الإثنين 17 يونيو 2024

د. أحمد الجيوشى نائب وزير التعليم: «البراشوت».. نظرية فاشلة فى التعليم الفنى

8-7-2017 | 13:57

حوار تكتبه: إيمان رسلان

 

٤٦.٥٪ ممن الطلاب الذين أدوا امتحانات الدبلومات الفنى، لم يتجاوزا الدور الأول اى رسبوا فى الامتحان، دخل الامتحان مايقرب من ٧٠٠ الف طالب وطالبة، نجح منهم ٣٥٦.١١٥ ألف طالب وطالبة فقط ،كان فى مقدمة الناجحين طلاب السياحة والفنادق، ثم الثانوى الصناعى ثم التجارى، وفى ذيل القائمة جاء الثانوى الزراعى بنسبة نجاح ٣٥٪ فقط فى بلد «زراعى» بالأساس.! والسؤال هل رسوب ٤٦٪ من الطلاب يمكن وضعها فى خانة نتيجة «عادية»، أم تجعلنا ندق ناقوس الخطر لإنقاذ التعليم الفنى نظام الدبلوم ثلاث سنوات؟.. حيث إن هناك من يقرب من ٥٠ ٪ من طلاب المدارس الفنية لم ينجحوا فى اجتياز امتحان الدبلوم من الدور الأول، فى حين أن نسب النجاح ارتفعت إلى ما يقرب من ٨٠٪ فى التعليم الفنى نظام ٥ سنوات، وكذلك فى التعليم الفنى المزدوج «نظام مبارك - كول»، رغم أن الجميع يعملون تحت لافتة «التعليم الثانوى الفنى»، الذى -للمفارقة- يضم ٥٥٪ من طلاب مصر فى المرحلة الثانوية مقابل ٤٥٪ فى التعليم الثانوى العام.

والأكثر مفارقة أنه تعليم البسطاء من المصريين وليس به تعدد لأنظمة التعليم من أمريكى وإنجليزى وفرنسى وألمانى ويابانى وكندى وصينى.. وما إلى ذلك.. فكيف نقرأ ما حدث؟

تلك الأسئلة طرحتها على د. أحمد الجيوشى، نائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفنى، وفى مقدمتها رؤيته لنتيجة دبلوم التعليم الفنى والذي يرى أنها لا يصلح معها القادمون بـ«البراشوت» وإنما لا بد أن يتولاها أبناء التعليم الفنى أنفسهم

٤٦٪ رسبوا فى الدور الأول لامتحانات الدبلوم الفنى.. ألا ترى أن هذه النسبة مرتفعة للغاية؟

لا.. ليست مرتفعة، كما أنها تماثل نتائج الأعوام الثلاثة الأخيرة، حيث إن نسب النجاح من الدور الأول تدور حول ٥٠٪ صعودًا وهبوطًا، لكن القراءة المتأنية للغة الأرقام تقول: إن الراسبين نهائيًا اى- من سيعيد العام الدراسى - نسبتهم ١٢٪ فقط من الطلاب الذين دخلوا الامتحان،فهناك ما يقرب ٣٢٪ من الطلاب الذين دخلوا الامتحان لهم دور ثان «ملحق» بعد شهر، وهؤلاء غالبًا سينجح منهم النسبة الأكبر أى نحو ٣٠٪ منهم، إذن سوف تصبح نسبة النجاح ٨٤٪ وهى نسبة عادلة.

بصراحة.. هل الطلاب الذين رسبوا ممن لا يجيدون القراءة والكتابة؟

ليس لدى أى إحصائيات رسمية عن عدد الذين لا يجيدون القراءة والكتابة فى هذه المرحلة.

هل أجريتم دراسة حول هذه النقطة تحديدًا خاصة أن د. أحمد عكاشة نأكد أن نحو ٦٠٪ من طلبة التعليم الفنى لا يجيدون القراءة والكتابة؟

سمعت عن هذا بالفعل، ولكن هذا العام ليس لدينا مثل هذه الدراسة، لكننا نحن نتحدث عن مناهج وامتحانات وأعداد ناجحين، وبالتالى ليس فى ذلك علاقة برصد ميدانى لمن يجيد القراءة والكتابة فهذه دراسة أخرى عن نتائج الامتحانات.

لماذا ارتفعت نسبة النجاح من الدور الأول إلى ٨٠٪ فى طلاب نظام الخمس سنوات؟

بالفعل نسبة النجاح اقتربت من ٨٠٪ بهذا النظام من التعليم «مدارس التعليم الفنى المتقدم ٥ سنوات وكان عدد الطلاب المتقدمين ١٣.٢٧٨ ألف طالب وطالبة نجح منهم نحو ١٠ آلاف جاءت أعلى نسبة، نجح منهم فى التعليم الفنى الصناعى بنسبة ٨٧.٥٪ يليها التجارى ٧٧.٧٪ ثم الفندقى ٦٢.٢٪ ثم فى الذيل التعليم الزراعى بنسبة ٥٩.٢٪.

وكيف تفسر ذلك؟

أعتقد أن زيادة سنوات التعلم والتخصص فى مثل هذه النظم من المدارس الفنية، لأنها تعطى درجة أعلى من الدبلوم، أى دراسة متوسطة متقدمة، وهذه هي التى تؤدى إلى ارتفاع نسب النجاح، إلى جانب أن طالب مدارس نظام الخمس سنوات يلتحق مباشرة بالجامعة والتعليم العالى أى المستقبل مفتوح أمامه، على عكس طلاب الدبلومات الفنية نظام ثلاث سنوات، حيث لا يلتحق بالجامعات منهم إلا نسبة لا تتجاوز ١٠٪ فقط لا غير، وغالبيتهم تذهب إلى المعاهد الخاصة، وعدد منهم يذهب إلى كليات التجارة والتعليم الصناعى، أما من يريد الالتحاق بكلية الهندسة فهناك امتحان معادلة يتم يجب اجتيازه.

ما عدد مدارس التعليم الفنى نظام (خمس سنوات، و ثلاث سنوات)؟

لدينا ٣٥ مدرسة فقط تعليم فنى متقدم نظام خمس سنوات بينما عدد مدارس التعليم الفنى ٢٠٠٠ مدرسة مقيد بهم مليونا طالب وطالبة.

إذا كان النجاح والأداء الأفضل هو للمدارس الفنية المتقدمة، فلماذا لا يكون ذلك بداية إصلاح التعليم الفنى؟

لدينا بالفعل خطة للتطوير الشامل للتعليم الفنى، وهذه الخطة تم النقاش حولها لمدة تقرب من العام، وتم إقرارها من الوزير السابق الهلالى الشربينى، بل جزء كبير منها فى خطة أو رؤية مصر ٢٠٢٠-٢٠٣٠.

ماالذى تتضمنه هذه الخطة للتطوير؟

هى خطة متكاملة سنبدأ تطبيقها على طلاب الصف الأول الثانوى من العام الدراسى ٢٠١٨-٢٠١٩ أى أن الطلاب الملتحقين بالصف الأول الثانوى الفنى هذا العام لن تطبق عليهم، والخطة تتضمن تطويرا شاملا فى المناهج الدراسية فى التخصصات المختلفة، بمعنى أن الكتاب المدرسى سيكون على علاقة مباشرة بتخصص الطالب، مثلا طالب تخصص تبريد وتكييف سوف تكون المناهج التى سيتم وضعها بواسطة «رجال الصناعة» فى نفس ما يدرسه الطالب فى تخصصه الفنى - بجانب زيادة ساعات التدريب العملى.

ماذا عن الوضع القائم.. لماذا لم يتم التغيير منذ سنوات طويلة؟

المناهج الآن نظرية جدا، وفى أحيان كثيرة بعيدة عن التخصص وبالتالى الامتحانات الحالية لا تقيس شيئا.

وفيما يتعلق بعدم تطوير المناهج قبل ذلك فيسأل فى هذا السابقون، لكن للعلم العالم أغلبه كان يدرس المواد النظرية فقط لطلاب التعليم الفنى ولكن هذا الأمر يعتمد من ٢٠ سنة فى دول العالم، وآن الأوان لمصر أن تدخل حقبة تطوير التعليم الفنى لأنه قاطرة نهوضها، لأن معنى وجود برنامج دراسى حقيقى فى تخصص الطالب يعنى أو يساوى مهنة يجيدها أو يتسلح الطالب بأساسيات هذه المهنة.

ومن أجل هذا التطوير نحاول الآن عمل شراكة مع قطاع الصناعة لتدريب الطلاب لأن النسبة الموجودة فى الوقت الحالى لا تتعدى ٢٪ من الشراكة مع الصناعة، ونعمل الآن على دخول هذه الشراكة إلى حيز التنفيذ، بحيث يشارك رجال الصناعة فى وضع برامج التدريب والدراسة للطلاب لأنه من غير تدريب للطلاب فى التعليم الفنى لن يكون هناك أى تقدم.

لماذا نتحدث كثيرا عن تطوير التعليم الفنى والمردود فشل مزمن ومستمر منذ٥٠ عامًا حتى الآن؟

التطوير عملية مستمرة، ولا أستطيع أن أقول: إن التعليم الفنى فاشل طوال نصف القرن الماضى، ولكن هناك تدهورًا وأزمة بالفعل فى التعليم الفنى، ولكن التعليم أيضا مسئول مسئولية كبيرة عن عدم الدعم والمساندة لتطوير التعليم الفنى، ويعكس صورة سلبية جدا له بل الأخبار السيئة هى ما تنشر.

بعيدًا عن شماعة الإعلام وأنه سبب تدهور التعليم الفنى، ما الذى يضمن أن تطبق خطة التطوير ونحن نعلم أن كل مسئول يأتى يبدأ من الصفر؟

لا أعتقد أن هذا المعيار يمكن الاستمرار فيه لأن هذه المرة، كانت هناك لجان شارك فيها الكثيرون كما أنه هناك اعتماد من الدولة لذلك، وخطة مصر ٢٠٢٠-٢٠٣٠ تضمنت ذلك إذن هى إرادة دولة وهذا ما أكدت عليه أيضا لبعثة صندوق النقد الدولى من أن التطوير والتغيير أصبح مؤسسى وضمن خطة الدولة.

هل سيكون هناك تعليم فنى بمصروفات أسوة بالتعليم العام؟

لم أسمع مثل هذا الطرح على الإطلاق، والتعليم الفنى فى مصر مجانى بالكامل فى كل أنواعه ولا تنسوا أن التعليم الفنى لا يلتحق به إلا أبناء المصريين من الفئات الأقل قدرة مادية، وبالتالى لا يمكن طرح فكرة المصروفات به فنحن لدينا كما قلت ٢٠٠٠ مدرسة تعليم ثانوى فنى بها مليونا طالب مجانى، وهذه النسبة تغيرت فى الأعوام الأخيرة وتقلصت وأصبح عدد المقبولين فى الثانوى العام فى حدود ٤٧٪ وفى الثانوى الفنى ٥٣٪ بعد الإعدادية، وإن كنت أتمنى زيادة أعداد طلاب التعليم الفنى لأنهم أمل وقاطرة المستقبل.

كيف وطلاب التعليم الفنى الأقل مجموعًا فى الإعدادية وليس أمامهم منافذ الالتحاق بالتعليم العالى ؟

حاليا.. النظرة بدأت تتغير للتعليم الفنى ويقبل عليه الطلاب الأكثر مجموعا هربًا من فاتورة التعليم العام والدروس الخصوصية، أما فتح منافذ التعليم العالى أمامهم فهذا حلم وطموح نأمل فيه وخطة للدولة.

لماذا لا تتحول مدارس التعليم الفنى إلى مدارس ٥ سنوات إن كان هذا معيارا للتطوير والجودة؟

لا نستطيع لأن هذا يحتاج إلى أموال طائلة لتجهيز المدارس ذات نظام الخمس سنوات، إلى جانب أننا لا نمتلك الأعداد البشرية والكوادر من المدرسين المؤهلة لذلك، نحن نعانى من عجز المدرسين خاصة فى القرى والمحافظات البعيدة وعلى رأسها الصعيد، ونسبة العجز تتراوح ما بين ٢٥٪ إلى ٣٠٪.

وكي أكون دقيقاً ففى المجمل العام ليس لدينا عجز فى العدد الإجمالى للمدرسين، لكن لدينا سوء توزيع صارخ بين المحافظات بين المدن والقرى يؤدى إلى وجود عجز فى أعداد المدرسين، ولذلك لن ينصلح حال التعليم الفنى إلا إذا تولى مسئولية التخطيط له وتطويره من كان يعمل فيه ويعرف أوضاعه تماما فنظرية «البراشوت» تفشل لتطوير التعليم الفنى.