الخميس 9 مايو 2024

طاب صباحكم

مقالات4-5-2022 | 19:34

بعد النجاح الدرامي الكبير في شهر رمضان.. نحن في حاجة إلى استعادة كل مكونات القوى الناعمة المصرية لتعود إلى الريادة الفنية والثقافية والأدبية من جديد.. خاصة أن نجاح الدراما أثبت قدرة فائقة في بناء الوعي.. فتأثير مسلسل واحد يفوق تأثير ألف كتاب وحوار.

الغناء المصري.. والريادة

الحقيقة.. إن ما حدث من تطور كبير للدراما وانتقالها من المضمون الاستهلاكي والتجاري، ومن الأعمال الضعيفة التي تروج للقبح والإسفاف والابتذال والتشويه، إلى هذا الإبداع والرقي.. الدراما التي شاهدناها هذا العام والعام الماضي، وهذا النجاح الكبير الذي حققته مسلسلات رمضان، يدفعنا إلى أن نشد على يد الشركة المتحدة للإنتاج الإعلامي التي صنعت الفارق الكبير في مجال الإنتاج الدرامي إلى تبنى مشروع قومي ضخم للنهوض بالحالة الغنائية المصرية ودفعها إلى الرقى والإبداع واستعادة زمن الطرب والارتقاء بالذوق العام.. في هذا المجال الذي أنجبت فيه مصر قامات ورموزاً وعمالقة في الغناء والموسيقي، لطالما كان العالم العربي وشعوب المنطقة الأشد تعلقاً بالحالة الغنائية المصرية.

وبما أن النجاح الدرامي الكبير الذي تحقق خلال العامين الماضيين كان له أدواته وقاعدته التي انطلق منها سواء في مواهب ونجوم وعمالقة، أو كتاب لديهم القدرة العميقة على صياغة مسلسلات وأعمال درامية تحظى باهتمام وتقدير واحترام المشاهد.. احترمت عقله وقدمت لوجدانه الغذاء الدرامي الصحي.. وقضت على فكرة «الجمهور عاوز كده».. لأنه كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي في احتفالية عيد الفطر لأبناء وأسر الشهداء: إن الدراما ارتقت لأذواق وعقول المصريين.. لذلك فالطريق ممهد والأبواب مفتوحة أمام إعادة صياغة جديدة للحالة الغنائية في مصر، والتي تحتاج إلى تنظيم وأولويات، وأحياناً إقصاء واجب وحتمي لكل مظاهر العبث والتدنى والإسفاف الذى يبنى شخصية هشة ومسطحة وتبعد المستمع المصري من الحالة الوجدانية التي شكلها رموز وعمالقة الغناء المصري مثل أم كلثوم وعبدالوهاب وشادية وغيرهم من عظماء الزمن الجميل.

المواهب موجودة.. والإمكانيات متاحة.. ينقصنا فقط أن نبدأ ونقدم الغناء الراقي الذي سيثبت أن الجمهور المصري في حاجة إلى الرقى والإبداع والمواهب الغنائية.. وسوف يقضى الغناء والطرب الأصيل على مقولة «الجمهور عاوز كده».. فالجمهور بطبيعة الحال لم يجد الغناء الراقي الذي يقدم إليه.. لكنه كان في اختبار بين السيئ والأسوأ.. لم يجد سوى شيكا وبيكا وأغاني المهرجانات والزار والأغاني المخلة والألفاظ السوقية والنابية والتي خلقت ما يسمى بأغاني الميكروباصات والتوك توك.. وأصبحت لدينا أجيال مشوهة سواء ممن يغنى أو يتلقى ويستقبل هذا الغناء المسخ.. وهذه ليست مصر.

لا أدرى كيف نبدأ.. هل نحن أمام شركة عملاقة للإنتاج الغنائي وأخرى لاكتشاف المواهب صاحبة الحناجر الذهبية والأصوات التي تصدح بالطرب الأصيل مع «عصرنة» الموسيقى بما يمس هويتنا الغنائية، فمصر تستحق وبجدارة طابعها الغنائي سيزيد الخصوصية؟! هل نحن في حاجة إلى تكثيف الحفلات ودعمها، بحيث تكون متاحة للجميع الغنى والفقير واستغلال المواقع والتجمعات الشبابية واستعادة الحفلات الجامعية واستغلال أشهر الصيف والمصايف لإقامة حفلات كبيرة لنجوم ومواهب الطرب الأصيل؟!

مشروع إعادة الغناء المصري إلى «صولجانه وأمجاده» هو جزء من استعادة «قوة مصر الناعمة» والتي بدأت باستعادة الريادة في مجال الدراما.. وبدأت الحركة السينمائية في الانتعاش، خاصة في ظل الإقبال على دور العرض السينمائي خلال أيام عيد الفطر المبارك.. وهو ما يعنى أن الجمهور مازال متعلقاً بالسينما ودورها، رغم التكنولوجيا الحديثة ومنصات الأفلام.. لكن ينقصنا أمران مهمان، استعادة بريق الغناء والمسرح المصري.. وهنا لابد من التفكير في استعادة الزخم الجماهيري بالمسرح وإعادة الاهتمام به وعودة بريقه وتوهجه من خلال مسرح يملك القدرة على الإبهار الفني المتكامل من استعراض وكوميديا ورسائل هادفة تعمل على أهم القضايا والتحديات بأسلوب شيق.. لذلك لابد من إعادة ما تبقى من نجوم المسرح الكبار إلى الخشبة وتبنى وزارة الثقافة مشروعاً ثقافياً وإعادة أضواء المسرح القومي ومسارح الوزارة، إلى جانب تشجيع مسرح القطاع الخاص لأنه يمثل حالة قوية لدعم السياحة العربية.. وبناء الوعي الحقيقي بأساليب جذابة وممتعة.

الناس في حاجة إلى الخروج من دائرة الأزمات.. من الرعب والانعزالية في أزمة «كورونا».. إلى كآبة وقسوة تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية.. نحتاج برنامج عمل فني غنائي مسرحي أدبي.. فلماذا لا تعود الحركة الأدبية والثقافية من جديد بكثافة ونشاط وتقدم لنا مواهب وكوادر جديدة تملأ الساحة التي شاخت وترهلت وتفرغت للمظهرية والصراعات والتنظير والابتعاد عن البوصلة الوطنية؟!.. فالكلمة سلاح مهم لابد أن يكون حاضراً في معركة بناء الوعى الحقيقى لمواجهة سيل هائل من الزيف والتضليل والأكاذيب.

الحقيقة، أن لدينا كنوزاً هائلة في مجال القوة الناعمة المصرية.. لكن مطلوب أن نمسح عنها الغبار والتراب لتصبح أكثر لمعاناً وإشراقاً.. فالحركة الفنية الراقية والثقافية المبدعة تخفف من وطأة قسوة الأزمات العالمية وترسخ ملامح ومقومات الشخصية المصرية وتبعد عنها أشباح المسخ والتسطح والهشاشة، لتحل مظاهر العمق وقوة الوعي وتوهج الشخصية المصرية المرتكزة على أصول وهوية راسخة.

كما أنجزنا في الدراما بشكل قوى وجمعنا المواهب والنجوم وقدمنا الوجوه الصاعدة.. علينا أن نكرر الأمر فى الغناء وصياغة ميثاق وكتالوج غنائي يبتعد بنا عن القبح والابتذال والتدني والإسفاف.. وليس جديداً أن يعرف الجميع أن النجوم والمواهب والأصوات الذهبية الموجودة أو التي يمكن اكتشافها وتقديمها متاحة وموجودة.. نحتاج إلى الارتقاء بالشعر والكتابة الغنائية.. ولدينا ذخيرة موسيقية.. الحقيقة انه أعجبني إعادة على الحجار وهو فنان ومطرب عملاق تألقه في بعض الحفلات، لكنه أبدع في أغاني التيترات الرمضانية ودائماً يتألق في مهرجان القلعة بأغانيه الشهيرة وتيترات أغاني المسلسلات الكبيرة مثل «المال والبنون» و«ذئاب الجبل».. وأعتقد أننا نحتاج إلى عشرات المهرجانات مثل القلعة في جميع المحافظات.. ونستطيع استعادة جيل التسعينيات مثل محمد الحلو وإيهاب توفيق وهشام عباس وغيرهم بشكل جديد.. لدينا أيضا ثروة كبيرة اسمها عمر خيرت، هذا الفنان العملاق الراقي في موسيقاه، وكذلك ياسر عبد الرحمن وغيرهما من نجوم التأليف الموسيقى والألحان.. نستطيع أن نبني قاعدة فنية شديدة الرقى والإبداع في مختلف الفنون.. لذلك أجد أن المتحدة هي الشركة المؤهلة لقيادة هذه الحركة الفنية لتكون ملائمة ومواكبة للجمهورية الجديدة التي تنشد الكمال في كل المجالات ومنها الفن بشموليته ولتعبر عن ملامح الحاضر والمستقبل ونودع زمن الإسفاف والابتذال إلى الرقى والإبداع والمواهب ونحقق أهدافنا في وعى حقيقي مثل ما تحقق في دراما رمضان التي مرت دون أن نجد فيها سقطة واحدة.. ولعل النجاح الكبير الذى حققه «الاختيار» و«العائدون» و«بطلوع الروح» و«عزبة غمام» يجعلنا نثق في أنفسنا وندرك قدرتنا على إصلاح ما أفسدته العقود الأخيرة وما صاحب أحداث يناير وحكم الإخوان وما فيهما من انتشار الفن الاستهلاكي لنعيد الرونق والتوهج للحركة الفنية والثقافية المصرية التي نحتاجها.

الانتكاسة الفنية التي حدثت بدأت بالتعافي باستعادة بريق الحركة الدرامية.. لكننا في حاجة إلى استعادة توهج باقي مكونات الحركة الفنية والثقافية من غناء ومسرح وموسيقى وحركة أدبية وثقافية.. ولن يحدث ذلك إلا من خلال رؤية وإرادة وخيال خصب، ويكون اهتمامنا موازياً للاهتمام بالنهوض بالصناعة والزراعة.. ولن يتأتى ذلك إلا من خلال خبراء ومتخصصين أياديهم في «الصنعة».. لديهم علم وخبرة بمتطلبات التطوير وإحياء هذه الحركة.. ولا يمكن أن يتحقق ذلك على يد من لا يدركون طبيعة الأوضاع وتشخيص الواقع وامتلاك الرؤية والخيال الفني.. لذلك من المهم أن تُسند هذه المهمة لـ «المتحدة» لأنها تجيد التنظيم والترتيب وتدرك متطلبات الواقع وتحدياته.. وتضع الرؤية الملائمة للتعامل مع هذه التحديات وتجيد الارتقاء بالذوق العام.

الإعلام أيضا مُطالب بمساندة هذا المشروع الذي يعمل على إحياء الغناء والموسيقى كقوة ناعمة مصرية.. من خلال الدعم والاحتضان وعدم السماح بترويج الأعمال الهابطة والمتدنية التي تدعو إلى الابتذال والإسفاف.. لابد أيضا أن يتفانى في تقديم الجيد واحتضان المواهب.. وتنظيم المسابقات وبرامج اكتشاف المواهب.. ولما لا ينظم الإعلام حفلات غنائية يقدم فيها المواهب الجديدة ويمنحها الفرصة إلى جوار نجوم الغناء الذين يفضلهم الناس؟!.. ولابد من الدفع بكيانات المواهب في الثقافة والشباب والرياضة والجامعات المصرية.. والطرق على أبواب الريف المصري لنعيد زمن الغناء الأصيل والإنشاد وفرق الفنون الشعبية.. حتى لا نسمح للابتذال والكآبة ووطأة الأزمات بالنفاذ إلى عقول ووجدان الناس.. فقد خلقت دراما رمضان حالة وجدانية مصحوبة بالوعي والعودة إلى طبيعة الإنسان من الميل إلى الخير والحق والجمال والرقى ومكافحة الشر والتشدد والتطرف وترسيخ الولاء والانتماء للوطن.. وكشف حقيقة المتاجرين والمتآمرين والمتسترين بالدين وخيانتهم لله والوطن.. لذلك لابد من تكامل المنظومة الثقافية والفنية لأننا في أشد الحاجة إليها بعد النجاح الكبير لمشروع استعادة ريادة وبريق الدراما المصرية.. وهو ما يشجعني أن أطالب بمشروع للنهوض بالحالة الغنائية والمسرحية والثقافية والأدبية المصرية.

فلماذا لا تخصص جوائز كبيرة للمبدعين والمواهب في هذه المجالات حتى ندفع ونقدم دماء جديدة في شرايين الفن المصري؟!

 

 

المرتزقة الجدد

 

 

لن يمل الإخوان من الكذب.. ولن تشفى الجماعة من النفاق والخداع والتدليس.. ولن تتداوى من الخيانة.. فليس لها علاج.. لذلك إذا كنا نتحدث عن استئجار البشر.. فإن الإخوان المجرمين هم جماعة مستأجرة من دول وأجهزة مخابرات.. لذلك تجيد هذه اللعبة.. ولعل وجوه المرتزقة الجدد الذين تدفع بهم إلى منصات وساحات الأكاذيب والشائعات والتشويه أمل واهم في خداع المصريين ومحاولة بائسة في تزييف وعيهم ومحاولة فاشلة لإبعادهم عن طريق البناء والتقدم والوحدة.

تستطيع أن تواجه نفسك بالنظرة إلى المرآة.. فالأقزام والأندال والمستأجرون لا يستطيعون الإقدام على هذا الفعل، لأنه يرى الوجه الحقيقي الذي يشعره بالضلآلة والرخص والانحطاط.. ومن يعتقد أنه «مناضل وثورجي» وأن كل الأمور تمضي على هواه، فهو واهم.. فالحقيقة أن أبناءه لا يعرفونه ويتلعثمون في اسمه.. فما بالك في الشعب؟!.. فقد انتهت صلاحية هؤلاء الذين أصبحوا أثرياء من الأكل على كل الموائد.. باعوا ضمائرهم وشرفهم وأساءوا للوطن لحساب الآخرين.. ولطالما استأجرتهم قوى الشر وعقدوا معها الصفقات وجنوا أرباحاً طائلة جعلتهم يسكنون في قصور وفيلات.. وحتى لا ينسوا أنفسهم ذكرهم بماضيهم غير المشرف.. فشلوا في كل الاختبارات والاختيارات ورصيدهم في الشارع وعند الجماهير «صفر».. لكن ثروتهم الحقيقية هي الشعارات والحنجوريات ودغدغة المشاعر.. وأصبحت سلعة منتهية الصلاحية بعد أن اكتشف الناس حقيقتها.. فلم تعد لهم أي قدرة على الخداع أو المتاجرة.. لكنهم في كل الأحوال مستأجرون يعانون عبودية المال والمصالح.. فلا وطن يعرفون.. ولا شرف ولا مبدأ يعتنقون.

سيظل الشرفاء والوطنيون هم ثروة هذه الأمة المصرية العظيمة.. لا يبالون بسحب الصيف العابرة ولا يرون أشباه الرجال.. ولا يعترفون بالمناطق الرمادية ولا يتحولون أو يتلونون ولا ينحنون أمام موجات عالية قد تهدد الوطن.. عقيدتهم الشرف في كل الأحوال وهدفهم الوطن في كل العصور.

 

Egypt Air