يراد بالسياسة "الحكم السياسى" لمغانم ومصالح خاصة، والمفهوم والمراد اتخاذ شعارات وأدبيات ومبادئ دينية غطاء وتبريراً، حشداً وتجيشاً للبسطاء والأغرار للوصول إلى سدة الحكم بحيث (العمل السياسى مقصودها، والدين مطيتها، والجماهير وقودها) حصل وحدث ووجد هذا فى الماضى حيث انحرفت سفينة الدين من "فقه الدعوة" (تذكير الغافلين والعصاة، والعودة بالمنحرفين إلى الصراط المستقيم، وتقليل المفاسد، وإزالة الشبه التى ينشرها أعداء الدين، وتكثير الملتزمين، وتحقيق الهداية والرحمة المقصودة بإرسال الأنبياء والرسل – عليهم السلام – وإنزال الكتب السماوية، وإنقاذ البشرية من أسباب الدمار والهلاك وإرشاد البشرية إلى ما فيه الصلاح والنجاح والفلاح).
توافرت وتعاضدت نصوص شرعية غزيرة كثيرة مستفيضة فى "مقاصد التشريع الدينى" بصفة عامة.. كانت "اليهودية" هكذا فى نشوئها ، وأكملتها المسيحية فى مجيئها، وختم الإسلام الرسالات وأكمل النبوات فى ظهوره كذلك.
كانت الملامح والوسائل والمقاصد بلسماً شافياً، ومن ثم كان الدين تهذيباً وتكريماً، إلا أن الانحراف والجنوح والشطط عن المقاصد والغايات جعل الشرائع فى متاهات بسبب عوادى السياسة.
نستطنق التاريخ بمراحله لتكون الحقائق واضحة، ولمحاولة جمع المبدد، أو التنبيه على تداعيات المشاهد:
اليهودية: فى الأصل هى ديانة العبرانيين المنحدرين من سيدنا إبراهيم - عليه السلام – والمعروفين بالأسباط من بنى إسرائيل الذين أرسل الله – عز وجل – إليهم سيدنا موسى – عليه السلام – مؤيداً بالتوراة ليكون لهم نبياً رسولا.
هم فى الأصل موحدون لله عز وجل، وإن كانوا ألصقوا به بعض النقائص ويعتبرون أن ديانتهم خاصة بهم.
أفرخت الصهيونية: حركة سياسية عنصرية متطرفة، ترمى إلى إقامة دولة سياسية لليهود فى فلسطين تحكم من خلالها العالم كله، تقوم أفكارها فى "بروتوكولات حكماء صهيون" وكلها تقوم على السيطرة على العالم بأية وسائل ولو غير مشروعة.
وأفرخت – يهود الدونمة الذين يظهرون مجرد الانتساب إلى الإسلام ويبطنون اليهودية ولهم معتقدات تجافى اليهودية والإسلام معاً ولها علاقات وطيدة بالماسونية.
المسيحية: الديانة المسيحية التى أنزلت على سيدنا يسوع – عليه السلام – مكملة لرسالة سيدنا موسى – عليه السلام – متممة لما جاء فى التوراة من تعاليم، موجهة إلى بنى إسرائيل، داعية إلى التهذيب الوجدانى والعاطفى.
ينتسب إليها حالياً "شهود يهوه" وهى منظمة عالمية تقوم على سرية التنظيم وعلانية الفكرة، دينية وسياسية يهدفون إلى إقامة دولة دينية دنيوية للسيطرة على العالم ولهم معتقدات تناقض اليهودية والمسيحية معاً.
وبالإضافة إلى حملات عسكرية ذات أهداف سياسية فيما يعرف بالحملات الصليبية لغزو واحتلال منطقة الشام ببلاد العرب فى القرنين الماضيين.
الإسلام: الدين الخاتم الذى أنزله الله – سبحانه وتعالى – على رسوله سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – ليختتم به الرسالات، ويتم به النبوات جامعاً بين العقيدة والشريعة والأخلاق.
ما لبث المسلمون بعد وفاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ببضعة وثلاثين عاماً فقط إلا ودبت الصراعات السياسية فدارت معارك طاحنة أفرخت "الشيعة" و"الخوارج" كاتجاهات سياسية واعتلى الأمويون والعباسيون والأتراك سدة الحكم السياسى بوصف الخلافة، وحالياً ينتظر الشيعة إمامهم المعصوم، المختفى من ألف وأربعمائة سنة وتزيد، ليعيد "الإمامة لآل البيت"، وقامت الحركة الوهابية لدعم نظام سياسى، وتعمل جماعة "الإخوان" جاهدة
"لأستاذية العالم" وصراعها فى المشهد يدور حول الحكم السياسى لمصر وغيرها، وتخرج فصائل السلفية الجهادية لإعادة "خلافة" خلافة من ولمن!
وضاعت معالم الشرائع المنسوبة إلى السماء فى تزكية وبناء النفوس ورشد العقل وإسعاد الإنسان إلى مستنقعات السياسة لتراق دماء وتنتهك أعراض وتتلف أموال تحت راية الدين افتراء عليه.
ويغزو "الإلحاد" القلوب والعقول، والآخرون مشغولون طوفان مذهبيات علمية تحولت فى الواقع إلى طائفيات مجتمعية ويكاد جيل "غثاء سيل" يسلم الراية للمشهد المأسوى الأخير.
"غربة الإسلام" ونظرة إلى خريطة المشهد والواقع فالأحلام السياسية الراعية لما فى منطقتنا، وإذا سألت ثم سألت فالإجابة ميسورة (سياسات أفسدت أديان).
إن الدعاوى السياسية المغلفة بالدين دعاوى باطلة يوحى بها شياطين الإنس والجن، وصدق الله العلى العظيم: "وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار" – 41 من سورة القصص – "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم" – 25 من سورة النحل - ،"وقال الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى فلا تلومونى ولوموا أنفسكم.. " – 22 من سورة إبراهيم، وفى الحديث النبوى الشريف: "... دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، هم من بنى جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا... " – فتح البارى 13/35 ، صحيح مسلم 3/1475.
والله غالب على أمره .