السبت 18 مايو 2024

من روائع الإنشاد.. الشيخ علي الزاوي (9-30)

الشيخ علي الزاوي

ثقافة10-4-2022 | 17:44

عبدالله مسعد

الإنشاد الديني هو فن يربطه بالإسلام علاقة وثيقة وروحانية، فهو لون من ألوان الغناء باستخدام الآلات البسيطة التي صنعها الإنسان، وهو من الفنون الهادفة التي تسمو بالروح الإنسانية إلى أعلى مراتب السكينة والاطمئنان، عبر أصوات خاشعة وحناجر تصدح بكلمات طيبة تتسرب إلى روحك كلمات تحمل معاني التضرع والذكر لله سبحانه وتعالى.

وتقدم دار الهلال خلال شهر رمضان الكريم، كل يوم ابتهالًا لأحد المبتهلين المصريين الذين تناولوا في إنشادهم موضوعات عدة كلها ذات طابع ديني منها العشق الإلهي وأو مدح الرسول ووصف أخلاقه وتعالميه وسيرته الطاهرة.

الشيخ علي الزاوي هو من مواليد قرية كفر الحوت مركز فاقوس محافظة الشرقية، وتوفي يوم الجمعة 13 نوفمبر 2009 بعد رحيل زوجته بشهر واحد.

تتلمذ على يد الشيخ علي عبدالعزيز، الذي ساعده منذ سنوات عمره الأولى على حفظ القرآن الكريم، ولعذوبة صوته، كان يعمل مقرئاً في محافظته كما عمل في وزارة الأوقاف كمقيم شعائر في أحد المساجد حتى تقدم للإذاعة في إحدى مسابقاتها عام 1972، ونجح وعُين بها في نفس العام، وإلى جانب عمله بالإذاعة وحفلاته التي يحييها، كان يجوب العديد من الدول العربية والأوروبية للمشاركة في إحياء الكثير من الحفلات، وأداء الابتهالات.

له العديد من الابتهالات ومنها "يا فرحة الدنيا بنور محمدا" و"نور يثرب" و"بحق مولد أحمدَ" و"الله ربّي ولا معبود إلاّ هو" و"ربّ البرايا إلَهي وخالقي" النور عم الكون بالقرآن" و"الخير ساد الأرض في رمضان" و"الملك والملكوت هلّ مرحبا" و"أهلا بشهر الخير والإحسان" و"رمضان يا قبس من الأنوار" و"هدية من عالم الأسرار" و"رمضان قمنا في رحابك نجتلي عفو السماء وطلعة المختار".

وللإنشاد الديني قصة تؤكدها كتب التراث بأن بدايته كانت مع بداية الأذان، وكان الصحابي بلال بن رباح -رضي الله عنه- يجود في أذانه كل يوم 5 مرات، ويرتله ترتيلاً حسنًا بصوت جميل جذَّاب، ومن هنا جاءت فكرة الأصوات الندية في الإنشاد بالأشعار الإسلامية، ثم تطور الأمر على أيدي المؤذنين في الشام ومصر والعراق وأصبح له قوالب متعددة وطرق شتى. 

وتؤكد كتب التراث الإسلامي أن بداية الإنشاد الديني كان على أيدي مجموعة من الصحابة، ثم مجموعة من التابعين. وكانت قصائد حسان بن ثابت، شاعر الرسول، صلى الله عليه وسلم، هي أساس المنشدين. ثم أنشدوا قصائد أخرى لغيره من الشعراء الذين كتبوا في موضوعات متنوّعة منها: الدعوة إلى عبادة الله الواحد، والتمسك بالقيم الإسلامية وأداء الفرائض، غيرها.

وفي عهد الأمويين أصبح الإنشاد فنًّا له أصوله وضوابطه وقوالبه وإيقاعاته، واشتهر كثير من المنشدين، وكان أكثر المشتغلين بفن الإنشاد الديني وتلحين القصائد الدينية، إبراهيم بن المهدي وأخته عَليَّة، وأبو عيسى صالح، وعبد الله بن موسى الهادي، والمعتز وابنه عبد الله، وعبد الله بن محمد الأمين، وأبو عيسى بن المتوكل، وغيرهم. وكان عبد الملك بن مروان في دمشق يشجع الموسيقيين وأهل هذا الفن ويدعمهم.

وفي عهد الفاطميين تطور فن الإنشاد، فأصبحوا أول من احتفل برأس السنة الهجرية، وبليلة المولد النبوي، وليلة أول رجب، وليلة الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان، وغرة رمضان وعيد الفطر وغيرها من المناسبات. وفي بدايات القرن العشرين أصبح للإنشاد الديني أهمية كبرى، حيث تصدى لهذا اللون من الفنون كبار المشايخ والمنشدين الذين كانوا يحيون الليالي الرمضانية، والمناسبات الدينية. وتطوّرت قوالب الفن فأصبحت له أشكال متعددة وأسماء كثيرة تمجِّد الدين الحنيف، وتدعو لوحدة المسلمين، وتشجب الرذيلة، وتدعو إلى الفضيلة، كما ظهرت قنوات متخصصة للإنشاد.