الجمعة 21 يونيو 2024

كيمياء خاصة تجمعه بالمخرج مروان حامد .. أحمد مراد:«الأصليين» فيلم يثير خيال المشاهدين

21-7-2017 | 16:54

حوار: عمرو والى

أعرب الكاتب والروائي الشاب أحمد مراد مؤلف فيلم "الأصليين" والذي يقدمه كأول سيناريو مباشرة للسينما عن سعادته بحالة الجدل التي تسبب فيها الفيلم خلال الآونة الأخيرة، مشيراً إلى أن الفيلم يخاطب خيال المشاهد بالدرجة الأولى، لاسيما وأن فكرته ملحة، وتمس الجميع. وكشف مراد خلال حواره مع «الكواكب» عن كواليس الفيلم والتعاون الثاني على التوالي مع المخرج مروان حامد، وكيفية اختيار فريق العمل، وما هو الجديد لديه؟ وغيرها من التفاصيل فإلي نص الحوار...

فى البداية... كيف ترى حالة الجدل التي تسبب فيها الفيلم فور عرضه؟

سعيد جداً بهذا الحالة لأن فيلماً بلا جدل يعني أنه لم يثر أفكار الناس، وما معنى أن يدخل المشاهد الفيلم ويخرج منه دون أن يفكر فيما رآه وأعتقد أننا قدمنا فيلما يمكن للمشاهد أن يخرج منه ليتناقش في الأفكار التي طرحناها ويجادل ويطلع بتصوره من آراء وتحليلات مختلفة وهو شكل وطريقة أحبها وتعودت عليها في كل رواياتي التي تحولت لأفلام، وكذلك الأمر بالنسبة للقارىء من أول رواية صدرت لي وهي «فيرتيجو» وحتي آخر رواية أرض الإله وبالتالي ليس لدي أي مشكلة مع هذا الجدل والنقاش الجاري حول الفيلم لأنه يعني أن هناك اهتماماً به.

ولماذا كان الهجوم على صناع العمل هو السمة الأبرز ؟

حتى اليوم والهجوم مازال ضاريا، وأعتقد أن الهجوم جاء بسبب أن المُشاهد غير معتاد على هذه النوعية من الأفلام التى تجعله يفكر في أحداثها ويتفاعل معها، والفيلم ليس صعبا، ولا يوجد به أي ألغاز بالمرة، ومن أول جملة في الفيلم وآخر جملة فكرة الفيلم يتم تفسيرها بكل وضوح، كما أن تصنيف الفيلم +12 للجمهور العادي، وأنا أشبه الأمر بأن المشاهد يحب دائماً الوجبة السريعة، ومع تقديم وجبة مختلفة يصاب بالذهول في البداية، ومع مرور بعض الوقت يبدأ بالتفكير فيها، وأغلب الأفلام التي أثير حولها الجدل أخذت بعض الوقت، وبعدها أصبحت علامة مميزة ومختلفة في السينما، والموضوع بالنسبة لي كمباراة نفس طويل، والفيلم إذا لم يذهب مع المشاهد إلى المنزل يصبح هناك مشكلة لأنه لم يؤثر فيه.

وكيف جاءت فكرة الفيلم ؟

فكرة الفيلم تكونت منذ عام 2014 وأنا أفكر فيما سأفعله بعد فيلم «الفيل الأزرق»، وكان لابد أنه تتبعه منطقة جديدة، وهنا بدأت تتبلور الفكرة وأنا أبحث في تيمة المراقبة، والتسريبات التي تحدث علي مستوى العالم، وكيف يمكن معالجتها من منظور فني حتى تم الاستقرار على تجسيدها من خلال إنسان مصري طبيعي للغاية هو "سمير عليوة"، وماذا لو أصبحت لديه قدرة خارقة، ويرى الآخرين بشكل مختلف؟، وما الذي قد يحدث لشخص بهذه التقليدية والضعف وسط المعادلة الخطيرة التي تحدث له؟، ثم قمت بالعمل على تنقيح ومراجعة سيناريو الفيلم لأكثر من 9 بروفات، حتى وصلت للشكل النهائى للسيناريو.

ومن هم "الأصليين" ... هل قصدت جهة معينة أو شخصا ما؟

لا .. الأصليين فيلم خيالي بحت، والشخصيات والعالم الموجود فى الفيلم من اختراعى، ونخاطب عبر الفيلم خيال المشاهد، فالخيال أداة أستخدمها وأستمتع بها بعيدًا عن مدرسة الواقعية التقليدية، وبالتالي لا نقصد بالأصليين أي شخص أو جهة ، ولكن المقصود هو أن هناك بعض البشر دائماً ما يدعون أنهم الأصليون، وكل شخص منا يرى نفسه أصلىاً على مختلف الاتجاهات، فى الكرة، في المناطق الجغرافية، حتى فى الأديان، والأصليون فى الفيلم بشر موجودون بالفعل، يعيشون حولنا، لكننا لا ندرك وجودهم، فمن مهماتهم أن يصيروا العين المراقبة لنا، ففي النهاية هي صفة يطلقها الإنسان على نفسه وهو لايدرك أن الموضوع نسبي للغاية، وإذا قمت بهذا التحديد داخل الفيلم فسأنزل به إلى مستوى الفيلم التقليدي الواقعي، ففي النهاية هو سؤال دون إجابة، لأنني أريد في النهاية أن يقول المشاهد من هم الأصليون الذين يشاهدهم فى حياته، وشخصية نائل في فيلم «الفيل الأزرق» على سبيل المثال لم يشاهدها أحد، وكل رواياتي تمتاز بفكرة الغموض ووجود مساحة للتخيل بأن أترك للقارىء أو المشاهد أن يتخيل ما يشاء.

البعض خرج ليقول بأن الفيلم لم يكن مناسباً لموسم العيد ... ماردك؟

أعتقد أن من يقول هذا لديه مشكلة في عدم علمه بمصادر المعلومة فقد معلومة، لأن العيد في النهاية 3 أيام، وفيلم لا يصلح للعيد يعني أن يتم طرحه خلال تلك الفترة ويتم إزالته من السينما مباشرة، بينما في حقيقة الأمر أن هذا الموسم ممتد حتى العيد الكبير، وهذا هو المعيار في أن هذا الفيلم هو فيلم عيد من عدمه، فعيد الأضحى في النهاية هو عيد، بعده موسم المدارس، يليه موسم الكريسماس وشم النسيم وهما الأقصر على مدار العام، وبالتالي نجد أن طرحه فى موسم عيد الفطر كان الخيار الأفضل.

وما حقيقة تعرض الفيلم لبعض المشكلات الرقابية؟

غير صحيح على الإطلاق، ولا أعلم مصدر تلك الشائعات، فالرقابة لم تكتب أى ملاحظات على الفيلم حتى بعد الانتهاء من تصويره، وتفهمت تماماً لنوعية الخيال الموجودة فى الفيلم.

أبطال الفيلم بالكامل قدموا شخصيات جديدة عليهم تماما... فكيف تم اختيارهم وإقناعهم بخوض التجربة؟

إقناع فريق العمل تم بالقراءة الخاصة للنص، والأبطال الخمسة منهم من قرأ الدور وتقبله على الفور، ومنهم من فكر بعض الشىء، واحتاج لعقد جلسات ومناقشات، واختيار الممثلين كان على أساس مدى قرب الممثل من الدور وكيف سيؤديه وقربه الداخلي وليس الشكلي منه، وكذلك كان هناك رغبة مشتركة مني ومن مخرج العمل مروان حامد لأن نفاجىء الناس بالأدوار، فنجد ماجد الكدواني يمثل محور الفيلم، واستطاع تحمل مسئولية دور ثقيل مثل شخصية سمير عليوة، وخالد الصاوي الذي يلعب منطقة جديدة تماما لم يقدمها من قبل، وكندا علوش التي غيرت جلدها بالكامل من الفتاة الجميلة الرقيقة المكسورة لتتحول لزوجة مصرية تماما، فكان هناك مراعاة للتغيير وأن الممثل نفسه يقدم منطقة جديدة يبدع فيها ويظهر أقصى ما لديه من ملكات.

وماذا عن التعاون الثاني بينك وبين المخرج مروان حامد؟

هناك كيمياء خاصة تجمعني بمروان حامد، وتفاهم ومرونة واستعداد لأنى نرى المشروع كوحدة واحدة ، فهو مخرج يتقن عمله لأقصى حد، ويبذل مجهوداً كبيراً في النص الخاص بي، ولديه ميزة هامة للغاية وهي إطلاعه المستمر والمتجدد على السينما في الخارج وأحدث ما توصلوا إليه من تقنيات ومدارس إخراجية وكادرات جديدة، ومنها يخلق أسلوبه الخاص وبصمته المميزة، ومن شاهد الفيلم سيكتشف بسهولة وجود كادرات جديدة على عين المشاهد، وهناك نقلة إخراجية واضحة للجميع بين الفيل الأزرق والأصليين، ففي النهاية التناغم بين فريق العمل هو أهم عنصر لإخراج المنتج السينمائي بأفضل شكل.

وماذا عن الجمل الحوارية الطويلة فى بعض المشاهد والتي يرى البعض أنها جعلت الإيقاع بطيئاً ؟

الحوار في الفيلم جاء بما يخدم المشهد والفكرة، وطول الحوار بالمشهد أو قصره بحسب الحاجة، وعلى سبيل المثال أفلام المخرج كوينتن تارانتينو يركز فيها علي وجه البطل الذي قد يتحدث لمدة 5 دقائق كاملة، في النهاية هي لغة سينما، ورؤية مخرج وكاتب، من أجل إحداث تأثير معين، ومشاهد منة شلبي تحديداً كان أغلبها عبارة عن محاضرات فى تخصصها التاريخي، ولكنها في رأيي جاءت مناسبة تماما.

وهل تأثرت في كتابة الفيلم بالتاريخ خاصة وأن آخر روايتين لك وهما أرض الإله و1919 حملا نفس الطابع التاريخي؟

لا الموضوع ليس له علاقة بالتاريخ، وأحد الأشياء التي جعلت بطل الفيلم (ماجد الكدوانى) ينتبه ويدرك سلوكيات من حوله هي أنه بدأ يقرأ، وهي رسالتي في الحياة عموماً، فنجد سمير عليوه، كان مهتمًا بأرشيف الأهرام كله، ولكنه للأسف لم يكن يقرأ، وهو كان كمن يطلق عليه حارس جثة، يقوم بجمع التراث ولا يعرف قيمته، وأدرك أهمية التغيير فى حياته، عندما تحرر وتمرد لهذا فإن المنفذ للإنسان لكى يتطهر من حالة الجمود هو قراءة التاريخ والتشكيك فيه، وعدم ترديده، حينها سيعرف الحقيقة، وهو نفس المعني الذي أرادنا توصيله في قصة بهية التي عرضت من خلال أحداث الفيلم.

على ذكر هذه الواقعة ... ما هو أصل قصة بهية وياسين والتي جاءت تاريخياً عكس الأغنية التي يعرفها الجميع؟

الجميع يحكي القصة، ويردد الأغنية ولا يعرف من هي بهية، البعض يعرف أن المقصود بها مصر، إلا أن حقيقة الأمر مختلفة تماما وبالاستعانة بالمصادر التاريخية، مثل كتاب المؤرخ الراحل جمال بدوى مصر من نافذة التاريخ، فهو من اكتشف حقيقة بهية، وفى أرشيف الأهرام يثبت أن الواقعة مختلفة تمامًا فى الأغنية عن التاريخ، ففى عام 1905 كانت بهية مجرد عشيقة لقاطع طريق هو ياسين، قتله الملازم صالح حرب، شقيق الاقتصادى المعروف طلعت حرب، أي أن البطل هو من قتل ياسين الذى نغنى له، وهنا تكمن الأزمة أن تكون كإنسان مجرد متلق دون أن تفتش وتبحث، وهذا ما يحدث فى الغرب، فالمشاهد على سبيل المثال يعرف تاريخ هتلر، ويتقبل الأفلام المغايرة للوقائع الحقيقية، ولكن العيب على من يأخذ التاريخ من عمل إبداعي يدخل فيه الخيال.

وكيف جاء توظيف مشاهد التصوف والمولد القبطي والذي نشاهده لأول مرة على الشاشة؟

استخدام الرموز الدينية في الفيلم الإسلامية منها أو المسيحية جاءت لكسر الشكل التقليدي سواء في جامع أو كنيسة، وأردنا توصيل رسالة بأن أحد الطرق للدخول للإنسان والسيطرة عليه عن طريق الدين، وهناك مقولة هي أن الدين أفيون الشعوب، بمعني أن الدين يمكن أن يكون الوسيلة التي يتخدر بها الإنسان من أي شكوى، ويفعل المطلوب منه فقط لمجرد أن مخاطبه يتحدث عن الدين، وفكرة ظهور المولد المسيحي جاءت كرغبة من صناع الفيلم لإبراز حدث موجود لدينا في مصر ونمتاز به، ولايعرف الكثير عنه شيئاً، وجاء تنفيذياً كصدمة بصرية مبهرة تقدم لأول مرة على الشاشات فى مصر.

وكيف تم تصنيع المشاهد التى تدور فى مصر القديمة؟

استعنا بشركة عالمية للجرافيك، وهى الشركة نفسها التى شاركت فى فيلم الفيل الأزرق، من أجل تنفيذ تقنيات الجرافيك، التى استغرقت أربعة أشهر، ولنقدم كل ما يتعلق بالحضارة المصرية القديمة، واستعنا بالبرديات ورسومات المستشرقين، لكى يرى المشاهد كيف كانت المعابد المصرية على عكس ما هى عليه الآن، فالمعابد قديمًا كانت مليئة بالبهجة والألوان والخيال والإبهار، ولهذا استعان مروان حامد بهذه الشركة لتصوير معبد كوم أومبو المهدوم، وتم بناؤه لأول مرة وكأنه تم تأسيسه بالأمس، بالاستعانة برسوم مهندس الديكور محمد عطية، وتصميم ملابس ناهد نصرالله.

وماذا عن فيلم تراب الماس؟

نحن الآن في مرحلة التحضيرات ومن المنتظر أن يقوم مروان حامد ببدء التصوير في أقرب وقت، أما موعد العرض فسيتم تحديده عقب انتهاء التصوير ووفقاً لظروف السوق الإنتاجية.

    الاكثر قراءة