الأحد 6 اكتوبر 2024

موقع الضبعة تاني!!.. ارحموا مصر لوجه الله

مقالات19-7-2022 | 19:35

نشرت صحيفة "المصرى اليوم" بتاريخ 2 يوليو 2022، مقالا للأستاذ محمد السيد صالح ملخصه التالي:  

استغلال موقع الضبعة فى الاستثمار السياحى، يهدى لخزينة الدولة 50 مليار جنيه ثمن بيع الأرض.

نقل المشروع عدة كيلومترات فى قلب الصحراء، صحراء الضبعة.

أزمة الشركات الدولية التى تعاقدت مع روسيا للمساهمة فى المشروع، لن تفى بتعهداتها، فهى ملتزمة بالعقوبات الدولية ضد روسيا.

هذه الاطروحات التى أثارها السيد كاتب المقال – أرى أنه كان فى غنى عنها، إذا كلف نفسه عناء الاتصال بأحد الخبراء المصريين المتخصصين فى هذا المجال، من الذين عاصروا جميع المراحل التى مرّ بها المشروع النووى بموقع الضبعة – أو الاتصال بالمسئولين بهيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، القائمة على تنفيذ هذا المشروع القومى الحيوى الهام.

ويسعدنى كأحد الخبراء المتخصصين فى المحطات النووية لتوليد الكهرباء، وكمسئول سابق من قيادات هيئة المحطات النووية، أن أوضح فى السطور التالية ما يكون قد خفى على السيد كاتب المقال، وأيضا من أجل التعريف بالمشروع لمن يهمه الأمر.

كان لى شرف المشاركة ضمن مجموعة من خبراء دراسات المواقع من الجيولوجيين والمهندسين، على أعلى مستوى من الخبرة، العلمية والعملية لاختيار موقع مناسب للمشروع النووى المصرى، تم مسح ودراسة جميع المواقع المتاحة على ساحل البحر المتوسط والبحر الأحمر، والتى تكون ملائمة لإنشاء المحطات النووية.

 تم ترشيح 23 موقعا ملائما كان من بينها موقع الضبعة، وبعد دراسة هذه المواقع مكتبيا، تم تسمية 11 موقعا صالحا لإقامة المحطة النووية المصرية، ثم تمت دراسة مستفيضة لموقع الزعفرانة على خليج السويس، وموقع سيدى كرير غرب الإسكندرية. 

فى عام 1980، ونظراً لأن المد السكانى لمحافظة الإسكندرية بدأ فى الاقتراب من موقع سيدى كرير، فقد بدأ التفكير فى موقع الضبعة بمحافظة مطروح، وتم بالفعل تنفيذ البنية التحتية للموقع، وإقامة بعض المنشآت المطلوبة لإعداده لتنفيذ المشروع، والتى تكلفت ملايين الجنيهات. على مدار أعوام عديدة تعرض الموقع خلالها لمحاولة الاستيلاء عليه، وتوجيهه لأغراض أخرى بمسميات وأسباب مشابهة لتلك التى أثارها كاتب مقال "المصرى اليوم".

إلا أن المصلحة العليا والحاجة الملحة لتوفير الطاقة، حملت متخذ القرار على الحفاظ على موقع الضبعة لصالح المشروع النووى، واتخاذ الاجراءات التنفيذية لاقامته.

فيما يلى، نناقش الأسباب التى ساقها السيد كاتب المقال لعرض رؤيته فى هذا الشأن.  

أولا: إذا كان المطلوب تحويل أرض موقع الضبعة، بطول 15 كيلومتر على ساحل البحر المتوسط لمشروع استثمارى، لكى يهدى إلى خزينة الدولة 50 مليار جنيه ثمن بيع الأرض، نقول:

إن مشروع المحطة النووية بالضبعة مشروع استثمارى من الدرجة الأولى، ومشروع سياحى، ومشروع أمن قومى للطاقة، ومشروع أمن قومى تكنولوجى لتطوير الصناعات المصرية.

مصر الآن تحرق 60% من الغاز الطبيعى فى تشغيل محطات توليد الكهرباء، وهى ثروة لابد من المحافظة عليها، وخاصة وأن هناك بديلا أقوى وأنظف وأرخص، ألا وهى الطاقة النووية، ونود أن نوضح الآتى: 

إن أبار الغاز الطبيعى يتراوح عمرها ما بين 15 إلى 20 سنة، ولا تستطيع استغلال أكثر من65% من مخزون بئر الغاز.

إن محطة الضبعة النووية تحتوى على 4 وحدات نووية، قدرة الوحدة الواحدة 1200 ميجاوات. لو استخدمت الغاز الطبيعى فى تشغيل محطة تنتج 1200 ميجاوات، ستكون تكلفة الوقود السنوية 400 مليون دولار، فى حين تكلفة الوقود النووى السنوى هى 60 مليون دولار، بمعنى الوحدة النووية الواحدة توفر 340 مليون دولار سنويا، إذا 4 وحدات توفر سنويا 1360 مليون دولار. 

عمر المحطة النووية لتوليد الكهرباء 60 سنة، وتعمل 92% من عدد ساعات السنة، عمر محطة توليد كهرباء تعمل بالغاز الطبيعى 25 سنة، وتعمل 60% من عدد ساعات السنة.

إن حرق الغاز الطبيعى فى صناعة البتروكيماويات والأسمدة يعطى مكسبا بزيادة 9 أضعاف عما يتم حرقه فى تشغيل محطة توليد كهرباء، لذلك يلزم توفير الغاز الطبيعى للصناعة واستخدام البديل النووى لإنتاج الكهرباء.

إذا، فهل من المعقول استبدال مشروع لبعض القرى السياحية لفئة محدودة من المجتمع، تضاف إلى عشرات القرى السياحية الممتدة على ساحل البحر المتوسط من غرب الاسكندرية، وحتى محافظة مطروح، بطول حوالى 400 كيلو متر.. بمشروع قومى هو الأهم فى التاريخ الحديث، لإمداد البلاد بالطاقة المطلوبة لعشرات السنين، مع توفير البدائل الأخرى لمشروعات واستثمارات صناعية لصالح المجتمع والاقتصاد والبيئة.  

ثانيا: إذا كان المطلوب نقل المشروع لصحراء الضبعة، نقول:

استحالة نقل المشروع عدة كيلومترات فى قلب الصحراء، صحراء الضبعة، وبناء أنبوب لنقل مياه التبريد من البحر للموقع الجديد.

مشروع الضبعة النووي وصل لمرحلة متقدمة، خاصة وأنه قد تم الحصول على إذن قبول موقع الضبعة، من هيئة الرقابة النووية والإشعاعية، فى أوائل شهر مارس 2019.

وفى يوم الأربعاء الموافق 29 يونيو 2022 صدر إذن إنشاء الوحدة الأولى، البنية التحية للموقع فى مراحل متقدمة جدا، وهذا يعنى أنه خلال فترة وجيزة سوف تبدأ الصبة الخرسانية الأولى، وإن شاء الله بعد 56 شهر ستمتلك مصر أول محطة نووية لتوليد الكهرباء.

خلال الفترة من عام 1981 وحتى الآن تمت أعمال ضخمة فى موقع الضبعة تكلفت مليارات من الجنيهات، وفى حالة الانتقال لموقع فى صحراء الضبعة سوف يحدث الآتى:

خسارة المليارات التى صرفت على موقع الضبعة، وستضاف على تكاليف المشروع. 

قرار النقل وعمليات النقل لن تتم بين يوم وليلة، سوف تأخذ فترة تعتبر مدة تأخير للمشروع، على الأقل سنة تأخير.

الموقع الجديد فى صحراء الضبعة سوف يبعد عن المركز التجارى لمدينة الضبعة بمسافة لا تقل عن 20 كيلومترا. 

تبريد الوحدة النووية الواحدة يحتاج عشرات المترات المكعبة فى الثانية من المياه، أنابيب مياه التبريد تحتاج محطة رفع وضخ من البحر للأنابيب ومحطة ضخ تقوية واحدة على الأقل على طول خط الأنابيب. 

الموقع الجديد سوف يحتاج بحيرة صناعية، وكل وحدة نووية ستحتاج برجين للتبريد.

لو كانت سرعة تدفق المياه فى الأنبوب 3 متر فى الثانية، الوحدة النووية الواحدة ستحتاج أنبوب لا يقل قطره عن 3 متر، أو عدد من الأنابيب بقطر 1 متر مكافئ للقطر 3 متر. 

هذه المنظومة يحتاج اسنادها لمكتب استشارى، وشركة منفذة.

والقول، بأن تكاليف محطات الرفع والضخ ومحطات التقوية، وثمن الأرض المستخدمة فى نظام أنابيب التبريد، وأنابيب المياه الراجع من مكثف الوحدات النووية لصبها فى البحر، يتكلف 30 مليون دولار!،  قول مرسل لا يستند إلى دراسة اقتصادية صحيحة. 

مع تغيير نظام التبريد، سيتم تغيير تصميم الوحدات النووية، ومع إضافة أبراج تبريد، مما سيؤدى حتما إلى ارتفاع ثمن الوحدة النووية.

دراسات الموقع الجديد، ستتطلب اختيار مكتب عالمى. هذه المرحلة تحتاج تكاليف، وتضاف مدة تأخير للمشروع، على الأقل سنة.

دراسات الموقع وخاصة هناك دراسات لابد وأن تستمر سنتين بدون انقطاع. هذه المرحلة تحتاج تكاليف، وتضاف مدة تأخير للمشروع، على الأقل سنتين.

هناك بيانات ومعلومات من دراسات الموقع هى مدخلات تستخدم فى تصميم بعض أجزاء ومكونات المحطة النووية، التغيير فى تصميم الوحدات لكى تتناسب مع خصائص الموقع، تتسبب فى زيادة تكاليف المحطة، وتحتاج وقتا يضاف كمدة تأخير للمشروع، على الأقل سنة.

توضيح، عندما يقع الاختيار على موقع مناسب مثل موقع الضبعة، نجد أن تكاليف إنشاء المحطة النووية يقل، وعندما يكون بالموقع بعض المشاكل أو هناك بعض الظواهر الطبيعية والتى يتطلب حماية المحطة منها، فى هذه الحالة تزيد تكاليف الإنشاء نتيجة الحلول الهندسية التى توضع لتلافى تأثير هذه المشاكل أو هذه الظواهر الطبيعية. 

سنحتاج وقتا للحصول على إذن قبول للموقع الجديد، وإذن إنشاء الوحدة النووية الأولى، من هيئة الرقابة النووية والإشعاعية، هذا الوقت يضاف كمدة تأخير للمشروع، على الأقل 3 سنوات.

ثالثا: أما الادعاء بأن أزمة الشركات الدولية التى تعاقدت مع روسيا للمساهمة فى المشروع، لن تفى بتعهداتها؛ فهى ملتزمة بالعقوبات الدولية ضد روسيا، نقول:

هذا الادعاء لاينطبق على شركة "روس أتوم" العملاقة، وهى التى تسيطر على السوق العالمى للمفاعلات النووية.

روس أتوم، شركة قابضة ويتبعها عديد من الشركات والجامعات، وهى تقوم بتنفيذ مشاريع المحطات النووية بنسبة 100%.

فى بعض المشاريع تستعين "روس أتوم" بشركات أجنبية، لأسباب عديدة، من بينها تبادل المنفعة.

محطة الطاقة النووية تتكون من جزيرة نووية وجزيرة تقليدية، الجزيرة التقليدية تضم التربينة والمولد، وهذا الجزء موجود فى أى محطة توليد كهرباء تعمل بالوقود الاحفورى أو الوقود النووى، بمعنى أن الخبرات المتراكمة فى هذه الأعمال منتشرة فى كثير من دول العالم.  

تستطيع "روس أتوم" الاستغناء عن خدمات الشركة الكورية للطاقة المائية والنووية فى الجزيرة التقليدية، واسناد الأعمال لشركة من شركاتها، أو اسناد الأعمال لأحد الشركات الصينية.

رابعا: بالنسبة للدول الغربية المهمة التى أغلقت محطاتها النووية، نقول: 

الإغلاق كان من الناحية السياسية وليس من الناحية الفنية "الأمان النووى"، والدليل أن المانيا أغلقت بعض المحطات النووية، ولازال هناك محطات نووية تعمل حتى الآن، وتساهم بنسبة 11% فى توليد الكهرباء، إغلاق المحطات النووية والاعتماد على الطاقة المتجددة أدى إلى ارتفاع سعر الكهرباء فى ألمانيا وأصبح الأعلى فى أوروبا. 

الأزمة الطاحنة التى تعانيها ألمانيا الآن، نتيجة اعتمادها على الغاز الطبيعى الروسى، لا تعانيها فرنسا، لأن فرنسا تعتمد على الطاقة النووية فى توليد الكهرباء بنسبة 72%.  

إن نقل مشروع المحطة النووية لصحراء الضبعة، سوف يكلف الدولة عدة مليارات من الدولارات، وسوف يتأخر تنفيذ المشروع مدة لن تقل عن 8 سنوات، لكى نصل إلى ما وصلنا إليه فى الوضع الحالى. 

أرجو أن أكون قد أوضحت الصورة الحقيقية للسيد كاتب المقال، وللسادة القراء، حتى لا تهتز ثقتهم فى مشروع الضبعة النووى، ولكى يعلم الكافة أننا كمتخصصين فى مشروعات المحطات النووية لتوليد الكهرباء، على استعداد تام للتواصل مع السادة العاملين بوسائل الإعلام المختلفة، لإمدادهم بالمعلومات الصحيحة عن المشروع.