر تجمع للآثار المصرية في أوروبا إلى حفنة متناثرة من الرماد، تلك التحف التي تروي جانب من تاريخ مصر وحياتها ومعتقداتها القديمة.

والحقيقة أن الأمر بقدر ما يحمل من خصوصية تاريخية وحضارية لمصر، بقدر ما هو أيضا مسئولية دولية يجب أن يتحرك العالم من أجل تحملها، وحماية ذلك الموروث العظيم من براثن الصراع والحرب والقصف قبل أن يطول ذلك الكنز العظيم نيران الحرب أو السرقة ومن ثم يعرف الطريق فيما بعد لمافيا تجارة الآثار، ولا نستطيع استعادته.

الأمر جد خطير، يمكنك أن تلقي نظرة على خريطة أوكرانيا، لتعلم أهمية أوديسا تلك المدينة الساحلية، وهي ثالث أكبر المدن الأوكرانية بعد كييف وخاركييف، وتبعد عن العاصمة 450 كيلو متر جنوب العاصمة، والمتابع للمعركة الحالية بين روسيا وأوكرانيا يعرف أن القوات الروسية على جزيرة زميني القريبة من أوديسا، التي تعد مركزا اقتصاديا وسياحيا، وهي أيضا ميناؤها الرئيس على البحر الأسود، بالتالي هي هدف عسكري مهم للقوات الروسية، وخلال المعارك لا يستطيع أحد توقع ما يمكن يحدث لمحتوي متحف أوديسا، وخلال المعارك يكون مسرح العمليات بيئة خصبة لصائدي الأثار، والعصابات المنظمة للحصول علي القطع الأثرية وتحقيق الثراء السريع، خاصة مع تراجع حجم الحراسة عليها وتعطل أجهزة المراقبة نتيجة للعمليات العسكرية ومقاومتها، كذلك احتمالية دخول متطوعين من أوروبا للدفاع عن أوكرانيا، وبالتالي هناك احتمالات لتسلل عصابات مسلحة لاصطياد الأثار.

ولا يقتصر المتحف على المكون المصري فقط، بل يضم المتحف حالياً ما يقرب من 170 ألف قطعة أثرية يعكس جزء منها حضارات لدول مختلفة من بينها اليونان وروما وقبرص.

يقع متحف أوديسا للفنون في وسط المدينة ويقدم لزواره جرعة منظمة من الفن، حيث يتم ترتيب الأعمال الفنية واللوحات حسب ترتيبها التاريخي والزمني، فهناك أقسام من القرن السادس عشر وحتى القرن الثامن عشر، ويوجد في المتحف 26 قاعة تم تخصيص كل واحدة منها لموضوع معين، وتعتبر القاعة المخصصة للفن الأوكراني والتطبيقي أشهر هذه المعارض في المتحف.

وقد ازدادت مجموعة الآثار المصرية بمتحف أوديسا مع مرور الوقت، نتيجة نجاح المتحف في ضم قطع أثرية إضافية، إما عن طريق الاستحواذ والشراء أو عن طريق التبرع.

وكان من أبرز من تبرعوا بآثار مصرية إلى متحف أوديسا، هو الطبيب الفرنسي أنطوان بارتليمي كلوت باي (1793-1868) الذي عمل منظما ومديرا للخدمات الطبية في مصر خلال عهد محمد علي.

وتمت آخر إضافة مهمة إلى مجموعة الآثار المصرية بمتحف أوديسا، عام 1959، عندما تم نقل الآثار المصرية من متاحف أوكرانيا المختلفة وتجميعها كلها في متحف أوديسا، ليصبح متحف أوديسا بذلك مالكا للمجموعة الوحيدة من الآثار المصرية في كامل أوكرانيا.

وفي اعتقادي أن هناك ضرورة قصوى لتحمل المؤسسات الدولية والأممية مسئولياتها، والتحرك في اتجاه خروج تلك الأثار إلى منطقة آمنة بعيدا عن القصف خارج حدود أوكرانيا، للحفاظ عليها وإبعادها عن مرمي النيران وأيدي مافيا تجارة الآثار، اليوم لدى العالم فرصة للحفاظ على الموروث الإنساني والتاريخي قبل أن يبكي غدا على اللبن المسكوب، ودخول تلك الكنوز إلى دائرة الدمار أو للعالم السفلي من تجارة السلاح والآثار والمخدرات، وهم هو فقدان تراث لا يملكه الجيل الحالي بل هو ملك لأجيال مقبله.

ومن هنا أدعو كل المهتمين بالتاريخ والحضارة، وكل صاحب قلم أن يدعو لحماية تلك الأثار، التي خرجت من مصر بشكل لا نعرف مدى شرعيته، وهو الآن يقع بين خطرين الأول مرمى النيران أو السرقة من جانب مافيا تجارة الآثار.

Dr.Randa
Dr.Radwa