السبت 18 مايو 2024

ليلى مراد: كنت في باريس عند قيام ثورة يوليو

19-7-2017 | 04:10

إعداد: حسام زيدان
بعد ست سنوات من ثورة يوليو نشرت مجلة الكواكب مقالاً بقلم ليلى مراد في الثاني والعشرين من يوليو عام 1958.. وبعد قراءة المقال تجول بخاطرنا عدة تساؤلات: هل نشر المقال كسرد لذكريات ليلى مراد عند قيام الثورة وفي ذكرى الاحتفال بها.. أم كان وسيلة لتبرئة ساحتها مما نسب إليها.. أم ورقة لتخفيف الضغوط التي واجهتها في ذلك الوقت التي تسببت في انحسار الأضواء عنها وأجبرتها على الاعتزال المبكر؟

في إطار جهود “الهلال اليوم” لربط الماضي بذكرى الحدث، ومع اقتراب ذكرى ثورة يوليو ننشر مقالاً للفنانة ليلى مراد ، توضح من خلاله أنها كانت في باريس عند قيام ثورة يوليو، وتروي كيف كانت سمعة مصر في عهد الملك فاروق، ورأى الفرنسيون ونظرتهم لرجال الجيش المصري بعد قيامها.

 

كنت في باريس يوم 23 يوليو 1952
كنت لا أزال في غرفتي بالفندق الذي نزلت فيه عندما دقت الساعة التاسعة والنصف مساء بتوقيت باريس، أي الثامنة والنصف بتوقيت القاهرة.. وكان هذا هو الموعد الذي تقدم فيه إذاعة القاهرة نشرتها الإخبارية المسائية، فأحببت أن أستمع إلى أخبار مصر، ولم أكن قد عرفت بعد خبر الانقلاب التاريخي الذي وقع بمصر في الصباح الباكر من ذلك اليوم.

ولم أكد أستمع إلى إذاعة القاهرة، حتى فغرت فمي دهشة وعجباً.. سمعت بياناً يقول إن مصر قد استهدفت في فترتها الأخيرة لموجة من القلق والإضطراب، وأن الرشوة والفساد قد عمت البلاد، لذا تولى الجيش تطهير البلاد مما هي فيه.. إن الذين قدر لهم أن يسافروا خارج مصر، هم أدرى الناس بقيمة يوم 23 يوليو سنة 1952.

ذلك أننا حين كنا نضطر في الماضي للسفر خارج مصر، كنا نشعر بخجل شديد حين نذكر جنسيتنا، ذلك أننا لم نكن نتصفح جريدة أو مجلة أجنبية، إلا وتطلعنا فيها فضائح ومخازٍ عن الملك السابق، فكان الأجانب يعيروننا بأننا نقبل أن يظل بأرضنا مثل هذا الرجل، وكانوا يتهموننا بالجهل، وأننا لا نزال نعيش في ظلال سلاطين ألف ليلة وليلة.

فلما سمعت البيان الذي أعلن قيام الجيش المصري بثورته المباركة، طرت فرحاً ولم أنم ليلتها لأني لبثت أفكر في معنى البيان ومحتوياته، وصدرت صحف باريس وقتها وفيها أنباء حركة الجيش المصري والخلاف مع الملك فاروق، وكانت كل جريدة تعلق على الانقلاب بما يتراءى لها، فلم أصل مما قرأته فيها إلى رد شافٍ عما إذا كان فاروق سيظل على عرشه، أم ستطهر البلاد منه.

وفي الساعة السابعة من مساء 26 يوليو، نقلت محطة الإذاعة في باريس نبأ تنازل فاروق عن عرشه، وطرده من الأراضي المصرية.. ولأول مرة منذ وجودي في باريس شعرت بأنني يجب أن أفخر بمصريتي بعد أن طرد من كان سبب تسوء سمعة مصر وأهلها.. وغادرت الفندق الذي أقيم فيه، وأخذت أسير في شوارع باريس وأدخل ملاهيها ومجتمعاتها رافعة رأسي، إذ كنت أينما سرت أسمع عبارات الإطراء والتقدير والفخر لرجال جيش مصر الذين أمكنهم أن يقوموا بمثل هذا العمل الضخم الجبار.

 

    الاكثر قراءة