الثلاثاء 16 ابريل 2024

«الحوار الوطني» قماشة تسع كل المصريين

مقالات14-5-2022 | 15:21

في توقيت فاصل كنا قد بدأنا فيه نتهيأ للاحتفال بقرب القضاء على المرتزقة الدواعش من ناحية، وتوديع شبح وباء كورونا من ناحية أخرى، بعد أن قضى على معظم أحبائنا ومعهم معظم الأنظمة الصحية في العالم، هبت علينا رياح الحروب الثقيلة من جديد، ولكنها لم تعد تلك الحروب الثقيلة بمعيار الآلة العسكرية فقط، فهي ثقيلة لتداعياتها، وآثارها السلبية المُشَككة في أية آمال لالتقاط الأنفاس واستعادة القوى التي خارت لسنوات.

أذناب صَدّرت لنا الخراب في صور شتى ما بين ثورات خراب وفوضى خلّاقة، وتنازعوا على البقع الجغرافية لتقسيم الثروات، ثم انقلبوا على بعضهم البعض كأقطاب عظمى تحاول كل منها استعادة بسط السطوة والسيطرة على منابع الموارد والاستئثار بها، هي حرب مستمرة لا تنتهي بانقضاء قرن وإقبال قرون جديدة مهما بدت في ظاهرها كونها تحمل الخير والرخاء والتقدم والازدهار لشعوب دول تسمى بالمتحضرة والمتقدمة.

تفاصيل متعددة يتولى المتخصصون السياسيون تناولها بالتحليل والتفنيد، ويتبقى لنا الأمل والسعي والعمل والتمسك بأهليتنا وقدرتنا كأمة وقفت وصمدت في وجه العديد من الأزمات ومصائب الزمان بكل قوة وإصرار على التخطي والتجاوز مهما بلغ حجم التحدي وتواليه وازدياد صعوباته.

ووسط خضم من الأحداث وفوضى الأخبار التي أصبحت تطل علينا يومياً على منصات التواصل الاجتماعي قبل ظهورها حتى على شاشات الفضائيات، والعالم منشغل بكيفية سد فجوتي الغذاء والطاقة في ضوء استمرار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

وفي ليلة وضحاها، ومع كل التدابير والإجراءات الجارية لاحتواء تداعيات الأزمة، تجد الدعوة لأبواب الحوار الوطني المصري مفتوحة، والآمال منعقدة، كمواطن مصري اعتاد على مدار التاريخ وبشكل مكثف خلال السنوات القليلة الماضية أنه كلما اشتدت الأزمة كلما ازداد إصراراً وعزيمة وإقبال على كل ما هو عكس مقدرات الخراب والفساد في الأرض.

فها هي الدولة النظامية التي تتأهب لاستقبال جمهوريتها الجديدة وتفتح ذراعيها لكل أبنائها من كافة الطوائف والتيارات الحزبية والسياسية وغيرها، بهدف احتواء الجميع والإنصات لهم لا فقط مجرد تفريغ طاقاتهم، فالإنصات أهم من الكلام أحياناً، فهو من أهم أدوات العلاج النفسي للشعوب والأمم وحتى الأفراد، تماماً كما مهمة الطبيب النفسي الذي يعالج أصعب الأمراض غير المرئية.

الدولة المصرية عازمة بقوة على الاستخدام الأمثل للقماشة المصرية ذات الخصائص المتفردة مثلها مثل القطن المصري طويل التيلة، تلك القماشة التي منها تصنع كل ثمين من خلال سلاسل وخطوط إنتاج كفء ومتخصصة وشديدة التحمل، وتتخلص من بواقي هذا القماش الذي إما يعاد إنتاجه كمدخلات إنتاج أخرى جديدة، وإما يتم التخلص منه نهائياً كمخلفات إنتاج لا قيمة لها.

المشهد مفتوح ويسع الجميع ممن يمتلكون القدرة والفطنة وحدود الإدراك التي تسمح بالتعامل الحكيم والمتوازن دون إسراف في الحماس أو تقصير في الواجب.

الوعي يا سادة هو رمانة ميزان هذا العصر، فلتبحثوا عنه وتتبعوه هو حائط الصد والممتص لأية صدمات معلومة أو غير معلومة.