السبت 23 نوفمبر 2024

صورة المرأة في الدراما التلفزيونية

حرب اهلية

5-6-2022 | 07:46

عمرو محيى الدين

 

المرأة.. هى النصف الحلو، عماد المجتمعات، لا يمكن أن نجد عملاً درامياً، تليفزيونياً كان أو سينمائياً، إلا وعنصر المرأة يأتى رئيسياً ومحركاً للأحداث فيه بشكل كبير، إن لم يكن هو البطل الفعلى  فى أغلب الأوقات، فهى الأم، والأخت، والصديقة، والزوجة، والابنة، والجارة، وغيرها من الأدوار، وصرنا نجد الآن نجمات يشار إليهن بالبنان يتحملن مسئولية عمل درامى كامل، كنجمة أولى للعمل ويباع تسويقياً باسمها، ومن ثم تأتى قصتها داخل الأحداث كبطل أساسى، فتارة نراها فى أطيب وأروع وأنبل حالاتها، وتارة أخرى نجدها شريرة، مستبدة، شديدة القسوة، وبين هذا وذاك نتساءل: هل أنصفت الدراما التيلفزيونية المرأة واقتربت من واقعها الحقيقى؟ أم أنها ترسم نماذج من وحى الخيال لمجرد الجذب الجماهيرى؟ هذا ما نعرفه من المتخصصين فى التحقيق التالى...

السيناريست عمرو محمود ياسين تحدث عن تجربته فى مسلسل «اللى مالوش كبير»  قائلاً: تعجبت من رؤية البعض أن مسلسل اللى مالوش كبير أظهر بطلته المقهورة وكأنه يحرض على العنف ضد المرأة، رغم أنه بالأساس يستنكر هذه المسألة، وكان أمراً طبيعياً أن نعرض بعض اللقطات لهذا الأمر، ولكن فى إطار شجبه واستنكاره ليس فى إطار تشجيعه، وهذا ما نفعله، ثم إن الدراما بالأساس تُبنى على فرضية وجود صراع ما، ولابد أن يكون أحد طرفيه على الأقل على خطأ، فإذا كان لديّ اثنان من الملائكة، فعلى أى شىء يكون الخلاف بينهما؟ بشكل عام أعتقد أن هناك فهماً خاطئاً لدور الفن، وفهماً خاطئاً لماهية الدراما أصلاً.

ويقول السيناريست إياد إبراهيم عن تجربته فى مسلسل «لحم غزال» وغيره من الأعمال الدراميةأعتقد أن الدراما منصفة جداً للمرأة، بدليل نجاح أعمال كثيرة  تقوم فيها الحبكة الدرامية على دور المرأة، ومنها أعمال لكتاب وكاتبات مهمين جداً مثل مريم نعوم ومها الوزير ودينا نجم وغيرهن، وكثير من هذه الأعمال كانت أكثر من واقعية، أما فكرة استخدام الخيال أحياناً فليس عيباً، بالعكس؛ لأن الكتابة فى النهاية فن ويجب أن يكون هناك خيال ويكون هناك تنوع فى المحتوى.

وتابع: أعتقد من يقول إن مجرد ظهور نموذج أو عدة نماذج سيئة للمرأة فى الدراما يعد تشويهاً لها، لديه قصور فالدراما قدمت آلاف الأعمال بنماذج جيدة ونماذج سيئة لأن هذه هى الحياة، «ده موجود وده موجود»، وليس معنى عرض نموذج سيئ، أن المقصود هو تشويه الكل، وإلا مثلاً، لماذا لا نقول تشويه الرجل عندما نرى رجالاً يسرقون ويقتلون ويخونون أحياناً؟!

ويقول المخرج ماندو العدل عندما يشعر المشاهد بالاستفزار، من هنا يبدأ النجاح، وهذا يشبه تجربتى فى مسلسل «لأعلى سعر» مثلاً الذى تعرضت نيللى كريم فيه للخيانة من أعز صديقاتها، فهنا ظهرت السيدة المقهورة التى تتعرض للخيانة، ثم تنتصر فى النهاية وتنجح فى إعادة زوجها إليها، ومن هنا انتصرت الدراما للمرأة، وهذا الاستفزاز والصراع هو الذى يدفع المشاهد للمتابعة حتى يصل إلى الحلقة الأخيرة، فمسلسل «لأعلى سعر» كان قائماً على الاستفزار، لكنه نجح باكتساح.

 ورفض ماندو العدل فكرة أن الدراما المقدمة الآن تسيئ للمرأة حتى لو أظهرت نماذج سلبية فكلها فى النهاية نماذج واقعية.

وتقول الناقدة خيرية البشلاوى: أغلب الأعمال الدرامية تتجاهل النماذج الإيجابية للمرأة المصرية، التى تتواجد بكثرة فى مجتمعنا، ونجحت فى إثبات نفسها بقوة والوصول إلى مراكز مهمة فى مجتمعنا، لكن الدراما أغلبها أظهرت المرأة بصورة غير جيدة سواء مظلومة أو المتسلطة، وغيرها من النماذج السلبية التى تجعل الصورة الذهنية المأخوذة عن المرأة المصرية سيئة.

وتضيف: على سبيل المثال من أبرز المسلسلات التى أساءت لصورة المرأة كان مسلسلا «السبع وصايا» و«سجن النسا»، فكل منهما سلط الضوء فقط على النماذج السلبية ولم يُظهر نموذجاً إيجابياً واحداً، عكس ما نراه اليوم من دراما أصبحت تهتم أكثر بقضايا المرأة وإظهار نماذج حسنة إلى حد كبير وتحتاج للدعم مثل «فاتن أمل حربى.

وتقول الناقدة ماجدة موريس: النماذج السلبية التى تظهر فى الدراما سواء كانت مبالغ فيها أو واقعية، ليست بقصد الإساءة إلى المرأة بالتأكيد، فالدراما تنقل واقع المجتمع بكل مميزاته وعيوبه، كما أن المبدعين والمؤلفين يناقشون الآن قضايا لم تطرحها الدراما المصرية من قبل.

ويقول الناقد أحمد سعد الدين: صورة المرأة فى الدراما خلال السنوات الأخيرة جيدة، بفضل دخول نجمات كبار جئن من عالم السينما إلى المسلسلات الدرامية، ففى بداية التسعينيات عرض مسلسل «ضمير أبلة حكمت» ثم بعده بسنوات جاء مسلسل «امرأة من زمن الحب»، مقدمين نماذج أعلت جداً من صورة المرأة، وعندما دخلت النجمتان يسرا وليلى علوى واتجهتا للدراما وكتبت لهما أعمال تنصف المرأة إلى حد كبير، شاهدنا أعمالاً فى منتهى الروعة وفتحتا الطريق أمام نجمات كثيرات وموضوعات أكثر قدمت صورة المرأة فى سياقات أخرى تماماً.

ويتابع: لكن بشكل عام، الفن هو انعكاس لواقع مجتمعى، ألا يوجد فى المجتمع امرأة متسلطة وغيرها من النماذج السيئة؟ واختيار النموذج المقدم يعود لوجهة نظر المؤلف وفقاً لما يخدم السياق الدرامى الذى يعبر عنه، لكن لا يجب على أحد أن يربط الضرورة الدرامية بفكرة أن العمل ضد المرأة أو ضد الرجل، فهذا ليس صحيحاً لأن الفن بالفعل أنصف المرأة، هل هناك أحد كتب عن المرأة مثل إحسان عبد القدوس، أو قصائد فى صالح المرأة مثل نزار قبانى؟، فحتى لو كانت هناك جرعة دسمة من النماذج السلبية فى عمل واحد، لكن العمل لا يبنى على النماذج السلبية، وإنما الضرورة الدرامية.

ويضيف: عامل التشويق عنصر أساسى، والملائكية فى الدراما لا تجذب أحداً، فلماذا أشاهد ملائكة؟، ولكن المواقف التى فيها جزء من الشر هى نماذج موجودة فى الحياة وانعكاس لما نراه، فنحن لا نصنع دراما تعليمية. شاهدت «لعبة نيوتن» وجدنا المرأة الطموحة التى أخذت حقها، «وخيانة عهد» مثلاً بعد أن كانت يسرا مظلومة طوال الحلقات تم إنصافها فى النهاية.

من جانبه قال الناقد عماد يسرى: أرى أن نماذج المرأة المقهورة طغت على أغلب الأعمال الدرامية سواء من اضطهاد المجتمع أو اضطهاد الرجل لها أو من التعرض للمشاكل المادية التى تواجهها، وتضطر أن تكافح من أجل توفير الحياة المناسبة،  وهذه هى صورة المرأة فى أغلب الأعمال، وللأسف أصبحت صورة غير مناسبة، وأصبح ذلك ملحوظاً فى السنوات الأخيرة بشكل أكبر، وأحياناً نرى فى العمل الواحد أكثر من نموذج سلبى، وهذا يعتبر استسهالاً من الكتاب لأنها تيمة تجذب الجمهور.

ويتابع: أكثر ما أعجبنى فى الفترة الماضية مسلسل «تقلها دهب» الذى عكس انتصار بطلات الأوليمباد، ومسلسل «أبو العروسة»، وقد عبر عن الأسرة المصرية وعن السيدات المصريات بشكل واقعى، لكن هذه النماذج لا تتعدى الـ1 % من الأعمال التى تقدم على الشاشة.