الإثنين 6 مايو 2024

احسبها صح

مقالات25-5-2022 | 20:55

بالوعى نحيا.. ونحمى أوطاننا من خطر المؤامرات.. وحروب الأكاذيب والشائعات.. فبناء الوعى قضية ليست صعبة أو مستحيلة.. فقط تحاوروا مع الناس بالعقل والمنطق والحقيقة.. وعلموهم أساليب التفكير والموضوعية والإنصاف.. وعرفوهم وأطلعوهم على ما كان من أزمات ومشاكل.. وما هو كائن من نجاحات وإنجازات.. والفارق كبير بينهما على أرض الواقع.. واسألوهم، هل تجدون نقصاً أو عجزاً أو عدم قدرة على الوصول إلى احتياجاتكم.. وخذوهم إلى أرض الواقع ليدركوا بأنفسهم حقيقة ما يقال ويتردد من أكاذيب وشائعات.. وهل هى موجودة على أرض الواقع أم روايات من نسج «الخيال».. يروجها المرتزقة والعملاء ومنابر الفحش الإعلامى.. فقط نموذج واحد من عشرات الإنجازات: الأمن الغذائى والطفرة الزراعية.. ونجاح الدولة فى توفير احتياجات المواطن رغم وطأة الأزمة العالمية.. باختصار المواطن لابد أن يحتكم للعقل والواقع.
 
دعهم يكذبوا.. ودعنا نعمل.. فالواقع كفيل بهم
 
 تلقيت اتصالاً من أحد الزملاء الصحفيين المحترمين وهو مهتم بقضايا هذا الوطن، ناقشنى فى مقالى المنشور فى جريدة «الجمهورية» عدد الأمس تحت عنوان «الحوار مع المواطن» مشيداً بفكرة «ماذا لو».. وهى أسلوب يراه مهماً لتعريف الناس بالفارق الذى حدث فى مصر قبل 7 سنوات وبعدها.. ومطالبتى بالإكثار من عرض القضايا والملفات الكثيرة التى شهدت إنجازات ونجاحات كبيرة، وتصنع الفارق.. وتغير حياة المصريين إلى الأفضل، وتحميهم من تداعيات الأزمات والظروف العالمية القاسية.. فهو يرى أيضاً أن هناك عشرات الملفات والقضايا التى كانت تشهد أزمات عميقة، ونقصاً وعجزاً، ومشاكل تم تحقيق نجاحات كبيرة فيها، صنعت الفارق.. وقال: إنه لا سبيل لبناء الوعى الحقيقى إلا من خلال نماذج واقعية بالحقائق والإنجازات على أرض الواقع، وأن المواطن قادر بالإنصاف وملامسة الواقع ومعايشته للحياة فى مصر خلال السنوات السبع الماضية إلى وقتنا هذا على الفرز والوصول إلى الحقيقة.

الحقيقة أن حديث هذا الزميل المحترم المهموم بوطنه أسعدنى كثيراً، وشجعنى على مواصلة الطريق فى إطار المقارنة بين أحوال وظروف وأزمات ومشاكل مصر قبل الرئيس السيسى وأحوالها الآن، لنجد أن هناك فرقاً وبوناً شاسعًا، فهناك عشرات المشاكل والأزمات لم يعد لها وجود فى الواقع أو المشهد المصرى.. ولم يعد المواطن يعانى منها أو يجد فيها مشكلة أو نقصاً أو عجزاً.. لكننى أؤكد على أن الحوار مع المواطن وبلغة بسيطة ودون تعقيد و«فذلكة»، هو أهم شىء فى هذا التوقيت الدقيق الذى تتصاعد فيه وتيرة تداعيات الأزمة العالمية، التى تتزامن مع «نباح الكلاب من كل حدب وصوب» بالأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه والتحريض ومحاولة اختراق عقل المواطن بالوعى المزيف والمغالطات، أو الدفع بمرتزقة وعملاء جدد ينبحون مثل الكلاب، وينعقون كالبوم بكلام رخيص وكاذب أو انتقال المرتزقة القدامى إلى دول أخرى تستضيفهم وتوفر لهم الملاذ الآمن، وتجد فيهم أبواقاً لترويج الأكاذيب والشائعات، وتسوق لنا هذه الدول مبررات شاذة وغريبة وغير منطقية بأن هؤلاء نجحوا فى الاختراق والتحايل على قوانينهم، وهذا لا يخيل على أحد، ولكن هذه الدول ضالعة فى التآمر والابتزاز، وهى من ترعى وتغذى وتسمن وتؤوى جماعات الإرهاب وتوفر لهم أبواقها أو تمكينهم من «منابر» تنضح كراهية وحقداً وتقرأ ما كتبته لهم أجهزة المخابرات المعادية لاستهداف مصر بالأكاذيب والشائعات ومحاولات ضرب التماسك والاصطفاف والتحريض والوقيعة بين المصريين.

دعونا من كل هؤلاء المرتزقة والمتآمرين وتعالوا نحسبها بالورقة والقلم والمنطق والواقع.. بمعنى نحسبها صح، ونقول كلاماً معقولاً وحقيقياً ومنطقياً والفيصل بيننا الواقع، لنرى وندرك أن كل نباح كلاب الإخوان وأسيادهم ليس له أساس من الصحة، وما هو إلا عفن لسان ملوث ينطق بالباطل.. وهنا لن أقول أو أسألك: ماذا لو استمر الإرهاب حتى الآن؟. وماذا لو لم تعش الآن فى أمن واستقرار؟. وماذا لو لم يتخذ الفريق أول عبدالفتاح السيسى، القائد العام، وزير الدفاع فى 30 يونيو 2013 قراراً وطنياً شجاعاً شريفاً بحماية إرادة المصريين؟. وماذا لو ظلت أزمة انقطاع التيار الكهربائى وفيروس «سى» والعشوائيات، وطوابير العيش والبنزين والبوتاجاز والسولار؟. وماذا لو لم تتخذ مصر فى 2016 قرار الإصلاح الاقتصادى الشامل.. والكثير والكثير.. فالسؤال يظل مفتوحاً ليستغرق مقالات ومقالات، أو ربما كُتُباً وصحفًا.. لكننى اخترت فقط مجالاً مهماً نلمسه بأيدينا ونراه على أرض الواقع فى ظل تداعيات أزمتين عالميتين شديدتى الوطأة.. وهما «كورونا» و«الحرب الروسيةــ الأوكرانية».. وفى ظل تعطل سلاسل الإمداد والتوريد، وارتفاع تكاليف الشحن وزيادة وارتفاع الأسعار.. والأخطر من ذلك هو قيام أكثر من عشر دول بحظر تصدير عدد كبير من السلع والمواد الغذائية والمحاصيل الزراعية الاستراتيجية لتوفيرها إلى شعوبها تحت شعار: «اللى يحتاجه البيت يحرم على الجامع».. وهو ما تسبب فى مأزق كبير لدول تستورد احتياجات شعوبها من هذه الدول المصدرة، وأصبحت الأمور أكثر تأزماً وتعقيداً، فإذا وجدت الأموال والميزانيات للشراء.. أصبح من الصعب الحصول على الاحتياجات.

السؤال المهم فى ظل هذا الوضع الدولى بالغ التعقيد، والأزمة العالمية الطاحنة، وأتوجه بالسؤال للمواطن المصرى المنصف، الذى يدرك قيمة النجاح والإنجاز: ماذا لو لم تقم مصر بهذا الحجم الكبير والعمل من المشروعات القومية فى مجال الأمن الغذائى والزراعة، والمشروع القومى لتخزين بعض السلع الاستراتيجية مثل الغلال وأبرزها القمح كمحصول استراتيجى، بالإضافة إلى الزيوت والمواد البترولية والبوتاجاز.. ماذا كان حالنا وظروفنا ومعاناتنا الآن؟.. سؤال مفتوح أمام كل مواطن مصرى.

فى السبع سنوات الماضية أنجزت الدولة المصرية عدداً كبيراً من المشروعات القومية العملاقة فى مجال الأمن الغذائى.. حققت نتائج مهمة جداً على أرض الواقع، وسدَّت احتياجات المصريين بنسب كبيرة للغاية ووفرت استقراراً فى الأسواق المصرية، بدت نتائجها على الأرض خلال أزمة كورونا، وتعطل سلاسل الإمداد والتوريد، وتباطؤ حركة التجارة العالمية.. وسوف أسوق بعض المشروعات القومية العملاقة فى هذا المجال مثل مشروعات المزارع السمكية التى أحدثت طفرة فى هذا المجال، وأيضاً المشروعات الخاصة بالثروة الحيوانية، والثروة الداجنة، ومشروعات الصوب الزراعية، أو الـ100 ألف صوبة التى توازى إنتاج مليون فدان من الزراعات الطبيعية أو العادية، ثم مشروعات الألبان، وتطوير وتحديث مراكز تجميع الألبان، الذى وصل الإنتاج إلى أكثر من النصف، والنهوض بالثروة الحيوانية من خلال سلالات جديدة أكثر إنتاجاً، أو تشجيع المشروعات الصغيرة فى مجال الثروة الحيوانية أو إعادة إحياء مشروع البتلو.

لكن تعالوا إلى ملف مهم كان حجر الأساس فى عدم شعور المصريين بأزمة خلال تداعيات الحرب الروسيةــ الأوكرانية وهو التوسع الزراعى وإضافة مساحات جديدة للرقعة الزراعية فى مصر، حتى امتلكت مصر فائضاً من المحاصيل الزراعية وصل إلى 5.6 مليون طن من إجمالى ما تم تصديره خلال عام بقيمة 3 مليارات دولار، وأيضاً حقق اكتفاءً ذاتياً للمصريين من احتياجاتهم، وتحول الفائض إلى التصدير، ثم أدركنا الآن لماذا كان الرئيس عبدالفتاح السيسى حاسماً فى قضية التعديات على الأراضى الزراعية، وهى أراضى الدلتا القديمة، وإيقاف نزيف فقدان هذه المساحات الأكثر خصوبة فى العالم.. لاتحتاج استصلاحًا، وتتوافر لها كافة الإمكانيات من بنية تحتية ومياه وشبكات كهرباء وطرق ومرافق، فى الوقت الذى يحتاج فيه استصلاح وزراعة فدان واحد من الأراضى الصحراوية إلى ربع مليون جنيه لتوفير مقومات دخوله حيز الزراعة والإنتاج والحصاد من ترع وتوفير مياه وطرق وشبكات كهرباء ومنشآت ومصانع، لأن الأمر لم يصبح عشوائياً، ولكن تطبق كل الأساليب العلمية والتكنولوجية، وأصبح الأمر أكثر شمولاً، فالمساحات الزراعية الشاسعة تحتاج مصانع لتوفير كل احتياجاتها، وأيضاً مصانع لاستغلال إنتاجها وتحويله إلى منتجات تطرح فى الأسواق ويصدر منها الفائض إلى الخارج، وتوفير فرص عمل.

الحقيقة لو قلنا ماذا لو لم تضف مصر كل هذه المشروعات القومية العملاقة وإنتاجها الكبير إلى السوق المصرية لتحقق الأمن الغذائى والاكتفاء، أو تقليل الاعتماد على الخارج، لكان موقفنا صعباً للغاية فى ظل هذه الظروف الطاحنة.. فيكفى أن أقول لك إن الرئيس السيسى يتابع منذ سنوات هذه المشروعات على مدار الساعة بكل تفاصيلها.. ويوجه لحل أى أزمات أو تحديات أو عوائق تواجه تنفيذها.. والمثال الأقرب هو اجتماع الرئيس السيسى أمس الأول مع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الرى والموارد المائية، والسيد القصير، وزير الزراعة، ورئيس جهاز الخدمة الوطنية، ورئيس مجلس إدارة شركة تنمية الريف المصرى، من أجل حل ودراسة أى تحديات تواجه مشروع تنمية الريف المصرى «المليون ونصف المليون فدان» والعمل على تذليلها وإزالة كل العقبات، خاصة ما يتعلق بإمدادات مياه الرى وجودتها ومكونات البنية التحتية، وتمهيد الطرق وأعمال التغذية الكهربائية وتطوير الآبار.. هذه المتابعة الدورية حققت نجاحات كبيرة، والاهتمام بهذا الملف وتحقيق الطفرة والنهضة الزراعية، جنبت مصر ويلات وتداعيات خطيرة فى ظل الأزمات العالمية.

السؤال المهم: ماذا لو لم تنجح الدولة فى استصلاح وزراعة 500 ألف فدان فى سيناء، وأيضاً ماذا لو لم تُنفَّذ محطة بحر البقر للمعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعى بطاقة 5.6 مليون متر مكعب يومياً، ثم ماذا لو لم تنجز الدولة مشروعات التوسع الزراعى فى توشكى لـ1.1 مليون فدان، وشرق العوينات ما يقرب من 500 ألف فدان، ومستقبل مصر الذى سيصل العام القادم إلى مليون وخمسين ألف فدان وهو الجزء الأكبر من الدلتا الجديدة التى ستوفر أو تضيف للرقعة الزراعية فى مصر 2.2 مليون فدان، بالإضافة إلى مشروعات وأراض زراعية فى محافظات أخرى والوادى الجديد، تصل إلى 650 ألف فدان.. السؤال: لو لم تحقق الدولة هذه النهضة الزراعية والطفرة الكبيرة.. تصور ماذا كان حالنا وظروفنا، ومعاناتنا فى ظل الحرب الروسيةــ الأوكرانية، وعدم قدرة الدولتين على تصدير إنتاجهما من المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية، خاصة القمح.. وبعد حظر الدول لتصدير السلع والمواد الغذائية والمحاصيل الاستراتيجية لأى دولة لتوفير احتياجات شعوبها.. أعتقد أنه كرم وتوفيق من المولى  عز وجل ــ لمصر وقيادتها السياسية التى امتلكت الرؤية واستشراف المستقبل والإرادة على تحقيق كل هذه النجاحات والإنجازات.

الحقيقة أننا ننظر إلى القضية برؤية متكاملة وشاملة، فمع هذه الطفرة الزراعية التى صاحبتها مشروعات قومية أخرى لا تقل أهمية ومرتبطة بها تماماً، وتحافظ على الإنتاج الزراعى من المحاصيل والغلال من الهدر والتلف، خاصة المشروع القومى لصوامع الغلال، والذى سيصل قريباً إلى طاقة 5.2 مليون طن، بالإضافة إلى تطوير وتحديث مراكز تجميع الألبان، وتوفير احتياجات المصريين منها.

دعونى أسوق لكم مثالاً مهماً لانتباه وإنجاز الدولة المصرية.. فهناك أزمة عنيفة فى دولة عظمى هى الولايات المتحدة، تتمثل فى نقص حاد فى بعض أنواع المواد الغذائية الخاصة بالأطفال، بسبب توقف إحدى الشركات عن الإنتاج بسبب وطأة الأزمة العالمية، فقد انطلق أسطول الطيران العسكرى الأمريكى وبشكل طارئ لاستيراد مركبات الحليب النادرة للأطفال حديثى الولادة إلى أوروبا لاستيراد هذا النوع بشكل عاجل، فى نفس الوقت الذى لا تعانى منه مصر من أى نوع من الأزمة فى هذا المجال، حيث أعلنت وزارة الصحة توفر 14 ألفاً و300 عبوة من الألبان الخاصة بالأطفال الذين يعانون من حساسية الألبان فى 25 مركزاً تابعاً لوزارة الصحة، وفيما يخص الألبان شبيهة لبن الأم، تم توريد 20 مليوناً و400 ألف عبوة خلال عام 2021 و2022.

الحقيقة أنه من الواجب الإشادة بجهود الدولة المصرية التى لم تسمح بوجود أو حدوث أزمة لدى المصريين فى توافر الاحتياجات من المولود الصغير إلى المواطن العادى.. لقد وضعت لكل شىء رؤية وحلاً.. وامتلكت الاحتياطى والمخزون الاستراتيجى للسلع، دعونا نقول أو نسوق بعض الأمثلة.. فلدينا مخزون استراتيجى آمن من القمح يكفينا إلى يناير من العام القادم، واكتفاء ذاتى من الدواجن و السكر والأرز.. والزيوت تكفينا أربعة أشهر، واللحوم ننتج منها 40٪ ولدينا 16 شهراً تعاقداً مع الشقيقة السودان.. إذن احتياجاتنا موجودة، وهناك تصدير لـ5.6 مليون طن من المحاصيل الزراعية.. إذن لدينا اكتفاء ذاتى منها.

الحقيقة نحن أمام إنجاز كبير.. لو حسبتها صح سوف ترفع القبعة للدولة المصرية وتقدم لها التحية، وإذا اطلعت على أحوال دول أخرى منها بعض الدول الأوروبية سوف تدرك قيمة الإنجاز المصرى.

احسبها صح.. ولا تسلم عقلك للكارهين والعملاء والخونة والمرتزقة وأبواق الدجل الإعلامى التى تروج الأكاذيب والشائعات والتشكيك فى كل إنجازاتنا، واعلم أنهم طالما كذبوا وشوهوا، فإن هذا الأمر فيه خير كثير وإنجاز عظيم.. وطالما نحن ننجح ونتقدم ونحقق الإنجازات، فلن يتوقفوا عن الهجوم علينا والتشكيك ونشر الشائعات وترويج الأكاذيب.. لذلك لا تسمح لأحد أن يختطف عقلك ويقنعك بالباطل والكذب فقط، احسبها صح بالعقل والمنطق والواقع وما أنت فيه من نعم كثيرة.. فالحمد للَّه على نعمه وكرمه وتوفيقه، وكل التحية والتقدير لقيادة وطنية شريفة، تستحق منا الشكر والعرفان.

Egypt Air