في وقت تعمل فيه القيادة السياسية نحو البناء والتنمية بكل صدق والتزام، كما وعد بهذا سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه مقاليد الحكم، وهو ما بدا جليا في العديد من المشروعات العملاقة التي نفذت وما زالت تنفذ فعليا على أرض الواقع، وكان منها على سبيل المثال وليس الحصر مشروع تنمية محور قناة السويس وإنشاء مناطق صناعية ولوجستية من خلال خلق كيانات ومجتمعات عمرانية جديدة في المنطقة لجذب كثافة سكانية وإعادة التمركز بمدن القناة وسيناء، والاستعداد من كافة الأوجه للاستفادة من نمو حجم التجارة العالمية، هذا بجانب مشروع تنمية سيناء زراعيا وصناعيا بتكلفة150 مليار جنيه، وهناك أيضا مشروع الشبكة القومية للطرق الذي استهدف إقامة شبكة قومية للطرق «30 ألف كيلو متر»، تبلغ تكلفة الكيلو متر الواحد منها 15 مليون جنيه، والمشروع القومي للمدن الجديدة والذي تبلغ تكلفته 150 مليار جنيه ومنها العاصمة الإدارية الجديدة، بالإضافة لمشروع المليون ونصف المليون فدان، والمشروع القومي للإسكان بتكلفة 185 مليار جنيه، حيث ينفذ في كافة أنحاء الجمهورية، سواء داخل نطاق المحافظات أو في نطاق مدن المجتمعات العمرانية الجديدة، بجانب المشروع القومي للكهرباء الذي يعنى بتطوير الشبكة القومية للكهرباء، وهناك أيضا وهو الأهم حزمة من مشروعات توفير الرعاية الاجتماعية للمواطن، وتتضمن مشروع تكافل لمحاصرة مشكلة الفقر في مصر، وتطوير القرى الأكثر احتياجاً، وبرامج لإعداد وتأهيل الشباب ودعمهم، كل هذا بجانب إنجازات عدة نلمسها في قطاعات الأمن ومكافحة الإرهاب وغيرها، ولا يمكننا أن نغفل أيضا الدعم والمساندة المستمرة للمرأة والفئات الأكثر احتياجا. لكن رغم كل هذه الجهود وغيرها، والتي نسردها على سبيل المثال وليس الحصر تقف مشكلة الزيادة السكانية كوحش يلتهم الأخضر واليابس حيث تعد التحدي الأكبر أمام كافة مشروعات البناء والتنمية والعائد المأمول منها، من خلال ما تشهده من نمو مطرد بمعدل5. 2% سنويا، وهو ما يعني ارتفاعها بمعدل يزيد على 3 أمثال نسبة الزيادة بالصين، ويكفي هنا أن نعلم أن إجمالى عدد المواليد عام 1950 كان يساوى إجمالى عدد مواليد إيطاليا فقط، وبعد سبعين عاما أصبح يساوى إجمالى عدد المواليد فى كل من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة والسويد مجتمعة وفقا للإحصائيات التى أعلنها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وهو ما ينعكس على ضرورة توفير رعاية صحية وتعليمية وغذائية تستنزف معظم ما هو مأمول من عائد لأي من المشروعات التنموية، من هنا بدأت الحكومة كما أعلن في دراسة مقترحات ومشروعات قوانين لضبط الزيادة السكانية، هذا بجانب ما طرح من قبل بعض البرلمانيين في هذا الإطار، ما يعنينا هنا حقا أن مواجهة هذه المشكلة التي لا تقل في خطورتها عن مواجهة الإرهاب تتطلب العمل من خلال محوريين أساسيين أولهما ضرورة الاستفادة من الزيادة السكانية الكبيرة وتوظيفها في مجال التنمية والبناء بصورة إيجابية صحيحة، وثانيهما العمل على تقنين عملية الإنجاب وهو ما تتبناه مجلة «حواء» من خلال ملفها الذي يناقش هذه القضية على صفحات هذا العدد، والمقصود هنا بهذا التقنين ليس كما يتصور البعض منع الإنجاب بشكل نهائي، ولكن الاستفادة من تجارب الدول النظيرة في هذا الإطار كما هو الحال على سبيل المثال فيما يتعلق بالتجربة الصينية القائمة على محوري الحوافز الإيجابية والسلبية، حيث يحصل الوالدان فى الأسرة ذات الطفل الواحد على علاوات، والعكس صحيح، ويمكننا تطبيق هذا على كافة الخدمات المقدمة للأسرة المصرية، حيث يتم التعامل معها بمبدأ الحافز الذي يمنح أو يمنع، فلا شك أننا في هذه المرحلة في حاجة ملحة إلى مواجهة هذه المشكلة وهذا الوحش الذي يلتهم أحلامنا جميعا، من أجل مستقبل أفضل لنا وأبنائنا.