السبت 27 ابريل 2024

التدابير الشرعية لحماية البيئة (2 – 7)

مقالات29-4-2022 | 00:37

المفهوم الإسلامي للبيئة

إن الناظر لتعاريف البيئة من قبل المتخصصين يجد اتفاقًا واختلافًا، فالاتفاق يتضح في أن التعاريف للبيئة تتفق جميعًا في الإطار العام خاصة من جهة المقاصد، والاختلاف في الجزئيات وفقاً لتخصص واضع التعريف، فالباحثون تتعدد نظرتهم، فمنهم من ينظر للبيئة على أنها سبب من الأسباب في حياة ونمو الكائنات والمنزهات والجبال وما أشبه، ومنهم من ينظر إلى البيئة على أنها مستودع للموارد الطبيعية، ومنهم من تنصب همته وبغيته على الجوانب الاقتصادية، وهكذا تتباين المشارب (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا).

وبضدّها تتمايز الأشياء، فهذه النظرات جزئية فروعية تهتم كل واحدة منها بجزء معين من مدلول ومفهوم البيئة، إلا أنّ الإسلام بشموليته ينظر للبيئة نظرة شاملة عميقة لا تذكر على جانب من جوانبها، بل لكل جوانبها، ويتضح هذا في الاستقراء للنصوص الشرعية التي وضحت «أن البيئة ملكية مشاعة عامة غالبًا المحافظة عليها لصالح الفرد والجماعة معًا، يقول الله وتعالى (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ). 

البعد البيئي يشتمل على المكاني والزماني معًا، فقد وجه الإسلام نظر الإنسان إلى عوالم الملكوت الأعلى؛ السموات وما فيها من كواكب ونجوم وفضاء وهواء ورياح وأمطار، والأرض وما فيها من جبال وسهول وبحار وأنهار وحيوان وطير ونبات، والنصوص في ذلك كثيرة غزيرة منها:- «أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ (8) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ (10) رِّزْقًا لِّلْعِبَادِ ۖ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ الْخُرُوجُ (11) سورة ق. 

البيئة بمكوناتها مخلوقة بصفات معينة ومقادير محددة لغايات محدودة ومقاصد مرسومة من الخالق – سبحانه وتعالى، يقول – جل شأنه «إنّا كل شئ خلقناه بقدر»، «وخلق كل شئ مقدره تقديرا»، «أعطى كل شئ خلقه ثم هدى».

إن البيئة من جهة الملكية، في الأصل ملكية عامة محددة بالتكاليف الشرعية، وهذا يؤدي إلى أن الملكية في هذا الصدد ملكية اجتماعية تقوم على عدم الإضرار وعدم الاستبداد والأنانية.

ومعنى هذا أن الإنسان يجب عليه الاعتقاد بأن المالك الحقيقي للبيئة هو الله سبحانه، وأن الإنسان مستخلف له حق الانتفاع في الأوجه المشروعة، قال الله – تعالى «وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا»، «وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ».

Dr.Randa
Dr.Radwa