كلنا نضجر ونعانى من الأزمات الاقتصادية الداخلية والخارجية، ورغم ذلك في الغالب ميزانية استخدام السوشيال ميديا المباشرة وغير المباشرة، أتصورها لم ولن تتراجع عند الكثير منا، فمصر من الأسواق الكبيرة في هذا المجال مقارنة بمستويات الدخول، وهذا أمر من مفارقات المجتمع المصري.
وإن كان هوانا السوشيالى في الغالب فيس بوكى، لكننا لسنا كمجتمعات أخرى قريبة منا، قطبية الهوى بشكل كامل، أى إننا غير منصفين على إننا فيس بوكيين بشكل كامل، أو توتيريين بصورة كبيرة، أو حتى تكتوكيين في نطاق تام، لكننا بالتأكيد يوتيوبيين وواتسيين كأغلب شعوب العالم.
هذا الحديث السوشيالى، أفتحه معاكم، رغم أن البعض يرى إنه في أولوية متأخرة، في ظل التحديات التى نواجهها خلال الفترة الأخيرة، إنطلاقا من نقطتين، هما مشاركة السوشيال ميديا الغربية في الحرب الروسية الأوكرانية بشكل واضح جدا، ضد روسيا بكل الطرق، حتى إن موسكو اضطرت لمنعها كلها، وتجهز المخابرات الروسية لبدائل سوشيالية لليوتيوب والفيس بوك والتوتير، كما فعلت قبل ذلك مع الواتس آب.
ومن جهة أخرى، الحديث أثير على خلفية صفقة استحواذ رجل الأعمال الشهيرة إيلون ماسك على توتير مقابل ٤٤ مليون دولار، بعدما أعلن ضمن إجراءاته لزيادة مدخلات الشركة تعميم فكرة الاشتراكات لاستخدام الأكونت، وليس الاكتفاء بتخصيصها على الأكونتات المميزة بخدمة "توتير بلو"، التى يدفع مقابلها ٣ دولار شهريا!، وتجنى منها توتير مليارات الدولارات سنويا، لكن ماسك يحلم بمضاعفة الأرباح على الأقل خمس مرات، ومن ضمن من سيتحمل هذا العبء المصريون، فهل ستدفعون لاستخدام الأكونت السوشيالى؟!
بالمناسبة، هو سؤال صادما وغريبا على الكثيرين، من الممكن فقط غير المتخصصين هم فقط من لا يتعجبون منه، أو يقفون أمامه حتى، فكل ما يتعلق بالنت، هو خدمة مدفوعة، إن كان بتحديد ميزاتك، أو بالإجبار على الاشتراك في الخدمة من البداية، فإيميلك محدود طاقة التخزين والميزات لأنه في الإطار المجانى، أو هكذا يعرفونه كذبا، وإن أردت ميزات أكثر ستدفع، وقريبا خدمة الايميل من البداية ستكون باشتراك، والكثير من إنديكسات ومحركات الايميلات الشهيرة، تعمل بهذا الطريقة بالفعل.
هذا بخلاف التطبيقات التى تقدم خدمات لك في إطار محدد، لأنه مجانى في نطاق ما، مقابل استقبالك لإعلانات مملة ومستفزة، وأحيانا خارج النطاق الأخلاقي أساسا، مع الخدمات المحدودة المزعجة أيضا التى تضطرلك للاشتراك في الخدمات المفتوحة، وكان هذا أمرا محققا لأرباح بمليارات الدولارات، لتطبيق مثل زووم، وشوابهه، في ظل أزمة كورونا، فلم يتحمل الكثيرون محدودية خدمته المجانية، التى لا تتجاوز الأربعين دقيقة بث.
والمفاجأة ستكون أكبر مع توسيع خدمات اليوتيوب غير المجانية، والتى بدأت بالفعل منذ حوالى العام، بخلاف انتشار الإعلانات وطول فترة عرض الإعلان، قبل ظهور إمكانية تجاوزه، والتى أحيانا لا تظهر لو دفع المعلن أكثر، وتكون مجبرا على مشاهدة الإعلان، حتى تصل للفيديو الذي تريده.
وما شجع اليوتيوب بالطبع، هو الأرباح الكبيرة التى حققتها المنصات الافتراضية من نوعية نتفيلكس العالمية وحتى الإقليمية والمحلية، ولا يمكن أن ننسي في المقابل الأزمة التى أثارها مارك زوكبرج عندما تحدث عن الاشتراك مقابل خدمات الواتس آب، أو حتى تقليل الخصوصية لبيع أكثر لمعلوماتك الشخصية، وهى مهمة لأجهزة المخابرات حول العالم، على بساطتها، وفق تخيل البعض.
وأتصور، إن التك توك، ذلك التطبيق الصينى الذي جنن العالم كله، سيكون أخر من يطلب اشتراك مقابل خدماته، ويكفيه ما يحققه من أرباح مهولة، خاصة لأنه الأخير بين التطبيقات الشهيرة، ويحتاج لزيادة رقعة مستخدميه، والأمر ليس مالا أكثر من كونه اختراقا صينيا للمجتمعات المختلفة، وإعلان تواجد قوى في ميدان حرب السوشيال ميديا.
إجمالا، فإن المصريين الذين هم كالعادة مستهلكين في هذا المجال وغيره، لن يفكروا كثيرا في الاشتراك في تطبيقات السوشيال ميديا المختلفة، لو اضطرتهم الظروف ذلك، فيشتركوا على الفور بعد بعض الضجر، رغم إننى لا أريد ذلك لهم بالطبع، لكنها المؤشرات للأسف..فرغم الظروف الاقتصادية، إلا إن المصريين لا يستطيعون مراجعة ميزانية الباقة..طبعا الأمر يختلف مع الطبقة والعمر والاهتمامات، لكن في العموم، باقة إنترنت الموبيل والواى فاي، أو على الأقل خدمة منهما، أصبحت أمرا ضروريا وليس ترفيهيا، لدى الكثيرين جدا منا، مهما كانت معاناته !
بالمناسبة، أنا عن نفسي مقاطعا للفيس بوك والتوتير، منذ حوالى العام، وأركز فقط مع جروبات التليجرام والواتس واليوتيوب.
وإنطلاقا من ذلك، هناك عدة أسئلة تطرح نفسها بإلحاح:
١- متى تقدم مصر بديلا سوشياليا مناسبا، وإلى متى نترك ميدان هذه الحرب خاليا من السلاح المصري؟!.. وبالمناسبة الأمر ليس مكلفا بشكل كبير، وأقول هذا بعد مراجعة متخصصين!
٢- إلى أية درجة، ستكون مضطرا انت نفسك لدفع اشتراك لفتح حسابك السوشيالى، ومن تختار وقتها الفيس بوك أم التوتير أم الاثنان معا وغيرهما؟!
٣- أين ستضع اشتراك الحساب
السوشيالى بين أولوياتك الحياتية؟!
٤- في تصوركم، إلى أى وقت سيستمر الأمر على هذا المنوال، أم أن السوشيال ميديا هى فقاعة وماضية في طريقها؟!
أنا عن نفسي أتوقع إن الاستمرارية أكثر لنماذج مثل التك توك، على ما كشفه في المجتمعات من سلبيات مكياڤيلية، ومن غير المستبعد أن توسع التوتير والفيس بوك من خدمات الفيديو والبث للمنافسة.
لكن يبقي السؤال أين نحن من كل ذلك، وهل نبقي منجرين ورائهم؟!، رسالتى الأخيرة، إنه يجب أن يكون لنا موقفا..دولة ومجتمع.