الأحد 20 اكتوبر 2024

ملك الملوك.. إذا وهب لا تسألن عن السبب فالله يعطي من يشاء فقف علي حد الأدب

8-7-2017 | 17:53

يكتبها – يحيي تادرس

تأمل الورقة النقدية

.... واد يا مصطفى.. سندوتشين فول واربع سجاير «فرط»

ثم واجهني - تعرف ياباشا... ما تعرفش أنا ارتحت لك أد إيه

....

هاتقولي لا مؤاخذة إيه السبب؟ النقدية اللي هاتقضيني قول أسبوع بحاله... كل شوية يجيني ناس م التليفزيون والجرائد .. عم بسطاوي احكلنا لكن أنا موش بافتح لهم «بقي» ولا قلبي بينشرح لهم .. كله لا مؤاخذة بلوشي.

.... الكلام بالمختصر بس أوعي تستهزأ بيه... الولية مراتي الله يرحمها هي السبب في الوكسة اللي أنا فيها ... حست أني هاتجوز عليها وعنها ... راحت السيدة ودعت عليه ومن يومها الناس بطلت تطبخ ولا حتي تستحمي في النحاس وبقي كله ألمونيا

.... النحاس كان أيام العز لكن الألمونيا؟

.... حلل / أناجر/ طشوتة / بستلات..

ويضحك... تعرف الألمونيا دي خربت بيت الحرامية!

..............

زمان.. كان فيه لا مؤاخذة حرامية متخصصة في سرقة النحاس زي برضه لا مؤاخذة اللي كانوا برضه زمان بيسرقوا الغسيل..... كل دول اتخرب بيوتهم

... النحاس؟ قدام شوية كان فيه سوق النحاسين وأكم عرايس جايين من الأرياف خصوصا والعرايس يقفوا علي الطشت اللي كان بيضرب وتنط عليه ويضحك كنت أحب أروح اتفرج عليهم وهناك شفت البت ... ولا بلاش تلاقيها دلوقتي اتجوزت وخلفت ونسيت حتي شكلي.

.....

ده كان فيه «نملة سودة» كنا بنسميها حرامي الحلة

ويضحك بشدة

..... أوعي تستهزأ بكلامي... خلي بالك من دعوة واحدة ست غضبانة

و...... يتناول «الساندوتشات» ويأكلها بنهم

... صحيح باين عليك ابن أصول وحسيت إني جعان وخرمان وندمان ... الولية مراتي بعد ما.... و«تلمع عيناه بالدموع» الله يرحمها - كانت مالية عليا «الأوضة» حتي وهي بتتخانق وتزربن .. بعدها حسيت إن رجعت عيل يتيم من غير حد يراعيه وبقيت أبات هنا والناس ربنا يديهم زي ما بيدوني ....

تركت عم بسطاويسي ولمحت مقهي متواضعاً

واحد شاي للباشا «الذي يعني أنا»

أمام المقهي محل جزارة وجزار تذكرت فيه جزار فيلم «السفيرة عزيزة»

...

لفت نظري تلك اللافتة الغريبة التي كتبتها في المقدمة وطابور من السيدات يبدو عليهن سوء الحال- وهن يتلقين - لفافات معدة من قبل .. ويلاحظ جرسون المقهي دهشتي.

دول لا مؤاخذة بياخدوا العضم والدهن والشغت يعملوا عليه شوربة كتر خيره - - إحنا الجزارين في حتتنا بيبيعوا ده كله زمان كان الكيلو بخمسة جنيه لكن دلوقت صبح بعشرة لكن المعلم سماحة الله يعمر بيته ... عامل ده كله «زكا» وعلي فكرة الكلام اللي فوق المحل من أيام أبوه الله يرحمه.. صحيح .. لا تسألن عن السبب

...... ياعربجي

..... خلال سيري سمعت ما أعتبرته طبقا لما شهدت - قولا قصد به صاحبه الإهانة

.... وهنا سأحكي لكم حدثا طريفا كان بطله العربجية:

عندما انتشرت العربات وزادت اعداد التاكسي أحس العربجية «سائقو الكارو» والحنطور بالقلق... ونظموا مظاهرة طريفة إلي بيت الأمة حيث خرج إليهم الزعيم سعد زغلول «حدث هذا يوم الخميس 7 فبراير 1924 متشبثين بروح ثورة 19 التي شاركوا فيها وكان سبب المظاهرة غريبا حقا - إذا بدأ زبائنهم ينصرفون عنهم إلي هذه البدعة الجديدة المسماة بالتاكسي..

كانت كل العربات مغطاة بالعلم المصري الأخضر ويطرقون بالكرابيج في الهواء إعلانا لغضبهم وحولهم التف عدد كبير من السائرين وعندما وصلوا إلي حيث يعيش «سعد باشا»

- عازين نقابل الباشا

- الباشا بيفطر

- يعني هوه يفطر وإحنا نموت م الجوع؟

و.... يشعر بهم الباشا ويخرج إلي شرفة البيت «وفي صحيفة البلاغ الأسبوعية»:

..... ويبدأ «العربجية» في الدعاء للزعيم

أشكركم ... وعايز اسمع من واحد فيكوا سبب المظاهرة دي كلها؟!

- الاتومبيلات والتاكسي اللي خربوا بيوتنا ويستكمل آخر.

- وبعدين العربيات الموضة دي شوف سعادتك وهي بتجري وياما عورت ناس وياما بيحصل فيها بلاوي.

ويستكمل آخر:

ثم العربيات دي كلها من صنع «الانجليز» اللي احنا حاربناهم في الثورة...

ويستطيع «الباشا» بخبرته السياسية أن يستعوب قدرتهم:

أنا عربجي زيكم بالضبط والحكومة هي الحنطور والشعب هو الراكب الوحيد وواجبي أوصله إلي الاستقلال التام لمصر والسودان ويضحك... الفرق الوحيد بيني وبينكم إن مافيش في إيدي كرباج

.... ويضحك العربجية ويشعرون بالفخر حين يقول لهم زعيم الأمة إنه مثلهم «عربجي»!

.... ودلوقت طلباتكم

.... ويتزايد الصياح من جديد:

- تمنع العربيات والتاكسي علشان نعرف ناكل عيش..

- وترضوا إن احنا نتخلف عن العصر... العالم كله دلوقتي بيركب عربيات وتاكسي...ولو رجعنا تاني للحناطير هنبقي متخلفين عنهم... ترضوا مصر تبقي متخلفة عن العالم؟

وترضوا ان مصر اللي انتوا ضحيتوا كتير علشانها تنقل الركاب علي حمير ولا عربيات كارو!

.... إذا حد فيكم عايز نبقي متخلفين عن العالم وعن الانجليز يبقي أنا موافق علي كل طلباتكم.

.... ويتبادل العربجية النظر و....... يبدأون بالهتاف لسعد باشا

ويقول الباشا - هاااااه اتفقنا؟

و..... يبدأون في الهتاف لزعيم الأمة

... يعيش زعيم الأمة

ويضحك سعد باشا:

أنا عايزكوا تغيروا الهتاف وبدل زعيم الأمة تقولوا يعيش «الأسطي سعد»

....

و.... تنتهي ثورة العربجية:

الوحيد الذي تحرك لمأساتهم هو

سيد درويش الذي عبر عن كلمات الأديب الكبير أمين صدقي:

كل الناس في اشغالها يا أفندي رايحين جايين

إلا إحنا نفضل بالعشر ساعات قاعدين

الله يكفيكم ياهوه شر القعدة اللي بنقعدها

........

وأخذت من جديد اسير في الشارع العتيق واتأمل حكم الزمن هذا الشارع كان يمتلئ بكافة وسائل المواصلات قديما:

الحمير والكارو والحنطور والكاريتة «مثل التي كان يركبها «يحيي شاهين» في ثلاثية نجيب محفوظ.

... الآن منعت عنه كل وسائل المواصلات... إلا قليلا إنه الزمن... وحكم الزمان الذي لا مفر منه..

.......

علي اليمين لافتة لا تلفت نظر الكثيرين:

حمام السلطان

لقد أصبح خاليا من الزبائن إلا من بعض الفضوليين.

ملحوظة: قمنا بالتصوير داخل قاعاته حين كان لايزال يستخدم في برنامجي حكاوي القهاوي وكانت الراحلة العظيمة «سامية الاتربي» تمتلئ بروح «المغامرة» والبحث دائما عما يلفت انظار المشاهدين.

.......

ولكن .... وقبل أن اكتب عن حمامات زمان - اسمحوا لي أن «أتنكر» نعم أتنكر لأشهد زفة إحدي العرائس منذ حوالي مائتي عام - وسبب تنكري خوفي من كشف أمري لأني لا أعرف هل يسمح لي «كرجل» بمشاهدته - وإلي أي حد.

في البداية ومن بعيد شهدت أغرب زفة التي تتوجه إلي الحمام

.....

في المقدمة مجموعة من الموسيقيين الذين يحدثون بطبولهم ضجيجا ليس له علاقة بالموسيقي ولكنه للفت أنظار المارة!

.....

يشارك الموكب الصاخب... سقا - يقدم الماء لكل عابر سبيل إلي جانب رجلين أحدهما يحمل «قمقم» من الفضة في داخله ماء الورد يرشه علي المارة والآخر يحمل «مبخرة» يطوف بها حول الموكب.

.....

في مقدمة الموكب مجموعة من السيدات يسرن في نظام بديع - عرفت فيما بعد أنهن من قريباتها المتزوجات أو صديقات العروس وبعدهن «العذاري» وبالطبع كن يرقبن كل شيء بانتباه ليستفدن به حين يتزوجن

.... ثم وبعد انتظار - تظهر العروس التي تسير تحت مظلة غريبة - إذ يحملها أربعة رجال حاولت أن ألمح وجهها ففشلت - إذ كان ما ترتديه يخفيه تماما وبجوار العروس المحظوظة كانت سيدتان «عرفت فيما بعد أنهما من قريباتها»

.... كان الجو شديد الحرارة بالنسبة لي وأنا أرتدي ملابس ذلك العصر ولكن بالنسبة للعروس كانت هناك امرأة بدينة تهوي للعروس بواسطة مروحة من ريش النعام

وسألت رجلا كان يشهد علي الموكب... هل تتم كل الزيجات بنفس الطريقة... فنظر لي الرجل بتعجب وهل تتحمل الفقيرات نفقات كل هذه النفخة الكدابة إنهن يستبدلن كل هذا بالزغاريد من الأقارب والصديقات

.....

وأخيراً - يصل الموكب إلي الحمام حيث كانت تنتظرها مجموعة من العوالم لتسليتها في الحمام.

......

وبالطبع لم أكن استطيع معرفة ما يحدث داخله...

وعدت بسرعة إلي مكاني في الشارع العتيق حيث فوجئت بعربة صغيرة فوقها «لبان»....

معايا لبان دكر ولبان نتاية... طلباتك

... كانت ترتدي السواد

- إنت باين موش عاوز تشتري وأنا موش ناقصك م الصبح ما استفتحتش...

من بعيد أخذت أرقبها ثم اقترب منها

- ما تأخذنيشي ياست لكن اللبان اللي بتبعيه شكله غريب شوية

- ما هو ده اللبان الأصلي موش لبان البواقي اللي مالوش طعم...

وأخذت تقلب في قطع اللبان

... الدكر ده طعمه مر شوية لكن النتاية! وتضحك ده لبان هوانمي... الحمد الله وشك حلو.. وتقترب منها عدد من السيدات ويبدأن في الشراء...

آه ... نسيت أن أذكر رائحة البخور قادمة مع أحد الرجال الذي يطوف بمبخرته علي كل المحلات والدكاكين والباعة صائحاً: ياهادي

.... وكان الجميع يتبرك به ويمد يده .. بما فيه القسمة ولكن هل انتهي حديث الحمامات

......

في المقال القادم سأحكي لك عن أغرب حمام فى «غرناطة» بعد سقوطها كما حكته لنا المبدعة الراحلة - رضوي عاشور فى «ثلاثية غرناطة»....