الأربعاء 24 ابريل 2024

فى عشق المسرح القومى

مقالات21-3-2022 | 14:51

المسرح القومى بالعتبة.. رائحة الماضى العريق.. يوم أن قرر الخديوى إسماعيل إنشاءه عام 1869 واضعا فيه الروح الاوربية من الرقى والتحضر.. لتستمر هذه الروح الراقية الهادئة عبر الأزمان ويصير المسرح قبلة لكل الفنانين والمبدعين فى عالم التمثيل والإخراج والديكور والموسيقى.

فلا بد أن تجد بين الممثلين من يفتخر أنه قد وقف على خشبة المسرح القومى يومًا ما، علامةً على علو مقدرته الفنية، حتى صار الوقوف على خشبة القومى هدفا لكل الأجيال الجديدة من الممثلين

و لطالما تساءلت بينى وبين نفسى لماذا توجد هذه الروح الراقية فى داخل المسرح القومي؟.. هذا التعامل الهادئ الوديع والروح المحبة للخدمة بين افراده بل والتعامل الراقى جدا لنا نحن الصحفيين والأدباء.

فعلى مر السنين، وبالرغم من تغير الإدارات المتتالية عليه، واختلافِ كل فكر إدارى عن الآخر فإنّه ظل بالروح الطيبة الراقية نفسها، المستمرة من يوسف بك وهبى حتى مديره الحالى الأستاذ إيهاب فهمى الذى يستمر للسنة الثالثة على التوالى فى حراسة أسواره ..

وما أكثر الحكايات التى حدثت بين أبواب المسرح القومى لعل أشهرها أن حدثت مشادة بين فرد الأمن فى البوابة وسيدة أتت مع طفلتها ذات الثانية عشرة سنة… وترغب فى الدخول إلى المسرحية وقد دفعت ثمن تذكرة واحدة فقط، ورفضت دفع ثمن الأخرى… ليخرج مدير دار العرض الأستاذ مصطفى عبد الحميد إلى البوابة متسائلًا عن سبب الضجة…و بعد أن عرف السبب تفاهم فى هدوء مع السيدة قائلا: حضرتك لو دخلت مع ابنتك فأين ستجلس هي.؟ على قدمي.. هكذا أجابت السيده… ليضحك الأستاذ مصطفى بهدوء قائلا: دى عروسة شابة طويلة ستمنع من يجلس خلفها من أن يرى المسرحية.. كما أن الكرسى قد لا يتحمل وزن اثنين عليه، وقد ينكسر

لتجيبه الأم مع ملامح وجه حملت الانكسار والترجي: "أدخل ابنتى وسأجلس أنتظرها خارج المسرح" .. ليعرف الأستاذ مصطفى انه عيد ميلاد الابنة…وهى ترغب فى حضور المسرحية منذ فترة طويلة. والأم فقيرة ولا تملك سوى ثمن تذكرة واحدة فقط..

لذا قرر أن يدفع من جيبه الخاص ثمن تذكرة إضافية للسيدة لكى تشاهد المسرحية قائلا: "لا يمكن أن نمنع من يحب المسرح، لدرجة أنّه مستعد أن يقف ثلاث ساعات لكى يسعد ابنته."

*****

شتان بين من يطبق القانون، ومن يطبق روح القانون.. وجمال الروح هو الأبقى دائما، لتستمر رسالة الفن من رئاسة "جورج أبيض" إلى رئاسة الفنان إيهاب فهمى.. بينما يعز علينا أن يتركنا الأستاذ مصطفى عبد الحميد الذى يخرج على المعاش تاركا لنا  أجمل الذكريات.. ذكريات روح المحبة وروح القانون.

* مستشار إعلامى وعضو جمعية المراسلين الأجانب فى مصر

Dr.Randa
Dr.Radwa