الثلاثاء 25 يونيو 2024

الاكتفاء‭ ‬الذاتى‭ ‬من‭ ‬الوعى


عبد الرازق توفيق

مقالات13-5-2022 | 20:26

عبد الرازق توفيق

الوعى‭ ‬الحقيقى‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬إدراك‭ ‬المخاطر‭ ‬والتهديدات‭ ‬الخارجية‭ ‬والمؤامرات‭ ‬والمخططات‭ ‬وتأثيرات‭ ‬الصراعات‭ ‬والمواجهات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬بناء‭ ‬وعى‭ ‬حقيقى‭ ‬حول‭ ‬تحديات‭ ‬الداخل‭ ‬أو‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬نعتبرها‭ ‬تهديدات‭ ‬الداخل‭..‬ لابد‭ ‬أن‭ ‬نذكر‭ ‬أو‭ ‬نحيط‭ ‬الناس‭ ‬بأن‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2050‭ ‬سيقترب‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ضعف‭ ‬الرقم‭ ‬الحالى‭..‬ وهو‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬زيادة‭ ‬مواردنا‭ ‬وقدراتنا‭ ‬وإمكانياتنا‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬المجالات،‭ ‬حتى‭ ‬بما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭.‬

حديثى‭ ‬مع «‬بلدينا‭ ‬الفصيح‮» ‬فتح‭ ‬أمامى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النقاط‭ ‬المهمة‭..‬ ووضع‭ ‬أمامى‭ ‬مصطلحاً‭ ‬جديداً‭..‬ قال‭ :‬تتحدثون‭ ‬عن‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتى‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬وغيره‭ ..‬لكنكم‭ ‬تتجاهلون‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتى‭ ‬من‭ ‬الوعى‭ ‬الشامل،‭ ‬بكل‭ ‬التحديات‭ ‬والموضوعات‭ ‬والقضايا‭ ‬التى‭ ‬تمس‭ ‬حياة‭ ‬المواطن‭ ‬وتؤثر‭ ‬على‭ ‬شعوره‭ ‬بالتحسن،‭ ‬إنها‭ ‬الزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬والغيبوبة‭ ‬التى‭ ‬نعيشها‭ ‬حالياً‭.‬

‮«‬بلدينا‭ ‬الفصيح‮».. ‬وعبقرية‭ ‬المصطلح‭..‬ وشمول‭ ‬الرؤية

ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬عزاء‭ ‬أحد‭ ‬الأقارب،‭ ‬وكان‭ ‬حاشداً‭ ‬بالأهل‭ ‬والبلديات‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬هناك‭ ‬مثقفون‭ ‬ومتعلمون‭ ‬وبسطاء،‭ ‬تلك‭ ‬هى‭ ‬تركيبة‭ ‬المصريين،‭ ‬وفرضت‭ ‬الظروف‭ ‬التى‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬العالم‭ ‬ومنها‭ ‬بلادنا‭ ‬الطيبة،‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬إرهابية‭ ‬مؤخراً‭..‬ ونجاحات‭ ‬مصر‭ ‬وجيشها،‭ ‬وشرطتها،‭ ‬فى‭ ‬حصار‭ ‬الإرهاب،‭ ‬والثأر‭ ‬للشهداء‭ ‬الأبرار‭ ‬فرضت‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬الحوار‭..‬ جاء‭ ‬الحديث‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬لنكتشف‭ ‬حقيقة‭ ‬واحدة‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬ودراية‭ ‬بما‭ ‬يدور‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬وما‭ ‬يستهدف‭ ‬مصر‭ ‬وما‭ ‬تشهده‭ ‬من‭ ‬نجاحات‭..‬ إدراك‭ ‬حقيقى‭ ‬لما‭ ‬يحدث‭ ..‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يعى‭ ‬جيداً‭ ‬نجاح‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬توفير‭ ‬احتياجات‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية،‭ ‬رغم‭ ‬تحرك‭ ‬الأسعار‭ ..‬لكن‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬هناك‭ ‬فهم‭ ‬للأسباب‭ ‬وأنها‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬إرادة‭ ‬أى‭ ‬دولة،‭ ‬ومنها‭ ‬مصر‭..‬ ولكن‭ ‬ما‭ ‬يحسب‭ ‬لمصر‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أزمة‭ ‬فى‭ ‬توافر‭ ‬السلع‭ ‬فى‭ ‬الأسواق،‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬موجود‭ ‬بعكس‭ ‬حالة‭ ‬النقص‭ ‬فى‭ ‬دول‭ ‬كبرى‭ ‬ومعاناة‭ ‬مواطنيها‭ ‬بسبب‭ ‬الحرب‭ ‬الروسيةــ‭ ‬الأوكرانية‭ ..‬لكن‭ ‬الجميع‭ ‬يتمنى‭ ‬أن‭ ‬تتوقف‭ ‬الأزمة‭ ‬العالمية‭ ‬ويعود‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬كورونا،‭ ‬والحرب‭ ‬الروسيةــ‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وأن‭ ‬ذلك‭ ‬سوف‭ ‬يمنح‭ ‬مصر‭ ‬فرصة‭ ‬ذهبية‭.‬

أهالينا‭ ‬البسطاء‭..‬ من‭ ‬الجميل‭ ‬أن‭ ‬يعرفوا‭ ‬أكثر‭ ‬ممَّن‭ ‬نعتقد‭ ‬أنهم‭ ‬نُخَب‭ ‬ومثقفون،‭ ‬وقادة‭ ‬رأى،‭ ‬وبعض‭ ‬رؤساء‭ ‬الأحزاب،‭ ‬الذين‭ ‬خرج‭ ‬علينا‭ ‬أحدهم‭ ‬فى‭ ‬إحدى‭ ‬الشاشات‭ ‬الأجنبية‭ ‬التى‭ ‬تضمر‭ ‬العداء‭ ‬والكراهية‭ ‬لمصر،‭ ‬ومتهمة‭ ‬بدعم‭ ‬الإرهابيين‭ ‬وإتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬لهم‭ ‬على‭ ‬شاشاتها،‭ ‬وكذلك‭ ‬إفساح‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬تجار‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬المأجورين‭ ‬والممولين،‭ ‬وتشويه‭ ‬أى‭ ‬أمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بمصر‭..‬ كشف‭ ‬ضيف‭ ‬الـ«بى‭.‬بى‭.‬سى‮» ‬الذى‭ ‬يعانى‭ ‬من‭ ‬جهل‭ ‬مطبق‭ ‬أنه‭ ‬يعانى‭ ‬من‭ ‬غيبوبة‭ ‬لا‭ ‬يدرى‭ ‬ولا‭ ‬يعلم،‭ ‬ولم‭ ‬يكلف‭ ‬نفسه‭ ‬أن‭ ‬يطلع‭ ‬على‭ ‬الواقع‭ ‬والبيانات‭ ‬أو‭ ‬المعلومات‭ ‬والحقائق‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مقارنة‭ ‬أوضاع‭ ‬وظروف‭ ‬مصر‭ ‬قبل‭ ‬8‭ ‬سنوات‭ ‬وظروفها‭ ‬وأوضاعها‭ ‬الآن‭ ..‬يتحدث‭ ‬كثيراً‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يفهم‭ ‬ما‭ ‬يقول‭..‬ يتمادى‭ ‬فى‭ ‬الحديث‭ ‬والتنظير‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬وعندما‭ ‬يدرك‭ ‬أنه‭ ‬يهذى،‭ ‬يقول‭ ‬لنا‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يفهم‭ ‬فى‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬لكن‭ ‬أصحاب‭ ‬الخبرات‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬‮«‬حزبه‮»‬ الذين‭ ‬هم‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬على‭ ‬شاكلته‭ ‬ومن‭ ‬أمثاله،‭ ‬يعانون‭ ‬الحقد‭ ‬والغل‭ ‬والجهل،‭ ‬وسواد‭ ‬القلب،‭ ‬وظلمة‭ ‬العقل،‭ ‬واقتصار‭ ‬الخيال‭ ..‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تعمى‭ ‬الأبصار،‭ ‬ولكن‭ ‬تعمى‭ ‬القلوب‭ ‬التى‭ ‬فى‭ ‬الصدور‭.‬

أتحدى‭ ‬هذا‭ ‬المدعو‭ ‬وحزبه‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬المصريون‭ ‬يعرفون‭ ‬أو‭ ‬يعلمون‭ ‬شيئاً‭ ‬عنه‭ ..‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬المرتزقة‭ ‬الذين‭ ‬ارتكبوا‭ ‬جرائم‭ ‬ضد‭ ‬الوطن،‭ ‬لم‭ ‬نسمع‭ ‬له‭ ‬يوماً‭ ‬نعياً‭ ‬لشهداء‭ ‬الوطن،‭ ‬أو‭ ‬دفاعاً‭ ‬عن‭ ‬مصر‭..‬ ولا‭ ‬أدرى‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬له‭ ‬بهذه‭ ‬الثقة‭ ‬والقوة‭ ‬التى‭ ‬يتحدث‭ ‬بها،‭ ‬وكأنه‭ ‬الزعيم‭ ‬مصطفى‭ ‬كامل،‭ ‬وهو‭ ‬مجرد‭ ‬نكرة‭ ‬تعانى‭ ‬من‭ ‬الانفصام‭ ‬والجهل،‭ ‬حتى‭ ‬الدعوة‭ ‬التى‭ ‬وجهت‭ ‬للجميع‭ ‬دون‭ ‬قيود‭ ‬أو‭ ‬شروط،‭ ‬تحولت‭ ‬على‭ ‬يديه‭ ‬إلى‭ ‬تنظير‭ ‬ومزايدات‭ ..‬واللَّه‭ ‬لو‭ ‬نزل‭ ‬إلى‭ ‬الشارع‭ ‬فلا‭ ‬أحد‭ ‬سيعرفه‭ ‬أو‭ ‬يشعر‭ ‬بوجوده،‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬أى‭ ‬رقم،‭ ‬حتى‭ ‬الصفر‭ ‬برىء‭ ‬منه‭.‬

هؤلاء‭ ‬يا‭ ‬سيدى‭ ‬تم‭ ‬اختيارهم‭ ‬ودخلوا‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬الاستحقاقات‭ ‬الانتخابية‭..‬ ولم‭ ‬يحصدوا‭ ‬سوى‭ ‬الفشل‭ ‬الذريع،‭ ‬ولم‭ ‬يخجلوا‭ ‬من‭ ‬أنفسهم،‭ ‬ولا‭ ‬أدرى‭ ‬بلسان‭ ‬مَن‭ ‬يتحدثون،‭ ‬وينظرون‭..‬ وربما‭ ‬لا‭ ‬يمثلون‭ ‬أنفسهم‭..‬ فأعتقد‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬ذهبوا‭ ‬إلى‭ ‬التصويت‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬استحقاقات‭ ‬انتخابية‭ ‬ويترشحون‭ ‬فسوف‭ ‬ينسون‭ ‬أن‭ ‬يمنحوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬أصواتهم‭.‬
من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬لن‭ ‬يتغيروا‭ ‬أبداً،‭ ‬ولن‭ ‬تنصلح‭ ‬أحوالهم‭..‬ هل‭ ‬تدرون‭ ‬ما‭ ‬السبب؟‭..‬ لو‭ ‬تخلوا‭ ‬عن‭ ‬نفس‭ ‬أدوارهم‭ ‬الحالية‭..‬ وخلعوا‭ ‬ثياب‭ ‬المتاجرة‭ ‬والتنظير،‭ ‬فإنهم‭ ‬يفقدون‭ ‬بضاعتهم‭ ‬التى‭ ‬تحقق‭ ‬لهم‭ ‬أرباحاً‭ ‬ومكاسب‭ ‬طائلة‭ ..‬لكن‭ ‬إذا‭ ‬انضموا‭ ‬إلى‭ ‬ركاب‭ ‬القوى‭ ‬الوطنية،‭ ‬فإنهم‭ ‬لن‭ ‬يربحوا‭ ‬سوى‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن،‭ ‬وهذا‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬ليس‭ ‬فى‭ ‬حساباتهم‭ ..‬حقاً ‭»‬ديل‭ ‬الـ‭ ...‬لا‭ ‬ينعدل‭ ‬أبداً‮».. ‬والحماقة‭ ‬أعيتْ‭ ‬مَن‭ ‬يداويها،‭ ‬وعندنا‭ ‬فى‭ ‬البلد‭ ‬بالصعيد‭ ‬بيقولوا ‭»‬كلام‭ ‬العيال‭ ‬لا‭ ‬يودى‭ ‬ولا‭ ‬يجيب‮».. ‬هؤلاء‭ ‬مصابون‭ ‬بحالة‭ ‬مزمنة‭ ‬مستعصية‭ ‬من‭ ‬الإنكار‭ ‬والجمود‭ ..‬لا‭ ‬يصلح‭ ‬معها‭ ‬إلا‭ ‬التجاهل‭ ‬المستحق‭.‬

نعود‭ ‬إلى‭ ‬حديث‭ ‬المصريين‭ ‬بجد‭ ..‬حيث‭ ‬تبارى‭ ‬الجميع‭ ‬فى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬التحديات‭ ‬والمؤامرات‭ ‬التى‭ ‬تحيط‭ ‬بمصر‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬والجنوب‭ ‬والشمال،‭ ‬والإرهاب،‭ ‬والظروف‭ ‬والأزمات‭ ‬العالمية‭ ‬وتأثيرها‭..‬ الكل‭ ‬عارف‭ ‬كل‭ ‬حاجة،‭ ‬وبالتفصيل‭..‬ الإعلام‭ ‬جعل‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬معرفة‭ ‬ودراية‭.. ‬لكن‭ ‬جميعهم‭ ‬قالوا‭: ‬اللَّه‭ ‬يكون‭ ‬فى‭ ‬عونه‭ ..‬اللَّه‭ ‬يعينه‭ ‬علينا‭.. ‬طبعاً‭ ‬يقصدون‭ ‬الرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسى‭.‬

خرج‭ ‬أحد‭ ‬الجالسين‭ ‬معنا‭ ‬عقب‭ ‬انتهاء‭ ‬العزاء‭..‬ قال‭:‬ يا‭ ‬جماعة‭ ‬خلينا‭ ‬نقول‭ ‬إحنا‭ ‬كتير‭ ..‬وصلنا‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬مليون،‭ ‬تخيلوا‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2050‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬سوف‭ ‬يتضاعف‭ ‬تقريباً‭ ..‬بما‭ ‬يعنى‭ ‬أننا‭ ‬سنحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬القدرات‭ ‬والموارد‭..‬ ورغم‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسى‭ ‬تسابق‭ ‬الزمن‭..‬ ورغم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الإنجازات‭ ‬والمشروعات‭ ‬العملاقة‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬توجد‭ ‬بعض‭ ‬الصعوبات،‭ ‬فما‭ ‬بالنا‭ ‬إذا‭ ‬وصل‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬190‭ ‬مليون‭ ‬مواطن،‭ ‬يعنى‭ ‬ابنك‭ ‬الذى‭ ‬سيأتى‭ ‬بعد‭ ‬6‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬ويدخل‭ ‬المدرسة‭ ‬فى‭ ‬سن‭ ‬السادسة‭ ..‬سيحتاج‭ ‬بعد‭ ‬تخرجه‭ ‬فى‭ ‬2050‭ ‬إلى‭ ‬وحدة‭ ‬سكنية‭ ‬وفرصة‭ ‬عمل‭..‬ بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬الدنيا‭ ‬احتاج‭ ‬إلى‭ ‬مستشفى‭ ‬وطبيب‭ ‬وممرضة‭ ‬وموظف‭ ‬وفصل‭ ‬دراسى‭ ‬فى‭ ‬ابتدائى‭ ‬وإعدادى‭ ‬وثانوى‭..‬ وأيضاً‭ ‬سلع‭ ‬أساسية‭ ‬ومحاصيل‭ ‬وخضراوات،‭ ‬وبالتالى‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬التوسع‭ ‬فى‭ ‬الزراعة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الوادى‭ ‬القديم‭ ‬إلى‭ ‬الوادى‭ ‬الجديد‭ ‬والمشروعات‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬التى‭ ‬تنفذ‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬الزراعة‭ ‬فى‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسى‭ ‬والتى‭ ‬تحاول‭ ‬أن‭ ‬تسد‭ ‬الفجوة‭ ‬والنقص‭ ‬والعجز‭ ‬والاستيراد‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬مصر‭ ‬الحالي،‭ ‬فما‭ ‬بالنا‭ ‬بعد‭ ‬تضاعف‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬مصر‭ ..‬فما‭ ‬هى‭ ‬المساحة‭ ‬الزراعية‭ ‬المطلوبة‭ ‬فى‭ ‬عام ‬2050؟‭،‬ بالطبع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬الرقم‭ ‬الحالى‭ ‬من‭ ‬الأراضى‭ ‬الزراعية،‭ ‬وضعف‭ ‬الموارد‭ ‬والمصادر‭ ‬المائية‭ ‬للرى،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الأخرى‭ ‬للإنسان‭.‬

تخيل‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬عهد‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسى‭ ‬تسابق‭ ‬الزمن‭ ‬للعمل‭ ‬والبناء‭ ‬والتنمية‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭..‬ وإذا‭ ‬أخذنا‭ ‬مثلاً‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬استصلاح‭ ‬وزراعة‭ ‬الأراضى،‭ ‬سنرى‭ ‬أننا‭ ‬أمام‭ ‬إنجاز‭ ‬حقيقى‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتى،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬توشكى‭ ‬التى‭ ‬عادت‭ ‬للحياة،‭ ‬إلى‭ ‬شرق‭ ‬العوينات‭ ‬وسيناء،‭ ‬و«مستقبل‭ ‬مصر‮» كأحد‭ ‬المشروعات‭ ‬العملاقة‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬الزراعة‭ ‬والتصنيع‭ ‬الزراعى‭ ‬الذى‭ ‬يحقق‭ ‬توفير‭ ‬احتياجات‭ ‬السوق‭ ‬المحلية‭ ‬والتصدير‭ ‬ويوفر‭ ‬فى‭ ‬مرحلته‭ ‬الأولى‭ ‬إنتاج‭ ‬350‭ ‬ألف‭ ‬فدان،‭ ‬من‭ ‬أجود‭ ‬المحاصيل،‭ ‬ويدخل‭ ‬ضمن‭ ‬نطاق‭ ‬المشروع‭ ‬القومى‭ ‬العملاق‭ ‬‮ «الدلتا‭ ‬الجديدة‮»‬،‭ ‬الذى‭ ‬يتيح‭ ‬إضافة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليونى‭ ‬فدان‭ ‬للرقعة‭ ‬الزراعية‭ ‬المصرية،‭ ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬يبلغ‭ ‬حجم‭ ‬المساحة‭ ‬المنزرعة‭ ‬بالقمح‭ ‬3.6‭ ‬مليون‭ ‬فدان،‭ ‬تصل‭ ‬العام‭ ‬القادم‭ ‬إلى‭ ‬4‭.‬6‭ ‬بزيادة‭ ‬مليون‭ ‬فدان،‭ ‬ربما‭ ‬نحقق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتى‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬أو‭ ‬الاقتراب‭ ‬منه‭ ‬بعد‭ ‬3‭ ‬سنوات،‭ ‬وقريباً‭ ‬نحقق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الكامل‭ ‬من‭ ‬السكر‭ ‬بعد‭ ‬دخول‭ ‬المصنع‭ ‬العملاق‭ ‬لاستغلال‭ ‬إنتاج‭ ‬محصول‭ ‬البنجر،‭ ‬وكانت‭ ‬مصر‭ ‬لديها‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بنسبة‭ ‬95٪،‭ ‬ومصر‭ ‬تتوسع‭ ‬فى‭ ‬زراعة‭ ‬المحاصيل‭ ‬التى‭ ‬توفر‭ ‬زيت‭ ‬الطعام‭ ‬مثل‭ ‬فول‭ ‬الصويا‭ ‬وعباد‭ ‬الشمس،‭ ‬لتقليل‭ ‬فجوة‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الخارج،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬المشروعات‭ ‬العملاقة‭ ‬فى‭ ‬الإنتاج‭ ‬السمكى‭ ‬والحيوانى‭ ‬والداجنى‭ ‬والصوب‭ ‬الزراعية‭ ‬واستصلاح‭ ‬وزراعة‭ ‬مليون‭ ‬ونصف‭ ‬المليون‭ ‬فدان،‭ ‬واستغلال‭ ‬كل‭ ‬مساحة‭ ‬تتوافر‭ ‬لها‭ ‬مصادر‭ ‬للرى‭ ‬وزراعتها‭ .. ‬ولولا‭ ‬هذه‭ ‬المشروعات‭ ‬والإنجازات‭..‬ لأصبح‭ ‬حالنا‭ ‬لا‭ ‬يسر‭ ‬عدواً‭ ‬ولا‭ ‬حبيباً،‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬الأزمات‭ ‬العالمية‭ ‬القاسية‭ ‬والمتوالية‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬إلى‭ ‬تداعيات‭ ‬الحرب‭ ‬‮ «‬الروسيةــ‭ ‬الأوكرانية‮»‬.

نعود‭ ‬إلى‭ ‬حديث «‬بلدينا‮»‬ لفصيح،‭ ‬والمثقف‭ ‬والواعي،‭ ‬الذى‭ ‬يطالب‭ ‬بألا‭ ‬يكون‭ ‬الوعى‭ ‬مقصوراً‭ ‬على‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬والمخاطر‭ ‬والتهديدات‭ ‬الخارجية‭ ‬والمؤامرات‭ ‬والمخططات،‭ ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬حسب‭ ‬قوله‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬وعى‭ ‬شامل،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لدينا‭ ‬مخزون‭ ‬استراتيجى‭ ‬من‭ ‬الوعى‭ ‬والفهم،‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لدينا‭ ‬اكتفاء‭ ‬ذاتى‭ ‬شامل‭ ‬من‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى‭ ‬والفهم‭ ‬الصحيح‭ ‬لكل‭ ‬قضايانا‭ ‬وتحدياتنا‭..‬ وألا‭ ‬يقتصر‭ ‬حديثنا‭ ‬ووعينا‭ ‬وشواغلنا‭ ‬واحتشادنا‭ ‬على‭ ‬التهديدات‭ ‬الخارجية،‭ ‬ولكن‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نحتشد‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الداخلية،‭ ‬وأن‭ ‬نقوم‭ ‬بتنشيط‭ ‬عقل‭ ‬وفكر‭ ‬المواطن،‭ ‬ليحسبها‭ ‬صح،‭ ‬أنه‭ ‬شريك‭ ‬فى‭ ‬المسئولية،‭ ‬وربما‭ ‬يكتشف‭ ‬أنه‭ ‬سبب‭ ‬الأزمة،‭ ‬ويدرك‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬الوعى‭ ‬والفهم‭ ‬ما‭ ‬تبذله‭ ‬وتحققه‭ ‬الدولة،‭ ‬ويعرف‭ ‬الظروف‭ ‬الصعبة‭..‬ جوهر‭ ‬حديث ‭»‬بلدينا‭ ‬المحترم» ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نركز‭ ‬فى‭ ‬بناء‭ ‬وعينا‭ ‬على‭ ‬أسباب‭ ‬مشاكلنا‭ ‬وأزماتنا‭..‬ فالزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬والنمو‭ ‬السكانى‭ ‬المفجع‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبيره ‭»‬إننا‭ ‬نخلف‭ ‬ونرمى‭ ‬فى‭ ‬الشوارع‮»‬ ونهرب‭ ‬من‭ ‬مسئوليتنا‭ ‬عن‭ ‬أولادنا،‭ ‬ونجلب‭ ‬لهم‭ ‬التعاسة‭..‬ ونلحق‭ ‬الضرر‭ ‬بالدولة،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ندرى‭ ‬أو‭ ‬ندري‭..‬ فهذا‭ ‬تقصير‭ ‬خطير‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬وفى‭ ‬مقدمتهم‭ ‬الإعلام‭ ‬الذى‭ ‬يركز‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الوعى‭ ‬بالتحديات‭ ‬والتهديدات‭ ‬الخارجية‭.‬

الغريب‭ ‬أن «‬بلدينا» ‬رفض‭ ‬الوسائل‭ ‬والأساليب‭ ‬التقليدية‭ ‬فى‭ ‬حملات‭ ‬تنظيم‭ ‬الأسرة،‭ ‬أو‭ ‬التصدى‭ ‬للنمو‭ ‬السكاني،‭ ‬مؤكداً‭ ‬أن‭ ‬اختلاف‭ ‬الأجيال‭ ‬يستلزم‭ ‬وسائل‭ ‬جديدة،‭ ‬فالأجيال‭ ‬الحالية‭ ‬لن‭ ‬تقتنع‭ ‬بحسنين‭ ‬ومحمدين،‭ ‬أو‭ ‬النصائح‭ ‬المباشرة‭ ‬والشغل‭ ‬ده‭..‬ لازم‭ ‬الصدمة،‭ ‬لازم‭ ‬تعرفه‭ ‬إن‭ ‬حياته‭ ‬هتكون‭ ‬إزاى‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬كثرة‭ ‬إنجابه‭..‬ وشكل‭ ‬حياته‭ ‬هيكون‭ ‬إزاى‭ ‬إذا‭ ‬التزم‭ ‬بالتنظيم‭ ‬أو‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بطفل‭ ‬أو‭ ‬اثنين،‭ ‬وإزاى‭ ‬هيكون‭ ‬تأثير‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الوطن‭..‬ لازم‭ ‬تعرفه‭ ‬ما‭ ‬تجنى‭ ‬يداه‭ ‬سواء‭ ‬بالوعى‭ ‬أو‭ ‬المعاناة‭.‬

ما‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أقوله‭ ‬أننا‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتى‭ ‬فى‭ ‬الاحتياجات‭ ‬والسلع‭ ‬الأساسية‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬وفى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬وبنفس‭ ‬القدر‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتى‭ ‬من‭ ‬الوعى‭ ‬والمساران‭ ‬مرتبطان‭ ‬ببعضهما‭ ‬البعض،‭ ‬فلن‭ ‬تنجح‭ ‬وتجدى‭ ‬جهود‭ ‬التنمية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬إلا‭ ‬مع‭ ‬انضباط‭ ‬وسيطرة‭ ‬على‭ ‬النمو‭ ‬السكانى‭ ‬المخيف‭ ‬والمنفلت‭ ‬والعشوائى‭ ‬الذى‭ ‬يهدد‭ ‬عوائد‭ ‬التنمية‭..‬ ويجعل‭ ‬المواطنين‭ ‬لا‭ ‬يشعرون‭ ‬بتحسن‭ ‬ظروفهم‭ ‬المعيشية‭..‬ ولابد‭ ‬أن‭ ‬نحسبها‭ ‬صح،‭ ‬وننظر‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل‭ ‬بشكل‭ ‬موضوعى‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬أدركنا‭ ‬الحقائق‭ ‬فإننا‭ ‬بعد‭ ‬28‭ ‬عاماً‭ ‬سيتضاعف‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬مصر،‭ ‬وبالتالى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتضاعف‭ ‬قدرات‭ ‬ومقدرات‭ ‬وموارد‭ ‬مصر‭..‬ ومع‭ ‬استمرار‭ ‬وتيرة‭ ‬العمل‭ ‬والإنجاز‭ ‬الحالية،‭ ‬وما‭ ‬يتحقق‭ ‬من‭ ‬نجاحات‭ ‬وعوائد‭ ‬نستطيع‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬سيطرنا‭ ‬على‭ ‬الزيادة‭ ‬والنمو‭ ‬السكانى‭ ‬أن‭ ‬نلمس‭ ‬التحسن‭ ‬الكبير‭ ‬وندرك‭ ‬الفارق‭ ‬بين‭ ‬ضبط‭ ‬النمو‭ ‬السكاني،‭ ‬وزيادة‭ ‬معدلاته‭.‬

لابد‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتى‭ ‬من‭ ‬الوعى‭ ‬الشامل‭ ‬قبل‭ ‬المخاطر‭ ‬والتحديات‭ ‬والتهديدات‭ ‬والأزمات‭ ‬فالوعى‭ ‬الشامل‭ ‬هو‭ ‬الحل‭.‬