السبت 18 مايو 2024

من آن لآخر

مقالات14-3-2022 | 20:33

الضمير.. أهم سلاح لعبور الأزمات وبناء المستقبل.. فالإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.. هنا لا نحتاج إلي رقيب علينا.. ولن نشهد الفساد والرشوة والجشع والاحتكار والأنانية.. فى ظل جهود غير مسبوقة تبذلها الدولة فى إرساء قواعد النزاهة والشفافية.. وتخفيف المعاناة عن الناس .. وتوفير احتياجاتهم بأعلى جودة وسعر عادل دون مغالاة.. الدولة المصرية منتفضة لتخفيف تداعيات الأزمة الروسية- الأوكرانية.. فلم يسبق لرئيس جمهورية قبل الرئيس عبد الفتاح السيسى متابعة كل صغيرة وكبيرة للوقوف على توفير السلع والاحتياجات الأساسية للمواطنين.. واتخاذ الإجراءات وإصدار التوجيهات التى تضمن استقرار حياة المواطن.. يلقى الكرة فى ملعبنا نحن المواطنين فى الوعى والضمير الحى ومراعاة الظروف.

مشروع قومى.. لبناء الضمير

الرئيس عبدالفتاح السيسى حريص على الوقوف على تفاصيل كل ما يتعلق باحتياجات المواطن.. وموقف السلع الأساسية.. والاطمئنان على توافرها وأهمية الاستعداد المبكر لمواجهة الأزمات المحتملة.. من خلال امتلاك المخزون الاستراتيجى الآمن من السلع الاستراتيجية.

امس الاول ، الرئيس السيسى قضى يومه منشغلاً بالاطمئنان على موقف السلع الاستراتيجية واحتياجات المواطنين.. وأصدر العديد من التوجيهات سواء التى تتعلق بتوفير المعروض من السلع أو تحفيز المزارعين بتخصيص حافز إضافى لتوريد القمح والتوسع الرأسى لزيادة الإنتاجية وانتقاء أفضل أنواع البذور واستخدام الرى الحديث والتوسع فى مشروع «البتلو» والاهتمام بتعظيم الثروة الحيوانية وتطوير مراكز تجميع الألبان والثروة الداجنة.. وهى تفاصيل لم يسبقه إليها رئيس جمهورية من قبل فهو يقوم بالاطمئنان والوقوف على كل كبيرة وصغيرة أولاً بأول

دعونا نعترف بأن الدولة منتفضة وتعمل بكل طاقة وتحشد كل مؤسساتها وأجهزتها من أجل الاطمئنان على توفير السلع والاحتياجات الأساسية للمواطنين.. والاطمئنان أيضا على جودتها والسعر العادل.. خاصة فى ظل جشع بعض التجار ونوايا البعض الاحتكار.. وهو ما تتصدى له أجهزة الدولة ممثلة فى وزارة الداخلية والأجهزة الرقابية.

الحقيقة.. ان قدوم شهر رمضان وما يسوده من أعمال الخير والإنسانية والعطاء، يتطلب تنظيم وتوحيد الجهود.. وعملية تنسيق بين الجهات الرسمية وجمعيات المجتمع المدنى والجمعيات الخيرية.. حتى تحقق أهدافها بشكل دقيق وتلبى احتياجات جميع الفئات الأكثر احتياجاً بعدالة مطلقة.

لكن، فى قراءة مشهد تداعيات الأزمة «الروسية- الأوكرانية» وتأثيرها على الأسعار.. خاصة أن جميع دول العالم تأثرت بالأزمة.. نجد أن الدولة المصرية تبذل جل جهودها وتسابق الزمن للاطمئنان على كل صغيرة وكبيرة فيما يتعلق باحتياجات المواطن من السلع الأساسية وتحملها مع المواطن تكلفة تداعيات الأزمة فى ظل ارتفاع كبير فى أسعار الطاقة ومستلزمات الإنتاج.. فى الوقت نفسه نجد أن هناك من يعانى أزمة ضمير حقيقية.. تتعلق بالتلاعب والعبث فى الأسعار دون مبرر.. والعمل على خلق «أزمة بدون لازمة».. فلا نجد أى دواع لرفع أسعار بعض السلع أو الاتجاه نحو الجشع والاحتكار.. والضمير الدينى والوطنى يحرم ذلك.

بعض التجار أو حتى صغار الباعة يبالغون فى زيادة الأسعار.. وربما يكون لديهم مخزون كبير بإنتاج قديم ويصرون على بيعه بأسعار ما بعد الأزمة العالمية أو حتى المبالغة فى الزيادة فى الإنتاج الجديد.. وهنا أتحدث عن أزمة ضمير حقيقية تحتاج إلى رؤية للمعالجة.. ونشاط دءوب من المؤسسات الدينية والإعلامية لدعم جهود الأجهزة الرقابية.. كما يجب فى هذا التوقيت تخصيص خطوط ساخنة للإبلاغ عن التجار الجشعين، وأيضا المحتكرين.. والتأكد من حقيقة هذه البلاغات والوقوف عليها، من خلال دفع عناصر لاختبار الأسعار التى يبيع بها هؤلاء، وعدم الإعلان عن شخصية الأجهزة الرقابية.

الحقيقة خلال ذهابى للعمل يومياً أمر على احدى الجمعيات الاستهلاكية لوزارة التموين وهى بكل موضوعية حاجة تفرح.. لكننى كنت قبل أزمة روسيا وأوكرانيا، كنت أجد عدداً قليلاً يقف أمام الجزار لشراء اللحوم التى تعرض بطريقة لطيفة ومغرية.. لكن بعد الأزمة وجدت عشرات الأضعاف أمام هذه الجمعية لشراء اللحوم بأسعار معقولة وجودة عالية.. وهذا يعكس ثقة المواطن فى منافذ الدولة.. وهو ما يتطلب التوسع فى هذه الجمعيات وزيادة ساعات عملها حتى يحصل الجميع على احتياجاتهم قبل وخلال شهر رمضان وقس على ذلك فى كل احتياجات المواطن.

جلست مع أحد الزملاء.. ومدح وتغزل فى منافذ وزارة التموين وقارن بين أسعارها وأسعار السوبر ماركت ليجد فارقاً كبيراً.. وذكر عدة أمثلة من السلع ليجد فارقاً يصل ما بين ٧ إلى 10 جنيهات فى السعر لصالح منافذ التموين.. وهو ما يؤكد أهمية منافذ الدولة مثل المنافذ الثابتة والمتحركة للقوات المسلحة، وكذلك الداخلية، وكذلك وزارتا التموين والزراعة.. فأتذكر أنه خلال تطبيق قرار الإصلاح الاقتصادى الشامل وقفت الدولة بكل أجهزتها وكانت المنافذ المتحركة عبارة عن سيارات تجوب الميادين وتجد عليها زحاماً وإقبالاً.. وقد ضربت هذه الرؤية كل محاولات الجشع والاحتكار والمبالغة فى الأسعار.. خاصة أن المواطن يحصل على سلعة جيدة ومضمونة وبسعر أقل من السوق.. وهى تحدث التوازن بين الأسواق العامة والخاصة، وبين منافذ الدولة.

كل شيء متوفر فى مصر.. لا وجود لعجز أو نقص.. القمح والدقيق موجود.. والدولة أحسنت عندما قررت إيقاف تصدير بعض السلع المهمة للمواطن لتجاوز هذه الفترة الصعبة.. ليس فقط القمح والدقيق موجود وبأسعار فى متناول المواطن.. لكن أزمة الضمير فى رفع جائر وغير مبرر سواء فى أسعار الدقيق أو الخبز السياحي.. وهو ما تصدت له الدولة بكل حسم.. ولكن مازلت أطلب من وزارة التموين ولعل الدكتور على المصيلحى منذ أكثر من عام تحدث بأن الدولة سوف تنتج رغيف العيش السياحى عال الجودة وبالسعر العادل للمواطن.. ورغم الإجراءات والحوكمة والرقابة على المخابز.. إلا أن البعض من أصحابها مازالوا يصرون على «الفهلوة» والأبواب الخلفية وإطعام أبنائهم من حرام.. فمال الدولة أيضا حرام ولا يجوز.

نعود لقصة تداعيات الأزمة الروسية ـ الاوكرانية على نسب الاكتفاء الذاتى من السلع الأساسية التى تضمنها تقرير المركز الإعلامى لمجلس الوزراء وهى مؤشرات مطمئنة للغاية.. واستعرض التقرير جهود الدولة فى توفير احتياجات المواطنين.

النسب والأرقام التى عرضها اجتماع مجلس الوزراء بالأمس بشأن كراتين المساعدات للفئات الأكثر احتياجاً سواء من الأوقاف أو التضامن.. فالأوقاف خصصت 500 ألف شنطة رمضانية، والتضامن 1.2 مليون شنطة، بالإضافة إلى توزيع 800 ألف كيلو جرام من اللحوم منها 500 ألف كيلو فى رمضان، بالإضافة إلى بدء مبادرة وزارة الداخلية «كلنا واحد» فى 996 منفذاً وطرح المنتجات بأسعار مخفضة.. ووزارة التنمية المحلية أعلنت عن 6654 شادراً على مستوى الجمهورية.

القضية ليست فى نقص أو عجز السلع الأساسية.. فجميعها متاحة وموجودة ومتوفرة.. لكن العيب فينا.. وما نقدم عليه من سلوكيات تسودها الأنانية والجشع والاحتكار والمغالاة فى الأسعار دون مبرر.. لذلك كان الله فى عون الأجهزة الرقابية.. ولن تحل المشكلة بالكامل إلا بإيقاظ الضمير والخوف من الله ومراعاته.. فمن يقدم على المغالاة فى الأسعار أو الحصول على ما لا يستحقه، فإنه يظلم أبناءه وأسرته بإطعامهم من حرام.. وما نبت من حرام، فالنار أولى به.

الوعى هو الحل فى مواجهة تجار الأزمات وسماسرة الظروف الصعبة.. والوعى لن يأتى إلا من الصغر، من الأسرة والمدرسة والمسجد والكنيسة والإعلام.. فنحن فى حاجة ماسة إلى مشروع قومى لبناء الضمير الحى اليقظ الذى ينبض بالحياة والخوف من الله والالتزام بالمبادئ والأخلاق الإنسانية فى الرضا والقناعة وعدم المبالغة فى الأسعار أو التخزين والجشع.

الرئيس عبدالفتاح السيسى حريص على المواطن وأصدر توجيهاته بإعداد خطة للتعامل مع تداعيات الأزمة العالمية واتخاذ الإجراءات التى تستهدف التخفيف من آثارها السلبية على المواطن والاقتصاد.. لكن فى نفس الوقت نحتاج إلى تضافر وتكاتف شعبى يساند جهود الدولة والثقة والاطمئنان إلى أن الدولة تتفانى فى توفير كل احتياجات المواطن.. لذلك من المهم أن يتحلى الناس بالوعى والفهم والضمير والثقة فى جهود الدولة.. فلا يجب أن نلجأ كمواطنين إلى الشراء العشوائي.. ولكن لابد من البحث عن الأكثر جودة والأقل سعراً.. وأيضا التجار لابد أن يتحلوا بالقناعة والضمير الحى من خلال السعر العادل وهامش الربح المعقول مع البيع الكثير.

مشروع بناء الضمير الحى والوعى المتوهج.. هو طريق الأمم للاستغناء عن الأجهزة الرقابية.. فما أعظم أن يكون بداخل الإنسان رقابة ذاتية.. ولكن بناء الضمير الحى واليقظ لا يتم بشكل عشوائى أو ارتجالي.. فما نراه الآن من ميول للجشع والمغالاة فى الأسعار والاحتكار هو نتاج تراكمى لممارسات وثقافات وتقصير مؤسسى من قبل التعليم والدراما والمؤسسات الدينية والإعلامية نتاج مجتمع ظل ساكناً مستباحاً على مدار عقود ماضية نالت منه الثقافات السطحية والاستهلاكية وثقافة «أنا ومن بعدى الطوفان».. لذلك نحتاج إلى منظومة واستراتيجية جديدة للتربية والوعى والفهم تخلصنا من آفات خطيرة لها عواقب وخيمة وحتمية على مدى رضا المواطن.

الضمير الحى يمنع كوارث وظواهر سلبية كثيرة.. يقضى على الفساد بجميع أنواعه.. ويتصدى للجشع والاحتكار والأنانية والتقصير فى العمل.. فالرقابة الذاتية والضمير الحى هما أفضل أسلحة الأمم لعبور الأزمات.. والمضى نحو المستقبل.. علينا أن نركز فى بناء الضمير وتعظيم العطاء والقناعة والرضا وترسيخ مبادئ وثقافة الحلال طريق النجاة والبركة.. وألا تقترب من الحرام حتى ولو كنت وحيداً فى صحراء لا يراك فيها إلا الله.. شعارك «لا للحرام» والفساد والأنانية والجشع والاحتكار.

تحيا مصر

الاكثر قراءة