بقلم – إيمان رسلان
علاقتى بالرياضة.. قديمة بدأت منذ كنت طفلة صغيرة تصطحبنى والدتى فى أوائل السبعينيات لمشاهدة مباريات كرة السلة وتشجيع أحد الفرق الشهيرة والعريقة باللعبة وأقصد نادى الجزيرة حيث كان يلعب فيه أحد أقاربى، بل الأكثر من ذلك إننى كنت أذهب معها لتشجيع الفريق القومى الذى كان يمثلنا فى البطولات، أذكر أن الهتافات كانت لائقة جدًا وشيك، لأن جمهور السلة خليط كثير من الرجال وأيضًا السيدات، حيث كانت اللعبة تشد الكثيرين فى ذلك الوقت.
ومن هنا عرفت قدماى الطريق إلى الملاعب، وكان سهلًا على من هو فى جيلى الذى وصل إلى الخمسين الآن من البنات أن يجدن فرصة بسهولة جدًا للعب فى أحد الأندية ودخول الفرق الرياضية، وليس كما هو الحال الآن، الواسطة هى المعيار، بل والدورس الخصوصية أيضًا.
كنا أبناء الطبقة المتوسطة نذهب للتدريب فى أغلب الأحيان سيرًا على الأقدام محيط النادى كان دائمًا بجوار المنزل سواء لسكان وسط البلد، حيث هناك أندية الأهلى والجزيرة والقاهرة، أو لسكان مصر الجديدة، فهناك هليوبليس وهليوليدو ثم بعد ذلك المهندسين وكان بها الزمالك والصيد وعلى ما أتذكر الترسانة.
كان الجميع يعرف بعضه البعض، لأنهم إما جيران أو فى مدرسة واحدة أو أعضاء فى النادى، وهكذا انتميت إلى حب الرياضة منذ الصغر، ولكن ظلت كرة القدم هى اللعبة التى نشجعها فقط ولا نمارسها، ففى جيلى وحتى أجيال قريبة لم تكن هناك فرق للبنات لرياضة كرة القدم، لذلك كنا نذهب لمشاهدة مباريات كرة القدم وكنا نرى اللاعبين فى النادى معنا، سواء كنا فى زيارة أو لدينا مباراة ولكن ظلت فرق الأهلى والزمالك هى الأشهر بالتأكيد ولا نعرف غيرهما.
وكان ذهاب الفتيات إلى استاد القاهرة فى المباريات الكبيرة مسألة «غير تقليدية» وليست مستحبة، لذلك كان وجود الفتيات «عجبة» تستدعى التصوير وغيره باعتبارها من عجائب الدنيا السبع!
إلى أن حدثت الطفرة وذهبت لأول مرة إلى استاد القاهرة، وأذكر أن ذلك كان فى عام ١٩٨٦ بصحبة أصدقاء لتشجيع فريقنا القومى ضد المغرب ذهبنا مبكرًا وجلسنا طبعًا فى مقاعد «الدرجة الأولى» باعتبار أن البنات لا يصح أن يجلسن فى الدرجة الثالثة.. وطوال تسخين الفريق القومى كان التشجيع حماسيًا للغاية، وأذكر هتافًا شهيرًا للجماهير باسم اللاعب الزاكى وهو كان حارس مرمى المغرب (طبعًا كان الهتاف خارجا).
وبدأت المباراة والهتاف مستمر وسجل طاهر أبو زيد هدفًا لمصر واشتعلت المدرجات وسكت الهتاف «الخارج» بعد الهدف طبعًا.
واستمرت بعد ذلك علاقتى بالاستاد قوية أتحين الفرصة للذهاب إليه، حتى كانت بطولة كأس العالم للشباب فى كرة اليد وكنت مقيمة هناك فيما عدا ماتش فرنسا الذى «هزمنا فيه».
ثم طبعًا استمرت العلاقة مع كرة القدم التى أحببتها منذ الصغر، فكانت البطولات الإقليمية التى تقام فى مصر كأنها واجب قومى لابد من أن نذهب إليه.
وبعد ٢٠ عامًا أقيمت بطولة الأمم ولكن الدنيا كانت قد تغيرت وأصبح الفتيات، بل والعائلة المصرية كلها تذهب للاستاد لتشجيع الفريق المصرى وأصبحت مدرجات الدرجة الثالثة ليست حكرًا على الشباب فقط أو ما اصطلح عليه بعد ذلك شباب الأولتراس وإنما نموذج مصغر للعائلة المصرية، أى أصبح يذهب للأستاد الأسرة بأكملها البنات والأولاد الأب والأم والجدة، وهكذا استمرت مسيرتى ومسيرة عائلتى الكروية جدًا فى حب مصر والتشجيع بجنون وشراء التذاكر للمنتخب، حتى لو كانت من السوق السوداء وأذكر هنا واقعة لطيفة أن زوج صديقتى كان يعرف غرام ابنى الأكبر بالمنتخب، وطبعًا هم كانوا أهلاوية «زى بعض» على عكسى طبعًا زمالكوية من المهد حتى الحقبة الأخيرة فقط من اسم النادى، المهم كلمنى الصديق العزيز فى الصباح المبكر لكى يقول لى إنه أحضر لابنى وهو كما قلت «أهلاوى مثله» تذكرة لنهائى إفريقيا «وكانت أيام» !
أتذكرها الآن وابنى يدعونى فى منزله فى كل يوم لمباراة مصر فى الدورة الأخيرة نشجع سويًا ونهتف باسم مصر طبعًا اللعبة الحلوة اختفت شوية فى مباريات فريقنا ولكن مفردات «حاسب» «حلق الله يسترك» «زميلك هناك» .. إلى آخره فى المفردات الكروية للتشجيع المنزلى.
نسيت أن أقول لكم إن ابنى الأصغر يشاهد مباريات مصر فى الخارج فى وسط قهوة المصريين وفى كل بلد أوربى هناك قهوة للمصريين، فطوبى لهم فالفريق القومى المصرى.. عمل حالة إجماع للمصريين فى الداخل والخارج بل للعرب أيضًا ولا أنسى رسالة من زميل مغربى لابنى شاهد معه مباراة الفريق الأخيرة ضد «بوركينا فاسو» ووجدتهما يرسلان رسالة لى عنوانها: حضرى.. حضرى..
هكذا أيضًا أظهرت الفيديوهات العربى فى فلسطين وتحديدًا بغزة .. السودان تسهر حتى الصباح وترفع علم مصر وتنادى معى أنا والعذاب وهواه .. عايشين لبعضينا من الاستاد إلى قهوة المصريين الكل يجتمع على حب مصر.