السبت 11 مايو 2024

مصر.. والأزمة العالمية

مقالات13-7-2022 | 21:10

تحملت الدولة المصرية فواتير كثيرة نيابة عن المواطن المصري، سواء فاتورة وتكلفة الإرهاب الباهظة.. التى تصدى لها رجال الجيش العظيم والشرطة الوطنية.. بتضحيات وبطولات غير مسبوقة.. وأيضاً فاتورة أزمتين عالميتين هما الأعنف سواء «كورونا» أو تداعيات الحرب (الروسية- الأوكرانية) التى تسببت فى أزمة اقتصادية عالمية.. تئن منها جميع دول العالم.. إلا ان الدولة المصرية قررت منذ اللحظة الأولى ان تتحمل الجزء الأكبر ونصيب الأسد من آثار وتكلفة الأزمة نيابة عن المواطن، فبقراءة قوائم الأسعار العالمية الحالية للسلع والخدمات والمحروقات تجد فيها بوناً شاسعاً بينها وبين ما يقدم للمواطن المصرى.. فرغم تحريك أسعار البنزين والسولار الذى لم يرتفع منذ 30 شهراً وثبات أسعار المازوت إلا أن الدولة تتحمل فارق الأسعار.. وترضى بالخسارة من أجل المواطن فسعر برميل البترول فى الأسواق العالمية ربما تجاوز 120 دولاراً.. وسجل فى الموازنة العامة للدولة بـ80 دولاراً فى 2023-2022 وأيضاً قررت عدم زيادة أسعار الكهرباء لمدة 6 أشهر.. وثبات رغيف الخبز عند 5 قروش دون تفكير ولا نية لرفع أسعاره.. وتدعم الأكثر احتياجاً يكفى ان هناك 4.1 مليون أسرة تستفيد من برنامج «تكافل وكرامة» بتكلفة 22 مليار جنيه سنوياً بالإضافة إلى 400 مليار جنيه للأجور والتعويضات بزيادة 12٪ عن العام الماضى.. لا تدخر الدولة المصرية جهداً فى تحسين معيشة مواطنيها، وتوفير الحياة الكريمة وتخفيف الأعباء عنهم، وعدم وجود عجز أو نقص فى السلع الأساسية.

يواجه العالم أزمة اقتصادية طاحنة وقاسية بسبب الحرب الروسية- الأوكرانية التى ألقت بظلالها وتداعياتها على الدول والشعوب بتبعات وأزمات ومشاكل أثقلت كاهل الاقتصادات العالمية ومنها الدول الكبيرة، حيث تعطلت سلاسل الإمداد والتوريد، ارتفاع تاريخى فى أسعار الطاقة والنفط حتى وصل سعر برميل البترول إلى 120 دولاراً وهو ما جعل دولاً كبرى مثل أوروبا تصرخ وتئن من ويلات انخفاض مواردها أو مخزونها من البترول والغاز والذى أثر على جميع مناحى الحياة فيها وعطل الإنتاج والصناعة، وهدد المستقبل القريب خاصة مع دخول فصل الشتاء وبعد انخفاض معدلات ضخ الغاز الروسى لأوروبا، وهو ما انعكس على ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم بشكل غير مسبوق منذ عقود وأصبحت حركة الإنتاج خاصة فى المواد الغذائية والمواد الخام وهو ما جعل الأمن الغذائى والسلع الأساسية والاحتياجات الرئيسية للمواطنين تعانى من أزمة شديدة الوطأة حتى بات غير مسموح للمواطن فى دول أوروبية كبرى بالحصول سوى على عدد محدود من السلع الأساسية مثل زجاجة واحدة من زيت الطعام، أو عبوة سكر.. وما يحدث فى بريطانيا أيضاً من إعلان الحكومة أنها لن تستطيع دعم مواطنيها والارتفاع غير المسبوق فى أسعار الطاقة وارتفاع لتر البنزين وفواتير الكهرباء إلى أرقام لم يعهدها المواطن الأوروبي، وظهرت آثار ذلك فى حديث مواطن فرنسى مع الرئيس إيمانويل ماكرون قائلاً له: إن كل دخلى أصبح ينفق على فواتير الطاقة والكهرباء والبنزين ولا أعرف كيف أعيش بنفس المستوى الذى كنت عليه قبل الأزمة؟

إذا كان هذا يحدث فى دول ذات اقتصاديات كبرى وعملاقة، ولعل المشهد المأزوم فى الولايات المتحدة الأمريكية يجسد ارتفاعاً تاريخياً فى أسعار البنزين والطاقة وانتشار التسول، والعنف، فما بالنا بالدول ذات الاقتصاديات المتوسطة والفقيرة.. اذن لابد ان نواجه أنفسنا بأننا نعانى من أزمة اقتصادية عالمية شديدة الوطأة والقسوة وتتطلب ان يتعاون الجميع حكومات وشعوباً فى امتلاك القدرة والرؤية على تجاوزها وعبورها بمبدأ المشاركة.

الحقيقة نحن أمام موجات قاسية عالمياً من ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم، وصعوبة الحصول على السلع والاحتياجات الأساسية وارتفاع تكاليف الشحن العالمية نتيجة الظروف التى خلقتها الحرب الروسية- الأوكرانية وارتفاع نسب التأمين والمخاطرة وأيضاً الطاقة وامتناع بعض الدول عن تصدير بعض السلع الأساسية نظراً لمخاوفها أو الاطمئنان على احتياجات شعوبها أولاً، فالمعروض فى العالم أقل من المطلوب، وهناك خلل صارخ فى منظومة سلاسل الإمداد والتوريد فى العالم، والدول تتسابق لفك شفرة الأزمة وايجاد الحلول، وتوفير احتياجات شعوبها.

دعونا نقر جميعاً ان الأزمة عالمية تطال دول العالم جميعاً دون استثناء ولا ذنب للحكومات فى تداعياتها وآثارها القاسية، فهى معذورة فالضغوط والأزمات والتداعيات أكبر بكثير من طاقة أى دولة، لذلك فإن وعى الشعوب أمر مهم للغاية لإدراك طبيعة اللحظة والتحديات التى تواجه العالم الذى يواجه أزمة ضارية أثرت على كل مناحى الحياة.

الحقيقة وبمنتهى الموضوعية أن الدولة المصرية فى حالة استنفار لتوفير احتياجات المواطن من السلع الأساسية وقررت منذ اللحظة الأولى لنشوب الأزمة العالمية وبناء على توجيهات رئاسية تخفيف الأعباء على المواطنين، وتحمل الجزء الأكبر من زيادة الأسعار وتكلفة الإنتاج، وخصصت 130 مليار جنيه من أجل هذا الهدف وترويض تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية التى بطبيعة الحال طالت دول العالم جميعاً ومنها مصر، إلا أن الدولة المصرية تتحرك من خلال محاور عديدة أهمها وأبرزها عدم وجود نقص أو عجز فى أى سلع أساسية يحتاجها المواطن وكبح جماح الأسعار من خلال فتح منافذ الدولة سواء منافذ القوات المسلحة أو الشرطة أو وزارتى التموين والزراعة لبيع الاحتياجات والسلع الأساسية للمواطنين بأسعار تقل 30٪ عن الأسواق وبجودة عالية، ولعل المشهد فى شهر رمضان الماضي، وعيد الأضحى كان جديراً بتوجيه التحية والتقدير للدولة المصرية من خلال توافر مستلزمات المواطن من اللحوم بكلأنواعها وبأسعار تقل كثيراً عن الأسواق حتى بلغ سعر كيلو الضانى 135 جنيهاً، بالإضافة إلى توافر الخضراوات والفواكه وجميع السلع بشكل طبيعي، ولعل توافر الخضراوات والفواكه بأسعار عادية وطبيعية ربما تقل عن أوقات الأزمة العالمية يعود لنجاحات مصر خلال السنوات الماضية فى التوسع الزراعي، واستقرار منظومة الأمن الغذائي.

الشيء المهم الجدير بالاحترام ان الأسواق المصرية وفى كافة المنافذ جميع السلع والاحتياجات متوفرة بها بدون عجز أو نقص وهذا يستحق التحية رغم أننا نعيش فى أوج تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وهناك دول كبيرة ومتقدمة، وكثيرة فى العالم تعانى من نقص وعجز فى الكثير من السلع الأساسية لمواطنيها.

الحقيقة أن تعديل أسعار البنزين والسولار بالأمس هو أمر خارج عن إرادة الدولة ورغم ذلك ورغم تحريك أسعار البنزين والسولار ليس هو السعر الحقيقى المتداول عالمياً ويقل كثيراً فهناك زيادات كبيرة للغاية فى دول العالم سواء أمريكا أو أوروبا وتركيا فى لتر البنزين لا تقارن بالأسعار المصرية على الإطلاق لسبب بسيط ان الدولة هنا قررت أن تتحمل الجزء الأكبر من تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية بارتفاع أسعار برميل البترول عالمياً لتصل إلى 120 دولاراً، والدولة المصرية لم تطبق السعر العالمى على مواطنيها فالسعر الحالى لا يقارن على الإطلاق بالأسعار العالمية.

الدولة المصرية حرصت منذ بداية الأزمة على مساندة ودعم مواطنيها سواء عبر توفير السلع والاحتياجات الأساسية لمواطنيها بوفرة، وهذا إنجاز كبير فى ظل الأزمة العالمية، كما لم تطبق الأسعار العالمية على السلع والخدمات وتحملت الجزء الأكبر منها مثل أسعار البنزين والسولار وثبات سعر «المازوت» حرصاً على البعد الاجتماعى والاقتصادي، وقررت الدولة أن تتحمل «الدواء المر» نيابة عن المواطنين فى الكثير من السلع وتقدم لهم الخدمات والسلع الأساسية بأسعار أقل من أسعارها العالمية وتكلفتها الحقيقية وترضى بالخسارة فى سبيل تخفيف المعاناة عن مواطنيها.

الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى قدم ملحمة إنجازات ومشروعات عملاقة حقيقية غيَّرت من حياة المواطن المصرى وخففت المعاناة عنه، وأبعدت شبح الأزمات والنقص والعجز وتدنى الخدمات عنه، حريص كل الحرص ومنحاز بشكل كامل للمواطن المصرى ولعل التوسع فى دعم المواطن المصرى والفئات الأكثر احتياجاً ومراعاة الظروف الاجتماعية والاقتصادية تسير إلى التوجه الرئاسى الانساني، فالدولة تتحمل فروق الأسعار فى تكلفة البنزين والسولار وتدفع فارق الأسعار العالمية وتوفره وتقدمه للمواطن بسعر يقل كثيراً عن السعر العالمى.

الحقيقة أن الأرقام التى قدمها الدكتور مصطفى مدبولى بالأمس تكشف عن الدعم غير المسبوق للمواطن المصرى رغم وطأة الأزمات العالمية من «كورونا» ثم الحرب (الروسية- الأوكرانية) وما يواجه الاقتصاد العالمى من هزات عنيفة فرغم ان أسعار برميل البترول وصلت إلى 120 دولاراً فإن الدولة اعتمدت موازنة العام المالى 2023-2022 سعر برميل البترول على أساس 80 دولاراً و18.5 جنيه سعر صرف، ويكشف هذا الرقم العبء الكبير الذى تتحمله الدولة عن المواطن ورغم الارتفاع الجنونى فى أسعار المحروقات فى دول العالم فالدولة المصرية أيضاً لم تحرك سعر السولار على مدار 30 شهراً، فتكلفة السولار تصل إلى 11 جنيهاً للتر وهو متوسط تكلفة آخر 3 شهور، وبهذا يصل فارق السعر بين التكلفة وسعر البيع قبل الزيادة إلى 4.25 جنيه للتر الواحد بخسارة يومية تقدر بـ178 مليون جنيه وشهرياً بحوالى 5.4 مليار جنيه وان تحريك سعر السولار يعمل على تقليص الفجوة لتصل إلى 3.75 جنيه وتقليل الخسائر اليومية بحوالى 21 مليون جنيه بحيث تتحمل الدولة الباقى وهو 157 مليون جنيه يومياً.

الدولة لا تدخر جهداً فى دعم المواطن وزيادة الانفاق على الصحة والحماية الاجتماعية فى ذروة الأزمة الاقتصادية العالمية، أضافت الدولة 450 ألف أسرة جديدة تنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسى ضمن برنامج «تكافل وكرامة» الذى وصل عدد المستفيدين منه إلى 4.1 مليون أسرة باجمالى 17 مليون مستفيد بتكلفة تصل إلى 22 مليار جنيه سنوياً مقارنة بعام 2014 والذى كان يبلغ 3.7 مليار جنيه، كما ان زيادات الأجور والمعاشات غير المسبوقة حتى انه تمت زيادة الأجور وتعويضات العاملين بنسبة 12٪ لتصل إلى 400 مليار جنيه خلال العام الماضى 2023-2022 مقابل 357.1 مليار جنيه فى العام المالى الماضي.

علينا أن نتنبه أن الدولة حرصت على ثبات أسعار الكهرباء وأجلت أى زيادة لمدة 6 شهور قادمة، بالاضافة إلى ثبات أسعار المازوت، كذلك ثبات سعر رغيف الخبز المدعم عند 5 قروش ولا نية لارتفاع تكلفته، وتوفر السلع الأساسية والخضراوات والفواكه بأسعار عادية وطبيعية والحقيقة نحن أمام حالة مختلفة فى مصر عن الكثير من دول العالم تستحق الشكر للمولي- عز وجل- والتحية للقيادة السياسية، لأننا ورغم الأزمة العالمية وقسوتها وتداعياتها الصعبة وتأثيراتها على دول العالم، إلا أننا فى مصر لم نشعر بأى نوع من النقص والعجز حتى ان كان هناك تحريك فى أسعار بعض السلع والمنتجات والخدمات إلا أنه ليس السعر الحقيقى السائد فى العالم وذلك لأن الدولة تشارك بالنصيب الأكبر أو نصيب الأسد فى تحمل زيادة الأسعار العالمية وتدعم مواطنيها وتعمل على حماية الفئات الأكثر احتياجاً وتحسين مستوى معيشتهم وتوفير الحياة الكريمة فالدولة تصر على تنفيذ المشروع القومى العملاق وهو تطوير وتنمية قرى الريف المصرى وتزويدها بكافة الخدمات والنهوض بحياة المواطن فيها وهو المشروع الذى قد تصل تكلفته إلى ما يقرب من تريليون جنيه، ويمثل أولوية أولى للقيادة السياسية بتغيير حياة 60 مليون مواطن إلى الأفضل وتوفير الحياة الكريمة لهم.

نحن أمام أزمة عالمية أثرت على الاقتصاد العالمى بصور كثيرة ومتعددة وأربكت الكثير من الدول، لكنها فى النهاية (أزمة وهتعدي).. ومن أجل ذلك الهدف علينا أن نتحلى بالوعى الحقيقى والفهم الصحيح خاصة ان آلة الأكاذيب والشائعات والتشويه والتشكيك سوف تنشط إلى أعلى المعدلات لاستغلال تداعيات الأزمة العالمية، من هنا يأتى الإدراك والوعى بأنها أزمة عالمية لا ذنب للدولة أو الحكومة فى تداعياتها، وأنه رغم ذلك فإن الدولة المصرية تقدم أقصى ما لديها وتبذل ما فى وسعها لتجنيب شعبها ويلات تداعيات الأزمة القاسية وتتحمل نيابة عنه الجزء والنصيب الأكبر من تكلفة تقديم السلع الأساسية والخدمات وبالأرقام والأسعار العالمية، لذلك لابد أن نمتلك فضيلة التوفير والترشيد والتعايش مع الأزمة العالمية وبأقل معاناة ولا نلتفت لأكاذيب أعداء مصر وقوى الشر، ولا نسلم آذاننا وعقولنا للحاقدين والراغبين فى تدمير بلادنا وما أنجزناه خلال السنوات الماضية من نجاحات مدوية هى التى خففت من حدة أزمتين عالميتين قاسيتين هما (كورونا) والحرب الروسية- الأوكرانية، ولعل صرخات الشعوب تشير إلى عمق الأزمتين.

التشاركية والتعاون والوعى والفهم الحقيقى طريقنا لعبور تداعيات الأزمات العالمية، وعلينا أن نفهم ونتحلى بالوعى وندرك ان الدولة تسير فى الطريق الصحيح وتلبى وتدعم احتياجات شعبها وتواصل بناء الدولة الحديثة التى سوف تقينا شرور وتداعيات أى أزمة قادمة فالدولة تعمل على زيادة مواردها وجذب الاستثمارات وتنفيذ المشروعات العملاقة فى كافة المجالات لتهيئة المناخ المناسب للتنمية والتقدم والاستثمارات وبناء الإنسان المصرى القادر على مواكبة التطور العالمى والحصول على فرص فى سوق العمل المحلى والإقليمى والدولي.

المهم ألا ننسى ما كنا عليه وفيه قبل 8 سنوات فلم نكن فقط على مشارف الضياع ولكن فى قاع الضياع، وأصبحنا نقف على أرض صلبة ونجونا من براثن مؤامرة شيطانية، لنصبح دولة واعدة تليق بمكانة مصر وشعبها، لا تسلم عقلك لعدوك، بل ابحث وتحرِّ الصدق لتعرف جيداً ما أنت فيه من نعم وستر وعدم معاناة مثل شعوب كثيرة تئن وتصرخ من الفوضى والانفلات والإرهاب والدمار والخراب والأطلال وضياع الدول، أو دول تعانى من النقص والعجز ولا تجد السبيل لسد قوت شعوبها أو تعانى من الحروب والصراعات (أزمة وهتعدي)، لكن المهم نفهم ونعى وندرك، ولا نسمع لأكاذيب من يريدون تدميرنا، وهدفهم ضياع بلدنا، وما أنجزناه من نجاحات كبيرة وغير مسبوقة بشهادة العالم.

 

Dr.Radwa
Egypt Air