الأحد 24 نوفمبر 2024

مقالات

الإجراءات .. والأولويات

  • 22-3-2022 | 20:31
طباعة

امتلاك القدرة على إدارة تداعيات الأزمة العالمية.. من خلال إجراءات وقرارات وحزم مالية وحماية اجتماعية قوية -خاصة وأن الأزمة فُرضت علينا ولم تُصنع بأيدينا - هذه الإجراءات والحزم تحقق هدفين مهمين.. الأول حماية المواطن.. والثانى دعم الاقتصاد.. ومن هذا المنطلق نطالب الحكومة وشعبنا بأن نضع لأنفسنا خريطة أولويات لتحقيق الهدفين.. والأكثر دراية بالأولويات هى الحكومة وأيضا المواطن.. فالأسر مطالبة بإعادة النظر فى أولوياتها والأساسيات التى تحتاجها للتوزيع الذكى للدخل والموارد.. رسائل الإجراءات الحكومية الأخيرة التى جاءت بتوجيهات رئاسية كثيرة ومتنوعة.. يجب أن ينظر إليها باحترام.. وقدرة على التعاطى مع تداعيات أزمة عالمية.. هناك إجراءات كثيرة منتظرة من الأجهزة الرقابية والأسر المصرية للعبور بسلام من براثن أزمة عالمية.
 
  
 
«حزم مالية وحماية اجتماعية».. تحمل رسائل كثيرة.. وإعادة حسابات مطلوبة للتعاطى مع الأزمة.. ولتحقيق هدفين وضعتهما الحكومة.. «مصلحة المواطن» و«دعم الاقتصاد»
 
 من الواضح أننا أمام دولة تدير تحديات وتداعيات الأزمة العالمية التى تواجه دول وشعوب العالم دون استثناء بعلم وخبرات من خلال إدارة أزمة تتعاطى مع التأثيرات السلبية وتتخذ الإجراءات الصحيحة لحماية المواطن والاقتصاد الوطنى.
حزمة الإجراءات المالية وللحماية الاجتماعية التى اتخذتها الحكومة بالأمس بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسى هى محل تقدير وإشادة خبراء الاقتصاد بالاضافة إلى أنها تخفف من وطأة تأثيرات الأزمة العالمية على المواطن وتدفع الاقتصاد وتنشط السوق والإنتاج وهى فى نفس الوقت تعكس قدرة الاقتصاد المصرى على التفكير فى حلول ورؤى وتوفير الالتزامات المالية لتفعيل هذه الحلول.
الحكومة بالأمس أصدرت حزمة إجراءات مالية وحماية اجتماعية أراها جاءت فى توقيتها فالـ«130» مليار جنيه تستطيع أن تخفف من التأثيرات السلبية على المواطن والاقتصاد الوطني.. فزيادة المرتبات والأجور والمعاشات سيتم يتم تبكيرها لتبدأ من الشهر المقبل بدلاً من يوليو وزيادة نسب الزيادة بالإضافة لزيادة الحافز الإضافى والإجراءات والتخفيضات الضريبية على دخل المواطن ورفع سعر الفائدة بنسبة 1٪.. وإصدار شهادة لبنكى الأهلى ومصر بفائدة 18٪ كل هذه الإجراءات أراها حيوية وفاعلة وقادرة على امتصاص تداعيات الأزمة وتحريك وتنشيط الاقتصاد والحفاظ على معدلات الإنتاج فالدولار الجمركى شهد ارتفاعاً طفيفاً ليصل إلى 16 جنيهاً بدلاً من 15 جنيهاً بالإضافة إلى أنه متوافر بالنسبة للمستورد.. وكل ذلك يعزز استمرار الإنتاج بنفس الوتيرة التى كانت عليها قبل الأزمة العالمية.. والتخفيف من تأثيرها على المواطن والأسعار الخاصة بالسلع والمنتجات.
ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه ليس أمراً سيئاً لأنه مجرد سلعة تتأثر بالعرض والطلب.. وأيضاً بالأزمات الداخلية والعالمية.. وبما أن هناك تداعيات لحرب روسيا وأوكرانيا فانه بطبيعة الحال الدولار يتأثر فى ظل المناخ العالمى وأيضا رصيد الموارد من الدولار.
هناك رسائل مهمة أتوقف عندها من خلال هذه الإجراءات المهمة التى اتخذتها الحكومة.. تشير إلى إرادة الدولة المصرية فى حماية مواطنيها على مستوى جميع الفئات وألا تكون تأثيرات وتداعيات الأزمة العالمية بالشدة والمعاناة التى تصيب المواطن وأيضاً امتلاك الرؤية للحفاظ على قوة ونمو الاقتصاد المصرى فى ظل الأزمة العالمية.
الرسالة المهمة أيضا تعكس قدرة الاقتصاد المصرى على المرونة والاستجابة لمعطيات وتداعيات الأزمة والتحديات الاقتصادية العالمية.
أيضاً الدولة حريصة على مواصلة مسارها ومنهجها فى حماية الفئات الأكثر احتياجاً من خلال زيادة أعداد المستفيدين من برنامج «تكافل وكرامة» وإضافة 450 ألف أسرة جديدة إلى البرنامج ليصبح عدد اجمالى المستفيدين 17 مليون مواطن مصرى من خلال تدابير 2.7 مليار جنيه إضافية يشير إلى قدرة الاقتصاد وكذلك إرادة الدولة فى حماية هذه الفئات.
الإجراء أو القرار المهم الذى اتخذه رئيس الوزراء وهو تحديد سعر رغيف العيش الحر ليكون المميز زنة 45 جراماً بـ50 قرشاً والـ65 جراماً بـ75 قرشا والـ90 جراماً بجنيه واحد مع تغليظ العقوبات للمخالفين كل ذلك يدفع إلى خلق حالة من الانضباط والالتزام والثقة والاطمئنان لدى المواطن خاصة وأننا فى أزمة عالمية لا ذنب للدولة المصرية أو أى دولة أخرى فيها.. وتداعيات مؤثرة تطال الجميع.
نحن مطالبون جميعاً بالتعايش مع الأزمة والعبور الآمن للتداعيات ولن يتأتى ذلك إلا بادراك المواطن ووعيه وتغيير أنماط سلوكه واستهلاكه وأيضاً الفهم لمحاولات المتربصين ومشعلى الفتن ومن لهم أهداف ونوايا خبيثة لإحداث الوقيعة أو السخط.. لذلك الإعلام مطالب بالتصدى لأحاديث «الإفك» التى تصدر من الأفواه والمنابر الإخوانية العفنة وخلاياهم الإلكترونية ليس هذا فحسب ولكن أهمية مراقبة وتتبع الأذناب وأفاعى الداخل خاصة أن هناك بعض الموظفين يحاولون عرقلة كل شيء ويتجلى ذلك فى الخدمات والمستشفيات وحالة الاهمال واللامبالاة الوظيفية ولا أدرى هل هى عن عمد وقصد أم أنها جزء من تكوين بعض الموظفين من تداعيات ثقافة الماضى بطبيعة الحال هناك من يعيش بيننا ويعمل ضدنا.. لكن فى كل الأحوال لا يجب أن نسمح لهذه الفئات التى ربما تكون متعانقة مع الخارج لزيادة وتيرة الأزمة والتأثير على الروح المعنوية للمواطنين بكل ما نملك من قوة.
الأمر المهم أيضاً نريد رقابة قاسية ويقظة على مدار الساعة حتى لو اضطررنا أن نمنحها صلاحيات أو تغليظ عقوبات أكثر.. فلابد أن ندرك أننا فى توقيت حرب رغم أننا لسنا طرفاً فيها لكن تدعياتها وتأثيراتها تنال الجميع.. وإذا كانت الدولة تحقق نجاحات فى امتصاصها وتخفيفها فإن هناك من يريد تصعيدها.. لذلك الرقابة بكل أنواعها وأجهزتها يجب أن تظل فى الشارع وفى الأسواق ومناطق ومنافذ ومؤسسات الخدمات تتابع كل صغيرة وكبيرة فلا مجال للجلوس فى مكاتب فهناك أزمة لها تحدياتها وتداعياتها وأيضاً هناك من يحاول استغلالها وإشعال الموقف سواء من منابر وأبواق الخارج من خلال ترويج الأكاذيب وإعادة تدوير المخلفات الإخوانية بالفبركة وإعادة بث المشاهد والفيديوهات القديمة أو من خلال الداخل بتنشيط الأعمال والسلوكيات الشيطانية والخبيثة فى إحداث تفاقم للأزمة وخفض الروح المعنوية للناس وإثارتهم وعلينا الضرب بيد من حديد ولابد أن نتحلى باليقظة كدولة بكافة أجهزتها وأدواتها الرقابية والأمنية.
لا أنكر قسوة الأزمة العالمية وتداعياتها وتحدياتها وما تخلقه من إجراءات ومعاناة.. لكن فى نفس الوقت لدينا فرصة ذهبية لعصف الذهن والخروج بإيجابيات كثيرة.. سواء من خلال قياس درجة وعينا وتحملنا وتكاتفنا ووطنيتنا أو الخروج بفضيلة تعظيم الاعتماد على الذات وتنشيط قدراتنا على الإبداع فى الصناعة والزراعة والتوسع.. وربما أجتهد وأقترح من خلال علم وفقه الأولويات بالتركيز على بعض المجالات وتوفير ميزانيات أمور لا نحتاجها وهذا لا يمكن أن أحدده أنا أو غيرى ولكن وفقاً لأولويات تراها الحكومة والاستفادة من هذه الميزانيات لخدمة التوسع الزراعى والتعجيل بالمشروعات العظيمة وأيضاً فى دعم الصناعة بمعنى ان الأولويات الجديدة تساهم فى دعم توجه الدولة فى حماية المواطن ودعم الاقتصاد وتحقيق أكبر قدر ممكن من الاكتفاء أو تخفيض نسب الاستيراد.. أو أقصد التركيز على المشروعات سريعة العوائد ربما أكون مخطئاً ولكن وجهة نظر.. والصورة الأكثر وضوحاً لدى الحكومة.. لكن ظروف التوقيت تفرض علينا ان نسير فى الاتجاهين العظيمين اللذين حددتهما الحكومة وهما دعم المواطن والاقتصاد.
أعتقد أن السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة والمصريين فى الخارج تستطيع ان تطلق مبادرة لأبنائنا فى الخارج وفى دول العالم بأهمية الاستفادة من مدخراتهم وأموالهم فى مصر سواء من خلال مشروعات أو الاستفادة من مميزات الشهادات التى أطلقها البنكان «مصر والأهلى».. لكن ما أريد التأكيد عليه هو ضرورة أن يكون للمصريين فى الخارج دور وطنى فى زيادة موارد مصر من العملات الصعبة التى تجاوزت الـ31 مليار دولار وهل نطلق حملة تنشيطية مثلاً يقودها لاعبنا العالمى نجم ليفربول الإنجليزى محمد صلاح.. فلماذا لا تكون كل مدخرات أبنائنا ونجومنا وعلمائنا فى الخارج موجودة فى مصر وبنوكها ومشروعاتها.
قلت ان الشدائد والأزمات تقيس درجة وعينا وتكاتفنا ووطنيتنا.. وتفرز أيضاً الغث من السمين.. لذلك يجب علينا أن نفهم وندرك ونعى أن الأزمة وتحدياتها وتداعياتها هى أمر خارج عن إرادتنا فهى أزمة عالمية وليست من صنع أيدينا.. وان الدولة قبل وبعد الأزمة تمضى وتسير فى المسار الصحيح ولديها القدرة على إدارتها.. وعدم الاستسلام لتداعياتها من خلال رؤى وإجراءات وحلول تحافظ على المواطن والاقتصاد وهذه نقطة مضيئة.. فالتداعيات طالت الجميع.. هناك دول تعانى من نقص شديد فى السلع الأساسية وهناك دول كبيرة لديها أزمات فى بعض المواد.. مثل ألمانيا التى تواجه أزمة فى زيت الطعام ومصادر الطاقة من بترول وغاز.. وفى تركيا الصعوبات والتضخم وزيادة الأسعار أكثر وطأة لكن الحمد لله الأمور فى مصر تسير بشكل طبيعى وكل شيء متوفر وبدون أى معاناة.
الأسرة المصرية يجب أن تعى أيضاً الأمر جيداً والإلمام بتداعيات الأزمة وتأثيراتها.. لذلك وفى ظل إجراءات الدولة لصالح المواطن وزيادة الرواتب والمعاشات وخفض الضرائب لابد لنا كأسر ومواطنين ان نأخذ بفقه الأولويات فى حياتنا ومعيشتنا ونتجنب الشكليات وتوزيع دخولنا ومواردنا بشكل ذكي.. انطلاقاً من قليل مستمر أفضل من كثير متقطع أو متوقف.
أيضاً من المهم أن نجلس كثيراً كمسئولين مع القطاع الخاص والخبراء فى كافة المجالات سواء الاقتصاد أو الاستثمار أو الإنتاج فى كافة المجالات والقطاعات.
أراها أيضاً فرصة سانحة أمام العرب للاتحاد لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية والتحرر من الضغوط ومواجهة النفس فى إعادة الحسابات ورسم خريطة العلاقات العربية - الدولية وأيضاً فى مواجهة التداعيات الخاصة بالأزمة العالمية من خلال تكامل واستغلال للموارد الخاصة بكل دولة عربية.. فرصة أيضاً للتقارب العربي- العربى للوقوف فى وجه العاصفة العالمية التى سوف تخلق نظاماً وخريطة جديدة على العرب أن يكونوا ضلعاً وركناً أساسياً فيها.. فلا ينقصهم أى شيء لفعل ذلك خاصة بعد أن أصبحت الحقائق والتكتلات والمؤامرات والمخططات التى استهدفتهم واضحة تماماً للعيان.

تحيا مصر

الاكثر قراءة