الإثنين 6 مايو 2024

سامي البلشي: بين رومانتيكية الثورة وتراجيديا النكسة خرج عز للصحراء باحثا عن الحقيقة

الفنان عز الدين نجيب

ثقافة30-3-2022 | 21:13

عبدالله مسعد

قال الفنان والناقد سامي البلشي، خلال مداخلته النقدية حول مراحل إبداع عز الدين نجيب في الندوة التكريمية التي نظمها  جاليري ضي مساء أمس على هامش المعرض الاستعادي لأعمال عز الدين  نجيب عبر مسيرته، كانت الهوية المصرية حاسمة في أهم أعمال عز الدين نجيب فهو عاشق للناس والمكان، يحتمي بالبيوت ويتغزل فيها ويحرف فى تكويناتها ليستنطقها.

والأحجار عنده مسكونة بالتعبيرات الناطقة التي تنقل ما بداخل الفنان من تحد وصمود فى أيام الإنكسار، يلهمه السد العالي وتراث النوبة، وبيوت الواحات والصحراء، وأرض سيناء، وكأنه يكتب باللوحة وصفا إنسانيًا لمصر الحديثة.

الندوة شارك فيها كل من الفنان الدكتور رضا عبد السلام أستاذ التصوير في كلية الفنون الجميلة والنحات الدكتور طارق الكومي مدير متحف مختار والفنان والناقد سامي البلشي والناقد هشام قنديل.

وأضاف: يبحث عز عن الوطن وقضايا شعبه في هذه الدراما التشكيلية وفي تلك التأملات الرمزية المرتبطة بالخيال والرومانسية، المبنية على إيقاعات خطية ولونية محسوبة، شخوصه معظمها في حالة من التساؤل والإنتظار والترقب.


وعز فنان يعيش بين الرومانسية والتراجيديا، بين الشوق والخيال بين الرغبة والحب وكل هذه الثنائيات نراها في العلاقات الإنسانية التى شكلتها لغته البصرية لحوارات بين الرجل والمرأة منذ الخليقة وحتى الآن، وجميعها مرتبطة بالأرض والسماء، واللغة البصرية التراجيدية وثقتها خطوطه وألوانه في البنايات التى استلهمها من البيوت الصحراوية وبيوت الواحات التى وجد فيها حوارات ملهمة بين الضوء والظلال، وأيضا التى ترتبط بالأرض والسماء، فالضوء والظلال لهما علاقة بالليل والنهار، والحق والباطل، والموت والحياة، والقيود والحرية.
  
ولانستطيع أن نغفل ونحن نقرأ السيرة الآن الحياة التي عاشها الفنان في ريعان شبابه من أحلام ثورية رومانسية قابلتها هزيمة 1967 لتشكل حالة تراجيدية وتضعه في متناقضات، تفتح أبواب الرؤية الى عالم متسع يسمح بالهروب بتلك النزعات الى أطراف المدن ليتأمل الأفق، وينظر الى السماء، ويبحث في البيوت الطينية عن معنى الوجود، فتكون الألوان البنية بدرجاتها والزرقاء بدرجاتها من لقائه المتواصل بينهما ويكون الأصفر مرتبطًا بالصحراء.


كان بإمكان عز الدين نجيب أن يتناول الثورة بشكل مباشر، لكن علاقاته وصداقته بسياسيين ومفكرين بعضهم يتحفظ على أداءات الناصريين، جعله يفكر في تغليف أفكاره ورؤاه  بفلسفة ترتبط بالروحانيات والرؤى الصوفية للوجود، ولذلك تناول الفن برؤية بصرية غير مباشرة أخذته الى هذا العالم الفسيح الذى نراه الآن فى هذه اللوحات المتداخلة بين رومانسيته وتراجيديته.
 
 
وقال البلشي إن عز لم تغره مدرسة أو إتجاه فني طوال حياته لنقول أن عز الدين ينتمي الى مدرسة كذا أو الاتجاه الفلاني لكنه استفاد من الخبرات والأساليب واستمر طوال حياته بأسلوبه باحثا متصوفا بثورية عن الحقيقة في البنايات والصحراء وحركة البسطاء لا يهتم بالعالم الخارجي فقط، ولكن يربطه بعالمه الداخلي للحلم والخيال مستخدما بصورة لافته تقنيات الظل والضوء ليحطم العتمة فنيًا وجماليًا وربما رمزيًا.


قدم الفنان والناقد الكبير عزالدين نجيب 31 معرضًا خاصا  منذ عام 1964 حتى الآن أخرها هذا المعرض الإستعادى الذي نجلس بين لوحاته في قاعة ضي، وعشرات المعارض الجماعية والمعارض الخارجية في مختلف دول العالم، وله إصدارات أدبية لمجموعة قصصية، كما أصدركتابا بعنوان "فجر التصوير المصري الحديث" عام 2000 ، وكتاب أنشودة الحجر إصدار الهيئة العامة لقصور الثقافة 1999، وأصدر موسوعة الفنون التشكيلية من ثلاثة أجزاء عام  2008، وحصل على الجائزة الأولى في النقد الفني من المجلس الأعلى للثقافة عام 1982، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 2014، وتم تدشين كتاب مهم لعز  يقدم فيه  قراءاته القدية لأعمال 130 فنانًا مصريًا  تحت عنوان لافت هو الهوية.
 
ومن جانبه قال الناقد التشكيلي هشام قنديل رئيس مجلس إدارة جاليري ضي ان التفكير في معرض الفنان الكبير عز الدين نجيب بدأ قبل سنوات ولكن الظروف تسببت في تأجيله "ورب ضارة نافعة فلم نكن قد افتتحنا هذه القاعة الجديدة للجاليري وهي مقر أكاديمية ضي للفنون وعندما افتتحنا صارت مناسبة لعرض مثل هذا العدد الضخم " حوالي 200 لوحة" الذي  يمثل  كل مراحل إبداع الفنان الكبير الذي أتشرف بالتعاون مع منذ سنوانت وأتتلمذ علي لوحاته منذ فترة طويلة فهو  من الآباء المؤسسين لعملنا في ضي بخبراته المتعدده فنانا وناقدا كبيرا يمثل الامتداد الحي للمدرسة المصرية في الفن التشكيلي بإبداعاته الممتده علي مدي 60 عاما وعبر كتاباته النقدية عن فن التصوير المصري وعن الراحل الكبير جميل شفيق وقد  تشرفنا الأسبوع الماضي في افتتاح  المعرض بتدشين كتاب بالغ الاهمية لعز الدين نجيب هو الفن المصري وسؤال الهوية. 

وهو الكتاب الذي قدم فيه الفنان  قراءات  بصرية في اعمال 130 فنانا تحت سؤال الهوية المصرية التي تعد الشغل الشاغل له منذ بدأ مسيرته الفنية في الستينات من القرن الماضي.


 تعلمت الكثير من عز الدين نجيب في مجال قراءة الأعمال الفنية والإحساس بعناصر التشكيل في العمل الفني. لكنني تعلت منه أهم الدروس الفنية والسياسية والإنسانية وهو أن على الفنان أن يكون ضميرًا وطنيًا وأن يكون له موقف من قضايا وطنه وأمته وأن على الفنان والمبدع ألا يقبل بالهزيمة والانكسارات وأن يحارب العثرات التي يتعرض  لها وان يقوم منها كعصفور النار من جديد. 

فهذا رجل حقيقي وفنان حقيقي لا يعرف الهزيمة ولا يقف بسبب العثرات او العراقيل ويمثل بدأبه الفني والنقي والسياسي نموذجًا فذا للفنان المصري المتمسك بهوية وطن في لوحاته وكتاباته النقدية وعمله العام.

Egypt Air