أعرب السفير ديفيد ثورن، كبير مستشاري المبعوث الرئاسي الأمريكي للمناخ، عن تقدير بلاده لما أعلنته الحكومة المصرية، أمس الأحد، في المؤتمر الصحفي العالمي، الذي عقدته لإعلان خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، من زيادة مشاركة القطاع إلى 65٪ في جميع الاستثمارات في الدولة، وذلك خلال السنوات الثلاث المقبلة، بما يمثل أكثر من ضعف مشاركته الحالية، لافتاً إلى أن الحوافز التي تم الإعلان عنها أمس تشير إلى تقدم حقيقي في عملية التحول، وتبرز أهمية مساهمات القطاع الخاص في تحقيق التحول الأخضر في مصر.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها السفير ديفيد ثورن، كبير مستشاري المبعوث الرئاسي الأمريكي للمناخ، في المؤتمر الموسع الذي نظمته غرفة التجارة المصرية الأمريكية، بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وعدد من الوزراء والمسئولين ورجال الأعمال المصريين والأمريكيين، وذلك بمناسبة زيارة وفد "البعثة التجارية الخضراء" الأمريكي إلى مصر، الذي ضم ممثلي نحو 40 شركة أمريكية.
وأوضح السفير ديفيد ثورن أن تواجدهم اليوم في القاهرة جاء بهدف تعزيز الشراكة الوثيقة بين الولايات المتحدة ومصر في مواجهة أزمة المناخ العالمية، خاصة أن مصر على مشارف استضافة الدورة الـ27 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP27 في شرم الشيخ.
ولفت كبير مستشاري المبعوث الأمريكي لتغير المناخ في كلمته، إلى أنه لمس خلال تشرفه بلقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي، في فبراير الماضي برفقة جون كيري، مبعوث الرئيس الأمريكي للمناخ، التزام واضح بالعمل على نجاح مؤتمر المناخ القادم، وتوفير مستقبل أخضر لمصر، مؤكداً ان هناك تشارك للرؤي في إدراك الحاجة الملحة لمعالجة أزمة المناخ، وفي فهم أن الحلول المناخية تمثل فرصة اقتصادية هائلة لوضع اقتصاداتنا على مسار الاستدامة.
وهنأ السفير ديفيد ثورن مصر على ريادتها للملف المناخي، سواء داخليا أو على المستوى الدولي، مشيرا إلى أن حضور أعضاء الحكومة الكبير اليوم واللقاءات التي تمت معهم على مدار اليومين الماضيين، يعكسان التزاما بتحويل أزمة المناخ إلى حلول اقتصادية لمصر وشعبها، معرباً عن تطلعه إلى إصدار مصر لنسختها المحدثة من "الالتزامات المحددة وطنياً بموجب اتفاقية باريس للمناخ"، ومضيفاً أنه بتولي مصر رئاسة الدورة المقبلة، فإنها تساعد أيضا في تعزيز الالتزام بالعمل المناخي في جميع أنحاء المنطقة الأفريقية والعالم.
وأشار السفير ديفيد ثورن إلى أن تحدي مؤتمر المناخ القادم يتمثل في التنفيذ العاجل للالتزامات المُتعهدة في مؤتمر جلاسكو الماضي، وحشد الطموح الإضافي اللازم للحفاظ على وعدنا بوصول درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية، مؤكداً أن الولايات المتحدة شريك ملتزم بتعزيز الجهود المناخية المحلية في مصر، وتعزيز القدرة المناخية للقارة الأفريقية، وضمان نجاح مؤتمر المناخ المقبل COP27.
وأوضح كبير مستشاري المبعوث الأمريكي للمناخ أنه خلال زيارة المبعوث الرئاسي الأمريكي للمناخ إلى مصر في فبراير الماضي، تم إطلاق فريق عمل معني بالمناخ بين الولايات المتحدة ومصر، وذلك بهدف تركيز الجهود المشتركة على النهوض بأولوياتنا لمؤتمر المناخ القادم، وعلى تنسيق التعاون الثنائي المتعلق بإجراءات التخفيف والتكيف في مصر.
وقال السفير ديفيد ثورن: "نحن نعلم أن التقدم في كل مجالات العمل المناخي لا يتطلب قيادة حكومية قوية وثابتة فحسب، بل يتطلب أيضا شراكة وثيقة مع القطاع الخاص، الذي يوفر الاستثمار والخبرة". ولفت إلى أنه خلال مؤتمر المناخ السابق COP26، مثّل العمل مع القطاع الخاص أولوية قصوى للولايات المتحدة الأمريكية، حيث لا نستطيع تحقيق أهدافنا الطموحة بدون القطاع الخاص، كما كان مستوي مشاركة القطاع الخاص في جلاسكو غير مسبوق، وأكد أن زيارة البعثة التجارية الخضراء هذه تمثل بداية قوية لجعل مشاركة القطاع الخاص محور نجاح مؤتمر المناخ القادم.
وأشار كبير مستشاري المبعوث الأمريكي للمناخ إلى أن إعلان الحكومة أمس بشأن تمكين القطاع الخاص يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام، حيث أن قدرة القطاع الخاص على تقديم حلول مناخية تعتمد على قيام الحكومات بخلق بيئة استثمارية داعمة.
وقال السفير ديفيد ثورن: "معا نستطيع صياغة مسارات طاقة جديدة تعمل أيضا على تعزيز أمن الطاقة والمناخ، وتضع اقتصاداتنا على طريق الوصول إلى انبعاثات صفرية، ودعم الابتكار والاستثمار الأخضر، وتعزيز قدرتنا على التكيف مع تغير المناخ، وحماية الفئات الأكثر عرضة لتغير المناخ"، مشيراً إلى أن الشركات أعضاء وفد البعثة التجارية الخضراء متواجدون اليوم انطلاقا من إدراكهم للفرص المتوفرة في مصر، ولتقديم حلول في مجال النمو الأخضر والمناخ.
ونوه كبير مستشاري المبعوث الأمريكي للمناخ، إلى أنه تم استثمار 86 مليار دولار العام الماضي في الشركات الأمريكية الناشئة العاملة في مجال المناخ، بما يعكس أن الاستثمار الأخضر هو فرصة عمل هائلة بفوائد استثمارية ضخمة لأولئك الذين يبدؤون العمل مبكراً، قائلاً أننا نهدف من خلال الشراكة بين الولايات المتحدة ومصر، والشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى تحقيق نتائج ملموسة يمكن عرضها خلال مؤتمر المناخ القادم، والتي ستظهر للعالم ما يمكننا تحقيقه عندما نعمل معا، وأضاف أن العالم سيراقب ما يحدث في شرم الشيخ ليرى ما إذا كنا سنقدم نموذجاً في مجال التحول الأخضر.
وجدد كبير مستشاري المبعوث الأمريكي للمناخ تأكيده الحاجة إلي توافر البيئات التمكينية التي تسمح بزيادة طموحنا المناخي، مشيراً إلى أن التحديات هائلة ولكن المكافآت هي الأخرى كذلك، متطلعاً إلى استمرار العمل المشترك لمواجهة هذه التحديات من خلال اغتنام الفرص.
من جانبها قالت نيكول شامبين، القائم بأعمال السفير الأمريكي بالقاهرة في كلمتها التي ألقتها خلال المؤتمر الموسع، إن الولايات المتحدة ومصر ملتزمتان بتعزيز علاقاتهما الاستراتيجية. وأضافت: كما علمتم فإنه خلال الأسبوع الماضي، زار مستشار الأمن القومي للرئيس بايدن القاهرة، وهي الزيارة الثانية له خلال 8 شهور، بما يعكس متانة التزاماتنا بتعزيز علاقتنا مع مصر.
وأوضحت أن هذه الشراكة تقود إلى تعاون قوي بشأن رؤيتنا الإقليمية المشتركة، كما أنها تقود إلى اهتمام بلدينا المشترك بخصوص نمو الاقتصاد المصري، والجهود التي تبذلها مصر لمواجهة ظاهرة التغير المناخي.
وقالت إن الشركات الأمريكية لعبت دورا محوريا في تقوية العلاقات بين بلدينا، واليوم نحن نواجه معا تحديا جديدا، وهو تحدي التحول نحو الاقتصاد الأخضر لمواجهة التأثير الكارثي للتغير المناخي، ونحن نأمل أن نستطيع من الان وحتى موعد انعقاد مؤتمر المناخ القادم COP27 أن نرى عقد شراكات وصفقات جديدة تمنح الشركات الأمريكية الفرصة لمشاركة مصر في بناء مستقبلها الأخضر.
فيما توجه طارق توفيق، رئيس غرفة التجارة الأمريكية في القاهرة، بالشكر لرئيس الوزراء والوزراء والمسئولين على مشاركتهم في هذا الحدث المهم، موضحا أن زيارة البعثة التجارية الخضراء تمثل حجر زاوية في شكل العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية فيما يتعلق بالاستثمار في مجالات الاقتصاد الأخضر، كما أنها شهادة على عمق العلاقات بين البلدين، وتعكس التزام الجانبين للعمل سويا من أجل مواجهة التغيرات المناخية.
وأشاد توفيق خلال كلمته بما أعلنه الدكتور مصطفى مدبولي أمس خلال المؤتمر الصحفي عن برنامج لمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة بمستهدف 10 مليارات دولار، كل سنة، لمدة 4 سنوات، بإجمالي 40 مليار دولار، تتيحها الدولة للشراكة مع القطاع الخاص، والتوجه نحو زيادة الاستثمارات في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة، والاقتصاد الأخضر.