الإثنين 25 نوفمبر 2024

مقالات

حليم تاجر السعادة الموعود بالعذاب

  • 31-3-2022 | 10:46
طباعة

رغم رحيل الجسد، إلا أن صوت العندليب ما يزال الراوي لقصص الحب والشاهد عليها، ترجم آلام وأحزان قصص العشاق لأنغام أسعدت الملايين، فكانت هي أبجديات العشق بين المحبين، كانت حياته دراما منذ الميلاد وحتى الممات، غنى للحب، وتألم في كل قصة كان بطلها، من منا لم يهدي حبيبته أغاني حليم، من منا لم يعشق صوت حليم مع كل قصة حب عاشها في شبابه، بالرغم من الرحيل الجسدي إلا أنه ما يزال تاجر السعادة الموعود بالعذاب، عذاب الحب والفراق.

من منا لم يمر بتجربة الحب الأول، وحينما يشاهد فيلم الوسادة الخالية يتذكر تفاصيلها، تسعدنا جميعا المشاهدة لدقائق ونجتر الذكريات، بينما من أسعدنا تألم ومر بتجارب كان فيها قلبا موعود بالعذاب، سلاما علي حب لم يكتمل وروح غاب جسدها علها ترقد بسلام.

كان الحب والفراق، هو المكتوب على العندليب، يصف حليم حبيبته بقوله "كأنني ولدت يتما حتى أولد في عينيها حتي تصبح أمي"، أنها "ديدي" وهو اسم مستعار يشير لها وهي صاحبة شخصية جيهان العلايلي في فيلم حليم، وكان أول لقاء جمع بينهم في لندن حينما كان يتسوق في محلات هارودذ، والثانية كانت علي شاطئ العجمي، ورحلت " ديدي" عن الحياة بفعل مرض نادر، وهي المرأة التي غنى لها العندليب "بتلوموني ليه"، وعقب الرحيل المؤلم لها عبر حليم عن فقدانه لها بأغنية:

 "في يوم في شهر في سنة" وبصوته الحزين جسد أول قصة حب في حياته، بكلمات موجعه "في يوم في شهر في سنة.. تهدى الجراح وتنام وعمر جرحي أنا.. أطول من الأيام .. وداع يا دنيا الهنا .. وداع يا حب يا أحلام دا عمر جرحي أنا ..أطول من الأيام".

وهي من كلمات مرسي جميل عزيز وألحان كمال الطويل.

ولم تكن المحطة التالية في حياة العندليب أقل آلم من الحب الأول، وهي قصة حب العندليب والسندريلا، وبعيدا عن كل الجدل حول زواجهما، إلا أن الثابت هو أن هناك قصة حب جمعت بينهما، وكانت قصة حب، مؤلمة للغاية لم تكن وسادة للراحة، بقدر ما كانت مشاهد متعددة من أحد أفلام التي تختلط فيها مشاهد الحب مع مشاهد الخوف والوعيد، بين أصحاب القصة وآخرين.

جسدت قصيدة قارئة الفنجان للشاعر العظيم نزار قباني إحدى فصولها وقبل أن تشارف القصة على نهايتها، كانت القصيدة تروي أحد فصولها دون تصريح، لكنها استخدمت الرمز خاصة وأن أبطال القصة على قيد الحياة آنذاك.

وكان نزار قباني بحكم علاقته بحليم وسعاد حسني علي علم بتلك القصة، وسطرها "نزار" في " قارئة الفنجان" خلال عام 1973 لكنها لم تبصر النور إلا عام 1976 عندما غناها عبد الحليم في 26 أبريل، بنادي الترسانة في مصر.

كانت السندريلا هي بالفعل حبيسة ذلك القصر الذي وصفه الشاعر بقولة "فحبيبة قلبك يا ولدي نائمة في قصر مرصود من يدخل حجرتها.. من يطلب يدها من يدنو من سور حديقتها.. من حاول فك ضفائرها يا ولدي مفقود.. مفقود".. وكانت سعاد أسيرة لأحد المسئولين الذي تمكن من أن يفقدها روحها ويسيطر على إرادتها، للحد الذي كان يضع حدا لقصة حبها على غير إرادتها.

 وكان غناء حليم للقصيدة أجواء تؤكد أنه حاول الاقتراب من ذلك السور، ففي يوم الحفل ذهب شاب للعندليب يحمل جاكت بدلة مرسوم عليه عدد من فناجين القهوة، مصرا على أن يرتديه حليم بشكل أغضبه، وكان يرافق حليم آنذاك طبيه الخاص هشام عيسى ومحمد عشوب، استطاع مرافق العندليب صرف الشاب وتلي ذلك مضايقات الجمهور له خلال غنائه للقصيدة، حتى أنه اضطر للرد، وكل ما حدث كان يشير إلى أن الأمر كان مدبر مسبقا، لعقاب حليم على حب سعاد.

وكان من أقرب كلمات القصيدة إلي قلب العندليب، "وبرغم الجو الماطر والإعصار.. الحب سيبقي يا ولدي.. أحلي الأقدار".

رحل جسد حليم تاجر السعادة الحزين، علمنا الحب وتذوق مرارة الفراق، غنى أجمل الكلمات وأعزب الألحان، عشقته النساء ولم تكتمل قصة حب واحدة كان بطلها، خلد أكثر قصة حب مؤلمة بكلمات قارئة الفنجان لنزار قباني وألحان محمد الموجي، هكذا كانت نهاية حب من علمنا الحب.. سلاما على روحك الطيبة.

هشام شوقي

أخبار الساعة

الاكثر قراءة