حوار : رشا صموئيل
هالة صدقى فنانة من طراز خاص، تملك منطقة خاصة من الصعب أن نجد من ينافسها بها، شخصية فنية ثرية بالمشاعر والأحاسيس، لديها القدرة على أن تخطفك سواء بخفة ظلها أو بالتعاطف معها، مثلما حدث فى مسلسل «فاتن أمل حربى»، حيث لعبت شخصية «ميسون» بحرفية عالية، تلك الصديقة المسيحية الوفية لـ«فاتن»، التى جسدت دورها نيللى كريم، تلك العلاقة التى كانت بمثابة السيمفونية الموسيقية التى لعبت بحبكة درامية ورشاقة على أوتار قلوبنا، وعنوانها الحب والإخلاص، وعلى الرغم من أن صدقى تقول عن شخصية ميسون إنها ضيفة شرف، ولكن نجدها رومانة ميزان العمل، وأثبتت بالفعل أن الممثل هو الذى يصنع البطولة للدور وليس العكس. اقتربت «الكواكب» من النجمة هالة صدقى فى حوار مهم وحاورتها عن دورها وأحلامها التى تتعلق بتغيير القوانين التى تنصف المرأة فى هذا العصر الذهبى من تاريخ مصر وهو الحلم الذى أكد سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى على تحقيقه، وذلك فى السطور التالية...
كيف وجدتِ ردود الأفعال تجاه دور «ميسون» بمسلسل «فاتن أمل حربى»؟
الحقيقة، فوجئت بردود الأفعال القوية التى لم أكن أتوقعها، على الرغم من حضورى بالمسلسل كضيف شرف، وكان من الممكن أن يمر الدور مرور الكرام ولكنى اجتهدت ليكون الدور مميزاً وله كيان، ويتفاعل الجمهور معه.
ما الذى جذبكِ للدور؟
حماسى للدور يرجع لأهمية القضية التى تطرح وليس لأهمية الدور فى حد ذاته، وأنا مؤمنة بأن دورى كفنانة أن أجسد الواقع الذى يعيشه الناس من خلال آلاف النساء اللائى تمتلئ بهن ساحات المحاكم، وكنت أتمنى الاهتمام بشكل أكبر بدور «ميسون»، فهى صاحبة «فاتن» المقربة التى تعيش تفاصيل مأساتها وتساندها بقوة، وهى نفسها تعانى أزمة اختفاء زوجها. .. وماذا كنتِ تتمنين إضافته لدور «ميسون»؟ كنت أتمنى أن يسلط الضوء أكثر على قضية الطاعة لدى المسيحيين، وأن يتطرق لما تعانيه المرأة المسيحية بصفتها جزءاً لا يتجزأ من المجتمع، وكان هناك اتفاق مبدئى أن «فاتن» المسلمة و«ميسون» المسيحية ضحايا القانون.. وميسون هى ضحية قانون يفعَّل من 1820، خاصة أن الناس انجذبت لشخصية ميسون. ولماذا لم تتواصلى مع المؤلف إبراهيم عيسى لإحداث تغييرات؟ بالفعل تواصلت معه وتحدثنا، ولكن الوقت لم يسعفنا للتعديلات، والحقيقة أنى ألتمس له العذر لأن كل تركيزه كان منصباً على قضية «فاتن» من ناحية، مع ضيق الوقت وعدم إلمامه الكامل بهذه المنطقة من ناحية أخرى. هل ترين أن المؤلف إبراهيم عيسى كتب القضية مكتملة الأركان.. أم كان هناك ما ينقصها؟ الأستاذ إبراهيم عيسى كتب السيناريو بشكل جيد جداً، وتحسب له دقته الشديدة وحرصه على الرجوع لرجال الدين والقانون المتخصصين.. فالأحداث كانت غنية بالتفاصيل التى لا يعرفها غير سيدة مرت بهذه التجربة، خاصة أن هناك من يدعى أن أحداث المسلسل كان بها قدر من المبالغة، لكن هذا الادعاء غير حقيقى، فما حدث مع بطلة المسلسل أقل مما يحدث فى الواقع، وساحات المحاكم تشهد على حجم «البهدلة» التي تتعرض لها المرأة المصرية فى سبيل الحصول على مستحقاتها، في الوقت الذي نجد فيه بعض الرجال يفعلون المستحيل للتهرب من نفقة الزوجة على حساب سمعتها وسمعة أولاده، ولو ذهبتِ للمحكمة ستصدمين.
هالة صدقى أصبحت نموذجًا للسيدة التى لا تقهر فأصبحتِ أيقونة للصمود فى وجه بطش بعض الأزواج.. هل حصلتِ على حريتكِ أم لا؟
بالنسبة لقضية الطاعة تقريباً انتهت تماماً وسقطت، ولكن قضية الطلاق مازالت هناك إجراءات لم تحسم بعد، ولكن أريد أن أوضح أننى لم أعش معاناة شخصية بمعنى الكلمة، ولكنى أعتبرها شيئاً عابراً فى حياتى وسينتهى، وموضوعى لا شىء بجانب المشاكل الأخرى التى رأيتها فى أروقة المحاكم، وهى فى النهاية تجارب حياتية نتعلم منها.
ما رأيك فى أداء نيللى كريم للدور؟
أراها عظيمة وقدمته بإحساس عال ٍجداً وبراعة، وأيضاً كان أداء الفنان شريف سلامة قوياً، والحقيقة أرى أن فريق العمل كان على قدر المسئولية، وقدم كل منهم دوره كما يجب.
وكيف كان التعامل مع مايسترو العمل.. المخرج ماندو العدل؟
بالنسة لهذا المسسل فأريد أن أقول إن ماندو العدل هو من رشحنى بقوة للدور رغم أننى فى البداية لم أرَ نفسى فيه، وكنت مترددة قبل الموافقة، ولكنه أكد لى أن دورى «سيعلِّم» مع الناس، وهذا ما يسمى بالرؤية الإخراجية، وكان هناك رهان بيننا على نجاح دور «ميسون»، فقد كنت أرى أنه سيمر مرور الكرام ولن يترك أثراً، ولكن رأيه كان عكس ذلك، وأعتقد أنه كسب الرهان. ويعتبر هذا المسلسل ثانى عمل معه بعد «حارة اليهود»، وأرى أنه أكثر أبناء جيله تميزاً، ولديه فكر مختلف وجرأة فى اختيار موضوعات صعبة أكبر من سنه، فمثلا هذا المسلسل يحتوى على 122 «لوكيشن»، وماندو أصر على التصوير فى الأماكن الحقيقية التى كانت شاهدة على معاناتى فى الواقع، فدخلت محكمة زنانيرى، والقاعة التى صورنا بها هى نفس القاعة التى تعرض قضيتى الحقيقية، وهو ما أعاد لى ذكريات لأيام لا أحب استرجاعها، وكانت من أسوأ الأيام التى صورت بها، لدرجة أننى كنت أكره «الأوردر» فيها.
ما وجه التشابه بين هالة صدقى وفاتن أمل حربى فى الحقيقة؟
تقريباً الأحداث واحدة، و قد وجدت نفسى فى شخصية فاتن؛ لأن المسلسل يطرح قضية واقعية تدفع إلى تغيير قوانين الأحوال الشخصية.
كيف ترين ردود الأفعال حول المسلسل ككل وبخاصة بعد توجيهات سيادة الرئيس مؤخراً بالعمل على تعديل قوانين الأحوال الشخصية؟
ردود الفعل حول المسلسل كانت إيجابية للغاية على المستوى الأسرى، منها أنى تلقيت العديد من الاتصالات من رجال يريدون مصالحة زوجاتهم، وهذا في حد ذاته تغيير كبير حدث، وأتمنى أن تشهد الفترة المقبلة تغييراً حقيقياًفي التشريعات التي تساند المرأة، خاصة بعد توجيهات سيادة الرئيس بذلك.
من السند الحقيقى للنجمة هالة صدقى فى الحياة؟
السند الأكبر هو الله الذى لا يتركنى أبداً وأشعر دائماً بيده فى كل خطوة، وبالطبع أولادى وأخى هم السند والدعم الكبير لى، وأمى رحمة الله عليها كانت تدعمنى وتساندنى بقوة.
هناك مقولة للفنانة هالة صدقى " إن لم تحقق المرأة أحلامها فى هذا العصر .. فلن تحققها فى أى عصر آخر.. ما تعليقك؟
بالفعل قلت ذلك وأؤكده، فالمرأة المصرية تعيش عصرها الذهبي، ولو لم تأخذ حقوقها فى ظل حكم سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى فلن تأخذه أبدا.
لماذا أصبحت هالة صدقى قليلة الظهور؟
أجابت بخفة دمها المعهودة: «هو أنا فاضية، أنا عندى محاكم»، ثم استكملت حديثها الشيق قائلة: أتمنى الاستمرار على الساحة، والتواجد بشكل دائم؛ حباً في الفن والتمثيل من ناحية، ومن ناحية أخرى لأهمية المادة، لكن للأسف كل ما عرض عليّ خلال الفترة الماضية كان غير مناسب على الإطلاق، فلا يمكننى التنازل عن المعايير التي أعمل على أساسها، فمثلا وافقت على مسلسل «فاتن أمل حربى» وأنا «مرعوبة» على الرغم من ثقتى فى نجاحه. فللأسف الكتابة الجيدة أصبحت قليلة، والاختيار أصبح مسألة صعبة لأننى من الصعب المجازفة بمشوارى، والحقيقة أنا أتعجب جداً لأن لدينا مجموعة من الكتاب العظام، ولكن للأسف لم أعد أراهم على الساحة مثل مجدى صابر ومحمد جلال عبدالقوى وناصر عبدالرحمن.
أليس مدهشًا رغم تلك الخبرات لديكِ إلا أنكِ مازلتِ تخافين؟
لأن النجاح سهل، ولكن الاستمرار عليه ليس سهلا على الإطلاق، وكلما كبر اسم الفنان يكبر ويزيد لديه الخوف؛ لأننى لا أحب تكرار نفسى وللأسف هذا الأمر يعانى منه كثير من الزملاء، إما أن يشارك فى أعمال تقلل من مكانته وتاريخه، وهذا لا أقبله، وإما أن يشارك فى موضوع يحمل رسالة تفيد الناس بغض النظر عن مساحة دوره وهو ما تحقق معى فى "فاتن أمل حربى "
وما المعايير التى تختارين على أساسها الدور الذى تشاركين به؟
بداية لابد من معرفة اسم المخرج، فالمخرج الجيد سيأتى بالعناصر الجيدة، من الورق ومدير التصوير، ثم أتوقف عند الدور نفسه، وهل قدمته قبل ذلك، وهل سيضيف لى فنيا، وهل وجودى بالعمل سيخدم قضيته، وليس من الضرورى أن يكون بطولة، ولكن المهم أن يكون دوراً مهماً.
وما أكثر أعمالك قربًا لقلبك؟
بالنسبة للسينما، وعلى الرغم من أنى لا أملك سجلا كبيراً من الأفلام السينمائية، إلا أنها كلها تحمل علامات مهمة فى السينما المصرية، ومنها فيلم «الهروب» مع الفنان أحمد زكى وهو من أهم الأفلام فى تاريخ السينما، وفيلم «قلب الليل» وكانت قضيته فلسفية مهمة من إخراج عاطف الطيب عن قصة نجيب محفوظ، وفيلم «يا دنيا ياغرامى»، وفيلم «هى فوضى» مع يوسف شاهين. أما بالنسبة للدراما التليفزيونية، فمنها مسلسل «حارة اليهود» مع ماندو العدل؛ لأنه وضعنى فى منطقة مختلفة، وأيضاً «عفاريت عدلى علام» وكنت سعيدة جداً بالعمل مع النجم الكبير عادل إمام و«ونوس» مع الأستاذ الرائع يحيى الفخرانى وبالفعل كان علامة كبيرة فى مشوارى.
لماذا تكتفين بعمل واحد فقط فى الوقت الذى نجد فيه انتشار زملائك فى أكثر من عمل؟
أولا، لأننى للأسف أفقد التركيز فى أكثر من عمل، وفى الحقيقة تلقيت أكثر من مرة عروضاً لأعمال مختلفة فى ذات الوقت ولكنى لا أقبل أكثر من عرض فى وقت واحد، مثل مسلسل «ونوس» الذى تلقيت معه ثلاثة أعمال مهمة جداً مع أهم النجوم، ولكن إحساسى قادنى لاختيار «ونوس»، ومن شدة تركيزى فى المسلسل أصبت بالقولون العصبى.
بعد مشوار حافل من الأعمال.. هل يوجد دور بعينه تتمنى هالة صدقى تجسيده؟
على الرغم من أن أصولى صعيدية، ولكنى لم أقم بدور صعيدية، فأتمنى تجسيد دور صعيدية، وأيضاً من أمنياتى تبنى قضايا المرأة لأنها كثيرة، ولكنى أريد أن أقول إن هناك على الجانب الآخر سيدات مفتريات ويتلذذن بتعذيب رجالهن، وهناك سيدات يهملن أولادهن لمصالحهن الشخصية، ولذلك أتمنى تقديم كل هذه النماذج على الشاشة بشكل محايد.